أحكام إعدام تكشف إحباط عملية هروب كبرى من 3 سجون.. ما الذي يحدث في دائرة الإصلاح؟
انفوبلس/ تقرير
قادت أحكام إعدام بحق ثمانية مجرمين مودَعين في دائرة الإصلاح العراقية، لكشف مخطط منظّم لإعادة هيكلة تنظيم "داعش" الارهابي داخل سجون العراق، وذلك حسبما أعلن مجلس القضاء الأعلى يوم أمس الثلاثاء 18 أبريل/ نيسان 2023.
المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، قال في بيان اطلعت عليه "انفوبلس"، إنّ محكمة جنايات الرصافة في رئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة، "أصدرت حكمًا بالإعدام بحق ثمانية مجرمين مودعين في دائرة الإصلاح العراقية (سجن التاجي - سجن الكفل - سجن الكرخ) لقيامهم بالاتفاق والاشتراك فيما بينهم بالاتصال بالسجناء التابعين لتنظيم داعش الإرهابي لإعادة هيكلة التنظيم والتخطيط للهروب من السجون وذلك لتنفيذ مشروع إرهابي منظَّم".
*تجنيد السجناء وتنصيب أمراء
واعترف المدانون وفق بيان القضاء بـ"قيامهم بتلقي توجيهات بإعادة تنظيم داعش الإرهابي داخل السجون، وتجنيد السجناء وتنصيب أمراء وقادة وربطهم بالتنظيم الإرهابي بعد خروجهم من السجون"، لكن لم يفصح البيان عن الجهة التي أصدرت التوجيهات.
وأضاف، إن "المحكمة أصدرت قرارها استناداً لأحكام المادة الرابعة/1 وبدلالة المادة الثانية/3 من قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005".
*سجناء "داعش" يمتلكون هواتف نقالة
وكانت مصادر أمنية رفعية المستوى قد كشفت مؤخراً عن العثور على أجهزة هواتف نقالة لدى عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي المعتقلين في السجون العراقية.
وقالت المصادر، إن حملات تفتيش تمّت في هذه السجون أسفرت عن العثور على أجهزة موبايل كان يتواصل من خلالها عناصر التنظيم داخل السجون مع التنظيم في الخارج وهو ما دفع إلى تشديد الإجراءات داخلها والتي تضم معتقلين لـ"داعش".
ومن وجهة نظر عضو لجنة مكافحة الفساد الأسبق سعيد ياسين موسى فإن الفساد صار مستحكما في السجون بسبب غياب الرقابة الاستباقية، حيث أكد أن هناك مؤشرات على المتاجرة بالمخدرات وتحديدا الحبوب المخدرة، وتسويقها داخل السجون، كذلك إدخال الهواتف والشرائح وبطاقات الشحن وجرائم أخرى متنوعة تحدث داخل الردهات والزنازين، منوها إلى أن هناك حاجة ماسة لإصلاح دائرة الإصلاح التي تُدير السجون والمعتقلات في عموم البلاد.
*السيطرة على السجون
وتحدثت وزارة العدل العراقية عن إجراءاتها إزاء ما يحدث في السجون وآليات السيطرة على دخول المخدرات والممنوعات، إذ يؤكد المتحدث باسم الوزارة كامل أمين، وجود بعض الخروقات في السجون ومنها إدخال مخدرات أو هواتف نقالة وغيرها من الممنوعات، مشيرا إلى أن ذلك يقابله في الاتجاه الآخر آليات للسيطرة عليها، عبر التنسيق المباشر مع الأجهزة الأمنية كوزارة الداخلية وقيادات العمليات، باعتبار أن الأطواق الأمنية حول السجون، قبل الطوق الأخير لدائرة الاصلاح، هي من مهام تلك الأجهزة.
وفي سجون العراق، ما لا يقل عن 19 ألف شخص بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش"، أو غيرها من الجرائم المتعلّقة بالإرهاب، فيما حُكِم على أكثر من 3000 متهم بالإعدام، وفقًا لما نشرته وكالة "أسوشيتد برس" في آذار/ مارس 2018، فيما تقدِّر "هيومن رايتس ووتش" وصول عدد المعتقلين والسجناء إلى 20 ألفًا.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، وسط استمرار الحديث عن سجون سريّة غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
لكن مصادر من وزارة العدل أكدت خلال العام الحالي 2023 أن "عدد السجون في عموم العراق 30 سجنا، وبنحو 59 ألف سجين، بين محكوم وموقوف بجرائم إرهابية وجنائية، ومن بين السجناء 1500 امرأة، فضلا عن السجن الفدرالي أو ما يُعرف بسجن (سوسة) في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان، وهو مرتبط بوزارة العدل الاتحادية".
