لافروف في بغداد الاثنين المقبل.. نظرة على تاريخ العلاقات بين العراق وروسيا الطويل
انفوبلس/ تقرير
من المُرتقب أن يصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة العراقية بغداد خلال اليومين المقبلين، حيث سيلتقي رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ومسؤولين آخرين، لبحث عدد من الملفات، وفقاً لما كشفه مسؤول عراقي في وزارة الخارجية.
وقال مصدر في وزارة الخارجية العراقية، إن "لافروف، سيصل بغداد الاثنين، في زيارة رسمية تستغرق يومين، يجري خلالها اجتماعات مع رؤساء الوزراء والجمهورية والبرلمان في بغداد، كما سيتوجه إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان، من أجل الاجتماع مع قادة الإقليم". مبينا أن "لافروف، سيكون على رأس وفد روسي حكومي يتكون من 65 شخصا بين سياسي واقتصادي وعسكري، إضافة إلى شركات روسية مختصّة في عدد من المجالات، وسيعمل على توقيع اتفاقيات تخص قضايا الاستثمار والاقتصاد، خصوصاً في جانب النفط والغاز والطاقة، مع ملفات الأمن وتبادل الخبرات، وإمكانية عقد صفقات تسليح جديدة بين بغداد وموسكو".
ولفت إلى أن "الوزير الروسي سيبحث في بغداد تفعيل عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، متعلقة بالصحة، والتربية، والتعليم، والنقل، والنفط، والطاقة، وغيرها من الملفات، إضافة لملف الطلاب العراقيين الذين يدرسون في روسيا، وغالبية هذه الملفات سيبحثها أيضاً خلال زيارته لأربيل واجتماعه مع حكومة الإقليم والقيادات الكردية". مؤكدة أن "ملف تطورات الأوضاع في المنطقة لن يغيب عن محاور اجتماعات لافروف، خلال زيارته العراق".
وتأتي زيارة لافروف الاثنين بعد أن كشفت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي أنّ قطر تجري محادثات للاستحواذ على حصة من شركة توتال الفرنسية وأعمالها في العراق، مشيرة إلى أنّ الاستثمار الكبير من جانب قطر سيمثل فوزا مهما لرئيس الوزراء العراقي، فيما أكد خبراء غربيّون أنّ الدوحة تسعى لتعويض نسبة كبيرة من إمدادات الغاز الروسية، بحسب صحيفة العرب اللندنية.
ويُعتقد أن زيارة وزير الخارجية الروسي على رأس وفد ضخم قد تحمل إغراءات اقتصادية للعراق لإقناعها بإفشال مساعي قطر للحصول على حصة ذات وزن من الشركة الفرنسية، خصوصا وأن الولايات المتحدة تدفع نحو ذلك لتعويض أوروبا عن نسبة من إمدادات الغاز الروسية، في رسالة إلى السعودية لعدم تجاوبها مع الدعوات الأميركية لزيادة الإنتاج في السوق، وإلى إيران التي يسعى الأميركيون لتفكيك نفوذها في العراق.
وبحسب الصحيفة فإنه "من المُرتقب أن تشمل المحادثات العراقية الروسية صفقة أسلحة جديدة، حيث إن العراق بحاجة لشراء أنواع خاصة من الطائرات المكلَّفة بمهام الدفاع الجوي لردع الخروقات من دول الجوار، ولبطاريات صواريخ، ومنظومات للإنذار المبكر والتعقّب، وصواريخ متوسطة وبعيدة المدى".
وتشكّل الأسلحة الروسية نحو 30 في المائة من ترسانة الجيش العراقي في الوقت الحالي، غالبيتها من السلاح القديم قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، والذي أُعيد تأهيله. كما جرى إبرام صفقات عدّة مع موسكو بعد عام 2012 إبّان حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لشراء عربات مدرّعة وأسلحة قتالية ومروحيات هجومية.
