مطار النجف الدولي يفجر أزمة جديدة.. مجلس المحافظة يغيّر المدير والأخير يرفض الامتثال متسلحاً برئاسة الوزراء.. تاريخ من الفوضى والفساد تعرف على تفاصيله
انفوبلس..
سبّبت الهيمنة على مطار النجف الدولي، أزمةً جديدة، حيث فجّر قرار مجلس محافظة النجف، القاضي بإعفاء مدير مطار المحافظة علي أحمد حسن، من منصبه، جدلاً وأزمة كبيرة في المحافظة، مع رفض الأخير مغادرة منصبه واستعانته بقوات أمنية قامت بتطويق المطار.
وجاء في وثيقة صادرة عن رئيس مجلس محافظة النجف، حسن العيساوي، أنه "استناداً لأحكام المادتين 115، 122 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والمادة 7/ ثالثاً من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل، قرر مجلس محافظة النجف في جلسته الاعتيادية المرقمة 10/ 6 المنعقدة في تاريخ 16 نيسان 2024، أصدر القرار الآتي:
1. إعفاء علي أحمد حسن من مهام مدير مطار النجف الاشرف الدولي.
2. تكليف حسين عباس مهنه بمهام مدير مطار النجف الدولي لمدة ستة أشهر ويتمتع بكافة الصلاحيات الإدارية والمالية التي تمكنه من أداء مهامه والنهوض بواقع المطار.
3. يرتبط المطار إدارياً بمحافظ النجف.
4. يخضع المطار بإشراف ورقابة مجلس المحافظة.
5. يلتزم مدير المطار بتقديم خطة تطويرية تفصيلية بالمطار ورؤية مستقبلية للنهوض به على الوجه الأمثل وتعرض على مجلس المحافظة لغرض إقرارها.
6. يلتزم مدير المطار بتقديم موازنة سنوية خاصة بالمطار لغرض إقرارها من قبل مجلس المحافظة.
7. على المحافظ تنفيذ هذه القرار.
8. يُنشر هذا القرار في الجريدة الرسمية (الوقائع النجفية) ويعتبر نافذاً من تاريخ صدوره".
وبينت، إن الأسباب جاءت "من أجل تنظيم عمل مطار النجف الدولي والنهوض بالواقع الإداري له الذي يلبّي المصلحة العامة ويرتقي بأداء إدارته بما يتناسب وحجم المهام والخدمات التي يقدمها باعتباره مشروعا استثمارياً بموجب الإجازة الاستثمارية رقم 1 لسنة 2008 الصادرة عن هيئة استثمار محافظة النجف الاشرف واستناداً إلى بنود العقد المبرم بين الحكومة المحلية في محافظة النجف والشركة المستثمرة وحيث إن أموال إنشاء المطار صرفت من موازنة تنمية الأقاليم المخصصة للمحافظة والتي تقدر بمبلغ 103 مليار دينار عراقي، ولكون منشئات المطار ومرافقه ومعداته ومحتوياته من أملاك الحكومة المحلية وفقاً لدائرة التسجيل العقاري في النجف...".
بعد قرار الإقالة، اعتبر مجلس محافظة النجف، أن تنصيب علي احمد حسن الساعدي تم بواسطة سلطة الطيران وهو امر مخالف للقانون وتم بغياب مجلس المحافظة، مشيرا الى أن العجز في إيرادات المطار وصل إلى 150 مليون دولار.
بعد ذلك، رفض الساعدي مغادرة منصبه وقام بالاستعانة بقوة أمنية طوقت مطار النجف الدولي، مُصرّاً على عدم تسليم المنصب لبديله.
وأفاد مصدر أمني في النجف، بأن قوة أمنية طوقت مطار النجف الدولي لمنع تنفيذ أمر صدر من مجلس المحافظة بتغيير الإدارة.
وذكر المصدر أن "مدير مطار النجف الذي أصدر مجلس المحافظة قراراً بإعفائه من مهامه، طلب تدخلاً أمنياً من بغداد لإبقائه بمنصبه وعدم سحب مطار النجف الدولي من يد سلطة الطيران المدني".
وأضاف، أن "سلطة الطيران المدني رفضت تنفيذ أمر مجلس المحافظة، وتم إرسال تعزيزات عسكرية لمنع دخول المدير الجديد ومباشرته بمنصبه".
دفع تلك المعطيات إلى عقد اجتماع بين مجلس النجف ومحافظها وقائد شرطتها.
