مخالفات بمحطة كهرباء الخيرات تضع عقودها في شبهات فساد.. تعرف على موقف السوداني من عقود المحطة سابقا ولاحقا
هدر للمال العام وضمانات دَين سيادية
انفوبلس/..
تطالب جهات عديدة منذ العام 2022، بالتحقيق بعقد محطة الخيرات لإنتاج الطاقة الكهربائية في محافظة كربلاء، بعد عقود شابها الكثير من الغموض وسنوات من التلكؤ بالتنفيذ.
ومرَّت محطة الخيرات الكهربائية في كربلاء المقدسة، بمشاكل عدّة، حصلت المشاكل أثناء إدارتها من قبل عدة شركات، بدءاً من شركة GE الى شركة كار ثم شركة هيونداي، وانتهاءً بشركة هارلو.
المشكلة الاولى التي واجهت المشروع المتعثر، أن GE (جنرال الكتريك) كذبت على العراق بعد دعاية بينت بأن التوربين 9 يمكن تشغيله خلال 6 أشهر فقط، لكن اول ثلاث محطات احتاجت لـ 6 سنوات كاملة حتى دخلت جزئيا للخدمة، في حين دخلت آخر محطة للخدمة جزئيا ايضا بعد مرور أكثر من 11 عاما ونصف من توقيع العقد.
اما المشكلة الثانية، فهي ادعاء الشركة بأن التوربينات تعمل بـ 52 نوعا من الوقود، وأنها قادرة على التحويل من وقود الى آخر أثناء التشغيل، وكانت الحقيقة أن التوربينات مصممة للعمل على الغاز، وأنه يمكن لها العمل على أنواع اخرى من الوقود، مثل الخام لكن ذلك سيؤثّر على إنتاجيتها.
اما الثالثة فهي ادعاء شركة جنرال الكتريك، بأن جميع مكوّنات التوربينات مصنّعة في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين كانت توربينات المحطّة تحوي أجزاءً مصنّعة في الصين وهنغاريا وفرنسا.
رابع المشاكل، هي أن التوربينات اضطرت للتوقف للصيانة او التنظيف ما بين 57 الى 80 يوما في سنة واحدة، كما شهدت هذه المحطة أكبر فشل عندما اكتشف المهندسون أن 6 من أصل 10 توربینات احتوت على تشققات في بدنها، ما يؤشّر على عدم جودة المعدن الداخل في تصنيعها، ورغم أن شركة GE أصلحت التشققات إلا أنه لم يكن هنالك ضمان من عدم تشقق أبدان التوربينات مستقبلا.
هدر للمال وضمانات دين سيادية
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الكهرباء عن إحالة سبعين محطة للطاقة الى الاستثمار، رغم أنها كلفت خزينة الدولة 35 مليار دولار خلال العقد الماضي، ليؤكد خبراء بأن تلك التحركات تعتبر أكبر عملية فساد مالي شهدها العراق، على اعتبار أن الحكومات ووزارة الكهرباء، صرفت مليارات الدولارات لبناء محطات الطاقة الجديدة، وأنّ طرحها للاستثمار لتشغيلها من قبل شركات خاصة، ودفع مبالغ إضافية لشراء الوحدات منها، سيهدر المزيد من المال العام.
أعضاء في لجنة النفط والطاقة النيابية، كشفوا بأن إحالة محطة كهرباء الخيرات من قبل الكاظمي لشركة (هارلو) الأخيرة، استنزفت الخزينة العامة للدولة من خلال منح ضمانات دَين سيادية جديدة، مُبدين تخوفهم من الخطوة التي تلي التشغيل والصيانة وهي البيع لنفس الشركة بعد فترة، وهو اجراء خطير ستكون نتائجه المستقبلية وخيمة حيث يكون انتاج الطاقة الكهربائية مرهونا بيد مجموعة من المستثمرين المتنفذين على حد قولهم، متسائلين عن عدم اعتماد آلية التنافس في عرض الفرصة الاستثمارية، علما انّ التنافس يوفّر خيارات بكلف اقل لأنشاء المحطة، وانخفاض العرض بمقدار سنت واحد سيتحول لخسارة بملايين الدولارات خلال سنوات الاستثمار الـخمس عشرة.
وبحسب مصادر فإن شركة (هارلو) غير متخصصة بهذا النوع من المشاريع وجميع المؤشرات المتوّفرة حتى اللحظة تبيّن بأّن الصفقة هي صفقة فساد كبرى، حيث أن الأموال المدفوعة للمستثمر لثلاث سنوات فقط تكفي لسداد قيمة هذا العقد ويضمّن بضمانات سيادية في قانون الموازنة.