*تاريخ العلاقات العراقية الروسية
ترتبط موسكو وبغداد بعلاقات وثيقة تعود جذورها إلى أربعينيات القرن الماضي، إلا إنها انقطعت في كانون الثاني/ يناير عام 1955 بقرار من الحكومة العراقية، ثم استؤنِفت مرّة أخرى بعد نجاح الانقلاب العسكري في إسقاط النظام الملكي العراقي في تموز/ يوليو عام 1958، إذ توجَّه عبد الكريم قاسم إلى فتح علاقات مع الاتحاد السوفيتي مُستفيدا من سياسته الداعمة لحركات التحرّر الوطني المناهضة للاستعمار والغرب. في ذلك الوقت، اكتسبت العلاقات بين الدولتين أبعادا عدّة، لكن التعاون العسكري احتلّ موقع الصدارة في وقت مبكر، بعدما وقعا اتفاقا عام 1967 يقضي بقيام العراق بتزويد السوفيت بالنفط، مقابل ضمان وصول واسع النطاق إلى أسلحة الكتلة الشرقية.
وتعزَّزت العلاقات بين الدولتين أكثر بعد تسنم حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد الحكم بعد ثورة 17-30 تموز/ يوليو عام 1968، حيث وقَّعتا في عام 1972 معاهدة صداقة تمتد لمدة 15 عاما، وهو ما جعل العراق قادرا على المشاركة في حرب رمضان "تشرين" عام 1973 ضد "إسرائيل" معتمدًا على المساندة السوفياتية، ولاحقا استخدم العراقيون الأسلحة السوفياتية لسحق الانتفاضة الكردية بقيادة مصطفى البرزاني في عام 1975.
فقد بلغ حجم المبيعات العسكرية الروسية إلى العراق قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، في الفترة ما بين 1958 و1990 نحو 30.5 مليار دولار، وشملت مبيعات الأسلحة السوفيتية للعراق ما يقارب 3 آلاف وحدة من عربات المشاة القتالية، و3 آلاف ناقلة جند، و4500 دبابة و700 منظومة صاروخية لمكافحة الدبابات و300 منظومة مضادة للطائرات و348 مروحية و1000 طائرة و41 سفينة، كما حصل العراق على 60 ترخيصاً بصنع الأسلحة الروسية.
أما العلاقات الاقتصادية فقد بلغ حجم التبادل السلعي بين البلدين عام 1989 أكثر من ملياري دولار، ووصل الرقم قبل الغزو الأمريكي إلى 7.73 مليار دولار بنسبة 15% من التبادل السلعي العراقي ككل، كما بلغ حجم الصفقات المعقودة بهدف توريد السلع إلى العراق من روسيا ودول أخرى بوساطة روسية 1.5 مليار دولار، ووصل عدد الشركات الروسية العاملة في العراق إلى 39 شركة روسية، وبلغت حصة الشركات الروسية في استخراج النفط العراقي 40%. وأيضا ساعد الاتحاد السوفيتي العراق في المجال العلمي والتقني، وهو التعاون الذي أنجز أكثر من 80 مشروعا علميا حتى ديسمبر/ كانون الأول عام 1990.
حافظت العلاقات العراقية السوفياتية على قدر كبير من الاستقرار والتناغم على مدار أكثر من ثلاثة عقود، لكن عاصفة كبيرة ضربتها بسبب قرار الرئيس العراقي صدام حسين احتلال دولة الكويت في 2 آب/ أغسطس 1990، حيث انتقد السوفييت التحرّك العراقي وأيَّدوا قرارا للأمم المتحدة يُجيز استخدام القوة العسكرية لفرض حظر الأسلحة على العراق، وفي الأشهر اللاحقة، تسبَّبت العقوبات الغربية في تقييد قدرة موسكو على بيع السلاح لحليفها العراقي، ومع ذلك، استمر تعاون البلدين في المجال الاقتصادي، حيث واصلت روسيا -وريث الاتحاد السوفياتي- أنشطتها في مجال النفط، كما زوَّدت بغداد بانتظام بالسيارات ومعدّات السكك الحديدية، وأشرفت الشركات الروسية على إنشاء صوامع للحبوب في البلاد.