وطبقا للمصادر، فإن "أعداد السجناء متغيرة بشكل يومي وفق قرارات الإيداع والإفراج، فتارة ترتفع وتارة تنخفض، وهناك موقوفون على قضايا مختلفة يُفرج عنهم قبل صدور الأحكام القضائية لعدم وجود أدلة أو بسبب براءتهم".
كما كشف المتحدث باسم وزارة العدل أحمد لعيبي في تصريح للوكالة الرسمية سابقاً، أن "عدد الإرهابيين المحكومين لدينا أكثر من 50 ألف سجين تقريبًا، ونصفهم محكوم بالإعدام".
وتضاعف عدد السجون في العراق منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 عدة مرات، إذ أنشأت سلطة الاحتلال الامريكي المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن توسع الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى قرابة 30 سجنا رئيسيا تنتشر في مدن وسط وجنوب البلاد، فضلا عن العاصمة بغداد، وإقليم كردستان، عدا عما يُعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، وتُعرف في العراق بـ"التسفيرات".
*1100 من أطفال داعش الأجانب في السجون العراقية
وتقول وكالة (رويترز) للأنباء بأن السجون العراقية تضم حالياً 1100 طفل من أولاد "داعش". كما أعلن مطلعون على نظام السجون في العراق، أن لتركيا أكبر عدد من الأطفال المسجونين في العراق، كما يوجد بين الأطفال السجناء مواطنون من أذربيجان، طاجيكستان، أوزبكستان، الأردن، سوريا وفرنسا.
وقد اطلعت وكالة رويترز على وثائق محكمة جنايات الرصافة التي تكشف عن صدور أحكام بحق 494 امرأة داعشية أجنبية حتى آب 2018، ومن بينها 20 حكماً بالإعدام، لكن هذه الأحكام لم تُنفَّذ بعد.
لا يعرف العراق ولا الدول المعنية كيف يمكن التعامل مع تلك الأعداد الكبيرة من النساء والأطفال، والذين يمثلون مشكلة كبيرة قانونياً ودبلوماسياً وخدمياً. بينما يقول موظفو سجن النساء في بغداد إنهم لم يكونوا مستعدّين أبداً لاستيعاب تلك الأعداد الكبيرة من الأطفال والنساء.
*8 آلاف محكوم بالإعدام في سجن الحوت
قال مسؤول حكومي، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، "يقبع اليوم أكثر من 8 آلاف شخص من عناصر القاعدة وداعش في سجن الحوت جنوبي العراق، وهم محكومون بالإعدام ولم تُنفذ بحقهم حتى الآن تلك الأحكام على الرغم من صدورها أغلبها قبل أكثر 5 سنوات". وبيّن، إن "المعتقل الواحد يكلف الدولة العراقية ما لا يقل عن 10 دولارات يومياً".
وتقول وزارة العدل العراقية، إن أحكام الإعدام تحتاج إلى مدة زمنية تتراوح بين 3 و5 سنوات للتنفيذ؛ كون الحكم يمرّ بسلسلة إجراءات ولغاية وصوله إلى رئيس الجمهورية، الذي يشكل لجانا قضائية تعمل على إعادة تقييم القضية والمحاكمة.
وتنفيذ أحكام الإعدام وفق الدستور، تتطلب مصادقة رئيس الجمهورية عليها حتى تكتسب الصفة القانونية، على أن تتولى وزارة العدل تنفيذها بعد استلام المراسيم الخاصة من الرئاسة.
واحتجز العراق عشرات الآلاف من إرهابيي "داعش" خلال معارك التحرير بين عامي 2014 و2017.
وأعادت السلطات العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام عام 2004، بعدما كانت معلَّقة، خلال المدة التي أعقبت دخول القوات الأمريكية للعراق ربيع 2003، وهو ما أثار انتقادات منظمات مناهضة لهذه العقوبة.
وتجري محاكمة عناصر "داعش" و"القاعدة" بموجب المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب الذي ينص على "الحكم بإعدام كل من ارتكب بصفته فاعلا أصليا أو شريكا في الأعمال الارهابية، ويعاقب المحرّض والمخطط والمموّل وكل من مكّن الإرهابيين من القيام بالجريمة كفاعل أصلي".
ويٌعد العراق أحد أكثر الدول تنفيذا لأحكام الإعدام، حيث احتلّ المرتبة الرابعة بعد كل من الصين وإيران ومصر بالترتيب، كأعلى الدول تنفيذا للعقوبة في عام 2020، وفق تقرير لمنظمة العفو الدولية (غير حكومية).