مجموع رواتب النائب بلغ 350 مليون دينار.. حكومة الإقليم تمنح نواب برلمانها 7 مليارات دينار مكافأة نهاية خدمة.. أزمة جديدة في كردستان
انفوبلس..
مع انتهاء الدورة التشريعية لبرلمان إقليم كردستان، تستعد حكومته إلى إطلاق مكافأة نهاية الخدمة لنوابه بمبالغ تصل إلى مليارات الدنانير، بالتزامن مع وجود أزمات اقتصادية خانقة تسيطر على حياة المواطن الكردي فضلا عن وجود أزمة رواتب لموظفي ومتقاعدي الإقليم، ما يأذن بموجة سخط وغضب شعبي جديدة قد تنطلق في محافظات كردستان الثلاث.
مصدر مطلع كشف أن حكومة إقليم كردستان بصدد إطلاق مكافأة نهاية الخدمة لنواب برلمان الإقليم بمبلغ يصل إلى 7 مليارات دينار، وذلك بعد أن استلم كل واحد منهم مبلغ 350 مليون دينار كرواتب خلال فترة البرلمان التشريعية.
كتلة الجيل الجديد في برلمان الإقليم أعلنت رفضها "إكرامية" نهاية الخدمة البالغة 52 مليون دينار، التي خصصتها رئاسة البرلمان للأعضاء.
وبحسب رئيس الكتلة سروة عبد الواحد، وبموقف يحرج سلطات الإقليم، فإن كتلتها "رفضت استلام الرواتب والامتيازات المخصصة لها منذ تشرين الثاني عقب انتهاء العمر القانوني للبرلمان، لذلك يثبت نوابها في كل مرة أنهم ممثلون حقيقيون للشعب، فكيف لهم استلام كل هذا المبلغ في وقت ما زال موظفو الإقليم بلا رواتب منذ ثلاثة أشهر؟".
رواتب وامتيازات النواب في كردستان
منتصف عام 2020 قامت حكومة إقليم كوردستان باستقطاع نسبة 50% من رواتب أصحاب الدرجات العليا بسبب الأزمة المالية.
يبلغ مجمل راتب النائب في كردستان براتبه الأصلي ومخصصاته (8 ملايين و84 ألف) دينار، أي يعادل راتبه راتب الوزير وزيادة إلى حد ما.
وبعد قرار الحكومة باستقطاع رواتب ذوي الدرجات العليا بسبب الأزمة المالية بنسبة 50%، أضحى النواب يتسلمون مبلغ (4 ملايين) دينار شهرياً بدلاً من (8 ملايين) دينار.
ووفقاً للقانون فإن النائب في كردستان يكون معه ثلاثة أشخاص، سائق وحارسان شخصيان، ورواتب هؤلاء لا تُضاف إلى راتب النائب الكلي، بل يُصرف من قبل وزارة الداخلية.
وعلى غرار البرلمان الاتحادي، ففي إقليم كردستان أيضاً عَيَّنَ أغلب النواب ذويهم كحراس شخصيين لهم، وقام بعض النواب بتعيين أشخاص من أصحاب الخبرة العالية في مجال شبكات التواصل الاجتماعية كحراس لهم، ويعطونهم رواتب الحراس مقابل الاعتناء بصفحاتهم وتنظيم حساباتهم على تلك الشبكات الإلكترونية، وفي بعض الأحيان يقوم النائب بالاستفادة من هؤلاء الأشخاص المُعيّينين لديه لتنظيم أعماله المنزلية، لهذا تقع مشاكل بين الحين والآخر بين النائب وحراسه على شاكلة الوضع الواقع مع سليم شوشكيي النائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الإسلامية، وتذهب المشكلة إلى المحكمة.
