كردستان غارق بالديون.. بـ10 ترليونات دينار للموظفين و6 مليارات دولار لشركات النفط.. الإقليم الشمالي يتحول إلى "ثقب أسود"
انفوبلس..
كلما كانت حكومة بغداد أقوى، عانت حكومة أربيل أكثر، ويعود السبب بذلك إلى اعتياد السلطات في كردستان على اتباع سياسات ملتوية واستغلال فترات المشاكل في المركز الاتحادي لتنفيذ أجنداتها التي تضر بالعراق عموماً ومواطني الإقليم خصوصاً، ويُعد ملف رواتب موظفي الإقليم من أبرز ملفات فشل الإدارة السياسية في الإقليم.
وفد تفاوضي
يوم أمس الاربعاء، وصل وفد كردي إلى بغداد للتفاوض بشأن رواتب موظفي كردستان، وعقد أول اجتماع له مساء أمس.
وسيستكمل وفد كردستان المباحثات مع الحكومة الاتحادية حول رواتب موظفي الإقليم وحصته من الموازنة المالية إضافة إلى البيانات والإيرادات النفطية وغير النفطية كافة للإقليم.
ويطالب إقليم كردستان من بغداد بأن تُرسَل من 400 إلى 800 مليار دينار إلى الإقليم، ريثما تتم معالجة المشاكل العالقة.
وجاءت الزيارة بعد مكالمة هاتفية بين رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، ورئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني، بحسب ما أكّده المتحدث باسم حكومة كردستان، بيشوا هوراماني.
السوداني يخفف القيود على الموظفين
مصدر مسؤول كشف أن "رئيس مجلس الوزراء وافق على تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر حزيران الماضي فقط، وأنه ينتظر من الإقليم المزيد من الالتزام".
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن رئيس وفد حكومة كردستان إلى بغداد أوميد صباح، أن الجانبين توصلا إلى اتفاق بشأن مستحقات كردستان المالية، فيما لفت إلى أن الجانبين وقّعا على مذكرة مشتركة بينهما.
وقال صباح الذي يشغل منصب رئيس ديوان مجلس الوزراء في حكومة كردستان ورئيس وفد حكومة كردستان إلى بغداد للتباحث مع بغداد حول تنفيذ قانون الموازنة والمستحقات المالية لكردستان.
وذكر، إن "حكومة كردستان أوفت بجميع التزاماتها تجاه الحكومة الاتحادية، وعلى بغداد تمويل كردستان بمستحقاتها المالية من الموازنة".
وأضاف، "بعد عدة ساعات من الاجتماعات مع الحكومة الاتحادية، اختتمنا الاجتماع عند الساعة 1:30 صباحاً بالتوصل الى اتفاق وتوقيع مذكرة مشتركة بين الجانبين وتقرر تمويل كردستان على الفور".
وتابع صباح، إن "وفد كردستان وبأمر رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني زار بغداد عدة مرات، وهذه المرة ذهبنا الى بغداد بعد اتصال هاتفي بين رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني ورئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني، وشدد رئيس الحكومة على إصرار حكومة كردستان على تنفيذ قانون الموازنة والبنود المتعلقة بإقليم كردستان".
وأشار رئيس وفد حكومة كوردستان الى أنه "بتوقيع هذه المذكرة بين الجانبين لم يبقَ أي التزام على كاهل كردستان لأنها نفذت الالتزامات كافة، والذي تبقى هو أن تصرف الحكومة الاتحادية مستحقات اقليم كردستان والتصرف بحُسن نيّة".
وشدد اوميد صباح على "أن لدى حكومة كردستان ملاحظات حول عدة بنود من الموازنة وتعتبرها غير دستورية، ومع ذلك فإن كردستان أظهرت استعدادها لتطبيق قانون الموازنة وإرسال مستحقات كردستان المالية".
ولفت الى "أن الاتفاقية الموقعة بين حكومة كردستان والحكومة الاتحادية تشمل مستحقات كردستان المالية كافة من الموازنة، وتم الاتفاق على تمويل كردستان في أقرب وقت"، موضحاً "أن رواتب موظفي كردستان تحظى بالأولوية لدى حكومة كردستان".
شروط بغداد
كشف مصدر مسؤول اشتراط الحكومة الاتحادية على وفد كردستان معالجة المشاكل مقابل إرسال رواتب موظفي الإقليم.
وذكر المصدر أن "الحكومة الاتحادية فرضت على وفد الإقليم شرط معالجة المشاكل بين الطرفين لإرسال رواتب موظفي كردستان وليس فقط تسيير الأمور".
