مؤنس يدعو للتنويع الاقتصادي بعيداً عن الدولار.. "الاتفاق السياسي ليس مقدساً"
انفوبلس/..
دعا رئيس حركة حقوق، وعضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، حسين مؤنس، إلى التنويع الاقتصادي بعيداً عن الدولار الأمريكي، وفيما كشف السعي بتأسيس نظام سياسي واقتصادي حقيقي مبني على "التشريعات لا الاستثناءات"، بين أن الاعتماد على التوظيف في القطاع العام يثقل كاهل الدولة، بينما اعتبر الاتفاق السياسي الذي أسفر عن الحكومة الحالية "ليس مقدساً".
*الموازنة
وقال مؤنس في حوار صحافي تابعته شبكة انفوبلس، إن "النظام الاقتصادي العراقي بعد سقوط النظام السابق لم يُبنَ على أسس سليمة. لم يعد النظام المصرفي يسيّر الاقتصاد وإنما شركات تغيير العملة. في كل الفترة الماضية كان العراق رهينة للدولار، بينما قوة اقتصاد أي بلد تنبع من قوة عملته. هناك عدة إجراءات مهمة لتقوية، الاقتصاد من ضمنها الموازنة الاتحادية".
وأضاف، "لكن هناك تحديات تتطلّب إصلاح بعض القوانين. قانون هيئة الأوراق المالية من القوانين المهمة التي تحتاج إلى إعادة نظر ليتناسب مع التحديات الاقتصادية. الأمر نفسه ينطبق على قوانين المصارف والبنك المركزي. مواجهة هذه التحديات أولى من الخوض في قانون الموازنة لأنها تؤثر على الموازنة، ويجب أن تتماشى مع النظام الاقتصادي العالمي. قانون الإدارة المالية، مثلاً، يُفترض أن يكون من القوانين المؤثرة في الموازنة، لكنه بدل ذلك بات يتأثر بها".
وأشار إلى أن "لجنة المال النيابية تسعى اليوم الى تأسيس نظام سياسي واقتصادي حقيقي مبني على التشريعات وليس على الاستثناءات. العجز في الموازنة الحالية هو من بين هذه الاستثناءات. وفق قانون الإدارة المالية، ينبغي أن يكون العجز 3%، غير أنه في الموازنة الحالية يصل إلى 18%".
وبين، أن "الموازنة ستعتبر تغييراً في طريقة تعاطي الدولة مع الاقتصاد حال كانت تتضمن برامج، لا موازنة سنوية مكررة بذريعة الهروب من الابتزاز السياسي في نظام السياسي بُني على التحاصص. كلجنة مالية نيابية، ليس واضحا لنا ما هو المقصود بالموازنة الثلاثية لأن الجداول التي وصلتنا تغطي سنة واحدة فقط، وليس هناك ما يدلّ على أنها موازنة لثلاثة أعوام سوى في بعض البنود المتعلقة بأسعار النفط".
ونوه، إلى أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير التخطيط محمد تميم علّلا الأمر بأن حصر جداول الموازنة بسنة واحدة هو لضمان عدم توقف المشاريع. في هذا الجزء اتفق معهم. لكن وجهة نظر اللجنة هو أن أرقام الموازنة يجب أن تُحدّث سنوياً، ويعني ذلك إعادة التصويت على الموازنة في البرلمان سنوياً".
*زيادة الموظفين
ورأى مؤنس، أن "محاولة الحكومة إرضاء المحتجين الذين تظاهروا ضد السياسات الحكومية عبر توظيفهم في القطاع العام يعتبر غير صحيح، وهو ينبع من يأس من إمكان بناء الدولة. الولادة غير الطبيعية لهذه الحكومة أجبرتها على القيام بذلك بسبب أداء الحكومات السابقة وما شهدته البلاد من تظاهرات. لكن القطاع العام لا يمكنه توظيف الجميع. لدينا خيارات بديلة، ونسعى في اللجنة، إلى تضمين الموازنة تشريعات تشجّع على التوجه الى القطاع الخاص".
وأوضح، أن "الاعتماد على التوظيف في القطاع العام يثقل كاهل الدولة ويجعل الموازنة موازنة تشغيلية لا سيما أن 90% من إيراداتها تُنفق على الرواتب. هذا وضع غير صحيح ويجب ان يتوقف"، مردفاً: "رغم ذلك، التوظيفات السابقة كانت لا بد منها، لكن الحديث عن توظيف مستمر محل جدل، ولا بد من النظر إلى مصلحة المواطنين واستقطابهم إلى وظائف متنوعة لأن القطاع العام غير قادر على استيعاب المزيد".
