هيئة الاستثمار تحت مجهر البرلمان.. أسئلة نيابية متلاحقة وشبهات فساد كبيرة تحاصر الهيئة قد تصل لاستجواب رئيسها حيدر مكية.. تعرف على القصة وتفاصيلها المتداخلة
انفوبلس..
أسعار خيالية تسيطر على الوحدات السكنية في مجمعات العاصمة بغداد، ما يسلط الضوء على دور الهيئة الوطنية للاستثمار ويشير بشكل كبير لوجود شبهات فساد يراقبها مجلس النواب، ومن المحتمل أن يصل الموضوع لمرحلة استجواب رئيس الهيئة حيدر مكية، خصوصاً مع وجود أسئلة نيابية تقدم بها النائب أحمد الربيعي في مناسبات عدة تطلب الإجابة على عدة جوانب من عمل الهيئة.
شبهات فساد بمجمع البدور
بدأ الأمر بتاريخ 26/10/2023، حيث وجه عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب أحمد طه الربيعي، سؤالا برلمانيا إلى رئيس هيئة الاستثمار الوطنية بشأن العقد المبرم مع مجموعة الرضا للاستثمارات العقارية لبناء مجمع البدور السكني لقوى الأمن النموذجي على الأراضي المحيطة بمطار بغداد الدولي، وما يحيط بهذا العقد من مخالفات قد تصل إلى مستوى شبهات فساد.
وتضمنت وثيقة صادرة من مكتب النائب أحمد طه الربيعي: "تم توجيه سؤال برلماني إلى رئيس هيئة الاستثمار الوطنية، استناداً الى المادة (61 – سابعاً-أ) من الدستور والمادة (29) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 والمادة (50) من النظام الداخلي لمجلس النواب، يطلب الإجابة كتابياً عن هذا السؤال البرلماني والذي يخص العقد المبرم مع مجموعة الرضا للاستثمار".
وأضافت الوثيقة، إنه "إشارة الى الإجازة الاستثمارية المرقمة (386/2020) الممنوحة الى مجموعة الرضا للاستثمارات العقارية لبناء مجمع البدور السكني لقوى الأمن النموذجي على الأراضي المحيطة بمطار بغداد الدولي، تنسب إجابتكم على الأسئلة التالية التي منها، بيان أسباب عدم قيام هيئتكم بمفاتحة الجهات القطاعية لغرض استحصال موافقتها على تخصيص الأراضي للاستثمار خلافا للفقرة (ثانيا – أ) من المادة (20) من قانون الاستثمار" وضرورة بيان الأسس والمقاييس التي تم استنادا إليها ترجيح العرض الأفضل فنيا واختيار مجموعة الرضا من بين خمس شركات تقدمت بعروضها لتنفيذ المجمع السكني".
وكشفت الوثيقة عن طلب الربيعي "تزويده بتقرير لمراحل تقدم العمل ونسب الإنجاز المادي والفني خلافا للفقرة (سابعا) من المادة (14) من قانون الاستثمار التي تنص على ضرورة تطابق جدول تقدم العمل الذي يقدمه المستثمر مع الواقع على ألا يكون التفاوت الزمني أكثر من ستة أشهر وعلى الهيئة الوطنية للاستثمار وضع شروط جزائية في حالة تجاوز مدة الستة أشهر كما إن للهيئة سحب الإجازة)؟".
وأكدت ضرورة "بيان أسباب عدم قيام الهيئة بمفاتحة وزارة التخطيط والبنك المركزي العراقي ودائرة تسجيل الشركات باسم (شركة مجموعة الرضا) والشركات المؤتلفة معها خلافا للفقرة ثانيا من المادة (9) من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 الخاصة بتبسيط الإجراءات أمام الشركات المستثمرة".
كما أكدت الوثيقة أهمية "بيان أسباب عدم قيام هيئتكم بتحديد نسبة البدل للأراضي المهيئة للاستثمار ضمن محضر الاجتماع لوضع آلية لتنفيذ المشروع خلافا للفقرة سادسا من الماد (9) من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 التي تنص على (تسهيل الحصول على العقارات اللازمة لإقامة المشاريع بالشكل الذي تحدده الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ببدل للمشاريع السكنية التي تقع ضمن التصميم الأساس)؟".
