هل يتسبب بزلزال سياسي؟ تفاعل نيابي وسياسي وشعبي مع مؤتمر حنون.. طرح جريء والشارع يترقب
انفوبلس..
بمؤتمر صحفي استثنائي انقسمت حوله ردود الفعل بين مؤيد ومعارض، ظهر رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، عصر أمس الأربعاء، من أربيل ليكشف تفاصيل جديدة عن سرقة القرن وعرّابها نور زهير، وبسبب المعلومات المثيرة التي ذكرها حنون، تولدت تكهنات في الرأي العام بأن هذا المؤتمر سيسبب زلزالاً سياسياً حيث احتوى على صراع بين قاضيين، واستخدم مُتحدثه الإقليم وترك العاصمة، وتسبب ما جاء به بردود فعل سياسية كبيرة، فما الجديد الذي كشفه؟ ولماذا من كردستان؟ وما هي الأصداء؟
النص الكامل لكلمة حنون:
- أحد الأشخاص بث صباح اليوم مقطعاً فيديوياً بائساً يدَّعي فيه أن رئيس هينة النزاهة يبتز المؤسسات الحكومية في ميسان للحصول على قطع من الأراضي، هذا المقطع ابتزاز بائس من شخص “رذيل”.
- أنا لا أمتلك سوى قطعتي أرض في ميسان، الأولى في حي النداء بمساحة 211 متر استلمتها كتخصيص لموظفي الدولة، والثانية بمساحة 600 متر استلمتها عندما كنت رئيسا لمحكمة استئناف ميسان وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم 380 لعام 2021 في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وقد وُزعت على أعضاء مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية.
- الجميع استلم قطعة بمساحة 600 ولذلك أنا لا أملك سوى هاتين القطعتين في ميسان بالإضافة إلى داري التي بنيتها بيدي ولو كان لي غير هذه الأملاك في ميسان فلْتكن مستباحة للمواطنين.
- إن أثبت لي أي شخص أني أملك أي قطعة أخرى في ميسان بطريقة قانونية أو غير قانونية أقولها أمامكم والله إني سأتمدد في أكبر شارع في ميسان لتدوسني أقدام أبناء ميسان الشريفة.
- من طبيعة ميسان كلها قضاة.. ونحن في ميسان واحد يعرف الآخر ولذا من أطلق هذا المقطع البغيض الذي سرقه من أحد هواتف القضاة أو الموظفين وهو يمازح، صديق بائس رغم شغله منصبا مقدسا.
- اليوم بهذه الحالة نعلن بداية معركة الفساد الحقيقية وسأذكر لكم المنطلق. اليوم مصداقية النزاهة على المحك. أريد أن أثبت مصداقية النزاهة وبداية المعركة وأطلب من مجلس النواب العراقي أن يستضيفني الأسبوع القادم، استضافة رسمية وبعدها، إما تثبيتي أو عزلي، ويسألني أولاً عن جريمة سرقة الأمانات الضريبية أو ما تسمى سرقة القرن.
- النقطة الأولى. أُحيل المتهم نور زهير على محكمة جنايات الفساد المركزية بقضية واحدة وفق المادة 440 / 11. محتوى القضية أنه قام بتزوير 114 صكا. كل صك سرق من خلاله مبلغاً من المال، وفق القانون علينا أن نفتح له 114 قضية. علينا أن نحكم عليه بعقوبة المادة 7 سنوات، 114 حكم. وهنا أريد أن يسألني البرلمان لماذا تمت إحالته (نور زهير) على قضية واحدة واختزلتم 113 جريمة “أخفيتموها”؟ سأجيب داخل قبة البرلمان وليس هنا. يجب أن يحضر معي بالاستضافة قاضي تحقيق جنايات مكافحة الفساد ضياء جعفر لفتة، لأن العملية بيننا ولا تخرج عني أو عنه، فإما التقصير مني أو منه.
- تابعنا نور زهير منذ مباشرتي بالهيئة ووجدنا لديه جرائم أخرى في البصرة.
- الأولى هي سرقة 724 دونم في منطقة شط العرب، أرض تابعة لوزارة المالية وهي ذات قيمة عالية جداً سجلها نور زهير بأسماء وهمية ومستمسكات مزورة وبعد تسجيلها باسم هؤلاء الوهميين تم نقلها إلى اسمه. رقم القضية 2175/ق/1 لسنة 2023.
