هرّبت النفط ودفعت الرشوة.. تاريخ طويل من مخالفات شركة "بتروفاك" البريطانية في العراق.. تعرّف عليه بالتفصيل
انفوبلس..
دخلت إلى العراق منذ عام 2010 بحماية دولتها الأم، بريطانيا، وحصلت عبر السنوات على عقود مشبوهة حتى ثبُت تورطها بدفع رشاوى في العراق ودولتَين عربيتَين، فضلاً عن قيامها بتهريب نفط العراق خلال فترة عملها في حقوله، فماذا تعرف عن شركة "بتروفاك" البريطانية؟ وهل ما زالت تعمل في العراق رغم كل جرائمها؟
ما الجديد؟
يوم أمس، تحدث عضو مجلس النواب علاء الحيدري، في لقاء متلفز حول فساد شركة بتروفاك البريطانية، مؤكداً أن مديرها السابق أقر بدفع الرشاوى الى مسؤولين عراقيين وكان هناك 5 موظفين في وزارة النفط يتقاضون رواتب من الشركة، وأنها كانت تهرّب النفط العراقي ومتهمة بدعم تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي، فضلاً عن كونها محظورة في بريطانيا، مطالباً بحظرها في العراق.
ويوم الجمعة الماضي، حذر النائب علاء الحيدري، من التعاقد مع شركة بتروفاك البريطانية وذلك لاتهامها بجرائم الاحتيال ودفع الرشى لبعض المسؤولين في العراق.
وقال النائب في منشور على منصة "أكس"، إنه "شركة بتروفاك البريطانية متورطة بجرائم الاحتيال ودفع الرشى لبعض المسؤولين في العراق لضمان استمرار التعاقد معها لتشغيل موانئ التصدير العائمة في ميناء البصرة النفطي".
وأضاف: "ورغم جهودنا السابقة ولا نبخس جهود من سعى لمنع التعاقد مع شركة بتروفاك البريطانية عام 2022 تعود اليوم وزارة النفط جهارا نهارا متجاهلة جميع القرارات الرسمية بمنع التعاقد معها وتسعى لإعادة التعاقد مع الشركة آنفة الذكر بأسلوب الالتفاف والتدليس وذلك عن طريق دعوة شركة جوار الخليج لتقديم عطاءها مع شريكتها بتروفاك البريطانية".
وأشار النائب الى، أنه "بهذا نحذر جميع من يسعى لإعادة تلك الشركة للعمل في العراق بشكل عام والقطاع النفطي بشكل خاص باي شكل من الاشكال وسنتابع هذا الملف مع جميع الجهات القضائية والرقابية للإطاحة بالفاسدين".
تاريخ الشركة في العراق
في عام 2014، منح مجلس الوزراء عقداً بقيمة 535.8 مليون دولار لبتروفاك البريطانية للخدمات النفطية لتقديم خدمات الإدارة في مشروع حقل الرميلة العملاق الذي يضخ أكثر من ثلث إجمالي إنتاج العراق من النفط الذي يربو على ثلاثة ملايين برميل يوميا.
وفي تموز من عام 2017، أعلنت الشركة انها حصلت على تمديد عقد وجائزة جديدة بقيمة اجمالية تزيد عن 100 مليون دولار. وذلك، لإدارة البناء والهندسة والتكليف وخدمات بدء التشغيل لشركتين نفطيتين دوليتين في العراق.
وفي كانون الأول من العام ذاته، قالت الشركة في بيان، إن "قسم الخدمات الهندسية والانتاجية في الشركة حصل على مبلغ 160 مليون دولار من شركة نفط البصرة لصالح مشروع توسع صادرات النفط الخام العراقي".
ويقع المرفق، عن جزء كبير من صادرات العراق النفطية، على بعد 60 كيلومترا من الشاطئ في شبه جزيرة الفاو في جنوب العراق. وتتألف من منصة قياس مركزية ومنصة متعددة وأربع مراسي ذات نقطة واحدة تسهل تصدير النفط إلى ناقلات النفط الخام في انتظارها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن شركة بتروفاك مسؤولة عن ما يقرب من 300 كم من خطوط الأنابيب البحرية، و 1800 متر من البنية التحتية لخراطيم المياه تحت سطح البحر، وانتشار بحري يضم 14 سفينة.