وطالبت بتزويد الربيعي بالكتب والوثائق التي تثبت سلامة الموقف الضريبي لشركة (مجموعة الرضا) والشركات المتحالفة معها واستنادا الى كتاب وزارة المالية (39 س/1597) في (26/6/2012) ؟، فضلا عن كتاب وزارة التخطيط الذي يبين سلامة الموقف القانوني للشركة المتعاقدة (مجموعة الرضا) وكذلك الشركات المتعاقدة معها كل على حدة وإنها غير مشمولة بالقائمة السوداء واستنادا الى كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء (ق/6/1/27/1438) في (17/2/2005) الذي يشير الى ضرورة التأكد من ذلك؟".
وبينت ضرورة تزويد النائب الربيعي بمحضر اللجنة التحقيقية المشكلة والمصادق عليها من قبل رئيس الهيئة وكافة الأوليات الخاصة بذلك في ضوء الشكاوى الواردة الى لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية حيث تم تشكيل لجنة تحقيقية في الهيأة بموجب الأمر الإداري المرقم (296) في (27/9/2020) للتحقيق في تلك الشكاوى التي تخص رخص استثمار الأراضي في محيط مطار بغداد الدولي وبضمنها رخصة الاستثمار الممنوحة لشركة مجموعة الرضا؟
إضرار بأكثر من 200 مليون دولار
وبتاريخ 29/10/2023، كشفت وثائق صادرة من مكتب الربيعي انه "وجه سؤالا برلمانيا الى رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار تضمنت أسئلة تخص العقد المبرم مع شركة دايكو القابضة وان العقد خاص بتشغيل وإدارة وتأجير وصيانة واستثمار وتسويق لـ (5) أسواق مركزية تعود ملكيتها لوزارة التجارة بمبلغ (206.069.058) دولار".
وبحسب الوثائق، فإن "الأسئلة تضمنت ضرورة بيان أسباب قيام الهيئة بالتعاقد مع الشركة رغم عدم وجود تأييد صحة صدور التصديقات على أوراق تسجيل الشركة التي تعاقدت معها".
وأشار الربيعي الى أن "جزر الكايمن تعتبر من الملاذات الضريبية التي يقوم الأفراد والشركات بتأسيس شركات وفتح حسابات فيها للتهرب الضريبي وغسيل الأموال، كما إن الجزر تتمتع بحكم ذاتي مما يعني صعوبة ملاحقة الشركة قضائيا وقانونيا".
ولفت الى، "عدم إبرام الهيئة عقد استثمار لأرض المشاريع مع الجهة المالكة والتي هي الشركة العامة للأسواق المركزية وذلك خلاف لأحكام قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006".
وأكد عضو مجلس النواب، "وجود مجموعة من المخالفات التي ارتكبتها الهيئة بإحالة العقود للتنفيذ على الرغم من عدم وجود موافقة صريحة من وزارة التجارة على هدم تلك الأسواق، فضلا عن إن شركة دايكو غير مسجلة لدى مسجل الشركات العراقي كفرع وعدم وجود مكتب تمثيل لها في العراق وعدم تقديمها قائمة بالأعمال المماثلة والمنجزة، وعدم تقديم الشركة الحسابات الختامية لآخر سنتين ماليتين لمعرفة كفاءتها المالية".
وبين من خلال السؤال البرلماني "عدم قيام الهيئة بتضمين العقد المبرم مع شركة دايكو أي شرط جزائي في حال تأخرها عن تنفيذ جدول تقديم مراحل العمل".
وشدد عضو لجنة النزاهة على ضرورة "بيان عدم قيام الهيئة بسحب الإجازة الاستثمارية من الشركة بعد مرور أكثر من (3) سنوات على تاريخ منحها رغم عدم وجود إنجاز في المشروع".
قرار غير مُطبَّق
تجدر الإشارة إلى أن هيئة الاستثمار، وبعد الارتفاع الجنوني بأسعار العقارات عموماً وأسعار الوحدات في المجمعات السكنية بشكل خاص، كانت قد أصدرت في 10/9/2023 قراراً يُلزم الجهات المعنية بالإعلان في المواقع الإلكترونية عن سعر المتر الواحد للمشاريع الاستثمارية.
