محاولات عراقية سابقة وفرصة ضائعة في 2014 لصالح "إسرائيل".. هل يمكن للتحالف الفرنسي المصري تنفيذ القمر الصناعي؟
انفوبلس/..
على خلفية الانفتاح المعلوماتي الذي يعيشه العراق بعد 2003 والذي أسهم في دخول شبكات النقال وإنشاء أكثر من 70 فضائية محلية تبث على الأقمار العربية والأجنبية، برز مشروع القمر الصناعي العراقي، حيث كشف وزير الاتصالات أركان الشيباني، منذ أكثر من عام عن مشروع إطلاق أول قمر صناعي عراقي ضمن خطوة مواكبة التطور في قطاع الاتصالات.
وعلى رغم الإعلان الرسمي، للمشروع، إلا أن تفاصيله ما زالت قيد البحث والمشاورة، وسط دعوات إلى سرعة إنجازه، حيث تسعى وزارة الاتصالات، إلى تعاون مصري – فرنسي، لمساعدة العراق، في إطلاق هذا المشروع.
اتفاق عراقي – مصري – فرنسي
وكشفت الوزارة، عن ثلاثة محاور رئيسية في الاتفاقيات الموقعة بين العراق ومصر والأردن بمجال الاتصالات، وبحسب بيان سابق لوزارة الاتصالات، فإن الوزارة "وقت عدة اتفاقات مع مصر والأردن تخص قطاع الاتصالات”، مبينة أنَّ "هذه الاتفاقات تتضمن ثلاثة محاور رئيسة، منها تبادل الخبرات الخاصة بالتحول الإلكتروني، وخدمات الإنترنت، التي توفرها وزارة الاتصالات العراقية".
وأضاف البيان، أن "المحور الثالث تضمن تبادل الخبرات في شأن إنتاج القمر الصناعي”، لافتة إلى أن "هناك استجابة من الجانبين المصري والأردني بهذا الشأن".
تجربة جديدة تخدم المجالات كافة
ويعد مشروع القمر الصناعي من المشاريع الرائدة التي تخدم المجالات التعليمية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية كافة لجميع مؤسسات الدولة، ومن شأن تجربة مصر السابقة، أن تنعكس سريعاً على العراق، في حال تمكنه من إطلاق مشروع القمر الصناعي الأول له.
وتعتزم مصر، إطلاق قمرين صناعيين في عام 2022، بعد إطلاق قمرين صناعيين في المدار، عام 2019، بما في ذلك القمر الصناعي للاتصالات "طيبة 1" الذي سيؤدي إلى تحسين جودة خدمات الاتصالات الخلوية والإنترنت، خاصة في المناطق النائية، وذلك بعد موافقة الحكومة 2016، على مشروع قانون لإنشاء وكالة فضاء في البلاد.
ولا يمتلك العراق تجارب كبيرة سابقة في مجال الأقمار الصناعية، على عكس بعض الدول العربية، لكن الخطوة الأخيرة، قد تكون بوّابة نحو مشاريع في مجال الاتصالات بشكل أوسع، خاصة وأن دولاً كبيرة مثل فرنسا دخلت على خط هذا المشروع، حيث أدرج ضمن الاتفاقية العراقية – الفرنسية عام 2015، إذ ناقش الجانبان حينها، قرضا فرنسيا، لتمويل مشروع القمر الصناعي والإسراع بتنفيذه.
إكمال المتعلقات الخاصة بالقمر الصناعي
وبحسب وزارة الاتصالات، فإن المشروع بدأ يمضي في مراحله الأولى، حيث تستكمل وزارة الاتصالات، مرحلة بدء تلقى العطاءات، وفي هذا الشأن ذكرت وزارة الاتصالات إنها "أعلنت دعوة لكل الشركات العربية والعالمية بالحضور إلى مناقصة إنشاء قمر صناعي وهناك مبادرة كبيرة من هذا الشركات بتقديم أفضل العروض والعطاءات"، مضيفةً أن "المرحلة القادمة سوف تشهد فتح العطاءات من أجل إكمال المتعلقات الخاصة بالقمر الصناعي العراقي".
وأضاف بيان الوزارة، أن "الوزارة بصدد فتح العطاءات، وحين يرسو العطاء على إحدى الشركات المعنية، ستكون هناك مدة زمنية قياسية لإنشاء هذا القمر، وسوف يعلن عن الترددات الخاصة في القنوات الفضائية، وأيضا مسألة الأمن السيبراني الذي يتعلق كثير من البوابات، فضلاً عن ترددات الإذاعات، بما يرفع عن كاهل المشتركين".
وأشار البيان، إلى أن "هناك ملايين الدولارات تذهب إلى الخارج لأن القنوات الفضائية مشتركة في تلك الأقمار، لكن في حال إنشاء هذا المشروع سيكون هناك مردود مالي كبير إلى العراق، فضلاً عن بوابات أمان لبعض مواقع التواصل الاجتماعي".
تجربة سابقة أقل حجماً
ولدى العراق تجربة سابقة، وإن كانت أقل حجماً في مجال الأقمار الصناعية، حيث أعلنت وزارة العلوم والتكنولوجيا، عام 2014، عن إطلاق القمر الصناعي العراقي الأول، "دجلة سات" وتسلم أول إشاراته في المحطة الأرضية المعدة لذلك في بغداد.
