قانون أسس تعادل الشهادات العلمية.. تم تمريره رغم رفضه من قبل رئاسة الجمهورية ووزارة التعليم وقضاء المحكمة الاتحادية بعدم دستورية بعض بنوده.. تعرّف على ضرره التاريخي
انفوبلس..
رغم رفضه من قبل رئاسة الجمهورية ووزارة التعليم العالي وحكم المحكمة الاتحادية بعدم دستورية 6 من مواده، إلا أن قانون أسس تعادل الشهادات العلمية تم تمريره ويجري التعديل عليه في مناسبات عديدة آخرها قبل أسبوعين في مجلس النواب مع وجود العديد من الاصوات الرافضة للقانون بمجمله لما يحتويه من ضرر علمي وفساد وتشويه لصورة الشهادة العلمية عموماً والعليا خصوصاً.
وصوت مجلس النواب على تشريع قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبية في الثامن والعشرين من تشرين الاول 2020 ،وأصبح نافذا من ذلك التاريخ.
وتضمن هذا القانون تنظيم معادلة الشهادات الجامعية لذوي الدرجات الخاصة، فضلا عن إجراء معادلة الشهادات الجامعية خارج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
إلا أنه أثار غضب واستياء جهات عدة منها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكذلك نقابة الاكاديميين العراقيين وغيرها كونه قانون يمسُّ رصانة الشهادة العراقية وجودتها وكذلك يمس بمكانة اللقب العلمي للأستاذ الجامعي، مما ترتب عليه رفع دعوى مشروعية أمام المحكمة الاتحادية العليا للنظر في مدى دستورية هذا القانون، كون القانون صدر بموافقة مجلس النواب بتفرد ودون مصادقة رئيس الجمهورية عليه إلا أنه نُفذ بمضي المدة المطلوبة، ومن دون الحصول على موافقة الجهة المعنية وصاحبة الاختصاص وهي وزارة التعليم العالي، إضافة الى مساسه، وقد خالف المواد (47) و(60 /اولا) (80 /اولا –ثانيا) من الدستور .
وبعد نظر المحكمة في الدعوى قضت بعدم دستورية 6 مواد من القانون وهي:
1.عدم دستورية عبارة (ذوي الدرجات الخاصة) الواردة في المادة (2 / ثانياً / أ من القانون).
عدم دستورية عبارة (أو السفارات أو الملحقيات الثقافية) الواردة في الفقرة (ب) من البند (ثانياً) من المادة (2) من القانون”.
2.عدم دستورية الفقرة ( أ ) من البند (ثالثاً) من المادة (2) المتعلقة بصلاحية الأمانة العامة لمجلس النواب بمعادلة الشهادات التي تصدر عن معهد التطوير البرلماني”.
وقضت بعد دستورية “العبارة (إلا إذا تماثلت مدة الحصول عليها مع المدة المطلوبة للحصول على الشهادات المؤهلة لدخول تلك الجامعات أو التدريب فيها) الواردة في الفقرة (ج) من البند (ثالثاً) من المادة (2) من القانون”.
3.عدم دستورية الفقرة (د) من البند (ثالثاً) من المادة (2 ) المتعلقة بصلاحية الوزارات والهيئات بمعادلة الشهادات الممنوحة عن طريق معاهد الدراسات فيها.
وكذلك الفقرة (هـ) من البند (ثالثاً) من المادة (2) المتعلقة بصلاحية الجامعات ومجلس الخدمة الاتحادي بمعادلة الشهادات التدريبية”.
4.عدم دستورية البند (ثالثاً) من المادة (3) من القانون المتعلقة بحصر عمليتي المعادلة والتقييم للشهادات باستيفاء الجوانب الإجرائية.
5.وعدم دستورية البند (ثالثاً) من المادة (5) من القانون المتعلقة بإهمال شرط الحصول على شهادة الدراسة الثانوية في حال الحصول على الشهادة الجامعية أو الشهادة العليا”.
عدم دستورية المادة(11) من القانون والتي تنص ( للوزير صلاحية الموافقة على معادلة وتقييم الشهادات غير مستوفية لشرط الإقامة المنصوص عليها في هذا القانون اذا توفرت أسباب مبررة منعت الطالب من اكمال المدة المذكورة في هذا القانون لغير المشمولين بأحكام المادة ( ١٤ ) من هذا القانون.)
6.قضت المحكمة عدم دستورية المادة(12/ثانيا) من القانون والتي تنص ( يمنح حملة الشهادات العليا (الماجستير أو الدكتوراه) من الموظفين المدنيين أو المكلفين بخدمة عامة من غير موظفي وزارتي (التعليم العالي والبحث( العلمي ، التربية) اللقب العلمي ……). إلا إن المحكمة ابقت على الفقرة الاولى من المادة ذاتها وهذه الفقرة تسمح لأعضاء مجلس النواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة بإكمال الدراسة اثناء خدمتهم ويعد هذا الامر من الخطورة لأنها منحت هؤلاء امتياز لا سند له وغير مبرر ولا يتفق مع مبدأ تكافؤ الفرص ،وكنا نتأمل من المحكمة ألغاء المادة 12 بأكملها.
