هكذا تورطت الإمارات وإسرائيل بسرقة الآثار العراقية.. شركة "هوبي لوبي" اشترت أكثر من 6000 قطعة أثرية من أبو ظبي وتل أبيب
هكذا تورطت الإمارات وإسرائيل بسرقة الآثار العراقية.. شركة "هوبي لوبي" اشترت أكثر من 6000 قطعة أثرية من أبو ظبي وتل أبيب
انفوبلس/..
في كل مكان آثار تعود لحقبة زمنية معينة، في العراق الذي عُرف بأنه بلد الآثار، لكن الاحتلال الأمريكي لم يُبقِ منها سوى القليل المعدود، إذ مهّد هذا الاحتلال الطريق لسرقة إرث بلاد الرافدين، وفيما لا نستغرب تورط إسرائيل بعملية النهب للآثار العراقية، نُصدم بوجود يد خفية لدولة الإمارات العربية كانت من أبرز المساهمين في عمليات السرقة هذه وبيعها لدول أخرى بطرق غير شرعية.
وزارة الثقافة العراقية أعلنت في وقت سابق، استرداد (23.000) قطعة أثرية نُهب معظمها إبّان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، في محاولة لطمس الهوية الحضارية للعراق، في وقت يعجز فيه البلد عن استرجاع الأرشيف اليهودي الذي وصلت أجزاء منه إلى تل أبيب.
*الاحتلال والسرقة
وبحسب تقرير نشره موقع ذا كرادل The Cradle، فإنه في 10 نيسان عام 2003، ضربت الدبابات الأمريكية، بعد احتلالها بغداد، طوقاً حول مبنى وزارة النفط العراقية، ومبنى المخابرات، والمتحف الوطني. ومع الانفلات الأمني، وانتشار عمليات النهب، شددت القوات الأمريكية الطوق على مبنيي النفط والمخابرات، فيما تركت أبواب المتحف الوطني على بعد أمتار قليلة منهما، عِرضةً لنهب مافيا الآثار التي أفرغت المتحف من معظم محتوياته.
في غضون ذلك، عمدت القوات الأمريكية الى إقامة قواعد لها في داخل أهم المواقع الأثرية، شمال العراق وجنوبه، فأنشأت قاعدة عسكرية في موقع آثار بابل التي يعود تاريخها إلى 2300 عام قبل الميلاد، وجرفت بعض أراضيه لاستخدامها مهبطاً للمروحيات العسكرية. وأقامت قاعدة أخرى قرب زقورة أور، التي يعود تاريخها إلى 3800 قبل الميلاد، ومثلها في الحضر والنمرود وغيرهما.
*نهب حضارة
يعود إنشاء المتحف الوطني العراقي إلى عام 1924. يقع في منطقة "العلاوي" وسط بغداد، ويحوي قطعاً أثرية ثمينة من حضارات بلاد ما بين النهرين، السومرية والبابلية والآشورية، والأكدية والكلدانية والساسانية، وهو يمثل أهم صندوق للآثار العراقية.
وينقل الموقع عن خبير الآثار حيدر فرحان، قوله، إن "المتحف يضم آلاف القطع الأثرية والمخطوطات النادرة، ولا توجد إحصاءات رسمية عن عدد الآثار المسروقة من المتحف عام 2003″، محملاً "القوات الامريكية مسؤولية مباشرة وغير مباشرة في سرقة محتوياته".
مصدر مسؤول في وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أكد للموقع، أن "القوات الأمريكية، منذ عام 2003 حتى مغادرتها عام 2011، أمّنت الحماية لفرق إسرائيلية للتنقيب في المواقع الأثرية العراقية، خصوصاً في بابل وأور".
وتتحدث تقارير عراقية عن سرقة نحو (120.000) قطعة أثرية من العراق بين عامي 2003 و2017، تم السطو على القسم الأكبر منها إبّان غزو العراق، فيما يتحمل تنظيم داعش مسؤولية سرقة مقتنيات متحف الموصل شمال البلاد والمواقع الأثرية في المناطق التي سيطر عليها بعد عام 2014.
مدير دائرة المخطوطات العراقية المتحدث باسم وزارة الثقافة، أحمد العلياوي أكد للموقع، أن الوزارة تمكنت من "استرداد أكثر من (23.000) قطعة أثرية خلال ثلاث سنوات، منها (17.300) تم استردادها قبل عامين".