وقال مدير إعلام الوزارة آنذاك، عادل مهدي، إن "القمر الصناعي العراقي الأول كان صغير الحجم ومخصص للأغراض البحثية في مجال التصحر والغبار"، مشيراً إلى أن ذلك القمر يلتقط صور حية ويرسلها لقاعدة أرضية تأخذ على عاتقها تحليل معطياتها والاستفادة منها".
وإطلاق هذا الصاروخ، في 19 من حزيران 2014، من محطة فضائية في منطقة يازني بجمهورية روسيا الاتحادية، على متن الصاروخ دنيبر.
ويرى خبراء في مجال التكنلوجيا أنه لا ينبغي للعراق التأخر أكثر من هذا الوقت لتحقيق الاستحقاق الإلكتروني في ظل تسابق الدولي منذ عقود في هذا المجال.
عرضان من شركتين فرنسية ومصرية
القمر الصناعي العراقي لا يزال في مرحلة العروض، وتحويل الملف من وزارة الاتصالات إلى العلوم والتكنولوجيا لإعداد كل متطلبات المشروع.
وأعلنت لجنة النقل والاتصالات النيابية، عن تلقي العراق عرضين من شركتين فرنسية ومصرية لإنشاء وإطلاق أول قمر صناعي.
وقال عضو اللجنة زهير شهيد الفتلاوي، في حديث صحفي، إنَّ القمر الصناعي العراقي لا يزال في مرحلة العروض، مشيراً إلى تحويل الملف من وزارة الاتصالات إلى العلوم والتكنولوجيا لإعداد كل متطلبات المشروع.
من جانبه، رأى الخبير في مجال الأقمار الصناعية، فلاح نوري، أنَّ "إطلاق قمر صناعي عراقي يتطلب الاستعانة بالشركات والجهات العالمية المصنعة للأقمار الصناعية المتخصصة بمراقبة الأرض"، مبيناً أنَّ "الحصول على تكنولوجيا هذه الأقمار يكون محصوراً بهذه الجهات".
وأضاف، أنَّ "اتخاذ قرار من الجهات العليا للبدء بهكذا مشروع يتطلب موافقات رسمية للاتصال بالجهات الأجنبية المختصة وتوفير التخصيصات المالية اللازمة له".
ولفت إلى أنَّ "الأقمار الصناعية تكون على عدة أنواع حسب المهام التي تقوم بها، فالأقمار المتعلقة بالاتصالات وخدمات الإنترنت والبث التلفزيوني هي من مهام وزارة الاتصالات والشركات التابعة لها"، مؤكداً "تكليف دائرة الفضاء رسمياً بأن تكون نواة لوكالة فضاء عراقية تختص بالأقمار الخاصة بمراقبة الأرض للأغراض المدنية والأمنية".
إهدار مدار عراقي لصالح "إسرائيل"
قرار لمجلس الوزراء عُطل خدمةً لصالح تل أبيب، وبالتالي عملت الأخيرة هذا القمر واستفادت منه على حساب العراق
وزير الاتصالات الأسبق، محمد توفيق علاوي، تحدث في 25 أيلول 2023، عن تعطيل قرار لمجلس الوزراء يخص مدار عراقي لقمر صناعي، له فوائد اقتصادية كبيرة للعراق، تم إهداره لصالح كيان إسرائيل".
وقال علاوي في تصريح صحفي، إنه "عمل خلال فترة تواجده وزيراً لوزارة الاتصالات على موضوع إنشاء قمر صناعي للعراق، منوهاً إلى أن “العراق كان يمتلك 7 مدارات، خمسة من هذه المدارات سرقتها دول في تسعينيات القرن الماضي وفرض الحصار على البلاد".
وبين، أن “مدارين فقط بقيت من المدارات السبعة، واحد لا فائدة منه، والثاني له فوائد اقتصادية كبيرة للعراق”، لافتاً إلى أن “هذا المدار لو استُغل لكان مورداً مهماً للبلاد، وكان سيحقق فائدة أيضاً للفضائيات العراقية، كما أن هناك حاجة في الشرق الأوسط خاصة في أواسط افريقيا الى قمر صناعي يزودها بالخدمات".
وأضاف علاوي، أن “شركة انتل سات عرضت حفظ هذا المدار وإطلاق قمر صناعي، خاصة أن العراق كان يدين هذه الشركة بـ6 ملايين دولار، لذا طلبت الأخيرة سداد الدَّين عبر تقديمها خدمات إطلاق قمر صناعي".
وأشار إلى أن “كلفة إنشاء القمر 120 مليون دولار، على أن يأتي بموارد سنوية تُقدر بنحو 150 مليون دولار".
وتابع: “بعثنا وفداً الى جنيف حيث مقر (الاتحاد الدولي للاتصالات) وأتوا بدراسة كاملة، وشرحنا ذلك في جلسة لمجلس الوزراء وحصلنا موافقة المجلس لإطلاق القمر، ونلنا جميع الموافقات".
وأردف علاوي، أن “العراق يحضر بشكل دوري في اجتماعات الاتحاد الدولي للاتصالات، بحضور دول كثيرة بينها الكيان الإسرائيلي".
واستدرك، بالقول: “الفكرة عجبت الكيان الإسرائيلي، فتحرك نحو العمل على قيام العراق بترك المشروع وهو الأمر الذي حدث”، مردفاً أن “قرار مجلس الوزراء عُطل خدمةً لصالح تل أبيب، وبالتالي عملت الأخيرة هذا القمر واستفادت منه على حساب العراق”، داعياً الهيئات الرقابية والنزاهة الاتحادية “لفتح هذا الملف وكشف حيثياته”.