آخر تطورات التواجد الأميركي في العراق.. واشنطن تدرس الانسحاب "الحكيم" أو نقل قواتها إلى كردستان.. هل بدأت المفاوضات الأخيرة بجني ثمار جولاتها؟
انفوبلس/ تقارير
في آخر التطورات بشأن تواجد القوات الاميركية في العراق، تحدثت مواقع ومجلات أميركية عن انسحاب تلك القوات من البلاد بصورة تدريجية أو نقلها إلى مناطق كردستان حيث تحظى بمقبولية هناك، وفق موقع "ميدل إيست ترانسبارينت" ومجلة و"فورين بوليسي" اللذَين أكدا أن فرص التواجد الاميركي في العراق باتت ضئيلة وأن الرفض الشعبي تعزز سياسياً الآن في ظل حكومة السوداني. فهل يعني هذا أن جولات المفاوضات التي بدأها العراق مؤخرا أتت بثمارها؟
*ماذا توقع موقع ميدل إيست ترانسبارينت؟
في تقرير له نُشر يوم أمس وتابعته شبكة انفوبلس، توقّع موقع "ميدل إيست ترانسبارينت" الأميركي أن يتم سحب معظم القوات الأمريكية المتواجدة في بغداد أو نقلها إلى إقليم كردستان.
التقرير ذكّر بالضربات الأمريكية الأخيرة في بغداد، رداً على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن في أواخر يناير/ كانون الثاني، والتي رأى أنها كانت خروجاً كبيراً عن ضبط النفس طويل الأمد وولَّدت ردَّ فعلٍ سياسي عنيف في العاصمة بغداد، مع عواقب غير معروفة على الوجود العسكري الأمريكي في البلد.
وبحسب التقرير، أثارت الضربات الأمريكية ردا قويا في العراق من "الصديق والعدو" على حد سواء، كما رأت الحكومة الاتحادية في بغداد، أن الإجراءات الأمريكية التي تعرّض السلام المدني للخطر تجبرها على إنهاء مهمة التحالف الدولي الذي يهدد بتوريط العراق في دورة الصراع.
*الوقت قد حان لمغادرة أميركا والتحالف العراق
وبينما كرّست الولايات المتحدة الكثير من الكنوز للعراق، وبينما ما تزال بغداد ذات أهمية كبيرة لواشنطن، إلا أن واشنطن قد تقرر في نهاية المطاف أن الوقت قد حان لمغادرة الولايات المتحدة والتحالف من البلاد، لذا فمن الواضح أن الوجود العسكري الأمريكي الكبير في هذا البلد أصبح لا يمكن الدفاع عنه، وفق التقرير.
وأشار التقرير إلى أنه "بعد 20 عاما من غزو العراق، حان الوقت لإدارة بايدن للبدء في التفكير بأفضل طريقة لتقليص البصمة العسكرية الأمريكية في العراق، حيث لا تستفيد الولايات المتحدة من وجودها في العراق".
*انسحاب إلى كردستان
وبحسب التقرير، فبما أن القوات الأمريكية في إقليم كردستان العراق تعمل كعقدة حاسمة للدعم اللوجستي لقوات البيشمركة، فقد تتمكن واشنطن من ترك وجود صغير في الإقليم الكردي شمال العراق.
وأشار تقرير "ميدل إيست ترانسبارينت"، إلى أن "إخراج غالبية القوات الأمريكية من طريق الأذى في العراق يمكن أن يضع واشنطن في وضع أفضل تجاه الحكومة العراقية، خاصة إذا بقيت القوات في إقليم كردستان، حيث ما تزال الولايات المتحدة موضع ترحيب هناك".
وخلص التقرير، إلى القول: إن "العراق ما يزال أولوية للولايات المتحدة، بالتالي سيتعين على واشنطن الاعتماد على أدوات أخرى للقوة الوطنية وخاصة النفوذ الاقتصادي، للحفاظ على مصالحها في العراق، لذا لا يعني التخلص التدريجي من وجود القوات الأمريكية أو تقليص حجمها، نهاية المشاركة العسكرية الأمريكية مع العراق، أو التقشف الأمريكي في المنطقة".
*فورين بوليسي: على واشنطن إعادة التفكير في جدوى وجودها بالعراق
بدورها، تحدّثت مجلّة "فورين بوليسي" الأميركية، في تقرير لها، عن وضع القوات الأميركية في العراق مع تصاعد الهجمات ضدها والاستياء الشعبي، داعيةً واشنطن إلى إعادة التفكير في جدوى وجودها.
وأضافت المجلة في تقرير لها تابعته شبكة انفوبلس، إنّه "في فبراير/ شباط الماضي، حدد البرلمان العراقي جلسةً للتصويت على استمرار الوجود الأميركي، لكن لم يكتمل النصاب القانوني للانعقاد". مشيرة إلى، أنّ "بغداد قد تقرر في نهاية المطاف أن الوقت قد حان لرحيل الولايات المتحدة والتحالف".
