في ذكرى سقوطها بيد الإرهاب قبل ثمانية أعوام.. هذه أسرار الأنبار في مرحلة صهيب الراوي
انفوبلس/..
خلال أعوام 2014-2015 وبعد أكثر من سنة ونصف على التصدي لسلسلة طويلة من الهجمات، رضخت مدينة الرمادي للهجمات الإرهابية وتمكن عصابات داعش الإرهابية من دخول الأنبار ورفع الراية السوداء على مبناها الحكومي وسط المدينة لتعلن الزمر الإرهابية بعد ذلك سيطرتها على أكبر محافظات العراق مساحة.
وفي 17 أيار 2015 حُسِم أمر المدينة بانسحاب الجيش العراقي منها ووقوعها بقبضة عصابات داعش، حيث إن القطاعات العسكرية المرابطة في مقر عمليات الأنبار انسحبت بشكل جماعي إلى غرب الرمادي، وسط تداعيات أمنية وسياسية كبيرة كانت قد سبقتها تظاهرات قادها أبرز السياسيين السُنّة في المحافظة، فتحت الأبواب للفكر الداعشي ومهّدت لوجوده في المحافظة.
صهيب الراوي محافظاً للأنبار
لم يكن صهيب الراوي في المشهد السياسي الأنباري، سوى نكرة من النكرات التي اندفعت الى الواجهة في غمرة مشهد فوضوي، وسيطرة غير مألوفة لقوى إرهابية على مفاصل العمل الإداري، بمعنى أن الراوي وغيره من عناصر الحزب الإسلامي كانوا مجرد أدوات لتنفيذ أجندة جماعة إرهابية شكّلها الإخوان غربي العراق، وطبعا فقد كانت هذه التنظيمات تحتاج إلى غطاء قانوني تستطيع عبره نهب موارد الدولة بشكل لا يختلف عن السطو المسلح.
إلا أنه يأتي عبر منظومة التمثيل القانوني، وفي هذه الجزيئة بالذات نكتشف المغزى الذي يجعل الإرهاب في العراق، مغطّى سياسياً، بمعنى أنه يملك جناحاً سياسياً ينفذ إرهابه ضد الآخر، وصفقات الفساد وفضائحها في المحافظة والتي أصدر القضاء أوامره بإلقاء القبض على أبطالها، وفي طليعتهم الراوي، تعني بشكل دقيق كيف أن تمويل داعش وأخواتها، كان من خزينة الدولة، وبصكوك محرَّرة من قبل دواعش السياسة، لقتل أبناء الشعب.
أحد قادة منصات الفتنة
وصول الراوي لمنصب محافظ الانبار تأكيدا لأسلوب الاحتيال الذي يجيده الإخوان المسلمون
في سيرة مقتضبة للرواي، فإنه يُعد أشهر دواعش الأنبار، وواحداً من أبطال منصات التظاهرات التي كانت بوابة ولوج داعش إلى أرض العراق، واستيلائها على غربي البلد برمّته، فقد كان هذا الراوي مسؤول الدعم اللوجستي لهذه المنصات، بعد أن انقسمت الاعتصامات إلى شقين، شق داعش والقاعدة والإخوان، وكان رافع العيساوي وشلّته يلحقهم الراوي هم المسؤولين عنها، وشق ثاني كان للبعثيين والنقشبندية وأتباعهم.
ولعل وصول هذا الداعشي لمنصب محافظ الانبار، إلا تأكيدا لأسلوب الاحتيال الذي يجيده الإخوان المسلمون، فعلى الرغم من كونهم أقلية عددية في مجلس محافظة الانبار بعد انتخابات 2013، إلا أن الراوي استطاع إبعاد المحافظ السابق أحمد الدليمي، الذي أُصيب أثناء مواجهات شرسة مع الدواعش، وعُقِدت صفقة لتولي الداعشي صهيب الراوي، حيث استمر بأداء ما بدأه بمنصات التظاهرات، ليمارس نشاطه السياسي وإرهابه.
وبعد معارك التحرير التي شملت محافظة الأنبار، شهدت المحافظة صراعاً سياسياً محموماً بعد استعادة السيطرة على عدد من مدن المحافظة وطرد عصابات داعش منها، وهذه الصراعات سببها استمرار مسلسل الفساد في المحافظة، فمحافظ الأنبار الأسبق صهيب الراوي استمر في تمرير صفقات فساد كبيرة وعقود لشركات وهمية يدّعي أنها كورية وأميركية.