عدم دستورية المادة(14/ثانيا) من القانون .
ومن الواضح إن قرار المحكمة الاتحادية العليا ، قضى بعدم دستورية بعض المواد وليس القانون بمجمله ، بمعنى إن القانون مازال ساري مع حذف بعض فقراته ، وإن كانت هذه الخطوة لا تفي بالغرض إلا أنها تبقى خطوة نحو الامام، فهو يعد انتصارا للتعليم العالي ومكسبا لرصانة الشهادة العراقية وجودتها ،حيث إن القرار أعاد مشروعية إجراءات الوزارة وحافظ على مكانة اللقب العلمي لأساتذة الجامعات.
وقد يثار تساؤل ما هو الأثر القانوني لحكم المحكمة ،وهل يطبق بأثر رجعي ، وما مصير من استفاد من هذا القانون؟
في البدء لابد من بيان إن آثار الأحكام القضائية تختلف تبعاً لطبيعة الحكم فيما إذا كان كاشفاً أو مقرراً لحق قائم من قبل ولا ينشئ وضعاً جديداً، أو إذا كان منشئ لحق أو حالة قانونية لم تكن موجودة قبل صدور الحكم، فقي الحالة الأولى فإن الأثر الكاشف للحكم القضائي يرتبط بالضرورة بموضوع الرجعية فالحكم عندما يكشف عن حق قائم فإن ذلك ينسحب إلى وقت نشوء الحق ويذهب البعض الآخر إلى يوم رفع الدعوى ، في حين أن الحكم المنشئ تترب أثاره من وقت صدور الحكم، وطبقاً لنص المادة (4 / ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة (2005) المعدل فإن الآثر المترتب على صدور الحكم بعدم الدستورية هو إلغاء القوانين التي تتعارض مع الدستور، لذا فإن طبيعة رقابة المحكمة الاتحادية العليا على دستورية القوانين هي رقابة إلغاء لاحقة لصدور التشريع، ويترتب على صدور الحكم بعدم دستورية القانون هو إلغاء القانون المخالف للدستور، إلا أن المشرع العراقي لم يحدد النطاق الزمني لسريان حكم الإلغاء فأختلف الفقه العراقي في ذلك، ذهب جانب من الفقه إلى أن الإلغاء يرتب آثاره اعتباراً من تاريخ صدور الحكم ، في حين يذهب جانب آخر من الفقه إلى ضرورة أعمال القواعد العامة في حالة سكوت المشرع والتي تقضي بأن الأحكام الصادرة بعدم الدستورية هي أحكام كاشفة للمخالفة الدستورية وبالتالي فإن أثر الإلغاء ينعطف إلى تاريخ صدور التشريع مع مراعاة الحقوق المكتسبة والمراكز القانونية المستقرة.
وأصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في 13/11/2021، توضيحاً بشأن آلية التعامل مع الشهادات التي يحصل عليها العراقيون من الخارج.
وقال المتحدث باسم الوزارة، حيدر العبودي إن "موقف الوزارة تم تضمينه بكتاب رسمي صدر من دائرة البعثات وتضمن إجراءات ومعايير علمية محددة ومنها اعتماد معيار أن يكون لكل خمسة طلبة تدريسي"، مؤكدا أن "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تراعي أن تكون الجامعات الخارجية التي يتعامل معها الطلبة العراقيون على درجة عالية من السمعة الاكاديمية".
وأشار إلى أن "وزير التعليم العالي تواصل مع وزير التعليم اللبناني واتفقا على التعاون العلمي، على أن يترجم التعاون وفق منطلقات من ضمنها السمعة الاكاديمية للجامعات"، موضحا أن "التنافس العالمي بين الجامعات يعد من ابرز المؤشرات لتقييم المؤسسات".
ولفت إلى أن "جامعاتنا العراقية تحظى بحضور وتنافس عال ورصيدها ضمن المستويات العالمية وبدأ يأخذ مساره التصاعدي وهذا يصب في سمعة الجامعات العراقية وانفتاحه على الخارج".
وأضاف، أن "الطلبة العراقيين يتواجدون في جامعات عديدة في العالم ولا يختصر على بعض الدول الإقليمية وهذه الجامعات ضمن دليل الموصى بها لأغراض الدراسة لمن يرغب في ذلك"، مؤكدا أن "وزارة التعليم لديها قانون للتعامل مع الشهادات التي يحصل عليها العراقيون من الخارج وهذه الإجراءات تطلع بها دائرة البعثات والعلاقات الثقافية وفي هذه الدائرة توجد لجان مختصة تتوزع بحسب الاختصاصات".
وتابع، أن "وزارة التعليم العالي تتعامل مع الشهادة الوافدة والاختصاص وهناك متطلبات يجب أن تستكمل والتعامل المؤسسي مع تلك الشهادات يكون عالي المستوى من زاوية الخلفية العلمية لحامل الشهادة ومدى تطابقها مع الشهادة التي حصل عليها من خارج العراق وهذه الإجراءات والسياقات العلمية التي يتم التعامل معها".
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قد أصدرت في وقت سابق، عدة قرارات تخص دراسة العراقيين في الخارج.