وبحسب وثيقة صادرة عن الهيئة وموجهة إلى هيئات الاستثمار في المحافظات كافة جاء فيها: لغرض تحقيق سياسة هيئات الاستثمار في المحافظات لدعم قطاع السكن والسيطرة على أسعار الوحدات السكنية ضمن المشاريع الاستثمارية يتطلب الالتزام بما يلي:
1.نشر إعلان ضمن مواقعكم الإلكترونية يتضمن سعر المتر الواحد لكل مشروع استثماري بموجب دراسة الجدوى والعقد الاستثماري للمشروع وفتح نافذة لبيان المشاريع غير الملتزمة بتلك الأسعار مع وضع رقم هاتف للشكاوى.
2.إشراك قسم القانونية أو قسم النافذة الواحدة ضمن هيئاتكم لمصادقة العقود مع المواطنين لغرض ضبط الأسعار بموجب دراسة الجدوى والعقود الاستثمارية.
أسئلة برلمانية أخرى
ومع بداية العام الجاري، وجه الربيعي أيضاً 3 أسئلة نيابية أخرى لهيئة الاستثمار، جاء في أولها الذي كان بتاريخ 5/2/2024 إنه: استنادا الى المادة (61-سابعا-أ) من الدستور والمادة 29 من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018، يرجى الإجابة كتابياً عن السؤال البرلماني بخصوص أسعار بيع الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية.
السؤال:
1.يرجى بيان أسباب ارتفاع أسعار الوحدات السكنية للمواطنين مقارنة مع بدلات البيع والأسعار المدرجة ضمن دراسات الجدوى الخاصة ببعض المجمعات السكنية حيث لوحظ ارتفاع كبير في أسعار الوحدات المعروضة؟
2.بيان أسباب عدم لجوئكم الى تطبيق المادة 28 من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل حال قيام المستثمرين برفع أسعار الوحدات السكنية خلافا لما مثبت في دراسات الجدوى الفنية ولاقتصادية؟ مع بيان إجراءاتكم القانونية المتخذة بخصوص ذلك؟
وفي الوثيقة الثانية والتي كانت بتاريخ 5/3/2024، فجاء فيها: استنادا الى المادة (61- سابعا-أ) من الدستور والمادة 29 من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018، يرجى الإجابة كتابياً عن السؤال البرلماني بخصوص أسعار بيع الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية وسبب عدم تضمين دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية؟
السؤال:
استنادا الى الوثائق والتقارير التي وردتنا والتي تبين عدم تضمين دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية الخاصة بالمجمعات السكنية الاستثمارية والمقدمة من قبل المستثمرين الى هيئتكم أسعار بيع الوحدات السكنية مما يشير الى عدم اكتمال الدراسة من الناحيتين الفنية والاقتصادية ، حيث كان اللازم قيامكم بالزام المستثمرين بتقديم دراسات جدوى تتضمن أسعار الوحدات السكنية وأدناه أمثلة على ذلك:
1.مجموعة الحنظل الدولية – وجنسيتها إماراتية – العاملة بمشروع مدينة المستقبل – وموقعه العاصمة بغداد / الدهنة
2.دايكو العالمية القابضة المحدودة - وجنسيتها بريطانية - العاملة بمشروع موقع البصرة السكني التجاري – وموقعه بغداد / العامرية
أما السؤال الثالث فقد كان بشأن نقل غريب لموظفين من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وجاء فيها: استنادا الى المادة (61-سابعا-أ) من الدستور والمادة 29 من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018، يرجى الإجابة كتابياً عن السؤال البرلماني بخصوص نقل موظفين من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
السؤال:
1.يرجى بيان أسباب قيامكم بنقل عدد كبير من موظفي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيث بلغ عدد المنقولين (100) موظف الى هيئتكم رغم عدم وجود خبرة أو تخصص في موضوعات الاستثمار للموظفين المنقولين، وخلافا لتعليمات تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية التي تنص على إيقاف النقل بين الوزارات والهيئات؟
2.بيان أسباب قيامكم بأسناد مناصب قيادية في هيكل الهيئة الوطنية للاستثمار الى بعض الموظفين المنقولين من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟
أزمة السكن وأسعار العقارات
يعاني العراق نقصاً حاداً في الوحدات السكنية مع الغلاء المعيشي الذي تشهده البلاد، إذ أُجبر كثير من المواطنين على العيش في إيجارات وسط صعوبة شراء مسكن. ومع الأزمة التي انفجرت خلال السنوات الماضية بسبب العدد الهائل من السكان العراقيين وازديادهم سنة بعد أخرى. وصل سعر المتر السكني الواحد في المناطق الشعبية إلى أرقام غير معقولة تصل في بعض الأحيان إلى 3 آلاف دولار أميركي على رغم افتقارها لبعض الخدمات الأساسية.
