مخيمات في الانبار للأكراد الإيرانيين.. اتفاق عراقي - إيراني لترحيل مقاتلي "حدك" و"كوملة" من الحدود الشرقية
انفوبلس/..
اتفاق ثلاثي جديد، بين حكومتي العراق المركزية وإقليم كردستان والجمهورية الإسلامية في إيران، يفضي إلى إنشاء مخيمات في محافظة الانبار لترحيل جماعات تعتبرها طهران "إرهابية" من المناطق الحدودية العراقية الإيرانية إلى هذه المخيمات الغربية.
*ترحيل
وأعلنت مصادر دبلوماسية وسياسية أن عناصر الجماعات الكردية الإيرانية المسلحة سوف يتم ترحيلهم خلال الأيام القادمة الى مناطق غرب العراق.
وأشارت المصادر، إلى أنه: "حسب الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه بين الحكومة الإيرانية من جهة والحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان، فإن عناصر الجماعات الكردية سوف يتم سحب جميع أسلحتهم ومعداتهم العسكرية ويتم ترحيلهم مع عوائلهم إلى مناطق غرب العراق".
وكشفت المصادر، أن "الاتفاق الإيراني العراقي سوف يدخل حيز التنفيذ مع انتهاء مدة ستة أشهر التي تم تحديدها في وقت سابق بين طهران وبغداد".
وبحسب المصادر، فإن "الاتفاق بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق قد حدد يوم ١٩ / ٩ / ٢٠٢٣ كموعد نهائي لحسم ملف عناصر الجماعات الكردية المعارضة وسحبهم من المناطق الحدودية الإيرانية باتجاه المخيمات".
*لقاءات واتفاقات
وكان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، التقى في وقت سابق، نظيره الإيراني علي أكبر أحمديان، في العاصمة الإيرانية طهران، وبحث معه إجراءات المحضر الأمني الموقَّع بين العراق وإيران، وسبل تعزيز أمن البلدين وضبط الحدود، كما أكد الأعرجي عزم الحكومة العراقية على إدامة العلاقات وتمتينها بين بغداد وطهران، وعلى جميع المستويات.
يذكر أن الأعرجي، زار إقليم كردستان، قبل فترة من الآن، والتقى بعدد من مسؤولي الإقليم وبحث معهم الإجراءات التي اتخذها الإقليم بشأن الاتفاق مع إيران.
يشار إلى أن مستشار الأمن القومي الإيراني السابق علي شمخاني، وقَّع مع الأعرجي، في آذار مارس الماضي، وبحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اتفاقاً أمنياً، بعد مشاورات ثنائية استمرت لعدة اشهر.
وكان قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني محمد باكبور، قد طالب العراق في وقت سابق، بطرد الجماعات المسلحة المعارضة لإيران والمتمركزة على أراضيه، موكدا إمكانية استهداف وقصف المقرات الكردية خلال الأشهر القادمة ما لم يتم الالتزام بالاتفاق بين البلدين، منوها إلى أن الاتفاق الأمني مع الحكومة العراقية يقتضي نزع سلاح الجماعات الإرهابية المتواجدة على أراضي إقليم كردستان ومغادرتها.
*المُهلة الأخيرة
في منتصف تموز الماضي، حدَّد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، "المهلة الأخيرة لنزع سلاح الجماعات المسلحة شمالي العراق".
وقال باقري، خلال المؤتمر السنوي لقادة القوات البرية للحرس الثوري الإيراني في مشهد: "سننتظر حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، ونأمل أن تقوم الحكومة العراقية بمسؤوليتها، ولكن إذا مرّ هذا الموعد وبقي هناك مسلحون أو نفذوا عمليات، فإن عملياتنا ضد هذه الجماعات ستكون بالتأكيد أشدّ وسوف تتكرر بشكل أكبر"، حسب وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وأضاف: "نفذت القوات البرية التابعة للحرس الثوري عمليات صاروخية وطائرات مسيرة فعّالة ضد هذه الجماعات من أجل حماية أمن البلاد والحفاظ عليه، وبعد أن التزمت الحكومة العراقية بنزع سلاح هذه المجموعات ومنع تحركاتها بحلول سبتمبر توقفت العملية".
وتابع اللواء باقري: "إذا لم تفِ الحكومة العراقية بالتزاماتها تجاه الجماعات المسلحة شمالي العراق، فإننا سنكرر العمليات ضد هذه الجماعات بشكل أكبر".
ووصف رئيس الأركان الإيراني، الوضع الأمني الحدودي بأنه "أفضل للغاية مما كان عليه في الماضي، مؤكدا أن بعض الدول المجاورة للأسف لا تتصرف بشكل صحيح فيما يتعلق بمسؤوليتها تجاه الحدود".