في عام 2003، عارض الكرملين بشدة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق والذي أطاح بصدام حسين، وتسببت تلك الإطاحة بخسارة الكرملين لمكانته الاستراتيجية في العراق، وتم تعليق العقود الروسية العراقية كافة مع بدء العملية الحربية الأمريكية في العراق، وتكبدت الشركات الروسية خسائر كبيرة، وانخفض التبادل السلعي بين البلدين في عام 2003 ليصل إلى 252 مليون دولار، مما يقل 8 أضعاف عمّا كان عليه عام 1989، وتقلص وجود الشركات الروسية في العراق، بعد عدّة حوادث استهدفت مواطنين روس، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية وهذا الأمر دقّ ناقوس الخطر بشأن مستقبل روسيا في العراق بالذات.
ومنذ ذلك الحين، عمل الكرملين على العودة إلى العراق وعلى نطاق أوسع، نصّب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه كبطل ضد الإملاءات الأمريكية المتصوَّرة، خاصة في أعقاب الاحتجاجات السلمية للثورات الملونة التي اجتاحت مجالا ما بعد الاتحاد السوفيتي في النصف الأول من العقد الماضي – فقد اقتنع بوتين بأن الولايات المتحدة قد دبّرت تلك الاحتجاجات لإضعاف روسيا. وفي هذا السياق، أثار إعدام صدام حسين في كانون الأول/ ديسمبر 2006 قلق الكرملين بشدّة، وبالتالي، لا تختلف مصالح موسكو في العراق عن أي مكان آخر في المنطقة وكانت تتمثل دائماً بالرد على النظام العالمي الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
وبمجرّد مُضي السنوات الأولى للاحتلال الأمريكي للعراق، واستقرار مشهده السياسي الجديد نسبيا، سعت روسيا لاستغلال الأخطاء الكارثية للغزو الأميركي من أجل استعادة وجودها على الساحة العراقية، وفي عام 2008، ألغت موسكو دَيْنا مستحقا على العراق يعود إلى الحقبة السوفياتية بقيمة 12.9 مليار دولار، مقابل توقيع صفقة نفطية بقيمة 4 مليارات دولار، وفي الوقت الذي كانت شركات النفط الدولية تغادر فيه العراق -كليا أو جزئيا- بسبب الانفلات الأمني، فازت شركة "لوك أويل" الروسية بأحد عقود النفط الأولى في عراق ما بعد الحرب، وهو مشروع لتطوير حقل "غرب القرنة – ٢" في البصرة، المسؤول عن 12% من صادرات النفط العراقية.
وفي العام 2012، وقّعت روسيا مع العراق عقودا بقيمة 1,3 مليار يورو لتزويد العراق بـ36 مروحية قتالية من طراز مي 28 و48 بطارية من بطاريات صواريخ بانتسير، كما وقّع البلدان في أغسطس من نفس العام عقودا بقيمة 4,2 مليارات دولار، بعد زيارة وفد عسكري عراقي برئاسة وزير الدفاع "سعدون الدليمي".
وتسارعت الجهود الروسية في السنوات الأخيرة، بدءاً من عام 2014، عندما احتاج العراق إلى مساعدة فورية في محاربة تنظيم "داعش" الارهابي، وحين أخّرت واشنطن المساعدة العسكرية التي كان العراق في أمسّ الحاجة إليها، وعلى الفور جهّزت موسكو المساعدات، فقد بلغت قيمة الواردات العسكرية الروسية إلى العراق حوالي 1.7 مليار دولار أمريكي، شملت 10 طائرات من طراز "سو-25" و12 منظومة قاذفة لهب ثقيلة و6 مروحيات من نوع "مي-28" و10 مروحيات من نوع "مي-35" إلى العراق، إضافة إلى ذلك بدأ تسليم بغداد منظومات دفاع جوي أرض – جو من نوع "بانتسير اس1".
وكان عام 2015 عاما محوريا في طريق روسيا لاستعادة نفوذها، ليس في العراق وحده تحديدا، ولكن في الشرق الأوسط كله، ففي ذلك العام، تدخَّلت موسكو عسكريا في الحرب الأهلية السورية دعما للرئيس بشار الأسد، ونجحت في إنقاذ نظامه من على حافة السقوط، وبخلاف قدرتها على الحفاظ على أهم حلفائها في الشرق الأوسط، أعاد التدخُّل العسكري في سوريا بناء سُمعة موسكو بوصفها شريكا أجنبيا موثوقا به، وصانعا محتملا للملوك في المنطقة.