36 ألف ملف فساد
كشف مجلس المحافظةعن وجود 36 ملف فساد ارتُكبت منذ تولي صهيب الراوي مسؤولية المحافظة وهذه ثاني إقالة توجَّه إليه
التسريبات تُفيد بأن المحافظ الأسبق صهيب الراوي، نجح في تمرير أكثر من صفقة مشبوهة لضمان بقائه في منصبه بعد أن حاول أعضاء مجلس المحافظة إيقاف عمليات الفساد تلك، وقد تصاعدت حدّة الأزمة السياسية في الأنبار بين جناحي كتلة الإصلاح التي تضم قوى عشائرية وسياسية مختلفة وبين الحزب الإسلامي العراقي الجناح العراقي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
مجلس محافظة الأنبار كان قد صوت بالأغلبية على إقالة المحافظ صهيب الراوي في جلسة عقدها في قضاء الخالدية بشأن وجود ملفات فساد مالي وإداري بحقه، حيث كشف المجلس عن وجود 36 ملف فساد ارتُكبت منذ تولي صهيب الراوي المسؤولية وهذه ثاني إقالة توجَّه إليه الذي اعتبر قرار مجلس المحافظة بإقالته من منصبه غير قانوني لأن المحافظ كان في واجب رسمي تعذّر عليه الحضور إلى جلسة الاستجواب وقرار إقالته الأول كان بسبب تقديم إجازة مرضية ودخوله إحدى مستشفيات العاصمة بغداد.
عقود فساد كبيرة
ونقلت مصادر تفاصيل عن تحقيق أجرته قيادة العمليات المشتركة في مطلع عام 2017 حول عقد مُريب لإزالة العبوات والألغام من مناطق في الرمادي أبرمته جهات سياسية مستفيدة بين منظمة UNP البريطانية وشركة الفهد “الوهمية” التي تُعد واجهة تجارية لمحافظ الأنبار صهيب الراوي ورجل الأعمال المتنفّذ الذي يستحوذ فعلياً على مركز القرار في المحافظة محمد عليان العضو في الحزب الإسلامي العراقي.
وتشير المصادر إلى، أن أطرافا متنفذة تبذل كل الجهود في السعي لإيقاف إجراءات التحقيق والتغطية على المتهمين، وأكدت المصادر أن الذي قام بإزالة العبوات والمتفجرات ليس شركة الفهد، بل الفرقة 14 في الجيش العراقي التي رفعت تقريراً إلى وزارة الدفاع مفادها أن شركة الفهد "وهمية" وأن جهات عديدة مدنية وعسكرية بينها الفرقة 14 والفرقة 9 في الجيش العراقي والشرطة ومواطنين متطوعين هم من قاموا بتنظيف مدينة الرمادي من مخلفات تنظيم داعش الإرهابي.
الراوي أسّس لزعزة أمن الأنبار
وقال المتحدث باسم شيوخ وعشائر الأنبار إبراهيم الدليمي، إن محافظ الأنبار المُقال صهيب الراوي، أسّس لزعزة أمن المحافظة، عبر حاشية من القيادات الأمنية المدنية التي تعمل على إيجاد خلل أمني واضح.
وأوضح الدليمي، في عام 2017 أن "المحافظ السابق المُقال صهيب الراوي، أسّس حاشية وتكتّلات ومديري مؤسسات عملوا على زعزت الهيكل الأمني والإداري في المحافظة، فكيف يمكن أن تدخل مجموعة من الأشخاص للمحافظة وتسيطر على الطاش، والسبعة كيلو، وغيرها من المناطق بأسلحة كثيرة على الرغم من أن الأنبار تم تمشيطها من الأسلحة على نحو مُتقَن ولا شك فيه".
ولفت إلى، أن "هناك عدداً من الشاحنات التي تم الإمساك بها تضم أسلحة و(٥٧) حزاماً ناسفاً، وهذا يدل على وجود أيادٍ تستقبل تلك الأسلحة لتوزيعها من جديد على عصابات داعش، وهناك أيادٍ أخرى تؤوي المزيد من الخلايا النائمة لتلك العصابات، لذلك على الأجهزة الأمنية أن تكون واعية لهذه المخططات الإرهابية، والتي تعمل بعض الجهات على دعم تلك العصابات".
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية النائب حامد المطلك، في وقت سابق، إن استخبارات وأمن محافظة الأنبار عاجزة تماماً عن معالجة المعلومات الأمنية التي تتوفر لهم، لذلك لا يستطيعون حماية المواطنين هناك، لافتاً إلى أن قيادة شرطة المحافظة تعاني ضعفاً بالتعامل مع قيادة عمليات الأنبار، وباقي الأجهزة الأمنية.