كافتيريا البرلمان.. مقر السجال والجدال والفرصة الأنسب لهروب النواب من جلسات الحسم
مطبخ الصفقات السياسية
كافتيريا البرلمان.. مقر السجال والجدال والفرصة الأنسب لهروب النواب من جلسات الحسم
انفوبلس/..
في الكافتيريا الموجودة داخل مجلس النواب العراقي، تُطبخ الصفقات السياسية ويدور السجال والجدال هناك، فهي ليست مقر استراحة لأعضاء البرلمان بل مكانا مناسبا للهروب من حضور الجلسات ومقاطعتها، خاصة تلك المهمة والحاسمة منها، فالبعض من الأعضاء يرفض دخول الجلسة إذا كانت لا تفي بمصلحة كتلته وحزبه، ليبقى مراقباً لمجريات أحداثها من داخل تلك الـ"كافتيريا".
وخُصص فناء الطابق الأول من مبنى قصر المؤتمرات كمكان لاستراحة النواب. وتحتل الكافتيريا جزءا كبيرا من بهو الطابق، وتخضع لحماية مشددة تمنع دخول غير النواب عبر نقاط التفتيش الموزعة على ثلاثة ممرات تفضي مباشرة إلى البوابة الرئيسية لقاعة الجلسات.
وعادةً ما يتسرب عدد كبير من النواب من الجلسات مفضلين المكوث في الكافتيريا، التي تطل على قاعة الجلسات، لتبادل أطراف الحديث على بعض طاولات مختلفة الأحجام.
*الجلسات الأخيرة
وفي الجلسات الأخيرة لمجلس النواب، خاصة تلك التي كانت مخصصة لانتخاب رئيس البرلمان والتي عُقدت في الشهر الأول من العام الجاري، التي شهدت تنافساً بين شعلان الكريّم وسالم العيساوي، تم تداول أنباء تفيد بطرح حزب تقدم عروضا بآلاف الدولارات وسيارات "تاهو" لمن يصوت لمرشحهم الكريم.
وذلك تم خلال انتهاء الجولة الأولى لمصلحة الكريم بـ158 صوتاً مقابل حصول العيساوي على 97 صوتاً.
وبينما ذهبت الكتل النيابية لعقد اجتماعات كان البعض منها في داخل كافتيريا مجلس النواب، فجَّرَ السياسي عزت الشابندر عن معلومات حول بيع أصوات النواب لصالح الكريّم مقابل مبالغ مالية طائلة.
وقال الشابندر في تغريده له، "أدعو رئيس مجلس النواب بالوكالة الى رفع جلسة التصويت الى إشعار آخر بسبب الخرق الأخلاقي والقانوني (الرشوة) وفتح تحقيق عن مصادر الأموال الطائلة التي تُعرض على النائب إلّي شرّفه (صوته).. وأُهيب بكافة النواب الشرفاء الذين تعرضوا للإهانة ببيع أصواتهم لصالح مرشّح معين، التقدم بشكوى إلى القضاء المختص".
كما تداولت بعض وسائل الإعلام المحلية، معلومات عن منح مبلغ 100 ألف دولار وسيارة "تاهو" لكل نائب يصوت لصالح الكريم وأخرى عن وصول سعر صوت النائب للتصويت على مرشح معين إلى نحو 600 ألف دولار.
فيما بين النائب باسم خشان، "فيما يخص الأنباء التي تواردت بشأن شراء أصوات النواب من قبل رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي للتصويت على شعلان الكريّم، فوصلتنا معلومات مؤكدة بهذا الخصوص ووصلتنا من أشخاص عُرِضت عليهم مبالغ لكنهم رفضوا ذلك، ولكن هناك نواب آخرين باعوا أصواتهم".
وتابع، "في السابق عملوا كذلك وكانت أيضا هنالك عملية شراء لأصوات بعض النواب، الآن نعمل على جمع تواقيع نيابية لإجراء تحقيق في هذا الموضوع".