- هذه القضية أصدرنا بها أمر قبض بالبصرة على نور زهير وبين ليلة وضحاها نقلت إلى بغداد وبالتحديد للقاضي ضياء جعفر، واختفت.
- القضية الثانية في الأمانات الضريبية ومرقمة 1293 “سرقة الودائع الكمركية والأمانات الكمركية”. نور زهير جاء بوكالة محامٍ وبدأ يسحب الودائع الكمركية، والودائع هي “بضاعة تباع في الميناء وتودع كأموال وحسابات في الميناء” والأمانات “تودع في الميناء”.
- الوكالة الصادرة من كاتب العدل والتي تقول إن نور زهير محامٍ، مزورة وهو قال في لقاء على قناة الشرقية إنه لم يكمل دراسته، وخلال يوم انتقلت القضية من البصرة إلى بغداد واختفت عند القاضي ضياء جعفر لفتة.
- لدينا إخبار برقم “3468” يقول إن القاضي ضياء جعفر لفتة، استلم قطعة أرض على أنه عسكري، وأخذها في العامرية، وفق قرار من مجلس الوزراء بمنح الضباط والمراتب قطع أرض.
- هذه الأرض منحها الكاظمي لشراء الولاءات. مستعد أن نُسجن بشرف ولا نقبل أن نتستر على هكذا حالات.
- (متهمون آخرون).. أسامة جودت مدير عام الضرائب وضياء عبد الخالق علي، وسلام صاحب عبد علي هم موقوفون دون محاكمة منذ سنتين، ولدينا أكثر من 30 متهماً في قضية الأمانات الضريبية، ولا نعرف مصير القضايا ولماذا لا يحاكمون؟
- أطلب من القاضي فائق زيدان أن يدعم مقترح الاستضافة في البرلمان ويأمر القاضي لفتة بالحضور لمجلس النواب، كي نصل إلى الحقيقة.
- ملف آخر يتعلق بسرقة سكك الحديد. الخسائر تُقدر بـ 18 مليار دولار، ومدير الشركة المتعاقدة اسمه مثنى مهدي عطية، يقال إنه تابع لنور زهير لكن لسنا متأكدين، في هذه القضية بيعت سكك العراق بالكامل، كأنها انقلاب على العراق لنعود ونسير بالعربة، وقدمناها أيضاً للقاضي ضياء لفتة، وعلى خطورتها لم نرَ أي شيء حولها.
- هيئة النزاهة مستقلة لا تُراقب إلا من قبل مجلس النواب.
- على مجلس النواب العراقي الآن إما أن يثبت أن هيئة النزاهة تجامل الفاسدين وخاضعة لهم ورئيسها مبتز، أو تثبت العكس.
- يسألوننا عن هذه القضايا أين ذهبت؟ أطلب و”أترجى” رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، أن يوافق لعقد جلسة علنية والنقاش مع القاضي ضياء.
- وفقاً لقانون هيئة النزاهة، فهي ملزمة، أن تشارك المعلومات التي تحصل عليها وتنشر القصص.
- نور زهير عبارة عن العربة التي حُملت فيها الأموال، إخراج نور زهير هو من صلاحيات القاضي ضياء جعفر لفتة ويجب أن يُسأل هو عن قراره.
وكان جعفر قد صرح الشهر الماضي بأنه هو من أصدر قرار الإفراج عن زهير بكفالة قانونية، ليتسنى له تسديد ما بذمته من أموال.
وقد أعاد زهير نحو 300 مليون دولار، وتعهد بتسديد الـ800 مليون دولار المتبقية على دفعات حتى موعد محاكمته.
تنويه قبل المؤتمر وسبب اختيار أربيل
قبل ساعات من عقد المؤتمر، أعلن رئيس هيئة النزاهة أن الهيئة مع هيئة النزاهة في إقليم كردستان تضعان اللمسات الأخيرة لتوقيع مذكرة تنسيق مشترك بينهما في مجال مكافحة وتنظيم ورش في الأيام القليلة الماضية بهذا الصدد، منوهاً في الوقت نفسه لعقد مؤتمر صحفي مهم في هيئة النزاهة بإقليم كردستان حول خفايا "سرقة القرن".
