هل يطيح هروب كمبش برئيس البرلمان؟.. تفاصيل هروب رئيس ديوان الوقف السني السابق وعلاقته بالحلبوسي
انفوبلس..
تبرز بوضوح خلال المرحلة الحالية التي يمر بها العراق أوجه الصراع بين الفساد وأذرعه الممتدة في أغلب مفاصل الدولة وبين الجهود الرامية لمكافحته، فلا يخفى على أحد جهود هيئة النزاهة والحكومة في الآونة الأخيرة بمحاربة الفساد، وهذا ما أظهر الوجه الآخر للقوى الفاسدة التي كانت تتستر خلف ضعف الدولة.
بعد تحقيقات النزاهة بالفساد في ديوان الوقف السُنّي والقبض على رئيسه السابق سعد كمبش وحكم القضاء عليه بالسجن المشدّد لمدة 4 سنوات، تمكن المتهم من الهروب بمساعدة شقيقته عضو مجلس النواب أسماء كمبش وبمساعدة ثلاثة أشخاص إلى جهة مجهولة.
قصة الهروب
مع حلول وقت الإفطار، زارت النائب عن حزب تقدّم التابع لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وشقيقة المتهم الموقوف، أسماء حميد كمبش مركز شرطة كرادة مريم في المنطقة الخضراء بمعيّة مرافقيها، وأحضرت معها وجبات طعام للضباط والمنتسبين في مركز الشرطة، وغادرت بعد وقت قصير.
وبعد مغادرتها بنحو 3 ساعات ونصف، أي في تمام الساعة العاشرة ونصف مساءً، تمكن المتهم من الهروب من الباب الخلفي لمركز الشرطة وكان يرافقه 3 أشخاص وتنتظره سيارتان رباعيتا الدفع نقلتاه ومن معه إلى جهة مجهولة.
موقف رسمي
الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد يحيى رسول، سرد تفاصيل الحادثة في بيان جاء فيه: بتاريخ 3/21 من العام الجاري تم إلقاء القبض على المتهم سعد حميد كمبش رئيس ديوان الوقف السُنّي السابق من قبل الفريق الساند على ذمة الهيئة العليا للنزاهة، وبتاريخ 4/11 أصدرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية حكمها بالحبس الشديد لمدة أربع سنوات على هذا المجرم وفق المادة 331 ق ع، والموقوف في مركز شرطة كرادة مريم.
وبتاريخ 4/18 الجاري وبعد زيارة النائب أسماء حميد كمبش إلى مركز الشرطة وقت الإفطار ومغادرتها له وعند الساعة 2230 هرب المحكوم بمساعدة ثلاثة أشخاص من خلف المركز والوصول إلى عجلتين كانتا بانتظاره لتأمين هروبه إلى جهة مجهولة.
وقد باشرت الأجهزة المختصة بالتحقيق ووضعت يدها على الوثائق والأدلة وباشرت بكشفها وإلقاء القبض على كل من له علاقة بالهروب والأطراف التي سهّلت ذلك، وقد أصدر قاضي التحقيق أمرا بتوقيف ضباط ومنتسبي المركز المسؤولين عن حماية الموقف.
ويقع مركز الشرطة الذي هرب منه مسؤول الوقف السُنّي السابق، ضمن مربع يضم مؤسسات أمنية ومنازل لأعضاء مجلس النواب، فيما تنتشر حوله قطعات من مختلف صنوف الأجهزة الأمنية.
مصدر في الشرطة كشف أنّ كمبش هرب بـ "تواطؤ مسؤولين في مركز الشرطة، عبر الباب الخلفي حيث كانت بانتظاره سيارتا دفع رباعي".
موقف الداخلية
في الأثناء، وصل وزير الداخلية عبد الأمير الشمري إلى مركز الشرطة، ووجه باعتقال جميع الضباط والمسؤولين فيه لإجراء التحقيق، فيما نفذت قوات أمنية حملة تمشيط في المنطقة الخضراء والأحياء المحيطة بها بحثًا عن رئيس ديوان الوقف السُنّي السابق، وفق النائب ياسر إسكندر وتوت.
وزارة الداخلية قالت بدورها، إنّ الشمري أوعز "بإيداع ضابط قسم شرطة الصالحية وضابط مركز شرطة كرادة مريم وضابط خفر المركز للتوقيف، على خلفية هروب المتهم سعد كمبش من المركز، وتشكيل لجنة تحقيقية وجهد استخباري لمتابعة هذا المتهم والقبض عليه".
