مطار بغداد غارق بالفساد.. شركة وهمية تُدير أمنه ومدير فاسد يسرق مبالغ طائلة ويهرب.. تعرّف على فراس العزاوي وقضيته الأخيرة
انفوبلس..
ضجة كبيرة تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة بمطار بغداد، حيث ظهرت إلى الملأ مشاكل وفساد متعلق بالشركة الأمنية الكندية المسؤولة عن أمن المطار "بزنس إنتل" ومديرها المفوّض فراس العزاوي الذي هرب بعد سرقته 12 مليون دولار في وقت أنهت الشركة الكندية تعاقدها معه واتهمت الجانب العراقي بإبقائه رغم علمه بفساده.
وفي مقطع فيديو يظهر فيه مدير شركة بزنس إنتل تم نشره السبت الماضي، أكد فيه هروب فراس العزاوي إلى جهة مجهولة وبحوزته أموال طائلة، فيما كشفت مصادر مطلعة أن قيمة المبالغ التي استحوذ عليها العزاوي قبل هروبه تفوق الـ 12 مليون دولار.
بيان الشركة
السبت الماضي، أعلنت شركة بزنس إنتل، المسؤولة عن توفير الحماية لكافة مرفقات مطار بغداد الدولي، عن عزل مديرها المفوَض فراس هاشم العزاوي، وتعيين أوس صبحي الدراجي عوضاً عنه.
قرار الشركة جاء بسبب ضلوع مديرها السابق (فراس هاشم العزاوي) في إدارة عمليات فساد كبيرة داخل شركة الطيران المدني العراقية، وفق بيانٍ لـ "بزنس آنتل".
وأبلغ مدير شركة بزنس آنتل، حفيظ أوكي، منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) في رسالةٍ موجهة بتاريخ 5 مايو/ أيار الجاري، بعدم قدرة الشركة على سيطرتها على كمية الفساد الموجودة في إدارة الشركة ببغداد وضلوع مديرها المفوّض بعمليات فساد كبيرة.
وقال مدير بزنس آنتل: أبلغنا الجهة المتعاقدة (سلطة الطيران المدني العراقي والشركة العامة للملاحة وإدارة الطيران) بعزل المدير المفوض وتعيين آخر جديد، لإيقاف هذا الخرق الأمني والفساد الموجود.
وأضاف: فاجأتنا الجهة المتعاقدة بعدم قبول طلبي وإصرارها على بقاء المدير المفوض السابق الفاسد مع علمها بفساد هذا الشخص.
وتابع: نبلغكم ما هو الوضع الحالي لمطار بغداد الدولي والخروقات الأمنية الموجودة، بسبب الفساد الإداري وتدخلهم الواضح والصريح بإدارة أعمال الشركة الأمنية الداخلية.
وزاد: عدم استجابة الشركة العامة للملاحة وإدارة المطارات، يجعل مطار بغداد من أسوأ المطارات الموجودة في العالم، وعليه ستقوم الشركة بإيقاف العمليات الخاصة بتوفير الحماية الأمنية لمطار بغداد وتحميل الجهة الآنفة الذكر ومدير أمن الطيران، السبب.
وختم مدير الشركة رسالته: ستقوم الشركة بإبلاغ السفير الكندي بهذا القرار مفاتحة الخارجية العراقية ورفع دعوى قضائية في جميع المحاكم، لعدم تمكننا من أداء واجبنا كشركة مسؤولة عن أمن مطار بغداد ودفع كافة المستحقات التي بذمّتهم.
علاقات مشبوهة
ويوم أمس الأحد، اعتبرت شركة "بزنس انتل" الكندية المعنية بحماية أمن مطار بغداد الدولي، أن "العلاقات والمصالح المشبوهة" التي تربط المدير المفوض السابق فراس العزاوي بدوائر ومؤسسات عراقية تقف بوجه إنهاء تفويض الشركة للعزاوي المتهم بسحب 8 ملايين دولار من حساب الشركة دون علمها.
وقال مدير الشركة حفيظ أوكي: "منذ تولينا عقد مطار بغداد الدولي سنة 2022 بدأت أمور الشركة تسوء بسبب الإدارة السيئة بعد تفويض فراس العزاوي بإدارة الشركة في العراق"، مبينا "حاولنا في العديد من المرات عن طريق البريد الالكتروني او غيرها من الطرق بمراسلة فراس العزاوي لغرض توضيح الأمور المالية وبيان كمية الأموال التي سحبت دون علمنا، ولكن لم يرد علينا".