وفي خضم هذه التطورات، أكد رئيس مجلس محافظة النجف، حسين العيساوي، أن "المطار سيتم استلامه يوم الأربعاء".
وقال العيساوي، إن "وفداً من رئاسة الوزراء سيصل صباح الأربعاء إلى النجف للتفاوض حول تسليم المطار، بعد قرار مجلس المحافظة بإمهال الحكومة المركزية ومحافظ النجف 24 ساعة؛ وذلك بعد رفض مدير مطار النجف المقال علي الساعدي تسليمه إلى المدير الجديد حسين مهنه".
وأضاف، أن "المحافظ وقائد شرطة المحافظة يتحملان مسؤولية دخول اي قوة امنية من خارج النجف".
ملف مُتخم بالفساد
وبين الحين والآخر، يُشعل مطار النجف، الجدلَ، بخصوص عائدية المطار وإيراداته، كان أحدها تصريح رئيس سلطة الطيران المدني، في نيسان من العام الماضي، الذي أكد أن السلطة لا تعلم عائدية مطار النجف أو أين تذهب إيراداته.
وفي 8 آذار 2023، أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إنهاء تكليف مدير مطار النجف الدولي حكمت أحمد علي، وتعيين علي أحمد حسن الساعدي بديلاً عنه، ثم تلاه إعلان رئيس سطلة الطيران المدني عن عودة مطار النجف الدولي إلى إدارة السلطة".
وباشر مدير مطار النجف الجديد علي أحمد حسن الساعدي، مهام عمله رسمياً، حيث وصل بطائرة عسكرية إلى مطار النجف، وبرفقته عددا من مديري الأقسام في سلطة الطيران المدني والجهات الرقابية".
قصة تأسيس المطار
بعد قيام محافظة النجف الأشرف بتأهيل المطار العسكري الصغير عام 2008 وتحويله إلى مطار دولي، بمنحة من رئيس الوزراء حينها (٥٠ مليون دولار) ولعدم توفر الكفاءات حينها، منحت المحافظة حق إدارته وتشغيله إلى شركة العقيق الكويتية لمدة خمس سنوات على أن تستثمر الشركة خلال هذه المدة ٥٠ مليون دولار من أموالها في إكمال متطلبات تشغيل المطار (أجهزة ملاحية ومعدات أرضية وشركة أمنية وسياج أمني ورُخص تشغيل) على أن تكون الأرباح مناصَفة بين محافظة النجف وشركة العقيق.
وبالفعل، تم تشغيل المطار في ٢٠٠٨، ولكن بعد فترة حدثت خلافات بين مجلس المحافظة وشركة العقيق، فمجلس المحافظة ادعى أن الشركة لم تنفذ بنود العقد الخاص بها، وشركة العقيق ادعت أن المحافظة تقيّدها فلا تستطيع تنفيذ خططها التطويرية.
سيطرة مجلس المحافظة على المطار
وفي 2011 خرجت شركة العقيق، فسيطر مجلس المحافظة حينها على إدارة وتشغيل المطار، وكان عقد التشغيل مع العقيق ينص على أن الخلافات تُحوَّل إلى مركز التحكيم الدولي في دبي، واستمر المطار في عمله وحدثت قفزات كبيرة بعدد الطائرات اليومي القادمة والمغادرة، وتضخمت الواردات بشكل كبير جداً، ولكن لا المحافظة ولا شركة العقيق حصلت على حصتها.
وبعد أن عجزت عن إرجاع حقوقها ودياً، أعلنت شركة العقيق المستثمرة لمطار النجف الأشرف الدولي، في 2012، اللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترجاع حقوقها التي أنفقتها على إنشاء المطار الذي أصبح رقماً يُشار إليه بالبَنان في المنطقة.
واستكملت الشركة الإجراءات القانونية والإدارية كافة، ورفعتها عن طريق شركة محاماة متخصصة إلى محكمة التحكيم الدولية في دبي ضد الإدارة المدنية في النجف التي تماطل بإعادة حقوق الشركة تحت حُجج واهية وغير منطقية.