*عمل ممنهج
لم يكن اجتياح المتحف العراقي ونهبه عملية اعتباطية كتلك التي تعرضت لها المؤسسات الحكومية التي تم نهبها عام 2003. ويؤكد مسؤول سابق في المتحف الوطني للموقع، أن "عصابات منظمة بعضها من بلد عربي مجاور، اقتحمت المتحف على مدى ثلاثة أيام تحت أعين القوات الأمريكية التي كانت تتفرج على ما يجري"، لافتا إلى أن المقتحمين كانوا على دراية بخبايا المتحف وقاعاته وبموقع مخازن الآثار التي كانت قيد التحقيق والتسجيل. وأضاف: "هناك غرفة سرّية في القاعة الحضرية للمتحف نحتفظ فيها بالحُلي الأثرية النفيسة. عند عودتنا يوم 12 نيسان 2003 وجدنا أن الحُلي سرقت مع بعض الأختام النادرة".
المتحدث السابق باسم وزارة الثقافة العراقية، عبد الزهرة الطالقاني، كشف، في تصريح عام 2011، أن "الآثار العراقية المنهوبة هُرّبت إلى دولة مجاورة، ومنها إلى أميركا وأوروبا".
العلياوي أكد أن "الغالبية العظمى من الآثار المسروقة من العراق هُرّبت إلى إحدى الدول الخليجية ومن ثم إلى الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن قسماً من هذه الآثار سُرق من المتحف الوطني، والقسم الآخر عبر النبش اللاقانوني لمافيات الآثار في المواقع الأثرية إبّان الانفلات الأمني".
خبيرة الآثار العراقية سندس محمد اتهمت في تصريحات صحافية القوات الاميركية بـ"المساهمة بتهريب الآثار العراقية إلى خارج البلاد، بعد سيطرتها على آثار بابل، بالاتفاق مع مافيات الاتجار بالآثار". فيما أشارت إلى أن "غالبية القطع الاثرية تم استردادها كانت من الولايات المتحدة وبريطانيا".
*خط النقل.. الإمارات تتورط
بعد الغزو الأمريكي للعراق شكلت "واشنطن" ما يسمى سلطة الائتلاف المؤقت، وكانت تفرض سيطرتها على المرافق الحيوية، ومنها المطارات التي تعاقدت فيها القوات الامريكية مع احدى الشركات الأمنية الأجنبية للإشراف على الرحلات الجوية وتأمين دخول وخروج المسافرين وتفتيش حقائبهم.
ويؤكد مصدر استخباري عملَ في مطار بغداد منذ عام 2004، أن "القوات الامريكية كانت تسيطر على المطار بالكامل، ولم يكن في الإمكان نقل أي بضاعة من وإلى المطار إلا بعلم الامريكيين الذين كانوا يتغاضون عن شخصيات محلية وعربية واجنبية كانت تعمل على نقل الآثار عبر طرود خاصة لا تخضع للتفتيش". وعما إذا كانت هذه العمليات تجري بعلم رجال الأمن العراقيين، أجاب: "حتى لو كنا نعلم حينها، إلا أن القوة الأمنية لم تكن لديها أي صلاحية في المطار، خصوصاً انها قوات مشكلة حديثاً، ولم يمكن أحد قادراً اعتراض أوامر سلطة الائتلاف".
وتؤكد مصادر أخرى ان عملية منظمة لنقل الآثار كانت تتم عبر مطار بغداد باتجاه الامارات العربية، ومنها نحو أمريكا وأوروبا، وهو ما أكده محمد فيصل الغزي الذي كان يشغل منصب آمر سرية حماية السياسي العراقي الراحل أحمد الجلبي، وكان يقود قوة من المرتزقة ممن دخلوا بغداد مع القوات الامريكية.
وقال الغزي في تصريحات متلفزة: "في 22 أبريل/ نيسان 2003، توجهنا نحو المتحف الوطني بأمر من الجلبي، وأخرجنا مجموعة من الآثار بينها نسخة من التوراة البابلية، وسلمناها إلى تمارا ابنة الجلبي. كانت الحجة هي حماية الآثار لحين تشكيل الحكومة، وهو ما لم يحدث". وأضاف: "نقلنا الصندوق الذي كان يحوي الآثار إلى الإمارات العربية، ومن هناك نقل الجلبي وابنته تمارا والسياسي مثال الألوسي الآثار إلى إسرائيل".