وأضاف أوكي، أن "جميع هذه الحركات المالية المشبوهة التي تمت من حساب الشركة المالي، تمت من قبل فراس العزاوي بدون علم مالك الشركة عندما سحب نحو 8 ملايين دولار".
وتابع، أن "الشركة في البداية فوضت فراس العزاوي بإدارة الشركة في العراق، لكنه الان يحاجج الشركة بالتفويض القديم الذي منحته له الشركة ومن ثم قامت بإلغائه، وبالتالي فإنه الان يصر على البقاء في منصبه رغم شبهات الفساد التي تحوم حوله".
وأكد مير الشركة، أن "فراس العزاوي الان مجرد موظف بعد ان قامت الشركة بإنهاء تفويضه لإدارة الشركة، لكن الدوائر العراقية تعرقل قرار إنهاء تفويضه، ونعتقد ان هناك علاقات مجهولة ومصالح مشتركة بينها وبين العزاوي".
وأظهرت وثائق داخلية وخارجية لشركة بزنس انتيل الكندية، والمعنية بحماية أمن مطار بغداد وفق عقد ابرمته مع العراق في أكتوبر 2022، عمليات مشبوهة تحيط بأعمال الشركة أو فرعها في بغداد على الأقل، فيما لا تقتصر الشبهات على فرع الشركة بل يطال الجهات العراقية المسؤولة المتمثلة بشركة الملاحة وإدارة المطارات.
شركة شبه وهمية
وفي أواخر عام 2023، كشف تقرير استقصائي لموقع "او سي سي ار بي" المتخصص بالجريمة المنظمة والفساد، ان موظفي مطار بغداد اعربوا عن مخاوفهم بشأن شركات الامن الأجنبية العاملة في المطار وخصوصا ان امن المطار تشرف عليه شركة بزنس انتل الكندية شبه الوهمية التي سيطرت على امن المطار منذ تشرين الأول عام 2022.
وذكر التقرير ان "عددا من الموظفين الأجانب العاملين في الشركة لم يتسلموا رواتبهم منذ عدة اشهر فيما قال إينوسنت أودار، وهو مقاول أمني أوغندي وخبير في الكلاب يبلغ من العمر 37 عاماً، إنه طُرد من العراق في أواخر أيلول الماضي بعد أن كتب هو وخمسة من زملائه رسالة إلى الشرطة يشكون فيها من ظروف عملهم ويحاولون إخبارهم بأن أكبر مطار في البلاد معرض للخطر".
وأضاف ان " الموظفين قالوا انهم لم يتسلموا رواتبهم منذ شهر أيار الماضي من الشركة الكندية وقد أيد الصحفيون شهاداتهم باستخدام وثائق من الشركة قدمها الموظفون الحاليون والسابقون، بما في ذلك جدول بيانات مسرب لرواتب الموظفين، وكشوف المرتبات، وعقود العمل، والرسائل التي طلبت الشركة من الموظفين التوقيع عليها للتنازل عن مطالبهم بالراتب المستحق".
واعتبر اودارا إن " عدم دفع الرواتب يعد خرقا امنيا فقد أصبحوا ضعفاء ومحبطين ولم يتمكنوا من التركيز في العمل، كما ان ذلك يجعلهم عرضة للرشوة والسرقة وإدخال المواد الممنوعة مقابل مبالغ مالية ".
من جانبه قال آندي هيجينز، وهو متخصص طيران بريطاني عمل في شركة بيزنيس إنتل الكندية لأكثر من ستة أشهر، إن "عدم الدفع قد يعرض أمن المطار للخطر"، مضيفا انه "بمجرد أن تتوقف عن دفع أجور موظفيك، يصبحون عرضة للرشوة والإكراه، الأمر بسيط للغاية، و هذه تهديدات مباشرة للطيران".
وأوضح التقرير ان " شركة بيزنز انتل الكندية التي تتولى امن مطار بغداد مسجلة في اونتاريو بكندا حيث أدرجتها مواقع الويب التابعة لجهات خارجية على أنها شركة سياحية أو شركة إلكترونيات، كما ان الرئيس التنفيذي للشركة هو حفيظ أوكي، وهو رجل أعمال أفغاني كندي كان عمله السابق يشمل بيع الفراش للفنادق وإدارة منظمة غير حكومية لتقويم العظام تصنع الأطراف الاصطناعية في قندهار في التسعينيات مما يعني ان اختصاص الشركة غير أمني بالأصل".
وتابع ان "عضو البرلمان عالية نصيف اشارت إلى مشاكل تتعلق بالطريقة التي تم بها منح العقد، وطلبت من هيئة النزاهة العراقية التحقيق في عقد شركة بزنس إنتل، قائلة إن الشركة لم تقدم الاعتماد لأصولها الرأسمالية أو خبرتها أو أعمالها الأمنية السابقة، وأن لديها موظفين اثنين فقط".