*إدارة الدولة
وأكد مؤنس، أن "حركة حقوق لم تدخل في ائتلاف إدارة الدولة ولم تكن جزءا من الإطار التنسيقي ولا من التركيبة الوزارية. ليكن واضحا اننا سنواصل انتقاد الأداء الحكومي، ونعتقد أن تحسين العملية السياسية يتطلب وجود كتلة معارضة. حركة حقوق تحرص على أن تكون أساساً لمثل هذه المعارضة".
واعتبر، أن "الاتفاق السياسي الذي أسفر عن الحكومة الحالية ليس مقدساً، ولم نشارك فيه، ولسنا ملزمين به، مع التنويه إلى أننا مع الاتفاقات السياسية طالما أنها تتلاءم مع المصلحة الوطنية".
*الاتفاقات السياسية
وحول الاتفاق بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان حول مبيعات النفط، أكد أنه "لم يعرض بعد على مجلس النواب، وهو غامض. نحن مع حل شامل لهذه الأزمة وفق الدستور، مشدداً على أن حركة حقوق لن تسمح بإهمال مصالح محافظات الوسط والجنوب والمحافظات الغربية من أجل مجاملات سياسية، وأتوقع بأن الاتفاق لن يعمّر طويلاً إذا لم يتوافق مع الدستور والقوانين".
*مطالب السُنة
وتطرق الحوار أيضاً إلى مطالب المكون السني بإقرار قانون العفو العام وإعادة النازحين وإلغاء هيئة المساءلة والعدالة المعنية بحرمان اعضاء نظام صدام حسين من المشاركة في الحياة السياسية.
وفي سياق إجابته على ذلك، قال مؤنس، إن "هذه المطالب يجب أن تكون موضع بحث، وفي حال التوصل الى اتفاق سنتعامل معها وفق الدستور والقوانين. لكن طريقة تسويق ملف العفو العام غير صحيحة. العفو عن غير المتورطين بالإرهاب يجب أن يُطرح بطريقة لا تستفز العراقيين الذين لا يزالون يعانون من الجرائم التي فتكت بهم. في ما يتعلق بهيئة المساءلة والعدالة فإنها ستتحول إلى هيئة قضائية بعد إنهاء أعمالها. لكننا نعتقد أن من الضروري تفعيل قانون حظر حزب البعث وتوسيعه لضمان عدم عودة حزب البعث فكراً وانتماءً".
*إقالة الحلبوسي
ولفت رئيس حركة حقوق، إلى أن "إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي تتطلب توافر إرادة سياسية. هناك حراك شعبي داخل المكون السني يريد إقالته. وبين الشيعة هناك من يعتقد بأن هناك شخصيات سنية مستبعدة ويجب أن تلعب الدور الذي تستحقه. لنكن صريحين، إقالة الحلبوسي تتعلق بالكتل وليس بالأمزجة، ومن الواضح أنه لا توجد رغبة سياسية حقيقية بذلك. لذلك هذا الأمر غير مطروح في الوقت الحالي".
وتعليقاً على كشف ملفات فساد تستهدف الحلبوسي وحزبه، خاصة في الاستيلاء على ملايين الأمتار من الأراضي الحكومية، قال إن "هذه قضية مهمة جدا، وهي أكبر من كونها سرقة أموال، بل إنها تمثل تأسيساً لمشروع سياسي. نتحدث هنا عن أقام أكبر من سرقة القرن (قضية فساد قيمتها أكثر من 3 مليار دولار). هناك ملف فساد آخر يتعلق ببعض مناطق الفلوجة سنعلن عنها قريبا. هذا ليس استهدافاً لشخص معين بقدر ما هو استهداف للفساد، وسنفضح أي ملف فساد حتى لو كان في مناطقنا حرصاً على المال العام واحتراماً للقَسَم الذي أديناه في البرلمان".
*أزمة الحلبوسي والسوداني
وحول وجود أزمة سياسية بين السوداني والحلبوسي، رأى أن "الخلاف أمر طبيعي وهناك جهود لإنهائه ويبدو أن الأمور ذاهبة نحو التوافق. لكن دعني أوضح أننا مع السوداني في أن على السلطتين التنفيذية والتشريعية أن لا تتغول إحداهما على الأخرى. سنقف في وجه أي تغول من أي جهة أتى".