*خريطة انتشار الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة
وتنتشر القوى الكردية الإيرانية المعارضة، التي تضمّ جماعات ذات أهداف قومية كردية وأخرى علمانية شيوعية وتشترك جميعاً في توافقها على عدم الاعتراف بـ"حدود سايكس بيكو" (اتفاق بين السياسيَّين البريطاني مايك سايكس والفرنسي فرانسوا جورج بيكو في عام 1916، قُسّمت فيه مناطق النفوذ الفرنسية والبريطانية في الشرق الأوسط، وحرمت الأكراد من قيام دولة لهم)، داخل القرى والبلدات الحدودية العراقية، ولا يتجاوز مجمل أفرادها السبعة آلاف شخص.
وأبرز تلك الجماعات هي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني "حدكا"، وهو أقدمها وتأسس عام 1945 في إيران ويتبنى رفض كل مخرجات "سايكس ـ بيكو"، والمطالبة بـ"توحيد الأمة الكردية".
وثاني تلك الأحزاب هو الحزب الديمقراطي الكردستاني "حدك"، الذي انشق قبل سنوات عن الحزب الأم (حدكا)، لأسباب تنظيمية وأخرى ميدانية ما زالت محل خلاف بين الحزبين، عدا عن اتهامات متبادلة بشأن الاختراق الاستخباري لإيران في صفوف المعسكرَين السياسيَّين.
ويحل ثالثاً حزب "كوملة"، الكردي اليساري المعارض لطهران، وتأسس عام 1967، وكان أحد أبرز المعارضين لنظام الشاه، ويصنف الحزب نفسه على أنه الذراع الشيوعي الأبرز في إيران.
وتبرز منظمة "خبات"، القومية الكردية، وتعني باللغة العربية "الكفاح المسلح"، التي ترفع شعار الحكم الذاتي لأكراد إيران، وتطالب بحق تقرير المصير، والسماح باستخدام اللغة الكردية في إيران، وضمان حق الحريات الدينية والمعتقد والفكر، وإدخال الكردية كلُغة رسمية في مناطق وجودهم، وعدم ضرورة تطبيق الدين كأسلوب تمييزي في التعامل بين الإيرانيين.
بينما يبرز حزب "الحياة الحرة" (بيجاك)، قوةً عسكرية فاعلة منذ عام 2004، وينشط في مناطق حدودية عراقية عدة مجاورة لإيران وتركيا، ضمن مثلث سلسلة جبال قنديل، ويُعرف بقربه الفكري والعسكري من حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة وتبنى طروحات زعيمه عبد الله أوجلان.
وبالإضافة إلى تلك القوى، تبرز كوادر وقيادات الحزب الشيوعي الكردي الإيراني، الذي يستند في دعوته إلى "إيران فيدرالية علمانية تعددية ديمقراطية".
وبشكل عام تنشط القوى والأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة في مناطق وبلدات الشريط العراقي الإيراني الحدودي، وهي مناطق ذات تضاريس صعبة وباردة للغاية في أغلب أوقات السنة، وكانت مسرح تبادل سيطرة بين الجيشين العراقي والإيراني خلال حربهما بين عامي 1980 و1988.
وتعتبر مناطق جبال وقرى جومان، وسيدكان، وسوران، وسيد صادق، وخليفان، وبالكايتي وقنديل وكويسنجق وحلبجة ورانيا العراقية، ضمن إقليم كردستان، شمالي أربيل وشرقي السليمانية، وعلى شريط حدودي متباين العمق يبلغ إجمالي طوله أكثر من 110 كيلومترات بين البلدين.
وعلى النقيض تماماً في العلاقة بين سلطات الإقليم ومسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، فإن القوى الكردية الإيرانية المعارضة لم يُسجَّل لها أيُّ احتكاك مع أربيل، وتتمركز في مبانٍ وملاجئ ومخيمات في مناطق وجود البيشمركة وقوات "الأسايش" (قوات الأمن الداخلي الكردية)، بمعنى أنها غير خارجة عن سيطرة حكومة الإقليم.
*جماعات مسلّحة
ويعتبر مسؤول في السليمانية ـ ثاني مدن إقليم كردستان العراق ـ أن تشديد الجماعات الكردية الإيرانية المتواصل على أن وجودها في العراق "إنساني"، هو "أمر غير صحيح"، مشيراً إلى أن "عدداً من الأحزاب هذه يمارس أنشطة مسلحة بين وقت وآخر".
ويضيف المسؤول في حديثٍ صحافي، طالباً عدم ذكر اسمه، أن "هناك 9 أحزاب وجماعات سياسية كردية إيرانية معارضة، من بينها 4 تملك أنشطة مسلحة مباشرة، لكنها بالمجمل غير مؤثرة على الأمن الإيراني، وتراجعت قدراتها العسكرية في الفترة الأخيرة بسبب الانشقاقات والاختراق الاستخباري الإيراني لها ولجوء قسم من قادتها إلى أوروبا، فضلاً عن وقف سبل التمويل التسليحي عن عدد منهم".