أما السياسي العراقي مشعان الجبوري فقد خرج بتغريدة قال فيها، "شراء أصوات النواب خلال انتخابات رئيس مجلس النواب بدأها "زعيم الكاولية" عام 2018 عندما قام بشراء بعض الصوات لصالح #المخلوع!؟.. ونسمع اليوم أن جماعة تقوم بشراء أصوات بعض النواب مقابل مئة ألف دولار للصوت".
وأضاف، "وللأمانة أقول إن أكثر النواب رفضوا عروض الرشوة من حزب المخلوع ما عدا ضعاف النفوس، أما مَن قبلوا الرشوة فأسألهم: كيف سينظر لكم من اشترى صوتكم إن أصبح رئيساً!؟"
وبحسب تسريبات نيابية وردت الى شبكة "انفوبلس"، فإن "رئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، قام بشراء العديد من ذمم النواب، وذلك بمنحهم مبلغا يتراوح ما بين 100 الى 350 ألف دولار وعجلة (تاهو) مقابل التصويت لمرشحه، شعلان الكريم"، لافتة الى أن "الحلبوسي استطاع كسب أصوات العديد من الأصوات من مختلف القوى السياسية من بينها حركة امتداد والعزم".
*حادثة جديدة
وفي الجلسة الخاصة بانتخاب رئيس البرلمان والتي عُقدت في منتصف الشهر الجاري، حدث شجار وصل إلى إراقة الدماء داخل مجلس النواب، بعد عودة الأعضاء من "الكافتيريا" عقب انتهاء التنافس بين سالم العيساوي الذي حصل على 158 صوتاً مقابل 137 صوتاً لمحمود المشهداني.
وعقب "استراحة" أَذِنَ بها محسن المندلاوي، رئيس المجلس بالإنابة، إلى النواب، جرت الجولة الثالثة وسط توتر حاد بين النواب، لتنتهي بمشادة بين النائبين هيبت الحلبوسي عن "تقدم"، وأحمد الجبوري عن "عزم"، ليتم رفع الجلسة إلى إشعار آخر.
*الذروة
ويؤكد نواب، أن اكتظاظ كافتيريا البرلمان يبلغ ذروته عند اقتراب الدورة التشريعية من نهايتها.
وعلى مدار السنوات الماضية، شهدت الكافتيريا العديد من المشادات بين النواب التي تصل أحيانا إلى التشابك بالأيدي، لكنها تنتهي بتدخل بعض الوسطاء من البرلمانيين الذين يرتّبون جلسات المصالحة بين النواب والأطراف المتخاصمة.
وتقول النائبة السابقة تافكة أحمد، إن "أغلب المشاكل والخلافات التي تحدث بين الكتل البرلمانية واللجان يتم حلها في كافتيريا مجلس النواب عن طريق المباحثات والمفاوضات"، مشيرة الى أن "عمليات جمع التواقيع دائما ما تجري في فترات
الاستراحة".
وتضيف، إنه "من غير الممكن مناقشة القضايا الخلافية داخل الجلسات البرلمانية، وبالتالي تفضل الكتل او اللجان البرلمانية الانسحاب إلى الكافتيريا لمناقشة هذه التفاصيل". وتقول "في بعض النقاط الخلافية تطلب هيئة رئاسة المجلس بانسحاب الأطراف إلى الخارج من أجل التوصل الى قرار بالتوافق".
بدوره يقول النائب السابق هشام السهيل، إن "أغلب النواب يجلسون في كافتيريا المجلس للتباحث في بعض الأمور القانونية والخلافية". لكنه يؤكد أن "بعض النواب يجلس لفترات طويلة في الكافتيريا بسبب الملل من أداء عمل مجلس النواب".
وتسبب شجار بين النائب هيبت الحلبوسي، والنائب أحمد الجبوري، عن تحالف "السيادة"، بإصابة الأول بكدمة في رأسه أدت إلى نزيف دماء بسيط.
ويضيف السهيل، "في نهاية كل دورة برلمانية تكتظ كافتيريا مجلس النواب على حساب قاعة الجلسة"، مؤكدا أن "رئيس مجلس النواب في بعض الأحيان يخرج ويجلس في الكافتيريا لحل بعض المشاكل".