ماذا جاء في مؤتمر النجيفي والغراوي قبل 9 أعوام؟ وما وضعهما القانوني اليوم؟
انفوبلس/..
في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات، خرجت محافظ نينوى (آنذاك) أثيل النجيفي ليُعلن وقوع مدينة الموصل تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، فيما عزا ذلك إلى "انسحاب القوات الأمنية في عمليات نينوى من مقر عملياتهم تاركين أسلحتهم"، في وقت كان النجيفي يتصارع مع قائد عمليات نينوى مهدي الغراوي على "منصب" القائد الفعلي للمحافظة.
*سقوط الموصل
وقال النجيفي خلال مؤتمر صحافي عُقد في 7 حزيران من 2014، إن "القوات الأمنية تركوا أسلحتهم وغادروا قيادة عملياتهم ما أدى الى انهيار المنظومة الأمنية بالكامل في الموصل وبالتالي دخول مجاميع من داعش من خارجها بالإضافة إلى تحرك آخرين من داخل المدينة مما أحدث انهياراً في منظومة الدولة"، داعياً إلى "البدء بعمل جديد وبناء منظومة أمنية تعتمد على محافظة نينوى لتحمي المحافظة من الغرباء".
وأضاف: "سنسعى لإخراج الإرهابيين من الموصل ونحن نميّز بينهم وبين غير الإرهابيين.. ليس كغيرنا نتهم مجتمع بأكمله بأنه إرهابياً".
*خلافات النجيفي والغراوي
ساهمت الخلافات المحتدمة بين أثيل النجيفي ومهدي الغراوي (قائد عمليات نينوى في ذلك الوقت) بشكل أو بآخر بسقوط مدينة الموصل (إحدى أكبر المدن العراقية) على يد تنظيم داعش الإرهابي في يونيو/ حزيران من سنة 2014.
إذ بقيَ الصراع بين المحافظ "النجيفي" وقائد العمليات "حديث" المنصب "الغراوي" على من يكون القائد الفعلي في المحافظة، باعتبار أنّ النجيفي هو رئيس اللجنة الأمنية والثاني قائداً للعمليات (فقط)، في حين كانا يتناسيان الكثير بوجود قوات أخرى في المحافظة، كل واحدة تتلقى أوامرها من مصادرها وقياداتها، أي لا تخضع لأحد منهما.
كانت الأمور الأمنية وتوابعها من دوائر ومؤسسات كل واحدة تعمل على حدة ولا تلتزم بما يتمّ تعميمه وإلا لكان الجميع استغل ما صدر عن الاستخبارات العسكرية والمخابرات العراقية والعالمية حول وجود معلومات مؤكدة تفيد وتكشف عن نية "التنظيم" لغزو الموصل قبل أو مطلع رمضان أي في الشهر السادس من العام (2014) تحديداً.
*اتهامات
في هول خبر الموصل العراقية، وسرعة سقوط المدينة في قبضة تنظيم داعش، حضرت ثلاثة أسماء عسكرية بارزة، وُوضعت تحت الضوء.
هؤلاء هم: قائد القوات البرية الفريق أول علي غيدان، وقائد العمليات المشتركة الفريق أول عبود قنبر، وقائد الشرطة الاتحادية في الموصل اللواء مهدي صبيح الغراوي.
محافظ نينوى أثيل النجيفي، الذي نجا بنفسه قبل أن تلتهم داعش الموصل وبقية بلدات نينوى، كان أول من أضاء على الأسماء الثلاثة باتهام مباشر عن مسؤوليتهم في إسقاط المحافظة كلياً.
النجيفي اتهم القادة بتضليل القيادة في بغداد عن حقيقة ما يجري في محافظة نينوى، خاصة أن زيارة الفريقين غيدان وقنبر إلى الموصل كانت قبل 72 ساعة من سقوطها، وعندما كانت عمليات داعش في بداية انطلاقها وفي شكل محدود.
وإثر سقوط الموصل سارعت الحكومة المركزية في بغداد إلى اتهام السلطات الإدارية المحلية -بقيادة المحافظ أثيل النجيفي- بتسهيل دخول المسلحين، و"خيانة" مسؤوليتهم بالتخلي عن حماية المدينة التي يقطنها مليونا نسمة.
*لجنة تحقيقية تُعلن نتائجها
لكن لجنة برلمانية شكّلها البرلمان العراقي للكشف عن ملابسات سقوط مدينة الموصل في تقريرها النهائي الذي استغرق إعداده ثمانية أشهر وسلّمته لرئيس البرلمان سليم الجبوري في 16 أغسطس/آب 2015- حمّلت "رئيس الوزراء نوري المالكي و35 مسؤولاً مسؤولية سقوط المدينة بيد تنظيم داعش".
وبعد تحقيقات شملت أكثر من 100 شخصية مدنية وعسكرية، صوّتت اللجنة البرلمانية المعنية بسقوط الموصل على تقريرها النهائي، أمس، وأحالته إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري.
وبحسب تقرير التوصيات فقد أُدين المالكي ومدير مكتبه فاروق الأعرجي، فضلاً عن وزير الدفاع بالوكالة، سعدون الدليمي، ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي ونائبه السابق حسن العلاف.