وحصلت "انفوبلس"، على وثائق صادرة من وزارة التعليم، تضمنت مجموعة قرارات من بينها: "اعتماد نسبة 5 طلاب لكل تدريسي في جميع الجامعات التي يتواجد فيها الطلبة العراقيون ورفع أي جامعة لا تلتزم بهذه النسبة في أي دولة في العالم، وإخضاع جميع الرسائل والأطاريح للطلبة العراقيين الذين ينهون دراستهم خارج العراق الى عملية فحص الاستدلال الإلكتروني واعتماد نسبة 20% كحد اعلى لنسبة الاستدلال المقبولة والاستعانة بالجامعات العراقية لغرض الاستدلال الالكتروني لجميع الرسائل والاطاريح".
وتضمنت القرارات أيضاً: "اخضاع جميع الطلبة العراقيين الذين ينهون دراستهم خارج العراق (نفقة خاصة) الى عملية تقييم علمي من خلال عرض حالات الطلبة على اللجان العلمية المختصة على أن تتم احالة الطلبة الى الجامعات للاختبار وكل حسب اختصاصه في حالة عدم قناعة اللجنة، إضافة إلى تعليق الدراسة في الجامعات اللبنانية الثلاث التالية: (الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، الجامعة الإسلامية في لبنان، وجامعة الجنان)، لعدم التزامها بمعايير الرصانة العلمية وفقاً لقانون اسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبي رقم (20) لسنة 2020، على أن يكون التعليق اعتباراً من تأريخ القرار (11-11-2021) اعلاه وعدم اعتماد أي تسجيل للطلبة بعده بحيث لا يؤثر على الطلبة المسجلين قبل هذا التأريخ".
وفي تموز الماضي، كشف النائب الأول للجنة التعليم العالي في مجلس النواب عادل الركابي، عن تقديم مشروع قانون لمعادلة الشهادات.
وقال الركابي، أنَّ "لجنة فرعية شُكّلت من أجل إنجاز القوانين المهمة في اللجنة ومنها قانون أسس معادلة الشهادات، لترصين التعليم العالي وإعادة الاعتبار للشهادة التي تمنحها الجامعات سواء داخل العراق أو خارجه".
وأضاف أنه "تم إجراء تعديلات جوهرية على القانون السابق لتأخذ طريقها نحو التطبيق، وأبرزها آليات كثيرة ضُمِّنت في القانون وتحديد مدة لمعادلة الشهادة، واشتراط مدة إقامة لمن يدرس خارج العراق"، مبيناً أنَّ مشروع القانون لا يقرّ القبول بمدة 4 أشهر كفترة إقامة أو بالدراسة عن بعد "أونلاين" كما حصل عندما اجتاحت كورونا بلدان العالم.
وتابع الركابي أنَّ "القانون سيُلزم طلبة الدراسات العليا من الموظفين بإجازة دراسية ولا يسمح بغير ذلك، وكل ذلك سيكون حال إقرار القانون ونفاذه".
وفي السادس من تشرين الثاني الماضي، اكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العمل على الغاء قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية.
وقال المتحدث باسم وزارة التعليم العالي حيدر العبودي، إن "الوزارة تدرس خيار الغاء قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية".
وأضاف العبودي، ان "قانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية جعل الحصول على الشهادة سهلا".
وأشار الى ان "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عادلت أكثر من 30 الف شهادة عليا في العراق خلال العامين الماضيين".
واكد العبودي، ان "الشهادة الخارجية التي يعتمدها العراق يجب ان تخضع لتصنيف منظمة شنغهاي الدولي".
وقبل نحو اسبوعين، أعلنت لجنة التعليم العالي النيابيَّة بدء القراءة الأولى لقانون معادلة أسس الشهادات، لافتة إلى أنه يهدف إلى رصانة التعليم العالي والشهادة العراقية.
وقال الدكتور فراس المسلماوي عضو اللجنة، إنَّ اللجنة "قرأت مسودة قانون أسس تعادل الشهادات للمرة الأولى بعد طرحه في العام 2020، من أجل رصانة التعليم العالي ورصانة الشهادة العلمية العراقية بعد المناشدات الكثيرة".
ويرى المسلماوي أنَّ "القانون سيحقق عدالة في الحصول على الشهادة، ولابد أن تكون هناك إقامة في بلد الدراسة وما زالت اللجنة بطور إعداد جلسة استماع لأصحاب الشأن للاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم على القانون، ولا تزال هناك قراءتان لمشروع للقانون".
وأضاف النائب أنَّ "من فقرات القانون فقرة الإقامة في بلد الدراسة، وهذا سيعتمد على الملاحظات إذا كانت تشير إلى تلك الفقرة سنعالجها، وقد وصلت ملاحظات عن الدكتوراه البحثية (من دون كورسات) لتقليل المدة".
وتابع أنَّ "كل الملاحظات ستدرس وتوحد ويتم التصويت عليها داخل اللجنة، وبعدها ستذهب إلى سلسلة إجراءات تشريعية منها قانونية وغيرها، وصولاً إلى التصويت على القانون ".