وقال ماني راجاباثي، العضو المنتدب في قسم الخدمات الهندسية والإنتاج الشرقية نحن "سعداء لمواصلة دورنا في دعم هذا المرفق الرئيسي لتصدير النفط الخام منذ بدء مشاركتنا في عام 2012"، مبينا انه "قمنا بتصدير أكثر من 2.2 مليار برميل من النفط مع الاحتفاظ بسجل سلامة لا تشوبها شائبة وظلنا نركز أيضا على إضافة قيمة لعملائنا من خلال نشر حلول مبتكرة ومتميزة".
وقال إحسان اسماعيل، المدير العام لشركة نفط البصرة إن "بتروفاك شريك رئيسي لبنك البحرين والكويت وقد دعمنا الفريق على مدى السنوات الخمس الماضية لزيادة الصادرات بشكل كبير من مرفق إكويب ونحن نتطلع إلى مواصلة علاقتنا في 2019".
وفي عام 2018، وقع العراق عقدا بقيمة 369 مليون دولار مع بتروفاك لبناء محطة جديدة لمعالجة الخام في حقل مجنون النفطي العملاق.
ونقلت وكالة "رويترز" عن إحسان عبد الجبار مدير شركة نفط البصرة أن شروط الصفقة تنص على استكمال أعمال بناء المنشأة الجديدة البالغة طاقتها الإنتاجية 200 ألف برميل يوميا في غضون 34 شهرا.
تحقيقات الرشوة
أما عام 2019، فقد شهر ضجة كبيرة وذلك بسبب تحقيقات في بريطانيا تتعلق بقيام الشركة بدفع رشاوى في 3 دول عاملة فيها بضمنها العراق، وأعلن مدير عام شركة نفط البصرة إحسان عبد الجبار للصحفيين في لندن بأن العراق أخذ إجراء وقائيا لتجميد التعامل مع بتروفاك فيما يخص العطاءات الجديدة.
ولكن في الوقت ذاته، قال أليستير كوتشران المدير المالي لشركة بتروفاك إن شركة خدمات حقول النفط ليست على دراية بأي إخطار رسمي بتعليق مشاركتها في عطاءات عقود جديدة في العراق.
وخضعت حينها بتروفاك لتحقيقات يجريها مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني بعد إدانة مديرها العالمي السابق للمبيعات ديفيد لوفكين فيما يتعلق بأحد عشر اتهاما بالرشوة يرتبط بصفقات في الشرق الأوسط.
وتركز بتروفاك على العمل في جنوب العراق، وتقدم الخدمات الهندسية في حقلي النفط مجنون والرميلة، ومحطة معالجة الغاز في الناصرية، وحقل حلفاية. ولديها أيضا أنشطة في إقليم كردستان.
وشكلت الإيرادات من العراق نحو 4% من إجمالي إيرادات بتروفاك عام 2018، بحسب أرقام الشركة، التي فازت بعقد قيمته نحو 400 مليون دولار في البلاد.
وقال أليستير كوتشران، المدير المالي لبتروفاك، إن الشركة خسرت عقوداً بنحو 10 مليارات دولار حول العالم بسبب التحقيق الذي يجريه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة بشأن صفقاتها في العراق.
ومع انتشار تلك الأنباء، أكد الخبير النفطي فرات الموسوي، أن شركة بتروفاك النفطية حصلت على عقود عملاقة "مشبوهة" منذ لحظة تواجدها في العراق.
وقال الموسوي إن "هيئة النزاهة يجب عليها التحقيق بفتح ملفات فساد شركة "بتروفاك"، مشيراً الى أن "فساد الشركة هو اختبار حقيقي للحكومة بالوقوف امام ملفات الفساد"، مضيفاً أن "جهات متنفذة تقف خلف شركة بتروفاك وعلى الحكومة الوقوف بوجه الجهات وكشفها للشارع العراقي".
صمت يتبعه استئناف العمل
وبعد صمت لأشهر، قالت شركة بتروفاك البريطانية في أيار من عام 2020، إنها حصلت على تمديد عقد تنفيذها لمشروع توسيع تصدير النفط الخام العراقي جنوب البلاد لمدة 6 أشهر إضافية، بالتنسيق مع شركة نفط البصرة.
وأضافت، إن تمديد العقد يعكس سجل بتروفاك الناجح لمدة 7 سنوات ونصف، للتسليم الآمن والفعَّال والقدرة على الحفاظ على مستويات التصدير وتحسينها كمقدم للعمليات وصيانة الخدمات.