وقال رئيس هيئة النزاهة العراقية، حيدر حنون، في كلمة له خلال مراسم إطلاق التقرير الأول لاستراتيجية مكافحة الفساد في الإقليم: "إننا بصدد إعداد استراتيجية وطنية جديدة للنزاهة ومكافحة الفساد للسنوات الـ6 القادمة من 2025 إلى 2030".
وتعتمد هذه الاستراتيجية في الإعداد والتنفيذ بحسب قوله: "التعاون مع السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومع ديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة في إقليم كردستان من جهة والشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والصحافة الاستقصائية من جهة أخرى".
وتابع أنه ستستخدم في هذه الاستراتيجية "التكنولوجيا المتطورة في التطبيق، والسعي لدمج فئات مؤثرة كالمرأة والشباب والكفاءات العلمية والمهنية ومنحهم أدواراً مميزة بغية رفع مستوى النزاهة في القطاعين العام والخاص".
والهدف منها أيضاً بحسب قول رئيس هيئة النزاهة "مساعدة المؤسسات في تصحيح الأخطاء ذاتياً وتحفيزها لإجراء التحسينات المستمرة في أدائها وتسريع الخطى نحو التحول الرقمي، بتعاون إقليمي ودولي لتيسير تبادل الخبرات والتجارب بغية إثراء الاستراتيجيات الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد بواسطة مقاربات قطاعية معمقة وفعالة من ناحية وتعاون إقليمي ودولي موسع من ناحية أخرى".
في السياق أكد أن "هيئة النزاهة الاتحادية وهيئة النزاهة في إقليم كردستان تضعان اللمسات الأخيرة لتوقيع مذكرة تنسيق مشترك بينهما أولاً تنفيذاً لأحكام المادتين 11 /4 و16/4 من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2011 المعدل، وثانياً لتنسيق الجهود في ميدان مكافحة الفساد ضمن جمهورية العراق".
كما سيكون التنسيق بينهما وفقاً لقول حيدر حنون: "إقامة ورش التدريب الخاصة بفرق تطبيق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد التابعة لهيئة النزاهة، وكذلك فرق تنفيذ الاستراتيجية التابعة للوزارت والجهات غير المرتبطة بوزارة اتحادية وذلك في مقر هيئة النزاهة في أربيل، وشمول تلك الورش لفرق تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في إقليم كردستان التابعة لهيئة النزاهة في الإقليم، وكذلك فرق تنفيذها التابعة للوزارت والجهات غير مرتبطة بوزارة في الإقليم بالاستعانة بمدربين وخبراء عراقيين ومن مصر وفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة بين هيئة النزاهة الاتحادية وهيئة الرقابة الإدارية في مصر".
حول موعد مباشرة هذه الورش قال إنها ستكون "في الأيام القليلة القادمة بالإضافة إلى فتح آفاق التعاون على مصراعيه ما بين هيئة النزاهة الاتحادية وهيئة النزاهة في إقليم كردستان والجهات الأخرى ذات العلاقة في الإقليم".
في الختام نوه رئيس هيئة النزاهة إلى عقدهم اليوم في هيئة النزاهة في إقليم كردستان "مؤتمراً صحفياً مهماً يتعلق بسرقة الأمانات الضريبية (سرقة القرن) وخفاياها وعلاقتها حالياً بالعقود التي تعقد في ميناء الفاو والموانئ العراقية"، مؤكداً انه سيكون "مؤتمراً قوياً صادماً ومحرجاً".
ردود الأفعال
علقت عضو لجنة النزاهة النيابية سروة عبد الواحد، على مؤتمر رئيس هيئة النزاهة الاتحادي حيدر حنون، متسائلة "هل يجرؤ على محاسبة أحد من المسؤولين في الإقليم بتهمة تضخم الأموال؟".
وقالت عبد الواحد في منشور على منصة "أكس": "استغربت كثيراً حين شاهدت رئيس هيئة النزاهة في أربيل يتحدث عن ملفات فساد تتعلق ببغداد أثناء مشاركته في مؤتمر نظمه الفاسدون في أربيل لمكافحة الفساد! ".
وأضافت: "شيء مضحك، فلم نشاهد في أربيل استجواباً واحداً لأي مسؤول في حكومة الإقليم منذ أكثر من 30 عاماً.. وليت جناب رئيس هيئة النزاهة الوطنية يبلغنا هل يجرؤ على محاسبة أحد من المسؤولين في الإقليم بتهمة تضخم الأموال؟".