شرعت موسكو في استغلال هذه السّمعة في إعادة بناء نفوذها البائد، وكان العراق على رأس قائمة المستهدفين من التحركات الروسية. في البداية، قدَّمت روسيا نفسها بوصفها داعما بديلا للأكراد العراقيين عوضا عن الحليف الأميركي المتردّد وغير الموثوق به، وبدأت في ترسيخ حضورها في إقليم كردستان -في المقام الأول- عبر ضخ الاستثمارات في مجال الطاقة.
وبالطبع، يُعد قطاع الطاقة أساسياً لنفوذ الكرملين في العراق، وكانت الاتفاقيات في مجال الطاقة التي وقّعتها روسيا في البلاد قد بدأت تكتسب طابعاً استراتيجياً على نحو أكبر في أوائل عام 2017 عندما أقرضت شركة الطاقة الروسية العملاقة "روسنفت" 3.5 مليار دولار لـ "حكومة إقليم كردستان" ووقّعت مجموعة من عقود الطاقة الإضافية وقد منح ذلك القرض شريان الحياة لـ حكومة الإقليم، وفي العام التالي، اشترت "روسنفت" أيضاً حصة الأغلبية في خط أنابيب النفط التابع لـ حكومة إقليم كردستان الممتد إلى تركيا ووافقت على بناء خط أنابيب غاز موازٍ له.
وبالنسبة لموسكو، تشكّل الطاقة أولاً وقبل كل شيء أداة للسياسة الخارجية، فالسيطرة على خط أنابيب "النفط أو الغاز" لها آثار جيوسياسية طويلة الأجل، أكثر من مجرد فوائد الربح، وهذا هو السبب الرئيسي لاهتمام موسكو بالسيطرة على موارد الطاقة العراقية، وفي العام 2020، بلغ إجمالي الاستثمار الروسي في قطاع الطاقة في العراق 10 مليارات دولار، وفي بداية 2021، تحدّث المسؤولون الروس عن مضاعفة هذا المبلغ ثلاث مرات.
على نطاق أوسع، استفادت روسيا من العقوبات الأميركية المُشدَّدة على طهران التي أعاقت -نسبيا- تدفُّق الغاز الإيراني إلى العراق من أجل تقديم نفسها بوصفها بديلا فعّالا للحكومة العراقية، من جانبه، كان العراق مهتما بالاستفادة من خبرة الشركات الروسية في مجال إنتاج الغاز ونقله، مانحاً عدداً من العقود المُربحة للشركات الروسية وعلى رأسها غاز بروم وروسنفت، لكن شهيّة روسيا لم تقف عند هذا الحد، وكما يُشير موقع "أويل برايس" المعني بشؤون الطاقة، فإن روسيا، بعد أن سيطرت سيطرة كاملة تقريبا على قطاع الطاقة في إقليم كردستان، باتت تطمح لتأسيس وجود نفطي أكثر قوة في قطاع النفط القوي في جنوب العراق من أجل تقديم نفسها بوصفها وسيطا محوريا في النزاع الدائم بين كردستان والجنوب حول مدفوعات الميزانية.
تمنحنا الأرقام صورة أوضح حول تلك الاستثمارات وأهدافها، فعلى سبيل المثال، بلغ إجمالي استثمارات روسيا في قطاع الطاقة العراقي 10 مليارات دولار في عام 2019، وفي العام 2020 تعهَّدت موسكو بمضاعفة هذا الرقم 3 مرات على الأقل، لذا لم يكن مفاجئا أن شركة النفط الروسية "لوك أويل" أعلنت في الربع الثالث من العام 2020 تحقيق أرباح قُدِّرت بـ 50 مليار روبل (نحو 664 مليون دولار)، بفضل ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الإنتاج من الحقول الخاضعة لسيطرة الشركة في العراق، البلد الأكثر أهمية في أنشطة العملاق الروسي.