*الخروج من سلطة الدولار
وبشأن كيفية الخروج من سلطة الدولار الأمريكي، أوضح مؤنس، أن "ذهاب إيرادات بيع النفط إلى البنك الفيدرالي الأمريكي تحت عنوان حماية الأموال العراقية لزوم ما لا يلزم. لابد من وضع أسس اقتصادية حقيقية للنهوض بواقع البلد والخروج من هيمنة الدولار. هناك هيمنة اقتصادية أمريكية على العراق الذي لا سلطة له على أمواله، وهذا واضح من خلال فرض المنصة الالكترونية أو من خلال تقييد الأموال بحجة الخوف من المطالبات الدولية بالديون. النظام الاقتصادي العراقي لن يستقيم ما لم تكن إدارته بيد البنك المركزي وتحت إشراف الحكومة".
وشدد على أهمية "تنويع مصادر دخل العراق. كل الاتفاقات الدولية تتعلق بالطاقة، ماذا عن الزراعة والصناعة والسياحة؟ نحن نعتقد بضرورة الخروج من هيمنة الدولار، لا سيما بعد تحوله من أداة لفرض الاستقرار إلى أداة لفرض العقوبات على الدول".
واستدرك: "على العراق أن يعتمد على عملته المحلية او على الأقل، تنويع سلة العملات، خصوصا أن العالم كله ذاهب في هذا الاتجاه. يجب أن يكون الدينار العراقي هو العملة الرئيسية المعتمدة في التعاملات، وأن يكون جزءا من سلة العملات الدولية، لأن العراق بلد نفطي ويصدّر يوميا نحو الأربعة ملايين برميل".
*تغييرات المناصب
وفيما يتعلق بمساع رئيس الحكومة لإجراء تغييرات في مناصب الوزراء والمحافظين ومناصب أخرى رفيعة، قال: "من حسنات عدم دخولنا في أي اتفاق سياسي هو أننا نملك قرارنا وليست لدينا أي التزامات مع الاخرين. يجب أن يأخذ رئيس الحكومة فرصته لإحداث التغيير. لديه معايير معيّنة، وقد شخّص خللا في أداء بعض المحافظين والوزراء. هذه مسؤوليته".
في المقابل، وفق ما يرى مؤنس، فإن "رفض بعض القوى لذلك أمر طبيعي لأنها تريد الحفاظ على حصصها. لذلك كنا حريصين دائما على ان يعود اختيار الوزراء إلى رئيس الوزراء وليس إلى الكتل السياسية. مساع السوداني للتغيير في بعض المناصب محقّة وندعمها شرط أن نعرف سبب التغيير. من يخرج من الوزراء عن المعايير الصحيحة التي تخدم البلاد سنؤيد تغييره وندعم قرارات رئيس الوزراء في هذا الشأن، لا سيما أن السوداني أكد لنا بأنه غير مقيد بالانتماءات الحزبية والطائفية، وأن التغيير سيطال كل من يثبت تقصيره".
وأردف: "لكن، نرفض أي تدخل خارجي في الشأن العراقي أو في عملية تغيير الوزراء او التعديلات على العملية السياسية. وإذا تبيّن ذلك، يجب أن يكون هناك موقفاً واضحاً لرئيس الوزراء، لأن ذلك بصرف النظر عن المبررات، يعني وصاية على العراق. نحن انخرطنا في العملية السياسية لرفع الوصايات على البلاد".
*زيارة واشنطن
وأتم مؤنس حديثه، "لسنا أعداء للشعب الأميركي، بل أعداء الاستهتار الأميركي. للحكومة الحق في التواصل مع من تشاء لمصلحة العراق. زيارة السوداني لأميركا تعتمد عما ستسفر عنه. هل هي مجرد زيارة شكلية أم لمناقشة قضايا أساسية، وما هي هذه القضايا وهل تفيد العراق؟ في ظل التواجد الأميركي في العراق لا نعتقد أن هناك أهمية لهذه الزيارة بقدر أهمية زيارة رئيس الوزراء إلى الصين مثلاً. لكن القرار يعود الى رئيس الوزراء لما فيه مصلحة العراق".