أحمد شايع يهرب من السجن في البصرة.. ماذا تعرف عن عرّاب المافيا في العراق؟ وهل دعمه للعيداني سهّل عملية فراره؟
انفوبلس/ تقارير
لم تبتدئ قصته من هروبه الماكر من سجن الجمهورية في البصرة، بل ذاع صيته قبل ذلك بكثير، منذ مقتل المدير التنفيذي لشركة دايو المنفذة لميناء الفاو إلى اعتقال شقيقه "عامر" مروراً بالإطاحة به من قبل الأمن الوطني. "أحمد شايع" الذي يُعد أحد أبرز وجوه المافيا في العراق "يفلت" من قبضة العدالة مجدداً بمساعدة أحد الضباط، فكيف حدث ذلك؟ وهل الدعم الذي قدّمه "شايع" لمحافظ البصرة أسعد العيداني سهّل له الهروب؟ إليك ما لا تعرفه عن عرّاب المافيات وعائلته وأبرز أدواره المشبوهة في المحافظة.
*تسلسل زمني.. اعتقال شايع
في الثامن والعشرين من شباط من العام الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني، اعتقال صاحب شركة الدويب المنفذة لمشروع ميناء الفاو الكبير (أحمد الشايع) المتهم بجرائم قتل وإرهاب في محافظة البصرة.
وذكر الجهاز آنذاك في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أنه "تم إلقاء القبض على أحد أخطر المهرّبين والمطلوبين في العراق المدعو (أحمد عبد الواحد شايع) والصادرة بحقه مذكرات قبض قضائية بأكثر من قضية تمس أمن الدولة وجرائم مختلفة بينها القتل والإرهاب".
وأضاف، إن "عملية الاعتقال جرت في محافظة البصرة بعد استحصال الموافقات القضائية وتشكيل فريق عمل بالتنسيق مع الجهات الأمنية في المحافظة، كما وجرت إحالة المتهم إلى الجهات القانونية المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة والتحقيق معه في الجرائم المنسوبة له".
*هروب شايع
بقي شايع خلف القضبان طوال الفترة الماضية، حتى ضجّت وسائل الإعلام اليوم بنبأ هروبه من السجن، وسط حالة من الصدمة والذهول كون "الشايع" يُعد من أبرز وجوه المافيا في محافظة البصرة بل والعراق.
وبهذا الصدد، قال مصدر أمني رفيع في شرطة البصرة لشبكة انفوبلس، "في صباح اليوم الاثنين، استخبرنا بعدم وجود أحد المتهمين المودوع في مركز شرطة الجمهورية أمانة من قبل مكافحة إجرام البصرة المدعو (أحمد عبد الواحد شايع) وبعد المتابعة تبين أنه تم إرساله إلى مستشفى الموسوي بإمرة ضابط المركز (المقدم محمد نوري) وحسب كتاب المركز وذلك بحجة تدهور حالته الصحية لكونه يعاني من عجز في الكُلْيات".
وأشار المصدر، أنه "وبعد الانتقال الى تواجد المتهم وضابط المركز تبين عدم تواجدهم في المستشفى وقام ضابط المركز بغلق هاتفه النقال ولا زالت الجهود مبذولة لغرض التوصل الى معلومات تخص موضوع البحث".
*مجلس تحقيقي
وكعادتها، أصدرت وزارة الداخلية، اليوم الاثنين، توضيحاً بشأن هروب "شايع" من سجن الجمهورية في البصرة لكنه افتقر إلى "الدقة" كما وصفه خبراء أمنيون.
وذكرت الوزارة في توضيحها الذي ورد لشبكة انفوبلس، أن "بعض مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت أنباء عن (هروب متهم بقتل مدير شركة دايو في محافظة البصرة)"، مبينة أن "المتهم الهارب ليس له أي علاقة بهذا الموضوع مطلقاً، حيث كان المدان الهارب محكوماً وفق أحكام المادة 412 من قانون العقوبات العراقي لمدة سنتين".
وتابعت، أن "هذا المتهم يعاني من فشل كلوي وكان يعالَج في إحدى المستشفيات القريبة من مركز الشرطة الذي كان محتجزاً فيه، وأن عملية تلقيه العلاج كانت بقرار قضائي، إذ استغل هذا الأمر ومن خلال تواطؤ أحد الضباط تمكن من الهرب أثناء خروجه للعلاج"، موضحة أن "الأجهزة الأمنية المختصة ضمن قيادة شرطة محافظة البصرة، شرعت بعمليات بحث وتفتيش عن المتهم والضابط الذي ساعده على الهرب كما شكلت مجلساً تحقيقياً في هذا الحادث".
*دعمه لمحافظ البصرة وعلاقته بكبار المسؤولين
يتمتع "أحمد شايع" بنفوذ قوي جدا في البصرة، ويملك علاقات وطيدة مع كبار المسؤولين والقادة الأمنيين هناك، كما أنه معروف على مستوى العراق بدعمه لمحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني وهذا ما جعل متابعين يرَون بأن هذا الدعم هو من سهّل عملية هروبه من السجن.
