محافظون تغيّروا ومجالس تجمّدت.. هذا ما حدث منذ آخر انتخابات لمجالس المحافظات
انفوبلس/ تقارير
من بين القرارات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء حركة الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في الأول من تشرين الأول عام 2019، كان قرار البرلمان تجميد عمل مجالس المحافظات وإنهاء مجالس الأقضية والنواحي.
وصوّت البرلمان في جلسته آنذاك، على المضي بالإجراءات التشريعية لإنهاء أعمال مجالس المحافظات المنتخَبة، إلا إن أعضاء تلك المجالس رفضوا القرار بحجة عدم دستوريته و"تشتيت الجهود الخدمية".
*ما هي مجالس المحافظات؟
يتمثل دور مجالس المحافظات في اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة على ضوء ما تخصّصه الحكومة المركزية لها من اعتمادات مالية، ولتلك المجالس الحق في إقالة المحافظين ورؤساء الدوائر، ويجري اختيار تلك المجالس بناءً على حجم التركيبة السُّكانية لكل محافظة.
*الدستور العراقي
على الرغم من حل المجالس السابقة، فإنه لا يمكن الاستمرار بذلك، إذ إن مجالس المحافظات منصوص عليها في الدستور العراقي، وهي ضمن النظام الديمقراطي السائر في البلاد.
ويرى الخبير القانوني، علي التميمي، أن "مجالس المحافظات باقية بحكم المادة 122 من الدستور، ولا يمكن إلغاؤها إلا بتعديل الدستور"، مشيراً إلى أنه "بعد حلّها لا يحق لها القيام بأي عمل من أعمالها".
وأضاف التميمي، أن "تلك المجالس هي ضمن آلية الحكم في العراق والنظام الديمقراطي، ولذلك لابد من إجراء انتخابات بشكل أسرع، لتلافي أي خروقات قانونية قد تحصل".
شبكة انفوبلس، سلّطت الضوء على ما حدث من تغييرات طرأت على محافظي المحافظات منذ آخر انتخابات لمجالس المحافظات شهدها العراق عام 2013، وكالآتي:
*محافظة نينوى
تسلّم المحافظ نوفل العاكوب هرم السلطة في نينوى بتاريخ 21/10/ 2015 خلفاً لأثيل النجيفي المُتّهم بسقوط الموصل، وفي 22 تموز سنة 2021 فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على نوفل وفي تشرين الأول سنة 2022 أعلنت هيئة النزاهة عن تنفيذ أمر قبض بحقه بتهمة فساد.
وكشفت هيئة النزاهة في بيانها أن موظفين مقرَّبين من العاكوب استحوذوا على أكثر من 76 مليار دينار عراقي (64 مليون دولار) على شكل صكوك أو إيداعات في حسابات شخصية على شكل أموال نقدية.
وأوضح مسؤول في الهيئة -طلب عدم كشف هويته- أن من ضمن المبلغ الأصلي، ما يقارب 45 مليار دينار عراقي (37 مليون دولار) من أموال تنمية الأقاليم لعام 2018 خاصة بالمحافظة.
في تاريخ 2019-05-23، تم تعيين منصور مرعيد عطية الجبوري بظروف غامضة بمنصب محافظ نينوى، لكن بعد أقل من عام أُسندت المهمة إلى نجم الجبوري.
*ذي قار
شهدت ذي قار فوضى بمجالس المحافظة بعد انتخابات 2013، فعقب يحيى الناصري المتهم بالفساد والصادرة بحقه مذكرة قبض من هيئة النزاهة، تولى أحمد الخفاجي مسؤولية المحافظة، حتى استقال في 2021، وأوكل المهمة لمحمد الغزي.
*ديالى
في عام 2015، قال رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة ديالى آنذاك عبد الخالق العزاوي إن مجلس المحافظة صوت مؤخرا بالإجماع على استجواب محافظ ديالى عامر المجمعي على خلفية تُهم بتورّطه في الفساد .
وأكد العزاوي أن الاستجواب جاء بعد تقديم مستمسكات تؤكد وجود شبهات فساد في ملف تجهيز الكرفانات للعوائل النازحة في عدد من المخيمات، مشيرا إلى أن المجلس سيُقيله من منصبه في حال توفر أدلة قاطعة على تورطه بملفات فساد مالي أو إداري.
ونفى العزاوي أن يكون الاستجواب جاء لدوافع سياسية، بل إنه تعبير عن حماية المال العام وكشف الحقائق أمام الرأي العام وممارسة الرقابة الفعلية على نشاط الحكومة المحلية.
بعد ذلك، صوت مجلس محافظة ديالى على إقالة المحافظ عامر المجمعي، بعد إثبات تُهم الفساد بحقه.
وخلال العام الحالي، أعلن عضو مجلس محافظة ديالى صادق الحسيني، عن تسلم مثنى التميمي مهامه الرسمية كمحافظ في حفل أُقيم في ديوان ديالى وسط بعقوبة، ولا زال بمنصبه إلى يومنا هذا.
*البصرة
لم يحضَ خلف عبد الصمد بولاية ثانية كمحافظ للبصرة خلال انتخابات 2013، وحلّ محله ماجد النصرواي الذي قدم استقالته في العاشر من آب عام 2017 ليحل محله أسعد العيداني الذي لا زال يشغل المنصب إلى الآن.