وتابعت، "إنّه يمكن للعراق أن يتخذ هذا القرار ويدير التهديد المستمر من تنظيم "داعش" بمفرده". قائلة، إنّه "حتى لو لم تقُم حكومة السوداني بطرد التحالف، فمن الواضح أن الوجود العسكري الأميركي الكبير أصبح غير مقبول".
وأكدت "فورين بوليسي" أنّ الوجود الأميركي في العراق بات مهدَّداً، وبالتالي فإنه من الممكن أن يساعد وجود بصمة أخف في تخفيف هذا التهديد، مع الحفاظ على قدرات كافية إذا اختار الجيش العراقي مواصلة المشاركة العسكرية الثنائية، بما في ذلك التدريبات المشتركة الروتينية.
ولفتت المجلة الأميركية إلى، أنّ "نقل غالبية القوات الأميركية بعيداً عن الهجمات في العراق يمكن أن يضع واشنطن في وضع أفضل تجاه الحكومة العراقية، خاصة إذا بقيت القوات في كردستان.
*هل المفاوضات مثمرة؟
تجمع القوى السياسية والكثير من المتابعين، أن جولة المفاوضات التي أطلقها العراق مؤخرا لتحديد سقف زمني من أجل إخراج ما يسمى قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا من العراق، قد أتت ثمارها، مؤكدين أن الرفض العراقي للتواجد الأجنبي وصل إلى داخل واشنطن وبدأت كبرى الصحف الأميركية تتناوله كما في تقارير ميدل ايست وفورين بوليسي أعلاه.
وبهذا الصدد، ثمّن الإطار التنسيقي، موقف الحكومة في مفاوضاتها مع ما يسمى بالتحالف الدولي.
وقال الإطار في بيان، إنه "يرحب بالبيان المشترك من أجل بدء الحوار الذي يُفضي إلى انسحاب التحالف الدولي بعد انتهاء مهمته ومساعدته العراق في الحرب على داعش".
وأضاف، إنه "في الوقت الذي يثمّن دعم المجتمع الدولي للعراق في حربه ضد الإرهاب، يبارك الجهود الكبيرة التي بذلتها جميع القوى الوطنية وعلى رأسها الحكومة طوال الفترة الماضية في سبيل بدء المفاوضات مع التحالف الدولي لإعادة رسم العلاقة معه وبما يحفظ حقوق العراق وسيادته وأمنه واستقراره".
وشدد الإطار على "أهمية صياغة جدول زمني محدد وواضح لمدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق والمباشرة بخفض عدد المستشارين على الأرض العراقية"، مؤكدا، "دعمه الكامل إلى الانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة مع دول التحالف في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية بما يتسق مع رؤية الحكومة العراقية ويسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وحفظ أمن البلاد".
وأثنى الإطار على "التزام الحكومة بما جاء في منهاجها الذي تضمن الحوار مع التحالف الدولي وإعادة توصيف وجوده والحاجة إليه"، مجددا، "ثقته المطلقة بالأجهزة الأمنية بكل تشكيلاتها ومسمياتها في الحفاظ على أمن واستقرار العراق".
ودعا الإطار التنسيقي جميع القوى الفاعلة إلى "استثمار هذا الإنجاز وإعطاء الفرصة للمفاوض العراقي وعدم التأثير على أجواء الحوار الثنائي مع دول التحالف".
*ترحيب سياسي كبير
من جانبها، رحبت القوى السياسية بحوار الحكومة لتنظيم العلاقة بين العراق والتحالف الدولي.
وأكد ائتلاف إدارة الدولة دعمه لموقف الحكومة. وقال في بيان له، إن "ائتلاف إدارة الدولة يعلن عن دعمه لموقف الحكومة وتأييده لبيان وزارة الخارجية والذي أعلنت فيه بدء الحوار بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تنظيم العلاقة بشكل ثنائي مع أطراف التحالف وإنهاء المهمة القتالية وتحديد جدول زمني لخفض عدد المستشارين".
كما أكد الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعلي، في تدوينة على منصة "إكس"، أن "انسحاب القوات الأجنبية التي دخلت العراق بعنوان التحالف الدولي خطوة هامة وبالاتجاه الصحيح لتحقيق الأمن والاستقرار واستكمال السيادة الوطنية". مشيداً بـ"الموقف الوطني لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني".
بدوره، قال رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم إنه: "في الوقت الذي نجدد فيه دعوتنا لإنهاء مهام التحالف الدولي في العراق، نعبّر عن دعمنا الكامل لإعلان الحكومة العراقية بدء الحوار بين العراق والتحالف الدولي لتنظيم العلاقة بشكل ثنائي مع بعض أطرافه وإنهاء المهام القتالية، ونؤكد على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وأطراف التحالف الدولي في كافة المجالات بما يحقق المصالح الوطنية للعراق ويحفظ أمنه وسيادته".
كما أعربت حركة إرادة عن دعمها للحوار بين العراق والتحالف الدولي بما يخص إعادة رسم العلاقة الثنائية مع التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بنحو يحفظ أمن العراق وسيادته.
وأضافت الحركة أنها "تشد على أيدي الحكومة، والتزامها بالبرنامج الوزاري وإيفائها بالحوار مع التحالف الدولي وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في العراق".