ويرى الكثير من العراقيين أن أسباب الارتفاع يعود إلى الفوارق الكبيرة التي تولّدت بين طبقات المجتمع، فالطبقة السياسية ورجال الأعمال وأصحاب الدرجات الخاصة يزدادون ثراءً في كل يوم ويستثمرون أموالهم في شراء العقارات داخل العراق.
بينما يعاني كثير من المواطنين العراقيين من عدم امتلاكهم منزلاً، فيما يعيش بعضهم في منازل مستأجرة بأسعار لا تقل عن 300 دولار أميركي، انتقادات شعبية لسياسات الإسكان التي لا تزال عاجزة عن ردم الفجوة بين العرض والطلب، وما زال العجز في قطاع الإسكان مرتفعاً ويُقدر بثلاثة ملايين وحدة سكنية، إضافة إلى قلة الأراضي السكنية المخدومة القابلة للتوزيع والبناء.
هيئة الاستثمار وبتصريح سابق أوضحت أن "حاجة البلاد إلى نحو أربعة ملايين وحدة سكنية لحل أزمة السكن في العراق. وقالت إن "الهيئة منحت 130 إجازة استثمار تقريباً خلال 2021"، لافتة إلى أن "العمل بدأ في عديد من المشاريع المتوقفة"، وأن "هناك 1800 إجازة بين الوهمية وشبه الوهمية، بينما عدد المشاريع المتلكئة يتجاوز 500 مشروع، بينما أكدت أن الهيئة وُلدت في فترة استشراء الفساد ومحاربو الإصلاح موجودون في كل قطاع ومجال"، مؤكدة أن "الضغوط السياسية مستمرة للحصول على الإجازات الاستثمارية".
بينما تمنح هيئة الاستثمار إجازات لبناء المجمعات السكنية دون تفاصيل واضحة للرأي العام حول آلية منح هذه الإجازات والأراضي الى المستثمرين أو الشروط التي تفرضها عليهم الهيئة، والتي يتضح أنه ليس هناك شروط، فالشرط الأول الذي يجب أن يتوفر اتساقا مع ادعاء أن هذه المجمعات لحل أزمة السكن، هو أن تكون أسعار هذه الوحدات متناسبة مع متوسط دخل العراقيين وأولئك الذين لا يمتلكون سكنًا.
مدن جديدة
هيئة الاستثمار استعرضت في وقت سابق عبر المتحدث الرسمي باسمها الدكتور مثنى الغانمي تفاصيل خمس مدن سكنية جديدة. مبيناً أن إطلاق الفرص الاستثمارية للمدن السكنية الجديدة جاء بعد قرار الحكومة العراقية عرضها للاستثمار، وحل جميع المشكلات المتعلقة بملكية الأراضي، والبدء بإحالتها للشركات التي ستقدم أفضل العطاءات والعروض.
وكشف الغانمي أن هذه المدن الخمس تُعد المرحلة الأولى، وأن الأسابيع القادمة ستشهد عرض فرص استثمارية جديدة لما يقرب من 10 مدن سكنية جديدة أخرى بعد استكمال إجراءات حصر الأراضي وفرزها وفض نزاعات الملكية بين وزارتي المالية والبلديات وأمانة العاصمة.
أما عن تفاصيل هذه المدن وعدد الوحدات السكنية، فقال الغانمي "جميع المدن السكنية ستضم وحدات سكنية أفقية وعمودية بمجموع يصل لنحو 240 ألف وحدة سكنية، حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لمدينة الجواهري الجديدة ببغداد 29 ألف وحدة سكنية على مساحة تزيد عن 7 آلاف دونم، في حين تبلغ الطاقة الاستيعابية لمدينة ضفاف كربلاء الجديدة أكثر من 46 ألف وحدة سكنية على مساحة تزيد عن 8900 دونم".