وختمت: "نحن نقدِّر جهودكم ونتمنَّى أن تكون هناك ملاحقات للفاسدين أينما كانوا، لكنك أدركتَ صعوبة الحديث عن مكافحة الفساد في مكان لا يؤمن حكَّامه سوى بالفساد والعنتريات".
وبعد المؤتمر بنحو ساعتين، بدأ عدد من أعضاء مجلس النواب بجمع تواقيع لاستضافة رئيس هيئة النزاهة، القاضي حيدر حنون، بعد مطالبته البرلمان باستضافته بمعية القاضي ضياء جعفر، لاطلاع المجلس والرأي العام على ملابسات بعض ملفات الفساد الكبيرة كقضية سرقة الأمانات الضريبية وقضية عقد سكك الحديد.
وقال النائب أحمد الجبوري، إن عدد التواقيع لاستضافة رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون وصل إلى 70 توقيعاً وذلك بعد مؤتمره الصحفي المثير نهار اليوم، مرجحاً أن تتم استضافة حنون يوم الأحد أو الاثنين المقبل، وأشار إلى أن البرلمان أمام اختبار قوي لكشف حقيقة ما يحصل.
وأضاف: هناك قلة التزام بالدستور، وبعض السلطات تجاوزت على صلاحيات سلطات أخرى، مشيراً إلى إن ظهور رئيس هيئة النزاهة بهذا الشكل وخلال مؤتمر صحفي، ينذر بوجود ملفات فساد كبيرة، والآن مجلس النواب أمام اختبار كبير، لأن الهيئة تخضع لمراقبة البرلمان وفقا للمادة 102 من الدستور.
وتابع: يجب على مجلس النواب الوقوف على ملفات الفساد جميعها، وأن يتم فتحها بشفافية كبيرة، وهناك 70 نائباً جمعوا تواقيع لطلب استضافة القاضي حيدر حنون، وأتوقع حضوره يوم الأحد أو الاثنين المقبل، ورئاسة البرلمان أمام اختبار كبير أيضاً، مؤكدا: شاركت بكتابة قانون هيئة النزاهة، وأعطينا للهيئة مساحة واسعة، وفقا للدستور، لملاحقة ومتابعة ملفات الفساد، ولذا نريد أن نسمع منها ما هي طبيعة التحديات التي تواجهها، وإن كانت هناك خلافات مع قضاة التحقيق فيجب الوصول إلى نتيجة أو حل.
وبين الجبوري: نحن مسؤولون عن أموال الشعب، ومسؤولون عن تنفيذ الدستور والقانون. البرلمان هو الجهة التشريعية الأولى والكبرى، بل هي مصدر السلطات لأنها تحمل ثقة وتخويل الشعب، لتقوم بواجباتها باسم الشعب، منوهاً: نحن في مجلس النواب نملك صلاحيات في فتح أي ملف يتعلق بأي جهة، ولذا يجب على البرلمان أن يثبت دوره في فتح ملفات الفساد وكشف الجهات المتورطة فيها مهما كانت، فهيئة النزاهة تخضع لإشراف المجلس وحين يظهر رئيسها يستصرخ بهذا الشكل، فيجب أن نستضيفه ونفهم منه عما حدث ولماذا. قطعا ستكون هناك استضافة لحيدر حنون.
إلى ذلك وصف مستشار رئيس الوزراء إبراهيم وصف الصميدعي ما فعله حيدر حنون بأنه "خطأ لم يكن السوداني ليوافق عليه.. وكان يجب ألا يحصل من أربيل مع الاحترام للإخوة في الإقليم".
وقال: أنا ومع تعاطفي مع المعلومات التي تكلم بها حنون، وعلى أهميتها، لكني أعتقد أن هذه البيانات كان يجب ألا تظهر في مؤتمر صحفي، ومع احترامي لإخوتنا في أربيل، لكن أيضاً كان يجب ألا تظهر من أربيل.
وتابع، إنه على الموظف الحكومي وبهذه الدرجة الخاصة ألا يقع تحت ردة الفعل، مضيفاً: منذ بداية قضية نور زهير، نحن في الوسط القضائي وأنا كمحام لدينا تحفظات بخصوص إجراءات هيئة النزاهة والقضاء، لكنها لم تكن بهذه الطريقة التي تصدر من هيئة رسمية عليا مختصة بالتحقيق، وكما يبدو الأمر وكأنه صِدام بين هيئة النزاهة ومجلس القضاء الأعلى.
