واشنطن تتدخل بملف ساكو وتفرض نفسها وصياً على المسيحين.. الرئيس رشيد يقرر استدعاء رومانسكي
هل يتطور الصراع بين بابليون وبطريرك الكلدان؟
واشنطن تتدخل بملف ساكو وتفرض نفسها وصياً على المسيحين.. الرئيس رشيد يقرر استدعاء رومانسكي
انفوبلس/..
يشهد العراق في الآونة الأخيرة صراعاً نادراً ما يحدث، شمل أطراف المكون المسيحي من الكلدان، بين رئيس حركة بابليون ريان الكلداني من جهة وبطريرك الكلدان لويس ساكو من جهة أخرى، حتى تطور الأمر ليصل إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما رفضه العراق ودفع برئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد باستدعاء سفيرة واشنطن لدى بغداد آلينا رومانسكي.
*التدخل الأمريكي
عبَّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، عن قلق الولايات المتحدة إزاء القرار الذي أصدره الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، بشأن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين الكاردينال، لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم.
واعتبر المتحدث الأمريكي، القرار الرئاسي العراقي "ضربة للحرية الدينية، ولهذا نحن قلقون للغاية، وانخرطنا مباشرة مع الحكومة العراقية لتوضيح مخاوفنا"، على حد تعبيره.
وقال ميلر: "إننا منزعجون من المضايقات التي تعرض لها الكاردينال ساكو، ومنزعجون من أنباء مغادرته بغداد ونتطلع إلى عودته الآمنة"، مشيرا إلى أن "المجتمع المسيحي العراقي هو جزء حيوي من هوية العراق وتاريخ التنوع والتسامح فيه".
وعبّر ميلر، عن "قلق الولايات المتحدة إزاء تعرض ساكو للهجوم من عدد من الجهات على وجه الخصوص من زعيم ميليشيا خاضع لعقوبات بموجب قانون ماغنتسكي"، وفق ما ذكره.
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة "على اتصال مستمر مع القادة العراقيين بهذا الشأن".
*رد سريع
سريعاً رد العراق على الموقف الأمريكي الذي يعتبر تدخلاً سافراً في شؤون البلاد الداخلية، طالما أن الولايات المتحدة عودتنا على مثل هذه التدخلات دون وجه حق.
وردّت رئاسة الجمهورية، على التصريحات التي أدلى بها ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ضد الحكومة العراقية فيما يتعلق بالمرسوم الجمهوري القاضي بسحب المرسوم رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، كرئيس للكنيسة المسيحية في العراق.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في بيان، إنه "عقب تصريحات ميلر على القرار الأخير بإلغاء المرسوم الجمهوري القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، يشعر مكتب رئاسة جمهورية العراق بخيبة أمل إزاء الاتهامات الموجهة إلى الحكومة العراقية والرئاسة بشأن القرار المتخذ بإلغاء مرسوم رئاسي لا يتماشى مع دستور البلاد، لذلك ستستدعي رئاسة الجمهورية سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد بشأن هذه المسألة".
وأضاف، إن "العراق عمل بشكل دؤوب جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة منذ اعتماد الدستور العراقي في عام 2005، لبناء نظام قانوني فعّال يكفل حقوق جميع مواطني البلاد، وهو نظام يتم اتباعه والالتزام به في نهاية المطاف، ولا يجوز لرئاسة الجمهورية اتخاذ إجراءات تتعارض مع الدستور العراقي حيث يتمثل الدور الأساسي لرئيس الجمهورية في حماية الدستور وما ينطوي عليه من الأطر القانونية".
وأشار إلى، أن "سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو، وأن البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم"، مضيفا: "كما أوضحت السلطات القضائية والدستورية منذ عام 2018 وبما لا يقبل اللبس أن رئيس الجمهورية ليس لديه أي سلطة في أي مسألة أو حالة لإصدار مراسيم رئاسية لأي رؤساء طوائف دينية. وهذا ينطبق أيضا على الطوائف المسيحية والإيزيدية والإسلامية وأي جماعات دينية أخرى في العراق".
وأوضح، إنه "من الناحية الدستورية لا يجوز لرئيس الجمهورية في العراق تعيين أو إقالة رئيس طائفة يتم اختياره من قبل أتباعه، ولا يمكن للرئيس تفضيل أو إعطاء الأولوية لأي مجموعة على أخرى، على الأقل لفرض زعيم طائفة واحدة على الآخرين، إذ تُعد سابقة خطيرة إذا ما تدخل مكتب الرئيس في هذه الأمور"، مبينا أن "الرئيس دأب على احترم مسيحيي العراق ودافع عن حقوقهم طوال حياته المهنية، وهو يرفض رفضاً قاطعا أي تهديدات أو تصريحات مسيئة للكنيسة أو ضد أي طائفة أخرى في العراق".
