هل زادت رواتب أعضاء مجلس النواب؟ انفوبلس تستعرض الموضوع من الجلسة السرية حتى بيان النفي
انفوبلس/ تقارير
بعد ثلاثة أسابيع من الجدل، وتضارب الأنباء، كسرت رئاسة مجلس النواب اليوم صمتها إزاء قضية زيادة رواتب أعضائها بعد أن أصدرت بيانا غاضبا فنّدت فيه رواية الزيادة رغم تأكيد الوثائق لها، فأين تكمن الحقيقة؟ وما تفاصيل قرار البرلمان في الجلسة السرية بتاريخ 7 أغسطس/ آب الماضي؟ إليك القصة منذ البداية وحتى الآن.
ماذا حدث؟ إليك القصة منذ البداية
في الشهر الماضي، ضجّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بما وُصف بـ"إجراءات سرية" جرت داخل البرلمان في جلسة 7 أغسطس/آب الماضي، وتتعلق بإضافة "امتيازات ورفع رواتب أعضاء مجلس النواب".
وتداول نشطاء وثيقة تشير إلى قرار برلماني بمساواة رواتب أعضائه مع الوزراء، الأمر الذي عدّه الكثيرون التفافا وضربا لكل جهود المتظاهرين ومطالبهم بتخفيض رواتب موظفي الدرجات العليا.
كما يأتي ذلك على الرغم من قرار المحكمة الاتحادية الصادر في عام 2018، والذي تضمن تخفيض رواتب أعضاء البرلمان تطبيقا لقرار تخفيض رواتب الدرجات العليا في الحكومة.
ووفقا للتعليمات، فقد تم تخفيض متوسط رواتب أعضاء البرلمان من 8 ملايين و200 ألف دينار إلى نحو 6 ملايين دينار بعد اعتماد الشهادة وسنوات الخدمة كمعايير جديدة لتحديد المخصصات الإضافية على الراتب.
روايات متضاربة
بدورها، سارعت عضو مجلس النواب نور نافع الجليحاوي، في منشور على صفحتها الشخصية بموقع فيسبوك، إلى نفي علمها بما حصل، إذ أشارت في مقطع صوتي إلى مقاطعتها الجلسة.
وأكدت أن "الوثيقة التي يتم تداولها لغاية الآن لم تتأكد لنا رسميا، هل هي صحيحة؟ هل تتعلق بالاستقطاع؟ أم بالزيادة؟". وقالت "بشكل قطعي مع عدد من أعضاء مجلس النواب سنعمل على إيقاف ذلك إن ثبت لنا".
من جهته، كشف النائب مصطفى سند، في مقطع فيديو تداولته صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، الأسباب التي أدت إلى إدراج هذا القرار بجلسة البرلمان يوم 7 أغسطس/آب الماضي، مقدماً رواية مختلفة تتحدث عن تخفيض مفاجئ لرواتب النواب أدى إلى مطالبة بعضهم بإعادتها إلى ما كانت عليه.
كما أعلنت كتلة "إشراقة كانون" النيابية في بيان لها "أنها ومجموعة من أعضاء المجلس لم يصوتوا على إقرار تلك التعليمات واعترضوا على تلك الإجراءات، وطلبوا الوثائق من رئاسة المجلس للاطلاع على محتواها، وامتنعت رئاسة المجلس عن ذلك".
إلى ذلك، نفى عضو مجلس النواب كامل العكيلي تصويت مجلس النواب على زيادة في رواتب النواب، موضحا أن "ما حصل هو تنظيم النظام الداخلي للبرلمان والتصويت عليه كقانون تنفيذا لقرار المحكمة الاتحادية".
الرئاسة تنفي
وسط استمرار الجدل الشعبي والسياسي الذي أحدثه تصويت مجلس النواب في السابع من آب أغسطس الماضي على قرار نيابي ينص على زيادة رواتب أعضائه ومخصصاتهم بما يعادل رواتب الوزير ومخصصاته.
حسمت رئاسة البرلمان، اليوم الاثنين، الجدل وذلك بعد مرور ثلاثة أسابيع حيث نفت جميع الأخبار التي تحدثت بشأن زيادة رواتب النواب.
