"فضيحة" في الخارجية بسبب الحجيمي.. ماذا فعل رئيس البعثة العراقية في دمشق قبل سقوط الأسد؟
"كارثة" لولا هروبهم الى لبنان
"فضيحة" في الخارجية بسبب الحجيمي.. ماذا فعل رئيس البعثة العراقية في دمشق قبل سقوط الأسد؟
انفوبلس/ تقرير
تكشفت معالم فضيحة جديدة في وزارة الخارجية العراقية، بعدما تبين أن القائم بالأعمال في السفارة العراقية بدمشق خالف تعليمات الوزارة قبل سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الامر الذي كاد يتسبب بكارثةللموظفين الموجودين هناك لولا نجاحهم بالتخفي والخروج إلى لبنان، فماذا فعل "ياسين الحجيمي" وما هي التعليمات التي جاءت له وتجاهلها؟.
يبقى ملف وزارة الخارجية العراقية من أكبر الملفات التي ما زالت خفية على الرأي العام العراقي لعدم علمه بما يدور في ممثليات بلاده في الخارج والفشل "الذريع" في الدفاع عن المصالح العراقية الخارجية.
وشهدت دمشق سقوط النظام السوري السابق فجر 8 كانون الأول ديسمبر الحالي، فيما عقدت إدارة العمليات العسكرية برئاسة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) بعد ذلك، اجتماعا مع رئاسة حكومة النظام السابق، لتسليم الأخيرة ملفات الوزارات والإدارات العامة إلى حكومة تسيير أعمال مؤقتة تنتهي مدتها بعد 3 أشهر.
*الحجيمي يواجه التحقيق
وبحسب مصادر سياسية، فان ياسين الحجيمي يواجه، تحقيقا داخل وزارة الخارجية في بغداد، بعد مخالفته تعليمات الوزارة ورفضه إغلاق السفارة وإخلاء موظفيها قبل سقوط نظام بشار الأسد، الأمر الذي أبقى السفارة مفتوحة حتى مساء 7 كانون الأول ديسمبر الحالي، أي قبل ساعات من دخول قوات المعارضة المسلحة إلى العاصمة السورية، ما عرض حياة موظفي السفارة لخطر الاستهداف، في ظل موقف العراق الرسمي المساند للنظام.
وتضيف المصادر (رفضت الكشف عن اسمها)، أن "الحجيمي تلقى بلاغا رسميا من وزارة الخارجية بالإخلاء الطوعي لكادر السفارة والعودة إلى العراق منذ أوائل شهر كانون الأول ديسمبر الحالي، أي قبل أسبوع من سقوط دمشق، وبعد نحو 3 أيام فقط من اندلاع الأحداث وسقوط مدينتي حلب وإدلب بيد المعارضة وتقدمها نحو مدينة حمص، إلا أنه ولسبب غير معروف لم يبلغ الموظفين بذلك".
لكن القائم بالأعمال أبلغ موظفيه بأنه على تواصل مع وزير الداخلية السوري، وأنه أكد له بأن الأمن في العاصمة مستتب، فيما طالبهم بضرورة التواجد رسميا، وعدم مغادرة البلاد إلا في حال سقوط مدينة حمص بيد المعارضة، كما ان القائم بالأعمال كان قد تلقى اتصالا من جهات عليا في وزارة الخارجية مع بداية الأحداث، ومنحته إذنا بمغادرة الموظفين تدريجيا بسبب غموض الرؤية وعدم القدرة على التكهن بما سيحدث، وفقا للمصادر.
وتتابع أن "موظفي السفارة وعوائلهم باتوا ليلة الثامن من كانون الأول ديسمبر الحالي، في منازلهم، بالرغم من قلقهم من تطورات الأحداث بسبب التزامهم بأوامر القائم بالأعمال، الذي رفض طلباتهم المتكررة بالمغادرة، خوفا من حدوث ما لا يحمد عقباه بشكل مفاجئ، ما جعلهم بعد ساعات أمام خطر الاستهداف بسبب السيطرة المطلقة لقوات المعارضة على العاصمة السورية بالكامل"، منوهةإلى أن "هذا الأمر كاد يتسبب بكارثة، لأن الموقف العراقي كان واضحا ضد المعارضة والجماعات الموالية لها منذ البداية، وكان من شأنه أن يجعل موظفي السفارة هدفا لتلك الجماعات، لولا نجاحهم بالتخفي والخروج إلى لبنان ومن ثم الانتقال إلى العراق".
وكان العراق أعلن موقفه من الأحداث السورية مبكرا، عندما هاتف رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، عند انهيار مدينة حلب بيد المعارضة في مطلع كانون الأول ديسمبر الحالي، مؤكدا دعمه لنظام الأسد، وجاء في بيان السوداني: "بحثنا تطورات الأوضاع الجارية في سوريا، والتحديات الأمنية التي تواجهها، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة، وأكدنا أنّ أمن سوريا واستقرارها يرتبطان بالأمن القومي للعراق، ويؤثران في الأمن الإقليمي عموما، ومساعي ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط، كما ناقشنا العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين".