ويطالب مراقبون وزير الكهرباء الجديد بمتابعة الامر شخصيا بعد طرح الملفات امام طاولته والتحقيق بالأمر وكشف الجهات المتورطة بهذا العقد الذي شابه الكثير من الغموض، وانصاف العراقيين بعد سنوات من التعثّر بإنتاج الطاقة الكهربائية وسرقة اموالها من قبل المتنفذين.
مطالب بفتح تحقيق
مراقبون للشأن الاقتصادي، طالبوا في شباط 2022، رئيس هيئة النزاهة الجديد حيدر حنون زاير، بفتح تحقيق حول مخالفات شخصت على مشروع محطة الخيرات في محافظة كربلاء المقدسة.
ورغم مضي سنوات عدة على إحالة مشروع محطة الخيرات في محافظة كربلاء الى الاستثمار، ما يزال الحديث مستمراً عن مخالفات كبيرة للمشروع تؤثر على عمل هذه المحطة المهمة، لعل أبرزها، بحسب مراقبين اقتصاديين، وجود كلف عالية في الإحالة على اعتبار أن هناك غموضاً في ملف هذا المشروع خلال الإحالة بكلفة مضاعفة حيث لا تتجاوز الكلفة الحقيقية للعقد 3 مليارات دولار بينما الإحالة تمت بواقع 25 مليار دولار وبعقد سيادي، وفقاً للمراقبين.
ودعا المراقبون رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الكهرباء، ورئيس هيئة النزاهة، الى مراجعة ملف هذه المحطة المهمة وتحديداً في مجال الأسعار والكلف.
ومحطة الخيرات الكهربائية مرت بعدة مشاكل، ففي 2018 تمت احالته الى شركة كار، ومن ثم الغي الامر وتمت احالته الى شركة هونداي في 2019، ومن ثم الغي الامر مجددًا واخيرا تمت احالته الى شركة هارلو.
وأقرت حكومة العراق في عام 2021، توصية جديدة بشأن مشروع محطة كهرباء الخيرات، حيث تم إقرار توصية المجلس الوزاري للطاقة (177 لسنة 2021)، بشأن مشروع محطة كهرباء الخيرات البخارية - الاستثمارية (شركة هارلو الدولية بشأن رفع توصية الإحالة الصادرة عن وزارة الكهرباء، واللجنة المركزية للمراجعة والمصادقة على الإحالة كملحق عقد)، بحسب الصلاحيات المالية.
وأشارت الحكومة، إلى أن التوصية ستصاحبها قيام وزارة الكهرباء بالاتفاق مع الشركة المستثمرة بالإجراءات في أدناه لضمان تأمين توفير عائدات الجباية؛ لتقليص حجم الفجوة في الإنفاق من وزارة المالية.
كما تتضمن "قيام الشركة المستثمرة بتأسيس شركة متخصصة بالتسويق لتوفير فرص الاستثمار التي من شانها العمل على جذب مستهلكين صناعيين في مجال الصناعات الوسطى والثقيلة؛ بغية تقليص مسؤوليات وزارة المالية في توفير كلف شراء الطاقة من جهة، توفير الاستقرارية والاستدامة في توفير الطاقة من جهة أخرى".
موقف السوداني من محطة الخيرات
وكان المهندس محمد شياع السوداني، وفي أيار 2022، وقبل التصويت على الكابينة الوزارية لحكومته، قد أشكل على "ملفات شبهات فساد" في عدة وزارات، بضمنها محطة الخيرات للكهرباء في كربلاء المقدسة.
وقال السوداني في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أنه "تبنى توجيه مخاطبات رسمية، تضمنت طلب أوليات عن ملفات شبهات فساد في عدة وزارات، تتعلق بعقود واتفاقات، كاتفاقية توتال ومشروع مصفى الفاو الاستثماري، ومصفى الناصرية وعقد السلة الغذائية في وزارة التجارة، ومشروع محطة الخيرات للكهرباء في كربلاء المقدسة، واجراءات هيئة الاعلام والاتصالات بشأن انهاء ترخيص عمل شركة كورك للهاتف النقال.
وتساءل مراقبون للشأن السياسي، عن تبدل موقف السوداني بعد ترأسه الحكومة، بتوقيع تلك العقود، ومن بينها عقد محطة الخيرات للكهرباء في كربلاء المقدسة.