مرة أخرى معهد واشنطن يبث سمومه.. تاريخ من استهداف الحشد الشعبي إعلامياً عبر مؤسسات أمريكية تدّعي الاستقلالية
انفوبلس..
يواصل معهد واشنطن للدراسات ـ التابع للولايات المتحدة الأمريكية وقسمه الخاص بمنطقة الشرق الأوسط والناطق باللغات الإنجليزية والعربية والفارسية ـ ببث سمومه المستمرة تجاه الحشد الشعبي، وفي هذه المرة كان معترضاً على زيادة عديده في موازنة 2023.
الصحفي الأمريكي مايكل نايتس، وشخص عراقي يُدعى أمير الكعبي يصفه المعهد بأنه "خبير في شؤون الجماعات الشيعية المسلحة في العراق وسوريا"، كتبا تقريراً نشره المعهد بعنوان "زيادة غير عادية في عديد قوات الحشد الشعبي"، حيث بُني التقرير على ملاحظات اللجنة المالية النيابية على مسودة الموازنة المقدَّمة من قبل الحكومة والتي جاء في إحدى فقراتها زيادة في عديد الحشد الشعبي بنسبة 95% بالمقارنة مما كان عليه في عام 2021 (آخر موازنة اتحادية مُقَرَّة من قبل الحكومة والبرلمان)، حيث تشير أرقام اللجنة النيابية إلى ارتفاع عديد الحشد من 122 ألفاً إلى 238 ألفاً، وهو الرقم الذي نفاه رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في مقابلة تلفزيونية وأكد أن الرقم الفعلي لقوات الحشد الشعبي ارتفع من 170 ألفاً إلى 204 آلاف.
التقرير الأمريكي اعترض أيضاً إدراج قوات الحشد الشعبي ضمن قانون التقاعد العام وليس ضمن قانون التقاعد العسكري، كما اعترض إدراج "النفقات السرية" للحشد الشعبي ضمن الموازنة معتبراً أنها خاصة حصراً بجهاز المخابرات، ولكن في حقيقة الأمر أن جميع الأجهزة الاستخبارية التابعة للجهات الأمنية كالدفاع والداخلية والأمن الوطني والحشد الشعبي تمتلك موازنات سرّيّة خاصة بها لا يتم الكشف عن بنودها لحساسية هذه الأجهزة.
تاريخ من الاستهداف
هذه ليس المرة الأولى ولا حتى العاشرة التي يسعى فيها معهد واشنطن إلى استهداف الحشد الشعبي في تقاريره، فمنذ تأسيسه عام 2014 بدأ هذا المعهد والمؤسسات الأخرى من أمثاله إلى مهاجمة الحشد الشعبي استكمالا لهجومها المتواصل على فصائل المقاومة وأية جهة عراقية ترفض السياسية الأمريكية والوجود الأمريكي في العراق والمنطقة.
قبل 3 أشهر نشر المعهد تقريراً كُتب بواسطة الصحفيين المذكورين يهاجم منح الدولة قادة الحشد الشعبي صلاحية الدراسة في الكليات العسكرية ككلية الأركان وغيرها، ففي استهداف واضح وممنهج لأي خطوة من شأنها أن تطوّر هذه المؤسسة وأفرادها.
التقرير اعترض على وجود شخصيات اعتبرها "منتهكة لحقوق الإنسان"، وواقعاً فإن هذه شمّاعة تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية لوصف خصومها ووضعهم على لائحة الإرهاب الخاصة بها، فافتتح التقرير هجومه بـ"بدأ الأشخاص المصنَّفون على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب الأمريكية في الحصول على رُتَب عُليا، وشهادات من كلية الأركان، ودرجات علمية في الأمن القومي من كليات عسكرية عراقية وعربية".
كما نشر التقرير الصورة أدناه وأرفقها بعنوان: أعضاء "الناتو" يظهرون في صورة إلى جانب منتهكي حقوق الإنسان.
التقرير خالف ظاهراً التوجهات الأمريكية العسكرية التي تقود حلف الناتو، لكن لعدم وجود أي سند أو مبرر قانوني أو منطقي أمريكي لمجابهة الحشد الشعبي بوصفه مؤسسة عراقية رسمية وجهاز أمني مرتبط بشكل مباشر برئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، فإنها تستخدم أذرعها الإعلامية وغيرها لمهاجمة هذه المؤسسة بشتّى الطرق.
