قمة 2025 الأضعف بالتمثيل الدبلوماسي منذ السبعينيات.. قراءة بالأسماء عن القمم الأربعة في بغداد

انفوبلس/ تقرير
تعتبر "قمة بغداد" التي عُقدت يوم السبت 17 أيار/مايو 2025، الأضعف من حيث التمثيل الدبلوماسي العربي مقارنةً باجتماعات القمة التي استضافتها العاصمة بغداد منذ سبعينيات القرن الماضي، وهو ما مثّل خيبة كبيرة لم تُخفِها حكومة محمد شياع السوداني، ويقارن تقرير شبكة "انفوبلس"، حجم المشاركة الدبلوماسية العربية في النسخ الأربعة التي حصلت في العراق.
وكان المسؤولون في الحكومة قد تحدثوا عن مشاركة عربية لافتة، وحضور بارز لشخصيات أخرى، إلى حد أنّ رئيس مجلس الوزراء أكّد أنّ القمة ستشهد "مفاجآت"، لكنها اقتصرت على أمير قطر تميم بن حمد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس اليمني المقيم في السعودية رشاد العليمي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس الصومالي حسين شيخ محمود، فضلاً عن ضيوف الشرف وأبرزهم الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الحكومة الإسبانية بيدور سانشيز.
ويقارن هذا التقرير حجم المشاركة الدبلوماسية العربية في قمة بغداد 2025، مع اجتماعات القمة التي عُقدت قبلها في العراق، وفارق التمثيل مع قمة البحرين خلال العام الماضي، كما يشير إلى أبرز التصريحات الحكومية التي صدرت بشأن مستوى المشاركة.
أولى القمم
جامعة الدول العربية، أو الجامعة العربية، هي رابطة تطوعية للدول التي تتحدث شعوبها اللغة العربية بشكل رئيسي أو حيث تكون اللغة العربية لغة رسمية. وتضم الجامعة 22 دولة من بينها فلسطين التي تعتبرها الجامعة دولة مستقلة.
كان أول مؤتمر للقمة العربية عام 1946، بدعوة من ملك مصر فاروق، في قصر أنشاص وشاركت به الدول السبعة المؤسِّسة لجامعة الدول العربية، وهي: الأردن، ومصر، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا.
وخلال أعمال هذه القمّة الأولى التي ركَّزت على القضية الفلسطينية، أعلنت الدول المشاركة عن عزمها على "التشاور والتعاون والعمل قلبًا واحدًا ويدًا واحدة"، إلى جانب "ضرورة العمل بكل الوسائل المُمكنة لمساعدة الشعوب العربية التي لا تزال تحتَ الحكم الأجنبي لكي تنال حريتها وتبلُغَ أمانيها القومية بحيث تُصبح أعضاء فاعلين في أسرة جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة".
أمّا الاجتماع "غير العادي" للدول العربية، فهو اجتماع طارئ يقوم به زعماء الدول العربية لفكّ وحلّ النزاعات القائمة بين العرب، وتُدرج هذه الاجتماعات في السجلات الرسمية للقمم العربية حيثُ يدرس من خلالها الزعماء العرب أسباب النزاعات للخروج بحلول ترضي الطرفين.
غالبًا ما يجري خلال هذه الاجتماعات تدارس القضيّة الفلسطينيّة، كما أنّ نتائج هكذا قمم تنصُّ في الغالبِ على الدعوة إلى الإنهاء الفوري لجميع العمليات العسكرية في حالة النزاعات والسحب السريع لكلا القوتين المتنازعتين فضلًا عن إطلاق سراح المعتقلين والأسرى من كلا الجانبين وغيرها.
تناوبت المدن والعواصف على استضافة اجتماعات القمة العربية، وكان نصيب بغداد من تلك الاجتماعات هو 3 مناسبات، ورابعها قمة بغداد أول أمس السبت، وكانت أول قمة تستضيفها بغداد عام 1978.
لا توجد معلومات وافية عن القمة العربية في بغداد عام 1978 (القمة التاسعة لجامعة الدول العربية)، ومع ذلك، بناءً على المعلومات المنشورة فإن القمة التي عُقدت في 2 تشرين الأول نوفمبر من العام المذكور برئاسة الرئيس العراقي أحمد حسن البكر حضرها من بين الرؤساء فقط الرئيس السوري حافظ الأسد، بالإضافة إلى الرئيس البكر نفسه، وهذا يعني أن عدد زعماء ورؤساء الدول الذين حضروا القمة، وفقًا لهذه المعلومات، هما اثنان فقط، حيث كانت القمة تضم عادةً وفودًا من دول عربية أخرى، حتى لو لم يحضر الرؤساء شخصيًا.
وعُقدت القمة ردًا على توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ورغم غياب مصر، كانت القمة ذات نبرة حاسمة، واتخذت قرارًا تاريخيًا بتجميد عضوية مصر في الجامعة العربية لاحقًا، ثم نقل مقر الجامعة إثر القرار إلى تونس. حينها كانت بغداد تعد زعيمة محور الرفض العربي، وأرادت أن تقود تيارًا قوميًا صلبًا ضد التطبيع، لكن القمة كانت بداية الانقسام العربي بشأن أسلوب التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي.