بالتزامن، داهمت قوة أمنية منزل سعد كمبش بالقرب من الجسر الجمهوري وسط مدينة بعقوبة في ديالى وحاصرته، ويضم المنزل أفرادا من عائلة كمبش وعددًا من عناصر الحماية الخاصة به.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت أنباء هروب كمبش غضبًا واسعًا واتهامات بالفساد للجهات المختصة بتنفيذ مذكرات اعتقال المسؤولين المطلوبين بقضايا فساد، وأسئلة كبيرة حول أسباب إيداعهم في مراكز محددة يحظون فيها بـ "خدمات 5 نجوم".
وصدر الحكم بحق كمبش في قضية فساد تتعلق بشراء فندق في أربيل بأكثر من 47 مليار دينار، من أموال الوقف السُنّي.
كمبش كان قد تولى مهامه على رأس الوقف السُنّي في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في شباط/ فبراير 2020، قبل إنهاء تكليفه بقرار رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي، حيث أُعيد إلى منصبه كوكيل لرئيس الديوان في آذار/ مارس 2022.
علاقة الحلبوسي
صفحات على مواقع التواصل تداولت أيضًا اتهامات للنائب في مجلس النواب أسماء كمبش، شقيقة مسؤول الوقف السُنّي السابق، بالتورط في عملية هروب شقيقها، بالاشتراك مع ابنه وعدد من الموظفين في ديوان الوقف.
كما تداول ناشطون صورة تظهر كمبش قرب محل بقالة قالوا إنّه يقع وسط العاصمة، التُقِطت في وقت قريب وفقهم. وتظهر الصورة كمبش إلى جانب سيارة "لاندكروزر" بيضاء اللون تحمل لوحة تسجيل صادرة من محافظة أربيل.
من جانبه، كتب هشام الركابي مدير المكتب الإعلامي لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، إنّ "عملية هروب كمبش ستكون سببًا للقيام بثورة كبيرة على الآليات الفاسدة المعتمدة في احتجاز كبار الفاسدين، وسيتم اقتلاع الآليات الفاسدة التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين إلى فنادق 5 نجوم".
وأصدرت هيئة النزاهة سابقًا أوامر اعتقال وتحرٍّ ومنع سفر بحق كمبش وعدد من المسؤولين في الوقف السُنّي، استنادًا إلى أحكام المادتين 340، 331 من قانون العقوبات العراقي، في قضية فندق أربيل.
وفي السياق، فبعد هروب رئيس ديوان الوقف السُنّي سعد كمبش، من سجنه وهو المُدان بسرقة ملايين الدولارات من أموال الوقف، فإن فُرص إزاحة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تزداد، حيث تُوجَّه له الاتهامات بأن كمبش تابعا له وهو مَن أوصله إلى المنصب، وأن جهات مقرّبة من الحلبوسي ونواب في حزب تقدّم كان لهم يد في فِرار كمبش.
كما انتشرت فجر اليوم أنباء عن حدوث مشادات كلامية بين وزير الداخلية ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية إصرار الوزير لتفتيش بيوت نواب من حزب تقدّم في القادسية، والحلبوسي يرفض ذلك.
يتزامن ذلك مع تشكل لوبي سُنّي شيعي لإزاحة محمد الحلبوسي من منصبه رئيسا للبرلمان، وقد اضطره ذلك الطيران إلى السعودية لإيقاف مدّ إزاحته الذي ينضج على نار تستعر بدعم شيوخ عشائر في الأنبار وقوى سُنيّة وشيعية.
والمعلومات المُسرّبة تُفيد، أن الحلبوسي طلب دعم السعودية لتحالف سُنّي داخل العراق على غرار الإطار الشيعي، ويكون متوافقا مع توجهات السعودية.
لكن مبادرة الحلبوسي، ليست ذات قيمة بالنسبة للسعودية في هذا الوقت الذي يشهد انحسار الاستقطابات الإقليمية، على ضوء المصالحة السعودية الإيرانية. ووفق المعلومات فإن السعودية أبدت الرغبة في عدم التدخل بالشأن العراقي، وهي تدعم أي وفاق داخلي لصالح الاستقرار، الأمر الذي أصاب الحلبوسي بخيبة أمل.