ووفقاً للمعلومات المتوفرة عن الرواتب في برلمان كردستان، فعند قيام حكومة الإقليم في شهر تموز من عام 2020 بتوزيع رواتب شهر شباط، استلم معظم نواب برلمان كردستان -وبلغ عددهم (71) نائباً- مبلغ (مليون و500 ألف) دينار، وذلك بسبب خفض رواتبهم بنسبة 50%، أي استلموا (4 ملايين و42 ألف) دينار من أصل (8 ملايين و84 ألف)، كما يُستقطع منهم شهرياً مبلغ (360 ألف) دينار بدل إيجار الشقق السكنية وتقديم خدماتها، فيما يذهب مبلغ (مليونين و160 ألف) دينار لأقساط السيارات للنواب الذين اقتنوا سيارات بأقساط البرلمان وتُسدد هذه الأقساط شهرياً.
وبحسب مصدر مطلع في الإقليم، فإن السيارات التي اقتناها النواب بالأقساط تبلغ قيمة الواحدة منها نحو 85 ألف دولار، وقد قام معظم النواب ببيع تلك السيارات بعد اقتنائها.
النواب الذين سحبوا سيارات بالأقساط بلغ مجمل ما استلموه كراتب (مليونا و570 ألف) دينار، لكن النواب الذين لم يسحبوا سيارات بالأقساط فقد استلموا راتبهم البالغ قدره (3 ملايين و700 ألف) دينار.
كما تم استقطاع مبلغ 50% من رواتب النواب المتقاعدين أيضاً، أي أصبح راتبهم (3 ملايين و250 ألف) دينار بدلاً من (6 ملايين و560 ألف) دينار.
مكافأة الرئيس ونائبها والسكرتيرة
وفي مطلع الشهر الحالي، منحت حكومة الإقليم رئيس البرلمان ونائبها والسكرتيرة الخاصة بها مبلغ 52 مليون دينار عراقي كمكافأة نهاية خدمة رغم تجميد عملهم.
وقال رئيس منظمة مراقبة الأداء البرلماني -منظمة غير حكومية- في كردستان سرور عبد الرحمن، إن "رئيسة برلمان الإقليم ريواز فائق وسكرتيرة البرلمان منى قهوجى كانتا أعضاء في الدورة الرابعة لبرلمان كردستان -2013/2018- وحصلتا على مبلغ قدره 52 مليون دينار لكل منهما كمكافأة نهاية الخدمة".
وأضافت عبد الرحمن، إن "نائب رئيس البرلمان هيمن هورامي لم يكن عضواً في الدورة السابقة لذلك سيحصل على 6 رواتب كمكافأة نهاية خدمة خلال الدورة الحالية".
وبحسب عبدالرحمن، فإن "ريواز فائق ومنى قهوجي ليس بمقدورهما الحصول على أي رواتب كمكافأة نهاية خدمة لأن ذلك يُعد مخالفا للقانون، وحسب معلوماتنا أنهما لم تتسلما ما يسمى بمكافأة نهاية خدمة حتى الآن".
ووفق ما يتحدث مراقبون في الشأن السياسي بالإقليم، فإن "رواتب أعضاء برلمان كردستان تصل إلى 8 ملايين دينار عراقي، مع توفر عدة حمايات لهم، بالإضافة إلى امتيازات أخرى يحصلون عليها أثناء ممارستهم دورهم البرلماني".
تخصيصات تقاعدية
وبحسب أحد الأعضاء في برلمان الإقليم، فإن "رئاسة ديوان البرلمان وجهت كتاباً إلى المديرية العامة للتقاعد في الإقليم لإحالة أعضاء البرلمان إلى التقاعد وتخصيص رواتب تقاعدية لهم".
وأكد، أن "ثمانية أعضاء من برلمان الإقليم رفضوا حتى الآن تسلّم الرواتب التقاعدية بعد قرار إبطال تمديد الدورة الحالية".
وتتراوح الرواتب التقاعدية لأعضاء برلمان كردستان ما بين 2-6 ملايين دينار عراقي وذلك بحسب الأعمار والخدمة الفعلية للأعضاء.