قمة بغداد 1990
في 2 أيار مايو 1990 انعقدت القمة العربية في بغداد وسط أجواء متوترة، إذ تناولت الخلافات العراقية الكويتية، بحضور الرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والرئيس اليمني عبد الله صالح، والرئيس الليبي معمر القذافي، وملك الأردن الحسين، فيما غاب عن القمة الرئيس السوري حافظ الأسد بسبب الخلاف مع رئيس النظام المقبور صدام حسين، كما غابت لبنان ومعظم دول الخليج، وهي القمة الأبرز من حيث حضور القادة والزعماء العرب بالنسبة لمؤتمرات القمة العربية التي استضافتها بغداد.
قمة بغداد 2012
عُقدت القمة العربية 23 في بغداد 27 - 29 آذار مارس 2012. وهي ثالث قمة تستضيفها العاصمة العراقية، بعد قمتي 1978 و1990. حضر القمة نحو 10 من رؤساء وملوك الدول العربية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الحكوميين في مختلف الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، إلى جانب بان كي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة حينها. وناقشت القمة العربية تسعة بنود على رأس موضوع تطوير هيكلية الجامعة العربية ومن بينها الأزمة السورية.
وأبرز الحاضرين في القمة التي ترأسها الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، هو أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الرئيس التونسي منصف المرزوقي، الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر، رئيس جزر القمر إكليل ظنين، الرئيس الصومالي، الشيخ شريف الشيخ أحمد، الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
قمة بغداد 2025
واحتضنت العاصمة العراقية بغداد يوم السبت القمة 34 للجامعة العربية، للمرة الرابعة في بغداد، وسط غياب لمعظم رؤساء وقادة الدول الخليجية والعربية، وهو ما أثار الكثير من الانتقادات والجدل، خاصة بعد أنّ كانت الحكومة قد تحدثت عن مشاركة رفيعة لافتة و"مفاجآت" على مستوى أسماء الحضور.
ومن بين 22 دولة دعيت للقمة، حضر رؤساء وملوك 5 دول فقط، وهم أمير قطر تميم بن حمد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس اليمني المقيم في السعودية رشاد العليمي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والرئيس الصومالي حسين شيخ محمود.
أما تمثيل بقية الدول فكان على مستوى أقل، مثل رئيس وزراء مثل لبنان، ونائب رئيس وزراء مثل سلطنة عمان، ووزراء خارجية وممثلين آخرين عن باقي الدول، لتكون الأضعف من حيث حضور الرؤساء إلى بغداد منذ قمة 1978.
وبالمقارنة مع القمة التي سبقتها في البحرين 2024، يظهر أنّ رؤساء وقادة 8 دول لم يحضروا قمة بغداد، أبرزهم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي كان من المفترض أن يسلم العراق رئاسة القمة، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس السوري الذي كان حضوره محل جدل كبير قبل انعقاد القمة، ونائب رئيس دولة الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الكويتي أحمد عبد الله الأحمد الصباح. كما لم يحضر رؤساء ليبيا وجيبوتي وموريتانيا وجزر القمر.
غضب في بغداد
وعاتب ناطق الحكومة العراقية باسم العوادي -ضمنًا- زعماء الدول العربية الذين تغيبوا عن قمة بغداد، وأكد أن العراق لا يسعى أبدًا لاستعادة دوره السابق كمنافس على الزعامة العربية، عبر التدخلات الخارجية عن طريق الشعارات وأجهزة المخابرات وغيرها.
وتعليقًا على الحضور المخيب على الرغم من مبادرات رئيس الحكومة بإرسال معونات وأموال لعدد من الدول العربية، قال العوادي "أردنا أن نشتري كرامتنا بهذه القمة، وأن نشتري رجولتنا، ونريد أن نقول نحن أقوياء.. إحنا سباع وما نخاف ومو فگر وعدنا فلوس وأمن وجيش يؤمن حضور 40 زعيمًا عربيًا وإلي يندك بينا نندك بي.. إحنا جذع نخلة واللي نوكع عليه نكتله واللي يوكع علينا يتعور".
فيما قالت الخارجية العراقية إنها "متفاجئة" وتحتاج بعض الوقت لمعرفة سبب ما حصل، خاصةً وأن المتحدثين الحكوميين، بمَن فيهم فادي الشمري مستشار رئيس الوزراء، والناطق باسم الحكومة باسم العوادي كانوا قد أكدوا حضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وملك الأردن عبد الله الثاني وملك البحرين حمد بن عيسى، كما لم تشهد القمة أياً من المفاجآت التي تحدث عنها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ويقول وكيل وزارة الخارجية هشام العلوي، "كان يفترض بملك البحرين وفق البروتوكول تسليم الرئاسة للعراق لكنه لم يحضر"، ولم يستبعد أن تكون الغيابات على صلة بتجدد التوتر بين العراق والكويت حول ملف خور عبد الله، رغم طلب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.