وأشار التقرير الى ان "الشركة زعمت انها لديها خبرة في جميع أنحاء العالم، وأنها "لعبت دورًا رئيسيًا في أمن" أربعة مطارات في أفغانستان، لكن أربعة من موظفي بينهم ثلاثة أفغان من الشركة الكندية قالوا انهم لم يسمعوا قط عن الشركة في بلادهم".
وقال عدد من الموظفين الحاليين والسابقين إنهم" عندما وصلوا إلى بغداد لأول مرة، كان الموظفون الوحيدون الذين التقوا بهم هو أوكي، ابنه في سن الجامعة، وفراس هاشم العزاوي مدير الفرع في بغداد وسلطت الوثيقة، التي قال هيغينز إنها قدمت إلى رئيس الوزراء العراقي، الضوء على السير الذاتية لعشرة من المتخصصين في مجال الأمن، الذين زعمت أنهم يشكلون "الفريق الإداري" لشركة بزنس انتل كما عثر الصحفيون على تفاصيل اتصال لخمسة من الأشخاص المدرجين في القائمة، لكن الأشخاص الذين تم الوصول إليهم لم يرغبوا في التعليق خوفا على انفسهم".
واختتم التقرير بالقول ان " مكتب رئيس الوزراء العراقي لم يستجب لطلبات التعليق، وامتنعت وزارة النقل العراقية عن التعليق قائلة إن أمن المطار يتولى إدارة الطيران المدني الدولي".
وثائق
أظهرت وثائق داخلية وخارجية لشركة (بزنس أنتيل) الكندية، والمعنية بحماية أمن “مطار بغداد” وفق عقد أبرمته مع “العراق” في تشرين أول/أكتوبر 2022، عمليات مشّبوهة تُحيط بأعمال الشركة أو فرعها في “بغداد” على الأقل، فيما لا تقتصر الشُّبهات على فرع الشركة بل يطال الجهات العراقية المسؤولة المتمثلة بـ”شركة الملاحة وإدارة المطارات”.
وبحسّب وثائق؛ نشرتها منصات إخبارية محلية، فإن الشركة الأم المسُّجلة في “كندا”؛ ومديرها الذي يُدعى؛ “حفيظ أوكي”، أفغاني الأصل، اكتشف أن المدير المفوض للشركة في “العراق”، والذي يُدعى: “فراس العزاوي”، يقوم بعمليات فساد وسّحب أموال من حساب الشركة، الأمر الذي دفع الشركة الأم لمحاولة تغييّره وعمّمت مخاطبات إلى “العراق” لإنهاء تفويض “العزاوي”، وتعييّن “أوس صبحي الدراجي”؛ مديرًا مفوضًا، فيما اشترط كتاب التفويض عدم السماح لـ”الدراجي” بإيداع أو سّحب الأموال أو فتح الحسابات المصرفية للشركة إلا بتفويض مباشر من قبل الرئيس التنفيذي للشركة الأم في “كندا”.
وأظهرت واحدة من الوثائق أن المدير السابق؛ “فراس العزاوي”، قام وخلال الفترة بين تموز/يوليو وكانون أول/ديسمبر 2023، بسّحب أكثر من: (8) ملايين دولار من حساب الشركة، وهي ذات الفترة التي ظهرت فيها إشكاليات وصرخات موظفي الشركة في “مطار بغداد”؛ الذين أكدوا عدم تسّلم رواتب لمدة (05) أشهر على الأقل، في حين تم ترهيب وطرد الموظفين المعترضين وتقليل وجبات طعام الموظفين، بحسّب تقارير وتحقيقات صحافية في حينها.
إلا أن أخطر ما في الوثائق؛ هي رسالة وجهها مدير الشركة الأم، “حفيظ أوكي”، إلى “منظمة الطيران الدولي”؛ (الإيكاو)، يشكو فيها من رفض الجانب العراقي لمخاطباته بإنهاء تفويض المدير المشّبوه؛ “فراس العزاوي”، مؤكدًا أن الجهة المتعاقدة معهم المتمثلة بـ”سلطة الطيران المدنية” و”الشركة العامة للملاحة وإدارة الطيران” ترفض طلب الشركة الأم وتصُّر على الإبقاء والتعامل مع “فراس العزاوي”، بالرُغم من الممارسات الفاسدة التي يقوم بها، بحسّب وثيقة مخاطبة الشركة الموجهة لـ (الإيكاو).