في أيار – مايو 2023 أعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول تفكيك شبكة دولية تضم شخصاً عربي الجنسية، ضالعة بتهريب الآثار في محافظة بابل، (88 كم جنوب بغداد). وقال رسول في بيان: "استناداً إلى المهمات المناطة بجهاز المخابرات الوطني العراقي في (بابل) وفي إطار العمل المبذول لتقويض التهديدات الخارجية للأمن القومي العراقي، تمكن جهاز الاستخبارات من تفكيك شبكة دولية تضم أربعة أشخاص أحدهم عربي الجنسية، يهربون الآثار، ومنها ثلاث مخطوطات أثرية".
*دليل بارز على تورط الإمارات
ويعد الحكم الذي أصدرته وزارة العدل الامريكية عام 2017 بحق شركة "هوبي لوبي" الامريكية، وتفاصيل تلك القضية، أبرز دليل على تورط الامارات العربية المتحدة في تهريب الآثار العراقية. فقد اشترت الشركة الأمريكية بطرق غير شرعية من تجار في دولة الامارات العربية، 5.500 قطعة أثرية عراقية تعود إلى الحضارة السومرية، وتم تهريب تلك القطع إلى أمريكا و"إسرائيل" عبر وثائق شحن مزورة.
عام 2010، توجه رئيس شركة "هوبي لوبي" ستيف جرين برفقة أحد مستشاريه الى الامارات العربية المتحدة، حيث كانت في انتظاره آلاف القطع الآثرية التي تحوي كتابات مسمارية، تعود الى الحضارة السومرية القديمة.
وتشير أوراق الدعوى القضائية المقامة في أمريكا ضد "هوبي لوبي" إلى أن الشركة أرسلت ثمن (5.500) قطعة اثرية الى (7) حسابات بنكية لأشخاص تجهل هويتهم.
*تَسوَقْ "حضارة الرافدين" الكترونياً
المدير السابق لقسم استرداد الآثار والتراث في العراق، مثنى عبد داود، كشف في تصريحات صحافية، أنه رصد أكثر من 200 كنز أثري من آثار العراق تباع في سوق الآثار العالمية، ومنها تمثال "لبوة غوينول" أو "لبوة الشيطان".
وفي السنوات القليلة الماضية، تم رصد مئات القطع الأثرية العراقية يتم بيعها في مزادات ومواقع الكترونية، منها مواقع عامة وأخرى مخفية ضمن شبكة dark web.
موقعاLive Auctioneers وTrocader الالكترونيان كانا ضمن المواقع التي رُصدت فيها بعض القطع الاثرية العراقية المنهوبة، حيث أصبحت تلك القطع متاحة للشراء من قبل الأشخاص او الشركات بصورة مباشرة، وبأسعار بخسة تصل إلى 400 دولار فقط.
ووصف عالم الآثار العراقي عبد الأمير الحمداني، لموقع TheCradle بيع القطع الاثرية العراقية في المواقع الالكترونية بهذه الأسعار البخسة بأنه "كارثة حقيقية بحق ارث حضاري". وأوضح ان "هذه القطع لا تقدر بثمن ولا يمكن أن تكون ملكاً شخصياً لأحد، لأنها ثروة وحضارة شعب كامل".
أستاذة الآثار في جامعة نورثويستيرن الأمريكية أويا توبشوغلو قالت في تصريحات صحافية إن "من السهل تزييف مصدر معروضات المواقع الإلكترونية، فبإمكانك الادعاء أن جدك اشتراها في زيارته للشرق الأوسط عام 1928، وأصبحت في حوزة العائلة منذ ذلك الحين".
وكشف أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والأنثروبولوجيا في جامعة شوني الأمريكية، عمرو العزم، أنه منذ "عام 2014 شرع المستخدمون في شراء وبيع القطع الاثرية المسروقة من العراق وليبيا واليمن، عبر المنصات الالكترونية".