وذكرت الشركة البريطانية، إن المنشأة التي تُعد واحدة من أكبر محطات التصدير في الخليج وتتعامل مع نحو 50% من صادرات النفط الخام العراقي، تقع على بعد 60 كم من شبه جزيرة الفاو في جنوب العراق.
ويتكون المشروع من منصة قياس مركزية ومتشعبة و4 مراسي أحادية النقطة، تسهل تصدير النفط في انتظار ناقلات النفط الخام. بالإضافة إلى ذلك، فإن شركة بتروفاك مسؤولة عما يقرب من 300 كم من خطوط الأنابيب تحت سطح البحر.
الإقرار بالجريمة
في تشرين الأول من عام 2021، اعلنت مجموعة خدمات النفط البريطانية "بتروفاك"، تلقيها غرامة 77 مليون جنيه استرليني لدفع رشاوى في العراق ودول أخرى في تحقيق فساد استمر لأكثر من 4 سنوات.
وقالت الشركة في بيان لها على موقعها اطلعت عليه "انفوبلس"، إن "محكمة ساوثوارك كراون فرضت عليها غرامة إجمالية قدرها 77 مليون جنيه إسترليني (حوالي 104.6 مليون دولار أمريكي) فيما يتعلق بسبعة عقود تاريخية جرائم الفشل في منع موظفي مجموعة Petrofac السابقين من تقديم أو سداد مدفوعات للوكلاء فيما يتعلق بالمشاريع الممنوحة بين عامي 2012 و2015، في دول العراق والسعودية والامارات خلافًا للمادة 7 من قانون الرشوة في المملكة المتحدة لعام 2010".
وتتكون العقوبة من العناصر التالية: أمر مصادرة بقيمة 22.8 مليون جنيه إسترليني مستحق الدفع بحلول 3 يناير 2022؛ غرامة قدرها 47.2 مليون جنيه إسترليني مستحقة الدفع في 14 فبراير 2022، وتكاليف مكتب مكافحة الاحتيال الخطير البالغة 7 ملايين جنيه إسترليني مستحقة الدفع في 14 فبراير 2022.
وقال رئيس الشركة رينيه ميدوري، هذا يرسم خطاً تحت فترة مؤسفة من تاريخنا لقد تحملنا المسؤولية، وأصلحنا وتعلمنا من اخطاء الماضي، مبينا أن "العمل المكثف الذي قمنا به منذ بدء التحقيق في مكتب مكافحة الجرائم المنظمة (SFO) يعني أن بتروفاك اليوم لديها نظام امتثال وحوكمة شامل يلبي أو يتجاوز أفضل الممارسات الدولية.
وقالت مجموعة خدمات النفط البريطانية بتروفاك في 25 ايلول الماضي، إنها ستُقر بالذنب في سبع تهم بالرشوة لتأمين مشاريع في العراق والسعودية والإمارات بين عامي 2012 و2015، ووصفتها بأنها "فترة مؤسفة للغاية".
عقد جديد بعد الإدانة
وفي آذار من عام 2021، أعلنت الشركة أنها أمَّنَت عقدا بقيمة 80 مليون دولار مع شركة نفط البصرة لمدة عام واحد.
ونقل موقع الشركة أن المرفق الذي ستواصل بتروفاك إدارته، هو واحد من أكبر المنشآت في الخليج ويتعامل مع حوالي 55٪ من صادرات العراق من النفط الخام.
من جانبه قال نائب الرئيس الأول للعمليات في الشرق الاوسط ستيف ويبر، إن "هذا العقد يعزز شراكتنا الطويلة الأجل مع العملاء. منذ بدء مشاركتنا في عام 2012، حيث قمنا بدعم هذه المنشأة لتصدير أكثر من 4 مليارات برميل من النفط. تتمتع فرقنا في العراق بسجل أمان لا تشوبه شائبة واستخدام الحلول المبتكرة في صميم نموذج التسليم الخاص بنا. ونتطلع إلى دعم عملائنا للحفاظ على التشغيل الأفضل في فئته لهذه الأصول الوطنية العراقية المهمة".
يذكر أن شركة بتروفاك تقدم خدماتها في العراق منذ عام 2010، حيث تشارك في مجموعة من المشاريع الخضراء والبنية التحتية في البلاد بقيمة تزيد عن مليار دولار أمريكي فيما منحت عام 2012 مشروع توسيع تصدير النفط الخام العراقي في محطة الفاو جنوب العراق.