ولكن الموقف الحكومي تغير الخميس، مع وصول وفد رسمي عراقي برئاسة حميد الشطري رئيس جهاز المخابرات العراقي، إلى قصر الشعب للقاء الإدارة السورية الجديدة في العاصمة السورية دمشق.
مشاكل متكررة في وزارة الخارجية
وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها قضايا رأي عام ضد سفراء عراقيين، فقد شهدت السنوات الماضية حوادث عدة أثارت الجدل ضد مسؤولين في السلك الدبلوماسي العراقي، إذ يرى مراقبون أن المحاصصة السياسية حولت الدبلوماسية العراقية والسفارات إلى مقاطعات حزبية بعيدة عن مصلحة البلد.
وينصّ قانون وزارة الخارجية لعام 2008 الخاص باختيار السفراء، بأن يكون اختيارهم بنسبة 75 بالمئة للمدرّجين في العمل الدبلوماسي من داخل الوزارة، ويشمل ذلك كوادرها المتدرّجين في الترقيات الدبلوماسية التي تبدأ من ملحق وتنتهي بالوزير المفوّض.
يُقابل هذه النسبة نسبة أخرى وهي 25 بالمئة مخصّصة للأحزاب السياسية، وترشح الأخيرة بدورها شخصيات تابعة لها وفقا لمعايير معينة تتعلق بالشهادة والأكاديمية وغيرها من الشروط الأخرى الواجب توفرها في الشخص المرشح، لتتم بعدها مقابلة المرشحين بحالةٍ أشبه ما تكون بالاختبار من قبل دبلوماسيين لا يقل عددهم عن خمسة سفراء أو وكيل وزارة.
من جهته، يؤكد الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أن "المحاصصة السياسية في العراق لم تشهد صراعا مثلما يحصل كل أربع سنوات في موضوع تعيين السفراء والمناصب الأخرى المتعلقة بالسفارات والقنصليات ومنها الملحقات التجارية والثقافية وغيرها من مناصب وتعيينات في السفارات العراقية في الخارج، فالحديث عن فساد التعيينات ليس جديدا ووزارة الخارجية العراقية نهبت من قبل القوى السياسية".
ويجد التميمي، أن "الخلافات الحادّة بين قياديين في تلك القوى السياسية العراقية على أشدها ففي الوقت الذي كان الأمن القومي العراقي يتعرض للتهديد بعد سقوط نظام بشار الأسد والحرب في لبنان وانهيار غزة كانت القوى السياسية تجتمع من أجل تقاسم المناصب في السفارات بين تلك القوى".
ويشير إلى أن "الكل يتذكر التصريحات التي أدلى بها عدد من السياسيين بشأن تعيين أبناء وأقارب السياسيين في السفارات العراقية لدرجة أنهم اتفقوا على آلية لتقاسم السفارات بين وزارة الخارجية المسيطر عليها من قبل القوى السياسية وسفراء من خارج الوزارة والذين هم أيضا من أقارب السياسيين أو المقربين منهم اي تتم على أساس المحسوبية والمجاملة والمكافأة الحزبية بعيدا عن معايير الكفاءة والمهنية".
ويلفت الباحث السياسي إلى أنه "في الفترة الأخيرة أثير الحديث عن وجود أزمة بين القوى السياسية لا تقل خطورة عن تشكيل الحكومة أو مجالس المحافظات وهو تعيين 80 سفيرا أو مسؤولا في وزارة الخارجية، ويبدو أن هناك من يعول على السوداني في تقليل هوّة الخلافات بين القوى السياسية المتصارعة على مناصب الدبلوماسية العراقية التي تتعرض لانتقادات، من أجل تذليل الصعوبات أمام إجراء التغييرات والتعيينات التي باتت ملحة من قبل تلك القوى التي تسببت بتراجع وتهالك الجهاز الدبلوماسي العراقي، وهو ما أدى تفاقم الانتقادات الموجهّة لأدائه من داخل البلاد وخارجها".
ويتم تعيين السفراء بحسب "عرف" عراقي سائد بعد 2003، بترشيح كل حزب او كتلة سياسية، ما بين 2 إلى 3 أسماء، وبعدها يتم اعتماد 70 سفيرا بالمجمل، وقبل 4 أعوام، بلغ عدد المرشحين كسفراء 152 شخصا.
وكشفت تقارير سابقة عن إضافة حصة للرئاسات الثلاث بتعيينات السفراء، بالإضافة إلى الحصص المتفق عليها سابقا، وتوزعت الحصص الجديدة لكل من رئاسة الجمهورية والبرلمان والوزراء والقضاء الأعلى، بواقع أربعة مرشحين لكل رئاسة.
ووفقا للتقارير فان رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، قدم شخصيات تعمل في مكتبه، بالإضافة إلى باحثين عراقيين مقربين منه، يعملون في مراكز بحوث أجنبية.