*الأنبار
في عام 2013 كان قاسم الفهداوي يشغل منصب المحافظ الذي تسنّمه خلال انتخابات مجالس المحافظات لعام 2009، وبعدها تسنّم المنصب صهيب الراوي الذي اتُهم بمساعدة عصابات داعش في الأنبار لتتم إقالته عام 2016، وفي 9 آب 2017، أصدر مجلس القضاء الأعلى مذكرة اعتقال بحق صهيب، بتهمة مخالفة الواجبات الوظيفية الموكلة إليه وفقا للمادة 331 عقوبات.
بعد ذلك تسلم محمد الحلبوسي منصب المحافظ.
الحلبوسي الذي شغل منصب نائب في مجلس النواب العراقي منذ عام 2014، وقد شغلت النائب سميعة محمد الغلاب مقعده في المجلس بعد اختياره محافظا، انتُخب في يوم 15 سبتمبر 2018 وبدعم قوي من تحالف البناء وأصبح رئيساً لمجلس النواب العراقي.
بعد انتخاب الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، تم إسناد مهمة منصب المحافظ في الأنبار إلى علي فرحان الدليمي وكان ذلك في 9 ايلول 2018، ولا زال بالمنصب إلى اليوم.
*صلاح الدين
شغل السياسي أحمد الجبوري المعروف بـ"أبو مازن" منصب محافظ صلاح الدين لعام 2013، وبعد انتخابات مجالس المحافظات فاز رائد الجبوري بالمنصب، قبل أن يقدّم استقالته لظروف خاصة في عام 2016، ويتسلّم بعده عمار الجبوري المنصب.
شابَ عمل الجبوري الكثير من السلبيات وملفات الفساد حتى صوّت البرلمان عام 2022 بالأغلبية المطلقة على إقالته، لتوكل المهمة بعد ذلك إلى إسماعيل الهلوب الذي لا زال في المنصب.
*بغداد
انتُخِب علي التميمي في 2013 لتولي منصب محافظ بغداد ولقب نفسهُ بِخادم بغداد، في يوم 19 يناير صوت مجلس محافظة بغداد على إقالته من منصبه بسبب اتهاماته بالفساد، وبتاريخ 6 آذار 2016 تم انتخاب عطوان العطواني من ائتلاف دولة القانون محافظاً جديداً لبغداد.
في 2018 قدّم محافظ بغداد عطوان العطواني استقالته بشكل رسمي لمجلس بغداد، وصوت المجلس بقبول الاستقالة.
في 27 فبراير (شباط) من عام 2018، شغل فلاح الجزائري منصب محافظ بغداد بموجب مرسوم جمهوري حتى استقال خلال تظاهرات تشرين فخلفه محمد جابر العطا في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والذي لا زال في المنصب لغاية الآن.
هذه أبرز التغييرات التي تمت للمحافظين بعد انتخابات مجالس المحافظات لعام 2013، إلا إن اللجنة القانونية أكدت أن حراكاً سياسياً ما يزال مستمراً من أجل تهيئة مرحلة اختيار ممثلين لمجالس المحافظات، لهدف تأدية خدمة أفضل وليس عرقلة وتقسيم مغانم وحصص.
*عودة انتخابات مجالس المحافظات
المتحدث باسم كتلة الصادقون النيابية محمد البلداوي، أكد أن تقييم المحافظين أصبح على عاتق مجلس النواب، مؤكدا أنه إذا توفرت الظروف المناسبة فإن انتخابات مجالس المحافظات ستكون نهاية العام الحالي.
ويقول البلداوي، إن "تقييم المحافظين بات على عاتق أعضاء مجلس النواب وذلك بعد حل مجلس النواب وهذا ضمن خطة كبيرة للرقابة على تقييم دور المحافظين والمشاركة في إدارة المحافظات".
ويضيف: "هناك محافظات قدمت مشاريع جيدة في تحسين الواقع الخدمي فيها وهناك بعض المحافظات لم تقدم ذلك بسبب وجود الفساد في دوائرها". موضحا، إن "الموازنات في المحافظات كبيرة وقد تفوق ما موجود في الوزارات ولكن الفساد فيها قد يصل الى فساد داعش".
ويُشير البلداوي إلى أن "الإطار التنسيقي يرى أنه لا مناص من نجاح هذه الحكومة حتى وإن ضحّى بمنصب محافظ أو مدير عام أو حتى وزير لأنه لا فرصة إلا أن ننجح في دعم الحكومة لتنفيذ برنامجها الحكومي وإذا ثبت تقصير أي محافظ سيتم إعفاؤه من قبل البرلمان بعد طلب الحكومة".
ويبين، أن "ملف انتخابات مجالس المحافظات قد حسم أمر إعادة الانتخاب واختيار شخوص جيدين لأهمية هذا المجلس لما يشكل من أهمية في إدارة المحافظة والشعب هو من سيختارهم لتمثيل المحافظة". مؤكدا، أنه "إذا توفرت الظرف المناسبة ستتم الانتخابات في نهاية 2023 أو بداية 2024 إذا ما تمت الأمور بشكل جيد وهناك تفاهمات بين الكتل للمضي بهذا الأمر".