تدخل نيابي
وبعد يوم واحد على إعلان الشركة، كشفت النائب عالية نصيف، عن هدر متعمد في المال العام من قبل وزير النفط وزارة النفط من خلال الإصرار على التعاقد مع شركة بتروفاك الممنوعة دولياً من العمل في منطقة الخليج بسبب وجود فساد في عقودها ودفعها رشاوى لمسؤولين حكوميين.
وقالت نصيف في بيان، إن "من أخطر ملفات الفساد الموجودة حالياً في وزارة النفط ملف عمليات تصدير النفط الخام والمتضمن إصرار وزارة النفط على الاستمرار في التعاقد مع شركة واحدة هي شركة بتروفاك المشهورة بفسادها والممنوعة من العمل بموجب قرارات حكومية، إذ تمت محاكمتها في بريطانيا وهي ممنوعة من العمل دوليا في منطقة الخليج العربي بسبب وجود فساد في عقودها ودفعها رشا لمسؤولين حكوميين، ولكن شركة نفط البصرة وبالتعاون مع الدائرة القانونية مستمرة في التعاقد مع هذه الشركة بحجج مختلفة".
وأشارت نصيف الى، أن "العقد المبرم مع شركة بتروفاك مخالف للقانون ولتعليمات تنفيذ العقود الحكومية، فالعقد الأول ابرم في عام 2016 ولمدة عام واحد، الا ان شركة نفط البصرة تمدد العقد منذ عام 2017 ولغاية اليوم خلافا للقانون الذي يسمح بالتمديد فقط لربع المدة اي 3 أشهر فقط.
وأوضحت، إن "الخدمات التي تقدمها هذه الشركة هي من الاختصاص الحصري لشركة الموانئ العراقية باعتراف وزارة النفط ومكتب المفتش العام السابق الذي طالب شركة الموانئ بتوفير معدات الساحبات البحرية لها بدلا من هدر المال العام في العقود المبرمة من قبل شركة نفط البصرة مع شركة بتروفاك، وهذا ما يوضحه كتاب شركة نفط البصرة نفسها المرقم 86712 في 29/ 11 /2018 وكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرقم 1624 في 16 /1 /2018 ومحضر الاجتماع المشترك بين شركة نفط البصرة وشركة الموانئ العراقية بتاريخ 19 /12 /2018".
وبينت نصيف، إن "هذه الشركة مارست النصب والاحتيال على العراق أمام أنظار وزارة النفط، إذ تبلغ كلفة ايجار الساحبات البحرية المستأجرة منها لصالح شركة نفط البصرة بحدود 230 ألف دولار يوميا اي بواقع 7 ملايين دولار شهريا، رغم توفر الساحبات لدى شركة الموانئ العراقية بكتبها المرقمة 4768 في 17/ 2 / 2019 و6399 في 5 / 3 /2019، كما تبلغ أجرة عامل الربط البحري في عقد شركة بتروفاك 350 دولار يوميا بواقع 10000 دولار شهريا للعامل الواحد رغم توفر الكوادر العراقية لدى شركة الموانئ العراقية وبمبالغ اقل بكثير".
وأوضحت، إن "العقد يتضمن قيام شركة نفط البصرة بخصم مبلغ 10000 دولار يوميا في حالة عدم جهوزية المنصة الاحادية spm5 للتشغيل و الصيانة وبواقع 300 الف دولار شهرياً، ولم تلتزم شركة بتروفاك بتجهيز المنصة البحرية ولم تقم شركة نفط البصرة بخصم تلك المبالغ من فواتير الشركة (المدللة) ، كما ينص العقد على قيامها بتدريب كوادر عراقية في شركة نفط البصرة، ولكن لحد الان لم يتم تنفيذ برامج التدريب و لم يتم خصم تكاليف التدريب و ذلك لكي لا يتم توفير كوادر عراقية تقوم بعمل شركة بتروفاك ولكي يستمر التعاقد معها، ومن جهة أخرى صدر قرار من محكمة البصرة لصالح شركة الموانئ العراقية ببطلان عقود شركة نفط البصرة لأن العمل في الموانئ هو من الاختصاص الحصري لشركة الموانئ العراقية".
وطالبت نصيف رئيس الوزراء وهيئة النزاهة والادعاء العام بـ"فتح تحقيق حول هذه القضية وإعلان نتائج التحقيق بأسرع وقت ممكن، لأن كل يوم يمر يخسر فيه العراق مبالغ كبيرة لصالح هذه الشركة الفاسدة ولصالح الفاسدين في وزارة النفط".