كذلك وجّهت اللجنة التهم إلى عدد من القيادات العسكرية، أبرزهم رئيس أركان الجيش السابق الفريق بابكر زيباري، وقائد القوات البرية السابق الفريق أول ركن علي غيدان، وقائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي، ومدير الاستخبارات العسكرية السابق الفريق حاتم المكصوصي، ومعاون رئيس أركان الجيش لشؤون الميرة السابق الفريق الركن عبد الكريم العزي، وقائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية السابق اللواء الركن كفاح مزهر علي، وقائد الفرقة الثانية في الجيش العميد الركن عبد المحسن فلحي، وقائد شرطة نينوى السابق اللواء خالد سلطان العكيلي، وقائد شرطة نينوى اللواء الركن خالد الحمداني (كان قائداً للشرطة خلال مدة سقوط المدينة بيد تنظيم داعش)، ووكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الأسدي، وآمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة في الجيش سابقاً العميد حسن هادي صالح، وآمر الفوج الثاني المسؤول عن حماية الخط الاستراتيجي في نينوى المقدم نزار حلمي، وآمر لواء التدخل السريع السابق العميد الركن علي عبود ثامر، فضلاً عن 16 ضابطاً ومسؤولاً من مختلف المستويات.
كذلك وُجِّهت التهم لمدير دائرة "الوقف السنّي" في الموصل، أبو بكر كنعان، ومسؤول "صحوة نينوى" عضو مجلس العشائر، أنور اللهيبي، إضافة إلى أعضاء في مجلس محافظة نينوى.
واستندت اللجنة في التهم التي نسبتها للمالكي إلى اختياره "قادةً وآمرين غير أكفاء، مورست في ظل قيادتهم كافة أنواع الفساد، وأخطرها تسرّب المقاتلين، أو كما تُسمى ظاهرة الفضائيين، إضافة إلى عدم محاسبة العناصر الأمنيين الفاسدين، من قبل القادة والآمرين، والتي لها الدور الأكبر في اتساع الفجوة بين الأهالي والأجهزة الأمنية".
واتهمت اللجنة أيضاً القنصل التركي في محافظة نينوى، اوزتوك يلماز، بإقامة علاقات مع "داعش"، مشيرةً إلى أن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي ومدير مكتب جهاز المخابرات في المحافظة ناجي حميد قاما بالتستر على دور القنصل التركي في المحافظة، داعيةً "جهاز المخابرات الوطني العراقي الى التحقق من المعلومات الواردة في هذا الملف باتخاذ الإجراءات المناسبة، وفقاً لقانونهم وخططهم المخابراتية، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الخارجية العراقية".
واتهم تقرير لجنة سقوط الموصل أيضاً قوات "البشمركة"، بالاستيلاء على عدد من الأسلحة والأعتدة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة التابعة للقوات الاتحادية، مطالبةً الحكومة الاتحادية والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الحكومة حيدر العبادي باسترجاع تلك الأسلحة أو احتسابها ضمن عمليات تجهيز وتسليح "البشمركة" المقاتلة لـ"داعش"، وتُستقطع أثمانها من موازنة إقليم كردستان.
وأوصت اللجنة في ختام تقريرها بإحالة جميع الأسماء الواردة على القضاء بشكل فوري وعاجل، للتعامل معهم وفق التكيفات القانونية لتلك الاتهامات.
وكان الادعاء العام في العام 2016 قد أكد إحالة 76 ضابطاً ميدانياً بدءاً من رتبة فريق ونزولاً إلى مراتب أصغر إلى المحاكم العسكرية كما شُكّلت لجان تحقيقية من قبل وزارة الداخلية بحق 800 ضابط على خلفية سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في العام 2014.
*قائد عمليات نينوى في 2014 يغادر السجن
في آب 2020، أعلنت وزارة الداخلية، إطلاق سراح قائد عمليات نينوى السابق الفريق الركن مهدي الغراوي، مبينة أنها "اتخذت إجراءاتها القانونية بحق جميع المتهمين (من منسوبيها) بعملية سقوط الموصل وإحالتهم إلى محكمة قوى الأمن الداخلي الثانية وفق أحكام المادة 331 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بمن فيهم المتهم الغراوي وتم الحكم عليهم وفق المادة أعلاه".
وقالت الداخلية إن "المتهم (الفريق الركن مهدي الغراوي) طلب إخلاء سبيله بكفالة حسب المادة 9 من قانون أصول محاكمات قوى الأمن الداخلي وكذلك المادة 15 التي أجازت إخلاء سبيل المتهم بكفالة وعلى ضوء ذلك تم إخلاء سبيل الموما إليه (بكفالة عقارية)".
*النجيفي محكومٌ غيابياً
في نيسان من العام الماضي، كشفت هيئة النزاهة الاتحادية، عن صدور قراري حكم غيابيينِ بالسجن لمدة سبع سنوات بحق مسؤولين في محافظة نينوى، بينهم محافظها الأسبق أثيل النجيفي "لإلحاقهما الضرر بالمال العام"، حسبما جاء في بيان رسمي.
وقالت الهيئة في بيان، إن "محكمة جنايات نينوى – الهيئة الأولى أصدرت قرارها بإدانة محافظ نينوى الأسبق؛ لقيامه بصرف مبالغ مالية على معسكرات الحشد الوطني (زليكان، دوبردان، مخمور، ربيعة) خلافاً للضوابط والتعليمات إضافة إلى تجاوزه الصلاحيات المالية للصرف خارج بنود الموازنة، ومخالفته للمادة (2- نفقات -1- أولاً) من تعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2015، فضلاً عن وجود مغالاة في الأسعار؛ مما أدى إلى هدر بالمال العام بلغ (2,764,354,270) ملياري دينار".