إذ ذكرت الرئاسة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، تؤكد أنه “لا زيادة في رواتب أعضاء مجلس النواب وان الرواتب بقيت كما كانت في السابق”، منوهة أن “مجلس النواب يعمل دائماً بشفافية وضمن الأطر القانونية المحددة".
وأضافت، أننا “نرفض بشكل قاطع أي اتهامات أو تشكيك في مصداقية المجلس أو التزامه بالقوانين والقرارات الرسمية”، مؤكدة ان “مجلس النواب يحتفظ بحقه في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من أساء لسمعة المؤسسة النيابية وأعضاءها وقام بتضليل الرأي العام".
ودعت الرئاسة “جميع وسائل الإعلام إلى توخي الدقة والموضوعية في نقل الأخبار والمعلومات لغرض الحفاظ على مصداقيتها أمام المواطنين العراقيين”.
كم يبلغ راتب النائب؟
عمومًا انخفض متوسط راتب النائب من 8 ملايين و200 ألف دينار الى حوالي 6 ملايين دينار، الأمر الذي دفع رئاسة البرلمان لتطبيق الفقرة 64 من قانون مجلس النواب التي تتضمن “إصدار تعليمات عن رفع رواتب النواب”، لكن لم تتكشف أي تفاصيل عن حجم رفع هذه الرواتب وكم ستبلغ حيث لم يطّلع النواب أساسا على أية جداول تخصها بعد.
وكانت رواتب النواب قبل تخفيضها تتراوح بين 10 الى 15 مليون دينار، إلا أنها حاليًا تتراوح بين 8 الى 10 ملايين، قبل أن يتم التخفيض الى 6 ملايين للجزء الأكبر من أعضاء المجلس، أي إن هناك فجوة كبرت بين أعضاء البرلمان لتكون الرواتب ربما بين 6 الى 10 ملايين دينار.
الجدير بالذكر أن قضية اللغط بشأن رواتب أعضاء مجلس النواب ليست بالجديدة، إذ سبق للنائب السابق مشعان الجبوري، أن قال في عام 2018 خلال مقابلة تلفزيونية إن عضو البرلمان يتسلم راتبا شهريا يصل إلى 45 مليون دينار عراقي، أي ما يعادل نحو 37 ألف دولار، مقارنة بنحو 200 دولار يتقاضها أصغر موظف في العراق.
هل تصويت البرلمان قانوني؟
بدوره، أوضح المتخصص القانوني علي التميمي، أنه يمكن لمجلس الوزراء الطعن بقرار مجلس النواب الخاص بزيادة رواتبهم أمام المحكمة الاتحادية وفق (المادة 93) من القانون.
وقال التميمي، إن رئاسة البرلمان قامت به من دون سند قانوني وبصورة تخالف قرار المحكمة الاتحادية (رقم 57) لعام 2018 الذي أكد استقلالية حقوق النواب وهي ليست من صلاحيات مجلس النواب، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء يستطيع الطعن على قرار التصويت أمام المحكمة الاتحادية.
ونوه إلى أنه يمكن للبرلمان التراجع عن القرار بالتصويت بالغالبية البسيطة وفق (المادة 59) من الدستور لأن الاعتماد على (المادة 64) من قانون مجلس النواب غير صحيح لا سيما أن التعليمات تكون بعد تشريع القانون الذي يحدد الرواتب.
إجراء غير موفق
في النهاية، يصف الباحث السياسي والقانوني خالد العرداوي الإجراء بأنه "غير موفق" لا سيما مع سرية الجلسة، وعدم إدراج بند التعليمات في جدول أعمالها الأصلي، وكذلك التشكيك في قانونية هذا الإجراء من بعض أعضاء المجلس وغيرهم.
ويُقرّ العرداوي أن مثل هذه التصرفات لأعضاء مجلس النواب تعيد تذكير الناخبين بإحباطهم المتكرر بممثليهم في المجلس، وارتكابهم للأخطاء نفسها، مما يهدم جسر الثقة بين النائب والناخب، ويزيد نقمة الشارع على مؤسسته التشريعية.