وقد كان "شايع" يتواجد في دولة الإمارات وفي محافظة البصرة ويلتقي بكبار المسؤولين والقادة الأمنيين رغم صدور عشرات أوامر القبض بحقه.
علاقة شايع بمحافظ البصرة ليست خفية، بل إنه استمات بالدفاع عن الأخير وكثيرا ما كان يلتقي به في الخفاء وفق ما يقوله شهود عيان والذين عبّروا من استغرابهم من عدم تنفيذ أوامر القبض بحق شايع قبل أن يفهموا ويتداركوا بأن علاقته بالمحافظ وكبار المسؤولين كانت تحول دون تحقيق ذلك.
*جرائمه وهيمنته على ميناء الفاو عبر شركة "الدويب"
لعلّ أبرز التهم التي يواجهها "أحمد شايع في البصرة هي قتل مدير شركة دايو الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو، حيث إن الأمن الوطني حصل على هواتف (أحمد شايع) التي تثبت تواصله مع كبار المسؤولين، فضلاً عن تواصله المستمر مع المدير العام للشركة العامة للموانئ فرحان الفرطوسي".
وتؤكد مصادر أمنية، أن "مذكرات القبض بحق شايع لم تُنفذ منذ فترة طويلة ورغم صدورها بحقه في وقت سابق لكنه كان يتجول بحرية مطلقة". مشيرة إلى، أن "شايع كان يتواجد في دولة الإمارات وفي محافظة البصرة ويلتقي بكبار المسؤولين والقادة الأمنيين رغم صدور عشرات أوامر القبض بحقه".
وذكرت، أن "أفراد عائلة بيت شايع يسيطرون على مشروع ميناء الفاو وارتكبوا عمليات قتل وخطف وحرق منازل مواطنين عديدة في محافظة البصرة". موضحةً، أن "أبرز التهم الموجهة لبيت شايع هي قتل مدير شركة دايو الكورية (بارك شل) الذي وُجِدت جثته معلّقة داخل المشروع بمشنقة".
وتابعت المصادر، أنه "ورغم صدور أوامر قبض بحق بيت شايع لكن شركة الدويب التابعة لهم، تعمل داخل ميناء الفاو". لافتة إلى، أن "بعض أفراد بيت شايع يتواجدون في مدينة دبي الإمارتية ويتنقلون ما بين البصرة ودبي تارة عن طريق مطار البصرة بجوازات مزورة وتارة من خلال التهريب على متن بواخر تجارية وعند الوصول للحدود الإقليمية العراقية ينزلون من على متن البواخر لقوارب صيد صغيرة تنقلهم لمدينة الفاو جنوب البصرة".
*جرائم بيت شايع
تعرضت شركة دايو الكورية، يوم السبت 7 آذار/ مارس 2020، إلى هجوم مسلح، و"اعتداء" على كوادرها العاملة في مشروع ميناء الفاو الكبير أقصى جنوب محافظة البصرة.
وقال ضابط في الشرطة رفض الكشف عن اسمه، إن "خمسة عاملين ضمن كوادر شركة دايو الكورية تعرضوا للضرب المبرح، من قبل مجموعة مسلحة".
وأضاف، إن "إحدى العوائل المعروفة في منطقة الفاو بـ(اسم بيت شايع) حاصرت مقر الشركة في مشروع ميناء الفاو الكبير وأطلقوا الرصاص الحي في الهواء لبث الرعب في نفوس العاملين، ومن ثم اعتدوا بالضرب المبرح على 5 كوريين، بالإضافة إلى تحطيم العجلة التي كانوا يستقلونها".
وأوضح الضابط، إن "أسباب الخلاف تتعلق بشركة تديرها عائلة شايع، تنفذ جزءاً من أعمال مشروع كاسر الأمواج الشرقي والغربي، بتخويل من الشركة الكورية بعد أن تعرضت الأخيرة إلى ضغوطات هائلة"، مشيرا إلى، أن "عائلة شايع طلبت من الشركة الكورية تولي أعمال أخرى تتعلق بالبنى التحتية والمشيدات الخاصة بالميناء، وهي أعمال تتعلق بصُلب مهام الشركة الكورية".
كما بين، إن "دايو الكورية رفضت الاستجابة لطلب بيت شايع بمنحهم مهمة بناء المشيدات، باعتبارهم شركة غير متخصصة، وأوقفت أعمالها منذ أسبوعين"، لافتًا إلى، أن "بيت شايع قاموا، إثر ذلك، بمحاصرة الشركة في محاولة لإجبارها على الخضوع لرغبتهم".
وأشار الضابط، إن "رئيس الحكومة آنذاك، عادل عبد المهدي، وخلال زيارته يوم الجمعة 6 آذار/ مارس2020 إلى ميناء الفاو دخل بمفاوضات مع بيت شايع من أجل فك الحصار عن الشركة وفسح المجال لإكمال أعمالها، إلا أن المفاوضات فشلت".