وأضاف، أن "الحكومة الاتحادية قالت إنه في حال وافقت كردستان على شروطها بشكل كامل فإنها ستضع رواتب الموظفين في الحساب المصرفي الخاص بالإقليم نهاية الأسبوع المقبل".
ديون الموظفين
عضو الدورة الخامسة السابقة عن حركة التغيير في برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح، كشف مطلع الشهر الجاري عن مجزرة طالت رواتب الموظفين في الإقليم بسبب الادخار.
وكتب صالح في تدوينة له نشرها في حسابه الشخصي على منصة فيس بوك، أن" الكابينة الحكومية الحالية لم توزع مبلغ 8 تريليونات دينار عراقي من الرواتب" ، مبينا أن "مبلغا ماليا قدره 6 تريليونات و300 مليار دينار لـ 7 رواتب لم تُدفع بالكامل".
وأضاف، أن" هناك مبلغا ماليا أيضا قدره 1 ترليون و701 مليار دينار لـ 9 رواتب تضمن استقطاعا بنسبة 21 بالمئة".
وأكمل صالح، أن" هناك مبالغ ماليا قدرها 162 مليار دينار حققته حكومة الإقليم من الاستقطاع لراتب واحد للموظفين بنسبة 18 بالمئة".
والجدير بالذكر أن حكومة اقليم كردستان اعتمدت منذ عدة أعوام نظام ادخار رواتب الموظفين بنسب مختلفة تراوحت ما بين 18% الى 70%.
ديون شركات الطاقة
وبحسب مصدر مطلع في الإقليم فإن ديون حكومة كردستان بلغت نحو 10 تريليونات دينار لموظفي الإقليم، فيما بلغت ديونها لشركات النفط نحو 6 مليارات دولار.
وفي آذار/ مارس الماضي، أوقفت حكومة كردستان سداد مبالغ مالية بذمتها لشركات الطاقة.
"رويترز" كشفت أن تعليق تصدير النفط من كردستان العراق أوقف سداد 6 مليارات دولار في صورة شحنات نفط مستحقة على الإقليم العراقي المتمتع بحكم شبه ذاتي لشركات طاقة من بينها فيتول وبتراكو.
وتم تعليق تصدير 450 ألف برميل نفط يومياً من كردستان العراق إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، بعدما كسب العراق قضية تحكيم قال فيها إن تركيا انتهكت اتفاقاً حين سمحت لكردستان العراق بتصدير النفط بدون موافقة بغداد.
ويعني التعليق أن كردستان العراق لا يستطيع سداد الالتزامات بإمدادات النفط الخام، كما لم يتم وضع خطط بديلة.
وذكرت ثلاثة مصادر تجارية أنّ الإقليم مدين لفيتول ومنافستها الأصغر بتراكو بما يتراوح بين 750 إلى 800 مليون دولار لكل منهما. وقدّرت المصادر إجمالي ديون كردستان العراق للشركات التي دفعت مسبقاً مقابل النفط الخام قبل تعليق التصدير بنحو 6 مليارات دولار.
وامتنعت الشركتان فيتول وبتراكو عن التعليق. وأحجمت حكومة الإقليم عن التعقيب.
وبعد حكم المحكمة، قالت الحكومة في كردستان العراق إنّ وفداً سيزور بغداد لحل هذه القضايا.
ورفض متحدث باسم الحكومة العراقية التعليق على الديون. قائلاً: "دعنا ننجح في التوصل إلى مخرج لمشكلة صادرات النفط وبعد ذلك نستطيع حل المشكلات الأخرى تحت ضغوطات أقل".
وأدى التعليق إلى ارتفاع أسعار النفط، حيث تعد مصدراً مهماً للخام بالنسبة لمصافي التكرير في البحر المتوسط.
وعلى مدى العقد الماضي، استطاع الإقليم زيادة صادرات النفط بشكلٍ مستقل عن بغداد مع تقديم الشركات التجارية قروضاً بمليارات الدولارات للمنطقة مقابل شحنات الخام، كما قامت المنطقة ببناء خط أنابيب جديد إلى تركيا.
وقال مستشار قانوني بوزارة النفط العراقية مطّلع على المناقشات مع كردستان العراق، إن بغداد تريد إدارة صادرات النفط عبر شركتها الحكومية لتسويق النفط (سومو) وتريد إيداع عائدات مبيعات النفط في حساب مصرفي مستقل.
ونقل المستشار مقترحات سابقة بأن يكون الحساب تحت سيطرة حكومة الإقليم وتشرف عليه بغداد وأن يفي بأغراض متعددة تشمل سداد الديون.
وأضاف المستشار "نحن (الحكومة المركزية في بغداد) لسنا مستعدين لتسديد ديون بمليارات الدولارات لصفقات لم نكن نعلم بها أو لسنا طرفاً فيها".