ومع ذلك، تتجاوز روابط موسكو في العراق مجال الطاقة، فوفقاً للسفير الروسي في العراق مكسيم ماكسيموف، قام مسؤولون عراقيون وروس بـ 60 زيارة في عام 2019، "أي في المتوسط، عملت خمسة وفود في روسيا والعراق كل شهر"، على حدّ تعبيره في أيار/ مايو من العام 2020، بالإضافة إلى ذلك، وفي آب/ أغسطس 2020، حصل العراق (إلى جانب لبنان) على صفة مراقب في محادثات أستانا التي تتزعمها موسكو بشأن سوريا، وهي المحادثات التي استخدمها الكرملين على مرّ السنين لبناء مسار دبلوماسي موازٍ بشأن سوريا.
ورغم المخاطر تلتزم موسكو بالضغط من أجل النفوذ في العراق، ففي أواخر عام 2019 عندما أثارت الاحتجاجات الضخمة المناهضة للحكومة أعصاب العديد من الدبلوماسيين الغربيين، وحيث غادر بعضهم البلاد بسبب المخاوف الأمنية، بقيت السفارة الروسية مفتوحة، ومع تشكيل الحكومة السابقة (مصطفى الكاظمي) في العراق في سياق الاحتجاجات، لم تراقب موسكو "سير الأحداث" باهتمام فحسب، بل عملت على تأمين النفوذ والروابط وتستمر في القيام بذلك.
وفي هذا السياق، لم تُفوِّت موسكو أي فرصة سانحة لدقّ إسفين بين واشنطن وشركائها العراقيين، وكان ذلك واضحا خاصة بعد إقدام الولايات المتحدة على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب قائد الحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس، فوق الأراضي العراقية مطلع كانون الثاني/ يناير عام 2020، في خطوة أثارت غضب بغداد التي اعتبرت العمل الأميركي انتهاكا لسيادتها وتجاوزا لشروط وجود القوات الأميركية على أراضيها، وهو غضب حرصت موسكو على استثماره عبر تعزيز دعوات الانسحاب الأميركي من العراق من ناحية، وإرسال مبعوث خاص هو السفير مكسيم مكسيموف لمناقشة آفاق التعاون العسكري مع العراقيين، قبل أن توفِد وزير خارجيتها سيرغي لافروف بنفسه لاستثمار الفرصة، مُلتقيا مع كبار القادة العراقيين في بغداد وأربيل.
مدفوعة بالطموحات السوفياتية القديمة، تبذل روسيا جهدا كبيرا لاستعادة مكانتها في خريطة مورِّدي الأسلحة إلى العراق. وبالفعل، تُشير تقارير روسية إلى أن العراقيين أبدوا اهتمامهم بالحصول على خدمات مقاتلات الجيل الخامس الروسية "سو-57" خلال معرض للصناعات العسكرية أُقيم في موسكو في أغسطس/ آب 2021، على الرغم من أن إنتاج المقاتلة الروسية الأهم لا يزال مُوجَّها حصريا لتلبية طلبات سلاح الجو الروسي، حيث لم تعلن موسكو بَعدُ رسميا عن نيتها ترويجها للبيع.
لا تُعَدُّ مقاتلات "سو-57" القطعة الوحيدة التي استهوت العراقيين في الترسانة الروسية، حيث دخل العراق في وقت سابق مفاوضات مع موسكو للحصول على نظام الدفاع الصاروخي "إس-300"، والأكثر من ذلك أن المشرّعين العراقيين أوصوا رسميا بشراء النظام الصاروخي الروسي الأكثر تقدُّما "إس-400" في إبريل/ نيسان 2020، بعد مُضي أسابيع على اغتيال قادة النصر، حيث شعر العراقيون بأهمية تعزيز الدفاعات العراقية الأصلية، وأرادوا تنويع مصادر سلاحهم بالتوجُّه نحو المعسكر الشرقي، لكن ضغوط الولايات المتحدة حالت -حتى الآن- دون إتمام أيٍّ من هذه الصفقات.