وتعهدت شركة المحاماة بكسب الدعوى واسترجاع حقوق الشركة وذلك لامتلاكها كل الأوراق والثبوتيات الرسمية، ومن الجدير بالذكر أن الإدارة المدنية ألغت العقد عام 2010 من جانب واحد، واستولت على المطار وأبعدت الشركة المؤسِّسة والمستثمرة للمطار دون سند قانوني، فقامت محافظة النجف الأشرف، بإرسال وفد إلى دولة الكويت من أجل التفاوض مع الشركة، وتحت رعاية أمير الكويت وتوصلوا إلى دفع ٧ مليون دولار من أجل فسخ العقد وإنهاء الخلاف، ولكن كان هناك من هو مستفيد من بقاء هذا الإشكال القانوني، والذي قام بدوره بتخريب هذا الاتفاق، وبالتالي استمر الوضع القانوني الغائم للمطار فسهَّل على المتحكمين به التصرف بكل وارداته وكأنه ملك خاص بهم، وحتى الآن وبعد أن تحولت إدارة المطار إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بقي المسيطرون على المطار كما كانوا، بإبقاء الإشكال القضائي مع شركة العقيق، واستمر المطار بلا رقابة ولا محاسبة.
شكوى ضد المحافظ
ورفعت شركة العقيق الكويتية، في كانون الأول الماضي، دعوى قضائية ضد محافظ النجف الأسبق، ماجد الوائلي بتهمة سرقة أموالها، حيث أظهرت وثيقة رسمية، قيام شركة العقيق الكويتية برفع دعوى قضائية ضد محافظ النجف ماجد الوائلي، متهمةً إياه بسرقة مستحقاتها المالية، كونها الشركة المستثمرة لمطار النجف سابقاً، وبحسب هذه الوثيقة فإن هناك شكوى من شركة العقيق في المحكمة التجارية العراقية على محافظ النجف باعتباره الطرف الأول في العقد الموقِّع مع شركة العقيق.
ممثل التيار الصدري أبو أكثم في المطار
وافتُضحت قصة الفساد في مطار النجف الأشرف، بعد قيام التيار الصدري بالتخلي عن جواد الكرعاوي (أبو أكثم) في نيسان 2017 حين أشار رئيس كتلة الأحرار في مجلس محافظة النجف، وسام الزجراوي، بأن تعليمات سياسية من مراجعه قد وصلته، تفيد بأن جواد الكرعاوي لم يعد ممثلاً للتيار في إدارة مطار النجف، مضيفا أنه على إثر ذلك صدّرتُ بياناً داخل مجلس إدارة المطار، طالبتُ فيه بإقالة الكرعاوي من منصبه.
وكان نص البيان، الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، أشار إلى أن الأمانة العامة لكتلة الأحرار قد فصلت الأخير من الكتلة، في تاريخ 22 آذار الماضي. وحمَّل البيان، الموقَّع من رئيس كتلة الأحرار في مجلس محافظة النجف، مجلس وإدارة مطار النجف التبعات القانونية في إبقاء الكرعاوي في منصبه.
ومن خلال مجلس إدارة المطار الذي تشكَّل من قبل جهات سياسية مختلفة، كان جواد الكرعاوي (أبو أكثم) يمثل فيه التيار الصدري، ويُعرف "أبو أكثم" بأنه أبرز المقرَّبين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلا أن الصدر أمر أتباعه منتصف عام 2019، بمداهمة مصالح "أبو أكثم" ومنها المولات والأسواق ومبنى مطار النجف الأشرف، وعقب اشتداد الحرب بين الصدر وأبو أكثم، ناشد الأخير في تسجيل صوتي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي بالتدخل، وقال إن أنصار مقتدى الصدر هاجموا مركزه “المول” وأصابوا اثنين من العاملين فيه بجروح.
في عام 2021، أصدر القضاء العراقي، حُكماً بحق نائب مدير مطار النجف السابق جواد عبد الكاظم علوان الكرعاوي المعروف بـ(أبو أكثم) بالحبس 4 سنوات بجريمة الرشوة في عقد استثمار مطار النجف.
واعتُقل "أبو أكثم" في أيلول 2020، على خلفية اتهامات بالفساد تتعلق بصفقات عُقدت أثناء توليه المنصب في مطار النجف، وبناءً على تحقيقات (لجنة مكافحة الفساد والجرائم المهمة) صدر الحكم عليه في القضية الخاصة عن جريمة الرشوة ــ عقد استثمار مطار النجف وفق أحكام القرار ١٦٠ لسنة ١٩٨٣، وكذلك تم الحكم عليه عن قضية عقد المدرج الجديد في مطار النجف الأشرف وفق أحكام القرار 160 لسنة 1983 فأصبح مجموع الأحكام عليه 8 سنوات.