ووفقاً للتقرير فأن الزيادة في أعداد المتدرّبين من قوات الحشد في المؤسسة العسكرية بلغت خمسين ضعفا في مجال تدريب الضباط في أكاديميات وزارة الدفاع، وقد يتم تطوير كلية تدريب مخصصة لقوات الحشد الشعبي بموجب تشريعات موسعة.
وأضاف، أن تدريب القادة التكتيكيين للحشد في منشآت تدريب الضباط التابعة لوزارة الدفاع العراقية ليس بالأمر الجديد، لكنه تلقى اهتمامًا مكثفًا في كانون الثاني من عام 2023 بسبب استقطاب أول دفعة كبيرة من متدرّبي الحشد الشعبي. حيث كانت قوات الحشد تقدّم في السابق كوادر صغيرة من حوالي عشرة متدرّبين لكل دفعة من طلاب وزارة الدفاع، لكن هذه المرة قدّموا 412 متدربًا بزيادة خمسين ضعفًا.
وتابع، أنه وعلى الرغم من أن قوات الحشد الشعبي لديها مديرية تدريب خاصة بها وهي (المديرية العامة للتدريب أو معاونية التدريب) إلا أنها لا تُدير حاليًا منشأة تدريب موحّدة، بالإضافة إلى جهود تدريب أصغر تقوم بها بعض الفصائل التابعة له.
وأشار إلى أنه وفقا لتقرير استقصائي فقد تم تحديد اختيار المرشحين الـ 412 على مستوى مقرات الحشد الشعبي وسيتم توجيه إعادة توزيع الضباط في قوات الحشد الشعبي مرة أخرى على هذا المستوى المركزي، فيما تم اختيار الكلية العسكرية الرابعة في الناصرية لعمليات التدريب "لأن جميع المدرَّبين في هذه الكلية متعاونون" بحسب تصريح ضابط في استخبارات الحشد.
وفي شهر شباط/ فبراير الماضي، نشر المعهد تقريراً بعنوان: كيف استغل «الحشد الشعبي» زلزال سوريا، متناولاً الأزمة الإنسانية والمساعدة العراقية العاجلة للمتضررين من الزلزال بصورة لا إنسانية بحتة معتبراً أن حملات الإغاثة ما هي إلا انتشار عسكري لقوات الحشد الشعبي في سوريا بتفويض من الحكومة العراقية للمرة الأولى، وشكك المعهد في أنه قد يتم تسريع العديد من الأنشطة القتالية عبر الحدود تحت غطاء أنشطة الإغاثة من الزلزال، وها هي مأساة الزلزال قد انتهت وعاد المُغيثون إلى أرض الوطن دون أي أبعاد سياسية أو عسكرية وإنما فقط إنسانية.
وفي عام 2022، نشر المعهد تقريراً آخر تساؤل في عنوانه: هل سيصبح الحشد الشعبي في العراق ورقة للمساومة السياسة؟
وتبنى التقرير حينها دعوات زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر التي أطلقها حينها مطالباً بـ"حل الحشد الشعبي" وتسليم سلاحه، وذلك في فترة الصراعات والمناكفات السياسية التي تسبق كل انتخابات تشريعية في العراق.
وخلال العام ذاته استغل المعهد بعض الخلافات التي حدثت بين هيئة الحشد الشعبي وألوية العتبات المقدسة، فكتب تقريراً بعنوان: أبو فدك يحاول تقسيم "وحدات العتبات"، وذلك بعد حدوث انشقاق طارئ بين قيادات تلك الألوية، حينها حاول المعهد "صبّ الزيت على النار" لإشعال فتنة لكن تم احتواؤها سريعاً بواسطة الهيئة وقيادات الحشد الشعبي.
هذه التقارير وغيرها العشرات تُعد بشكل يومي أو شبه يومي بواسطة "معاهد دراسات" و"منظمات حقوقية" و"مؤسسات رقابية واستقصائية" وغيرها من العناوين البرّاقة، لاستهداف العراق بمختلف مؤسساته وأبرزها وأكثرها تعرُّضاً للاستهداف هو الحشد الشعبي.