*الأرشيف اليهودي
يكشف سليم مطر، مؤلف كتاب "تاريخ العراق أرض وشعب ودولة"، عن قيام وحدة المهمات الخاصة "ألفا" الأمريكية، في 6 أيار/ مايو 2003 باقتحام قبو سري في مبنى المخابرات العراقية وسط العاصمة بغداد، وعثرت على 200 صندوق من الأرشيف الرسمي العراقي، الذي يشمل ثلاثة أنواع، منها وثائق أمنية والثاني لأرشيف حزب البعث، والثالث للأرشيف اليهودي.
ويشتمل الأرشيف اليهودي، بحسب الكاتب والباحث نبيل الربيعي، على 48 لفيفة لمقاطع من سفر التكوين، مكتوبة على جلد الغزال، وتقويمات باللغة العبرية، و7002 كتاب، ومجموعة من الخطب بالعبرية تعود لعام 1692، إضافة إلى 1700 تحفة نادرة توثق لعهد السبي البابلي الأول والثاني، وأقدم نسخة للتلمود البابلي، وأقدم نسخة للتوراة، وسجلات شرعية تعود إلى قرون عدة تركها يهود العراق، وغيرها من المقتنيات الثمينة.
وتشير تقارير صحافية وتحقيقات ان ذلك الأرشيف نقل إلى أمريكا ومنه إلى تل أبيب.
*متورطون
بموجب اتفاقية الحكومة العراقية مع الجانب الأمريكي، كان من المؤمل استعادة الأرشيف اليهودي إلى بغداد عام 2014. لكن فوجئ الجميع، في 22 كانون الاول ديسمبر 2015، باحتفال وزارة الخارجية الإسرائيلية وعدد من الحاخامات بوصول "مخطوطة" التوراة العراقية الى تل ابيب.
اثار الأرشيف اليهودي لغطاً كبيراً بين الأوساط الرسمية والشعبية، حيث تضاربت الانباء حول كيفية وصوله إلى الولايات المتحدة. ففي وقت تشير تقارير إلى نقل القوات الامريكية للأرشيف مباشرة إلى واشنطن بعد العثور عليه، إلا ان اتهامات عديدة ساقها صحافيون ومحللون سياسيون عراقيون إلى المؤسسة العراقية للذاكرة بالتورط في تسليم الأرشيف للأمريكيين.
عام 1992، أسس العراقي المقيم في واشنطن كنعان مكية الذي نال شهادة دكتوراه فخرية عام 2007 من الجامعة العبرية في "تل ابيب"، ما اسماها "المؤسسة العراقية للذاكرة" لجمع أرشيف العراق، ومنه وثائق قاعدة بيانات كردستان العراق، التي ضمت اكثر من مليونين ونصف مليون وثيقة إدارية، وارشيف حزب البعث المكون من اكثر من 3 ملايين صفحة، استولت عليها المؤسسة بعد عام 2003، فضلاً عن أكثر من 750 ألف صفحة من الوثائق الرسمية العراقية التي استولت عليها قوات التحالف في الكويت عام 1991.
لم يكن مكية وحده في "المؤسسة العراقية للذاكرة"، بل عمل معه الصحافي مصطفى الكاظمي، الذي تولى حينها منصب مدير مشروع التأريخ الشفهي المصور قبل أن يصبح مديراً للمخابرات العراقية عام 2016 ورئيساً للوزراء عام 2020.
عام 2010 عرضت القناة الإسرائيلية السابعة لقطات مصورة للفافة من التوراة هُربت إلى تل ابيب من العراق، وتم عرضها لاحقاً في متحف أحفاد بابل. وأظهرت اللقطات نسخة التوراة مكتوبة في القرن الثامن عشر وبغطاء من الفضة الخالصة مرصعة بأنواع من الخرز والزجاج، عليها أيضا قطع من الألواح التوراتية إضافة إلى شمعدان له سبع فوهات نقش عليه رسم لهيكل سليمان.
أثارت اللقطات لغطاً كبيراً حول كيفية وصول تلك القطعة النادرة إلى تل ابيب. إذ من المفترض أن تكون تلك النسخة هي احدى القطع التي نقلت إلى واشنطن للخضوع لعملية ترميم في معهد هوفر العريق التابع لجامعة ستانفورد.
*الكاظمي متورط
الكاتب والمحلل السياسي، بشير الحجيمي، اتهم في تصريحات صحافية سابقة، الكاظمي والمؤسسة العراقية للذاكرة بتهريب الأرشيف اليهودي، متهما الكاظمي بأن "لديه اجندة اكبر في العراق من رئاسة الوزراء".
