مفوضية الانتخابات تمنح إجازة تأسيس لحزب يقوده "نور زهير"

مطلوب يقود حزباً
انفوبلس..
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، صادقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على تأسيس حزب سياسي جديد يُعرف بـ"حركة الرواد الوطني"، رغم ارتباطه بـ" نور زهير" الشخصية المتهمة في واحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ العراق الحديث، ولا تزال مذكرات القبض بحقه سارية.
ويقف نور زهير، وراء تأسيس هذا الحزب، ما يطرح تساؤلات جدية حول معايير النزاهة القانونية والسياسية في البلاد، ويخشى مراقبون من أن تُستخدم مثل هذه الأحزاب كواجهات لتبييض الأموال والتأثير على العملية الانتخابية، وسط دعوات لمحاسبة الجهات التي مررت هذه المصادقة المثيرة للجدل.
وأفاد مصدر مسؤول، اليوم الأربعاء، بأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وافقت مؤخراً على طلب تأسيس حزب سياسي تابع للمطلوب للقضاء نور زهير.
وقال المصدر، إن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات صادقت على تأسيس حزب سياسي يحمل اسم "حركة الرواد الوطني"، ويرتبط بالمتهم في قضايا فساد كبيرة، أبرزها ملف سرقة الأمانات الضريبية، المعروف إعلامياً بـ"سرقة القرن"، نور زهير".
وأكد، إن "المصادقة تمت رغم وجود مذكرات قبض صادرة بحق زهير، مما يشكل مخالفة صريحة للقانون والدستور العراقي، الذي يمنع مشاركة شخصيات مطلوبة للقضاء أو متورطة في قضايا فساد من ممارسة العمل السياسي أو تأسيس أحزاب".
واجهات لتبييض الأموال
تحذير من خطورة السماح لأشخاص متهمين بالفساد بتأسيس أحزاب قد تُستخدم كواجهات لتبييض الأموال والتأثير على العملية الانتخابية
وحذر المصدر من "خطورة السماح لأشخاص متهمين بالفساد بتأسيس أحزاب قد تُستخدم كواجهات لتبييض الأموال والتأثير على العملية الانتخابية"، مشيراً إلى أن "هؤلاء المتهمين يمتلكون ثروات طائلة تتيح لهم تمويل شبكات سياسية وإعلامية بهدف تحقيق مكاسب انتخابية بطرق غير قانونية".
وطالبت عدد من "الجهات السياسية والحكومية وهيئة النزاهة والقضاء باتخاذ موقف واضح وصريح إزاء هذا الخرق"، داعياً إلى "وقف إجراءات تسجيل أي كيان سياسي له صلة بشخصيات مطلوبة، ومحاسبة المسؤولين عن تمرير هذه المصادقة، حمايةً لنزاهة العملية الديمقراطية ومنع اختراقها من قبل "السرّاق".
يُذكر أن "حركة الرواد الوطني" أعلنت رسميًا عن مشاركتها في انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2025.
منح إجازة تأسيس الحزب
وضمن الإجراءات الرسمية التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أفادت دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية بأنها منحت إجازة التأسيس لحزب "حركة الرواد الوطني"، وذلك بعد مصادقة مجلس المفوضين، استنادًا إلى قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم (36) لسنة 2015.
وجاء في بيان الدائرة أن مديرها العام، هيمان تحسين حميد، سلّم إجازة التأسيس المرقمة (337) بشكل رسمي يوم الأربعاء الموافق 21 أيار/مايو 2025.
وأشارت المفوضية إلى أن منح الإجازة يأتي في إطار ما وصفته بـ"دعم المسار الديمقراطي وتعزيز المشاركة السياسية"، مؤكدة أن الحزب المستحدث استوفى الشروط القانونية المطلوبة، وفق ما ورد في نص البيان.
مَن هو نور زهير
يُعد نور زهير، مالك شركتي "القانت" و"المبدعون"، أحد الأسماء البارزة في ملف ما بات يُعرف بـ"سرقة القرن"، حيث تم اعتقاله في مطار بغداد الدولي بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أثناء محاولته مغادرة البلاد.
وعلى الرغم من خطورة التهم الموجهة إليه، قرر القضاء إطلاق سراحه بكفالة مالية، مقابل تعهده بإعادة المبالغ التي تشير الأدلة إلى أنه استحوذ عليها من أموال هيئة الضرائب العامة.
وكان تقرير صادر عن لجنة النزاهة النيابية قد كشف أن المبالغ المسروقة من حساب أمانات الهيئة العامة للضرائب في مصرف الرافدين، والبالغة نحو 3.7 تريليون دينار عراقي، تعود إلى شركات صينية.
وبيّن التقرير، أن خمس شركات، من بينها شركتا نور زهير، حصلت على هذه الأموال بطرق غير قانونية خلال الفترة بين آب/أغسطس 2021 وأيلول/سبتمبر 2022، عبر 247 شيكًا صُرفت من فرع مصرف الرافدين الواقع داخل مبنى الهيئة.
ووفقًا للتحقيقات، فقد جرى تسهيل صرف هذه الشيكات من خلال تواطؤ موظفين نُقل أحدهم إلى الهيئة خصيصًا لتوقيع عمليات الصرف.
وقد أشار التقرير إلى تقصير واضح من قبل مكتب مكافحة غسل الأموال في التعامل مع هذا الملف، مما سهل استمرار عمليات الاستيلاء.
وتعود بداية كشف هذه الفضيحة إلى تشرين الأول/أكتوبر 2022، عندما أظهر تدقيق داخلي أجرته وزارة المالية أن الهيئة العامة للضرائب قامت بتحويل مبالغ ضخمة لخمس شركات بشكل احتيالي، رغم تقديم تلك الشركات بيانات مالية محدثة تشير إلى استحقاقها استرداد الضرائب، وهو ما ثبت لاحقًا أنه كان غطاءً لعملية نهب منظم.
اللافت أن بداية الانتباه إلى هذه السرقة جاءت إثر شكوى من شركة نفط أجنبية لم تتمكن من استرجاع ودائعها الضريبية، الأمر الذي أثار شكوكًا دفعت إلى فتح تحقيق رسمي.
وقد تم تأجيل محاكمة نور زهير إلى 27 آب/أغسطس الجاري، بعد غيابه عن الجلسة المقررة في 14 من الشهر ذاته، ما يثير تساؤلات بشأن سير العدالة في واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي في تاريخ العراق الحديث.