وتعتزم رئاسة ديوان مجلس النواب الكردستاني توجيه كتاب إلى وزارة المالية والاقتصاد لإحالة النواب على التقاعد.
وقال مسؤول الإعلام في برلمان الإقليم سامان أحمد بكر، إن "عملية التقاعد ستشمل جميع النواب"، في إشارة إلى نواب كتلة الاتحاد الإسلامي وجماعة العدل وبعض نواب حركة التغيير الذين استقالوا من قبل، لكن استقالتهم تُعد مُلغاةً بحكم قرار المحكمة الاتحادية.
وبحسب بكر، فإن "قانون الإصلاح الذي عملت عليه الكابينة التاسعة في حكومة إقليم كردستان، يقضي بأن عملية التقاعد تشمل 111 نائبا، ما لم يرفض النائب التقاعد ويريد العودة إلى وظيفته السابقة".
وأضاف، أن أي نائب برلماني لا يقل عمره عن 45 عاما ولديه 15 عاما من الخدمة سيحصل على 25 إلى 50 في المئة من راتبه الحالي عند تقاعده، وإذا كان أي عضو في البرلمان أقل من 45 عاما ولديه أقل من 15 عاما في الخدمة، فسيحصل على أقل من 25 في المئة من معاشه التقاعدي.
ويتشكل برلمان كردستان من 111 نائبا يجري انتخابهم كل أربع سنوات، وتعود آخر انتخابات في الإقليم إلى العام 2018 حيث حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني فيها على 45 مقعدا، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ21 مقعدا، وحركة التغيير بـ12 مقعدا، فيما توزعت بقية المقاعد على جماعة العدل، والاتحاد الإسلامي، وقوى أخرى.
أزمة دستورية
يشار إلى أن برلمان كردستان كان قد وافق في التاسع من تشرين الأول 2022 بأغلبية الأصوات على تمديد الدورة البرلمانية الحالية حتى نهاية عام 2023، بعد أن انتهى عمره القانوني بتاريخ الـ(6 تشرين الثاني 2022)، قبل أن تصدر المحكمة الاتحادية العراقية العليا في نهاية أيار 2023 حكما بعدم دستورية تمديد دورة برلمان إقليم كردستان.
وقال رئيس المحكمة الاتحادية القاضي جاسم محمد عبود، بتلاوته لنص القرار، إن "الدستور نصَّ على أن يكون عمر البرلمان أربع سنوات ويُعد باطلاً أي نص قانوني آخر يتعارض مع الدستور"، مشيرا الى "اعتبار الدورة الخامسة لبرلمان كردستان منتهية وما صدر بعد التمديد باطل دستورياً".
ويواجه إقليم كردستان أزمة دستورية في غياب برلمان يقوم بمهامه، وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات توحي بإمكانية إجراء انتخابات تشريعية نهاية العام الجاري.
ويرى متابعون أنه بعد قرار المحكمة الاتحادية في العراق القاضي بعدم دستورية تمديد عمل برلمان كردستان فإن المؤسسات المنبثقة عنه باتت فاقدة بدورها للشرعية، لكن الإشكال يكمن في أن الأحزاب الحاكمة لا تبدو حريصة على تجديد شرعيتها، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويستبعد المتابعون إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية في الموعد الذي كان حدده في السابق رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني والذي يوافق الثامن عشر من نوفمبر المقبل، في ظل عدم توافق القوى السياسية ولاسيما الحزبين الرئيسيين "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" على حل القضايا الخلافية، ومنها تلك المتعلقة بمفوضية الانتخابات وكوتا الأقليات.
ويرى البعض أن رفض كلا الطرفين تقديم تنازلات لحل النقاط العالقة يعزز الشكوك في جدية كليهما للمضي قُدُماً في إجراء الاستحقاق.