محاولات خجولة لحل الأزمة
وفي إحصائية غير رسمية، يبلغ عدد السكان الذين لا يمتلكون منزلا في العراق نحو 25% والبعض يقول إنها ضعف هذا العدد، إذا ما أخذنا عدد العشوائيات التي تنتشر في العراق ويسكنها نحو 3 ملايين عراقي وفق تصريحات مسؤولين ونواب، فيما يخشى العراقيون من الإجراءات الروتينية الحكومية وقرب انتهاء عمر الحكومة من الحيلولة دون تحقيق حلمهم بالحصول على قطعة أرض.
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي كشف أن "هنالك توجهات حقيقية لمعالجة أزمة السكن في العراق وردم الفجوة الموجودة في القطاع، ونتحدث هنا عن مشروع المدن السكنية الجديدة التي بدأت كمرحلة أولى في خمس مدن ثم ننتظر باقي المدن".
وبيّن، أن "هناك مشروعا يضم ربما ١٥ مدينة سكنية التي سيشهدها العراق في مختلف المحافظات، ويمثل نقلة مهمة لقطاع السكن وتسهم في حل جانب كبير من أزمة السكن، وتكون المدن استثمارية وتنفَّذ من القطاع الخاص".
مشكلة العشوائيات
تقول آنا نيكونوروف، وهي ناشطة في منظمة NCCI غير الحكومية التي تنفذ مشاريع ولها نشاطات في العراق، إنه يوجد في محافظة بغداد من السكن العشوائي ما يعادل ثلث كامل العشوائيات في بقية محافظات العراق، أي 125 منطقة عشوائية من أصل 380، يُقدر عدد ساكنيها بـ 483148 شخصاً. وتعود ملكية 53 في المئة من هذه الأراضي التي بُنيت عليها العشوائيات لوزارة المالية، و26 في المئة لوزارة الدفاع، و7 في المئة لأمانة بغداد، و4 في المئة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، و2 في المئة لكل من وزارات الزراعة والنقل والتعليم.
وبحسب استبيان للمنظمة نفسها فإن "معظم السكن العشوائي غير موصول بالخدمات التي تقدمها الحكومة، كماء الشرب والصرف الصحي والمدارس". وأظهر الاستبيان أن 68 في المئة من سكان المناطق العشوائية في العراق، و80 في المئة من الشريحة نفسها في بغداد لا يرغبون بالعودة إلى مناطق سكناهم الأصلية.
وإذ تعلق وزارة الإسكان انتشار السكن العشوائي على قضية النزوح الداخلي الذي تصاعد إثر الاحتقان الطائفي في عامي 2006 و2007، فإن الاستبيان يؤكد أن 5 إلى 10 في المئة فقط من هؤلاء القاطنين هم من النازحين داخلياً.
الاستشاري في التنمية الصناعية والاستثمار الدكتور عامر الجواهري يرى أن "ارتفاع أسعار العقارات بدأ منذ حوالي ٢٠ سنة، ويكرر المسؤولون أن هناك حاجة لوجود مليونين ونصف الى ٣ ملايين وحدة سكنية، وبوجود نسبة زيادة في السكان سنويا بحدود مليون ومئة ألف فرد والطلب متسارع بسرعة فائقة على الوحدات السكنية وفي المستويات كافة من الفقير الى الغني جدا".
ويوضح الجواهري، أن "ازدحام طلب الوحدات السكنية ودرجة تأثيرها على ازدحام السيارات والبيئة والضغط على منظومات الخدمات والبنى التحتية، كل هذا سيجلب نتائج وخيمة في جميع المجالات".
ولفت، أن "القطع المهمة الكبيرة جدا في بغداد نُفذت على شكل مجمعات سكنية وأصبحت لصالح الطبقة العليا والأغنياء والمشاريع التي تهم الفئة الأقل من المتوسطة والفقيرة غير موجودة".
وأشار الى أن "اللجوء الى الأراضي الزراعية صار أسرع وأصبح نهْش للأراضي الزراعية كبيراً لأنها أرخص، ولكن هذا النهش يؤثر على درجات الحرارة وزيادة الجفاف وانخفاض نسبة البساتين والأراضي الزراعية ليستمر هذا النهش باتجاه المحافظات كافة".
وبين، أن "الحلول ليست بإصدار قانون وتسعير الأراضي ويؤدي الى نتائج عكسية، الحلول هي بسرعة توزيع الأراضي على المواطنين وشرط أن تضع مخططات للأراضي ووجود مدارس ومراكز دفاع مدني ومناطق خدمة ومتطلبات المدن كافة".