عام 2018 نُقلت تصريحات صحافية عن مدير دار الكتب والوثائق العراقية سعد إسكندر أن، "الأمريكيين لم يعثروا على الأرشيف اليهودي كما يدعون، بل إن أحد كبار ضباط جهاز المخابرات العراقي السابق، تقرب من أحد رجال المعارضة بعد عودتهم إلى العراق وأخبره أنه كان مسؤولا عن أرشيف مهم جدا يعود إلى النبي موسى، ويريد كشفه للقوات الأمريكية بشرط الحصول على ضمانات أمنية".
ومن الجدير بالذكر، أن تل أبيب لا تلتزم بالاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تقضي بإعادة الأثار المسروقة، فيما لا تزال الولايات المتحدة تتحفظ على آلاف الملفوفات من الارشيف العراقي بحجة ترميمها.
*سوابق أمريكية
عام 1991 تعرضت مدينة أور التاريخية لقصف امريكي بصاروخ مدمر، استهدف منطقة المعابد ما أحدث حفرة كبيرة فيها، وهشم واجهة الزقورة المطلة على معبد "كيك ــ بار ــ كو".
وتمركزت قوة أمريكية عام 2003 في متحف الناصرية وحولته إلى ثكنة عسكرية لمبيت الجنود وطبخهم وطعامهم ونفاياتهم، من دون اكتراث خصوصية المكان ورمزيته التاريخية.
وفي بابل، حولت القوات الامريكية موقع كيش الآثاري، أحد أهم المدن السومرية، قاعدة للتدريب وجرفت مساحات من الأراضي المحيطة بهذه المدينة المقدسة تاريخياً لإنشاء مهبط للمروحيات.
وخلصت دراسة أجراها المتحف البريطاني عام 2004، إلى أن (300) ألف متر من المواقع الأثرية العراقية دمرت وشوهت، من بينها مساحات استُخدِمَت مهابط للمروحيات وأماكن تجمع للسيارات".
*"داعش" والآثار
عام 2014، سيطر تنظيم "داعش" الإرهابي على مدينة الموصل وتكريت والرمادي وغيرها من مناطق غرب وشمال العراق، وعمد الى سرقة مقتنيات متحف الموصل.
ونشر تنظيم "داعش" اصداراً مرئياً لحظة العبث بمقتنيات متحف الموصل (405 كم شمال بغداد)، ولقطات أخرى لتجريف وهدم بعض المواقع الاثرية مثل آثار الحضر والنمرود وخورسباد.
لكن جل المصادر والتقارير الاستخبارية أكدت للموقع، أن تنظيم "داعش" اختلق مسرحية الهدم بهدف صرف الانظار عن عملية نهب القطع الاثرية الحقيقية في متحف الموصل وغيره من المواقع الاثرية.
وتشير تقارير دولية إلى ان التنظيم قام ببيع مئات القطع الاثرية عبر تهريبها نحو تركيا ومنها إلى أوروبا.
*عودة الآثار
يحوي العراق على اكثر من (15.000) موقع اثري. هذا الارث الزاخر شجع مافيات التجارة بالآثار بعد عام 2003 على سرقة مقتنيات تلك المواقع التي يفترض انها تخضع للحماية الامريكية.
إليزابيث ستون، أستاذة الأنثروبولوجيا والآثار في جامعة ستوني بروك في نيويورك، قالت في تصريحات صحافية، إن القطع الأثرية التي استعادها العراق سُرقت غالبيتها من المتحف الوطني العراقي في بغداد أثناء الغزو الأمريكي، وهي تحمل أرقاما تسلسلية تثبت ذلك".
وقد استعاد العراق حتى اليوم (23.000) ألف قطعة أثرية، كلها من أمريكا وبريطانيا اللتين يفترض ان تكونا من الدول التي تتمتع بعملية ضبط كبير لحدودهما، ويصعب ادخال مواد ممنوعة مهربة اليهما.
إن استعادة القطع الأثرية يشكل نضالاً مستمراً، ويجب على الحكومة العراقية الضغط على كل الدول المتورطة والمعنية لمنع المزيد من الخسارة وإعادة القطع المسروقة إلى مكانها الصحيح في العراق.