وأشار إلى أنه لو كان المؤتمر بعلم السوداني، فأعتقد أنه لن يوافق على هذه الطريقة، مبيناً: لدي تواصل مع رئيس الوزراء، وهناك توجيهات صارمة على ألا يبدو الأمر وكأنه صراع بين السلطتين التنفيذية والقضائية، وألا نبدو نحن في مكتب رئيس الوزراء بشكل خصوم للقضاء.
وأضاف: هنالك توجيه مباشر، بأن لا نسمح لأي طرف بأن يفسر أن هنالك صراعاً بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس الوزراء، ويبدو أن الموضوع (حنون وما ورد في المؤتمر) له علاقة بقضية شبكة التنصت، ويبدو أن كلاً من مجلس القضاء الموقر ونحن في مكتب رئيس الوزراء -واستثني نفسي باعتباري مواكباً لهذه الأزمة- قد وقعنا تحت ضغط إعلام في فبركة تهم وقضايا أكبر من الأمر الواقع، ولا أستبعد أن الأمر قد نوقش في داخل الإطار التنسيقي.
كما استبعد ائتلاف دولة القانون، إمكانية تحقيق طلب رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، باستضافة مجلس النواب لقاضي أول محكمة تحقيق النزاهة، ونائب رئيس محكمة استئناف الكرخ ضياء جعفر، وأشار ناطق الائتلاف عقيل الفتلاوي إلى أن القاضي حنون "فاجأنا بمؤتمره الصحفي اليوم لكني كتبت في كروب الإخوة النواب ودعوت إلى التريث"، مبيناً أن التشنجات في السلطة القضائية تثير حفيظة المواطنين، داعياً أعضاء البرلمان إلى تشكيل لجنة لتدارس ملف النزاهة والتريث بإبداء المواقف.
وأضاف الفتلاوي، إن "ما يحدث من حالة تشنج خصوصاً عندما يكون مصدرها القضاء تثير عدم الارتياح لدى الجميع على اعتبار القضاء صمام الأمان، فعندما تعالج القضية بهذا النمط فما بالك بالقضايا الأخرى".
وتابع: "عانينا مع السلطات الأخرى من التشنجات التي تحدث في البرلمان وفوجئنا اليوم بأحد أركان العمل القضائي يطرح الحديث بطريقة فيها حالة من التشنج التي تثير حفيظة المواطن العراقي الذي ينظر للقضاء على أنه صمام أمان"، مشيراً إلى إنه "لا نعرف ظرف الرجل وقد عرج على أمور لاقت الانتباه الشديد من قبل المتتبعين ولكنها خلقت حالة من عدم الارتياح".
وأكد: "لا يمكننا استضافة ضياء جعفر لأنه ليس من ضمن هيئة النزاهة وهذا يتطلب موافقة مجلس القضاء الأعلى وتشكيل لجنة برلمانية للتحقق من ضرورة استدعائه من عدمها، ولكن تم جمع نحو 60 إلى 70 توقيعاً من أعضاء مجلس النواب لاستضافة حنون".
ونوه إلى إن "بعض الإخوة يذهبون إلى الجلسة ولديهم الحماس على اعتبار أن هناك ملفات وأموال ولكن هناك لجان متخصصة يجب أن تؤيد ما يطرح وتلخص ما يطرح ثم نذهب إلى الجلسة لذا لا أعتقد أن مجلس النواب سيعقد جلسة الاستماع بهذه السرعة ويتوصل إلى النتائج التي يتوقعها الشارع العراقي، ودعوت في كروب الإخوة في مجلس النواب إلى التريث".
مؤكداً على إنه "ليس لدينا معارضة رسمية للحكومة، ونجتمع اجتماعات دورية ونتلقى توجيهات من نوري المالكي بضرورة دعم الحكومة ولكننا ملزمون بالمراقبة والمتابعة".
