مزاعم عن رسائل أميركية لحل الحشد.. ورقة ضغط أم مؤامرة من داخل البلاد؟
انفوبلس/ تقارير
بعد أيام من لقاءات مريبة أُجريت من قبل مسؤولين أممين وأمريكيين مع الحكومة العراقية، جرى تداول معلومات تفيد بوجود رسائل من واشنطن لحل الحشد الشعبي، الأمر الذي أثار جدلا واسعا بين من يرى أن ذلك ورقة ضغط أميركية على العراق، وآخرين يرونه مؤامرة سياسية من داخل البلاد، لكن الإجماع كان واحدا على التمسك بهذه القوة.. فما تفاصيل تلك الرسائل؟ وكيف سيبدد البرلمان العراقي أحلام واشنطن بقرار ستكشفه انفوبلس في سياق التقرير الآتي.
رسائل أميركية متداولة
خلال الأيام الماضي، زعمت وسائل إعلام عراقية وعربية، تلقِّي العراق رسائل من قوى دولية تطالبه باتخاذ سلسلة من الإجراءات تهدف لمنع انخراط فصائل المقاومة في الحرب التي بدأت بغزة ومن ثم لبنان ووصلت إلى سوريا، من بين تلك الإجراءات حل الحشد الشعبي، وحصر السلاح بيد الدولة.
كما زعمت وسائل الإعلام تلك، أنّ الحكومة تركز جهدها على منع استهداف العراق عسكرياً وإرهابياً، لكنها مهّدت لذلك بسحب فصائل المقاومة من الساحة السورية، وتجنيب المصالح الأميركية أي استهداف من قبل المقاومة العراقية، على حد قولها.
وأضافت، أن واشنطن أخبرت بغداد بأن استمرار الساحة العراقية بتوجيه رسائل العداء لمصالحها ومصالح أصدقائها يضطرها لسحب الدعم عن العملية السياسية والنظام القائم.
مؤامرة من داخل البلاد
عقب المزاعم آنفة الذكر، توالت ردود الفعل المعارضة لهذه الفكرة إن وجدت، وبهذا الصدد، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي، إن آلية حل الحشد الشعبي لا ترتبط بالحكومة فحسب، إنما يجب أن يكون هناك قرار من البرلمان الذي تمثل كتل الإطار التنسيقي النسبة الأكبر فيه، وهذه الكتل لن تسمح بذلك.
وأضاف الموسوي في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إنّ "العراق هو من يملك زمام المبادرة في ما يخص الإبقاء على القوات الأجنبية على أراضيه أو المطالبة بإخراجها، ولا يحق للأميركيين مطالبة رئيس الحكومة بحل مؤسسة الحشد الشعبي".
وبيّن، إنّ "أفغانستان لا تملك قوة العراق وفاعليته، لكنها تمكنت من إخراج القوات الأميركية من البلاد، لذا أعتقد أنّ هذا الموضوع أخذ أكبر من حجمه".
وأقرّ الموسوي بوجود ضغوط أميركية لحل الحشد، داعياً الحكومة إلى عدم الاستجابة لها، مهما كلفها من ثمن، لافتاً إلى أن "الحشد الشعبي يشكل صمام أمام البلاد، ومن ثم الأجهزة الأمنية والعسكرية".
وألمح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية إلى أن هناك مؤامرات سياسية من داخل البلاد، تسعى لإحداث "بلبلة" في العراق، وخرق حدوده مع سوريا، متوقعاً أن "تكشف الملامح الحقيقية للسيناريو السوري خلال أسبوعين ربما".
قوى سياسية تستهدف الحشد
بدوره، قال القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي إن الحشد الشعبي هو عبارة عن هيئة مستقلة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، وهو لا يقل أهمية عن "الفرقة الذهبية" و"جهاز مكافحة الإرهاب"، و"البيشمركة"، مشيراً الى أن تلك الهيئة تعمل بقانون، لذلك فإن أي مطالبة بحل الحشد سوف ترفضها السلطة التشريعية.
وأوضح اللامي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن أي ضغوط خارجية تمارس على الحكومة من أجل حل الحشد، غير مسموح بها، كون قرار كهذا يجب أن يكون سيادياً.
وأضاف، إن استهداف الحشد بين الحين والآخر مرتبط بمحاولة بعض القوى السياسية العراقية ورغبتها في إضعاف المكون الشيعي "الأقوى"، كون الحشد يشكل الجهة الساندة له، مشيراً إلى أن "تلك القوى تعتقد أن مهمة الحشد هي حماية البيت الشيعي فحسب، لكن مهمته الأساسية هي حماية العراق ككل، وهذا ما أثبتته ساحات القتال في غرب البلاد وشمالها، منذ عام 2014 وحتى 2017".
وأشار اللامي إلى، أنه "إلى جانب قوات الحشد الشعبي والبيشمركة هناك حشد سُني وقوة مسيحية وغيرها، وهذه القوة تعمل على حماية العراق من شماله الى جنوبه، وليس فقط المكونات الدينية والطائفية والإثنية".
من جانبه، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، أنه “إذا كانت التهديدات جدّية فمن الممكن أن تودي إلى المساس بالنظام السياسي في العراق بشكل عام، وأن الأخطار التي ستحدق بالعراق فيما لو تمت الاستجابة للضغوط الأمريكية بحل الحشد الشعبي، ستكون كبيرة، أعتقد أنهم سيجدون طريقة مناسبة للتفكير في ذلك".
ويتابع: “الآن لا يبدو هناك أي قبول من قبل الكتل السياسية، الشيعية تحديدا، بحل الحشد الشعبي”.
ورقة ضغط أميركية
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي إبراهيم السراج، أن “مسالة حل الحشد الشعبي هي ورقة ضغط تمارسها الإدارة الأمريكية على الحكومة العراقية من أجل زعزعة السلم الأهلي وإشغال الرأي العام والحكومة والكتل السياسية".
ويلفت إلى، أن “الجميع يعلم أنه لا يمكن حل الحشد الشعبي الذي أصبح قوة عراقية استطاعت أن تعزز وجودها وتحقق إنجازات كبيرة، بالتالي هذه المطالب لا يمكن أن ترى النور”. مبينا، أن “الحشد الآن مؤسسة أمنية رسمية تابعة لجهاز أمن الدولة وما تريده واشنطن هو تعديا وتجاوزا على القوانين الداخلية للعراق وهذا غير مقبول إطلاقا”.
أضغاث أحلام
في النهاية، وصف النائب عن كتلة صادقون النيابية رفيق هاشم، الدعوات المطالبة بحل الحشد الشعبي بأنها أضغاث أحلام، لافتا إلى أن الحشد صمام أمان العراق.
وقال هاشم في تصريح له تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك مؤامرة خارجية تنادي بحل الحشد الشعبي ولن نسمح بهذا الأمر". مؤكدا، إن "الحشد وُلد من فتوى المرجعية الدينية العليا وهو خط أحمر ".
وأضاف، إن "دعوات حل أو دمج الحشد الشعبي ما هي إلا أضغاث أحلام يُراد منها تقسيم العراق".
وعن الضربة التي ستبدد أحلام واشنطن، أكد النائب عن كتلة الصادقون، أن "الفصل التشريعي القادم سيشهد التصويت على قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد كرد جميل لتضحياتهم في الدفاع عن الوطن وسيادته".