وتابع، "يجب أن يكون واضحا للجميع بأن المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، رغم أنه غير سليم دستوريا، لم يمنح أي سلطة إضافية لسماحة الكاردينال ساكو ولهذا السبب نؤكد أن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال بغض النظر عن الإجراء المتخذ"، مؤكدا أن "سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري أو قانوني".
وبين، "لقد كانت الطائفة المسيحية، سواء كانت كلدانية أو آشورية أو سريانية أو من الروم الأرثوذكس أو قبطية أرثوذكسية أو أرمينية، ستظل دائما جزءا لا يتجزأ من العراق"، مشيرا إلى أن "اتهام رئاسة الجمهورية أو الحكومة العراقية بمهاجمة الحرية الدينية والإضرار بالطائفة المسيحية ليس كاذبا بشكل قاطع فحسب، بل إنه يضر أيضا بأسس هذه الدولة والخطوات الهائلة التي قطعتها في بناء مجتمع متسامح ومتساوٍ".
وأكد، إن "مسيحيي العراق مكوّن محترم ويحظون بتقدير المجتمع العراقي، كما يكفل الدستور حقوقهم". مبينا، إن "إلغاء المرسوم الجمهوري رقم (31) القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، كما اقترح ميلر ووزارة الخارجية، سيكون عديم الجدوى وانتهاكا صارخا للدستور الذي حارب من أجله العراقيون، وضحَّوا بأنفسهم للحفاظ عليه. وكما سيقوض كل جهد يُبذل من أجل تعزيز الهياكل الداخلية والأطر القانونية والدستور العراقي، يمكن للعراقيين الدفاع عن دستورهم بقوة كما تفعل الدول الأخرى".
ولفت إلى، أن "الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد ملتزم بحماية ودعم الدستور العراقي، ومعاملة جميع العراقيين على قدم المساواة بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو معتقداتهم أو ديانتهم".
*دواعي سحب المرسوم
وكانت البطريركية الكلدانية في العراق قد أعلنت رفضها قرار سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين بطريرك الكنيسة.
وقالت السفارة البابوية في بيان: "تأسف السفارة الرسولية في العراق لسوء الفهم والتعامل غير اللائق في ما يتعلق بدور غبطة البطريرك مار لويس ساكو كوصيّ على ممتلكات الكنيسة الكلدانية، بالإضافة إلى بعض التقارير المنحازة والمضللة حول هذه القضية، والتي غالبا ما تتجاهلها كشخصية دينية تحظى بتقدير كبير".
وأشارت السفارة إلى لقاء رئيس الجمهورية مع القائم بأعمال سفارة الفاتيكان في بغداد، الأب تشارلز لاوانغا سونا "بخصوص المرسوم الأخير"، وأوضحت أن الأخير "شدد على أن إدارة ممتلكات الكنيسة، على النحو المنصوص عليه في الدستور العراقي، يجب أن تستمر بحرية من قبل رؤساء الكنائس وعلى المستوى العملي، أي أمام المحاكم العراقية والمكاتب الحكومية، في حين أن السفارة الرسولية لا تعلق على ما إذا كان سيتم ضمان ذلك من خلال المراسيم الرئاسية أو بأي طريقة أخرى مناسبة".
وذكرت رئاسة الجمهورية، في بيان، أن رئيس الجمهورية استعرض لضيفه "دواعي سحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013، حيث أكد أن سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني بالكاردينال، وأن سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم المذكور دون سند دستوري أو قانوني، فضلا عن مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى لإصدار مراسيم جمهورية مماثلة".
وأكد أن "البطريرك لويس ساكو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".
*الفاتيكان غير معترض
من جانبه، أكد القائم بأعمال سفارة الفاتيكان في بغداد أن "السفارة ليست لديها أية ملاحظات على إجراءات رئاسة الجمهورية".
وكانت رئاسة الجمهورية العراقية قد ذكرت في تصريح نُشِر على موقعها الرسمي، أن "بعض وسائل الإعلام تداولت خبرا مفاده أن سحب المرسوم الجمهوري مقصود به رمز ديني بعينه".
وأضافت، أنه "سبق وأن صدر مرسومان جمهوريان لرمزين دينيين في نفس الفترة ولم يتم تجديدهما أيضا لعدم وجود سند دستوري أساسا لصدورهما".
وأشارت رئاسة الجمهورية العراقية إلى أن "المراسيم الجمهورية بالتعيين لا تصدر إلا للعاملين في المؤسسات والرئاسات والوزارات والهيئات الحكومية"، مبينة أن "المؤسسة الدينية بالتأكيد لا تُعد دائرة حكومية ولا يُعد رجل الدين القائم عليها موظفا في الدولة، كي يصدر مرسوم بتعيينه".
وأوضحت، أن "سحب المرسوم الجمهوري رقم (147) كان بقصد تصحيح وضع دستوري بعيدا عن أي اعتبارات أخرى".