في المقابل، أشاد النائب ياسر الحسيني، بشجاعة رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، وطلبه الاستضافة في مجلس النواب من أجل “الدفاع عن مؤسسته”، واصفاً ما ذكره في مؤتمره الصحفي بـ”المخيف”، مشيراً إلى أن المستفيد من الإرباك بين النزاهة والقضاء هم الفاسدون، مستدركاً بأن البرلمان لا يمتلك صلاحية استضافة واستجواب القضاء، واستبعد في الوقت نفسه وجود حملة ضد رئيس الحكومة، رغم “عدم كفاءة” الكابينة الوزارية، باستثناء 5 وزراء على حد قوله.
وأكد الحسيني إن "النزاهة لديها ملفات كبيرة وتحدياتها أكبر والضغط السياسي عليها أكبر وضغط الجهات الأخرى التي لا تريد أن تكتمل خطوات النزاهة باتجاه حسم ملفاتها، فالمستفيد الأول والأخير من الإرباك بين النزاهة والقضاء هم الفاسدون".
وأضاف إن "الأمور التي ذكرت في مؤتمر السيد حنون مخيفة، لا نعرف ما في قادم الأيام من خفايا، إذا ما فتحت جميع الملفات لدى النزاهة، فالملفات التي لم تعرض أكبر وخلفها جهات متعددة فإذا ذهب حنون إلى ذكر الأطراف والضاغطين والمؤثرين والمشتركين والاتصالات وغيرها سيحدث خلل لدينا"، مشيرا إلى إن "معرفتي بالسيد حنون قديمة جداً وأنا أعرف أنه يمتلك الشجاعة والنزاهة، التسجيل هو بصمة لا يوجد فيها نبرة صوته".
وتابع: "وفق علاقتي الشخصية به أنا اعرف أن الرجل نزيه وقوي ولديه مواقف مسبقة وأوقف شخصيات سياسية كانت تشترك بملفات فساد حين كان قاضي استئناف ميسان، وأنا لست في محضر الدفاع عن أي شخصية ولكن في محضر تحليل الحدث فقط".
وبين إنه "إذا لم نذهب باتجاه تصحيح المسير ستنكشف الكثير من الأمور والتشنج السياسي سيكشف الكثير من الملفات ويزيل الكثير من الأقنعة المشتركة بعمليات فساد وعقود وتجاوزات على القوانين وأمور هدر المال العام"، مضيفاُ إن "طلب حنون أن يذهب للجهات التشريعية والتنفيذية لأنه يريد أن يدافع عن مؤسسته وهذا يختلف عن الدفاع الشخصي".
وأضاف إن "لا سلطة على القضاء إلا القانون، القضاء لا يمكننا استضافته ولا نستجوبه وليس لدينا سلطة عليه"، مؤكداً إن "الأكثر واقعية أن يذهب رئيس مجلس النواب وهيئة الرئاسة إلى مجلس القضاء الأعلى بمعية رئيس لجنة النزاهة لتفكيك هذه الأمور".
ونوه إلى إنه "وفق المعطيات التي لدي، لا أستطيع القول أن هناك حملة منظمة تشن ضد السوداني. على العكس، منذ أشهر أنا أفتح ملفات حتى مع شخص السيد السوداني وقلت له أنا صوتُ للحكومة وأريد السلاح للدفاع عنها واذا تركتموني مجرداً بلا سلاح فلا يمكنني ان أقاوم وأدافع، وأقصد إن لم يكن لدي معطيات حقيقية لمكافحة الفساد".
وتابع: "توجد ملفات خلال فترة هذه الحكومة فيها أطراف مشاركة بالحكومة وغير مشاركة، ورئيس الوزراء ومستشاروه ومكتبه والوزارات لها يد في هذه الملفات، أحيانا يد مباشرة ويد غاضة النظر عما يحدث، مثل ملف الشركة العامة للسكك، والملفات الأخطر هي التعاقدات على رهن خيرات مؤسسات اقتصادية للآخرين".
وأكد إن "عقد السكك ليس كما ذكر حيدر حنون 18 مليار دولار بل هي 22.5 مليار دولار وقابلة للزيادة ووفق المعطيات ووفق العقد الموجود، قد تصل إلى قرابة 40 مليار دولار وهذه أرقام واقعية وفق بنود العقد الموجودة"، مشيراً إلى إن "هناك وزراء إذا دخلوا قبة البرلمان سيخرجون مجرد مواطنين، فقط 4 أو 5 وزراء أحسنوا الأداء ولديّ ما يثبت هذا".