أول طبيب اختصاص عناية مركزة للأطفال.. ثلاثة مسحلين بسيارة مظللة يغتالون الدكتور خالد زهير في شارع المغرب ببغداد.. تعرف على الملابسات
انفوبلس..
نعت وزارة الصحة، أمس الأربعاء، استشاري طب الأطفال في مدينة الطب الدكتور خالد زهير، بعد اغتياله على أيدي 3 مسلحين في منطقة الوزيرية ببغداد.
وقالت وزارة الصحة في بيان: "تنعى وزارة الصحة أحد ملاكاتها في دائرة مدينة الطب الدكتور خالد زهير استشاري طب الأطفال والذي اُغتيل على يد مجهولين، ويتم الآن إجراء التحقيقات الجنائية من قبل الجهات الأمنية المختصة وبمتابعة من قبل وزارة الصحة".
وأضاف البيان: "سائلين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة ويجعل مثواه الجنة وأن يُلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان".
فيما أعلنت قيادة شرطة بغداد الرصافة القبض على متهم بقتل الطبيب (خالد زهير نعمة) في بغداد، بعد ساعات من الحادث.
وزارة الداخلية الاتحادية أوضحت عبر بيان، أنه فور وقوع عملية قتل المجني عليه فإن أجهزتها الأمنية من خلال قيادة شرطة محافظة بغداد الرصافة والجهد الاستخباري شرعت بالإجراءات اللازمة، وعن طريق "تتبع كاميرات المراقبة وتقاطع المعلومات تبين قيام ثلاثة أشخاص داخل عجلة قاموا بإطلاق النار على عجلة الدكتور المجني عليه بعد مضايقةعجلته مما أدى الى إصابة صندوق العجلة التي كان يستقلها ومن ثم اختراق الرصاص ظهره مما أدى الى وفاته بعد نقله إلى المستشفى".
وأضافت الوزارة: "تمكنت القوات الأمنية في وزارة الداخلية من إلقاء القبض على أحد المتهمين وإيداعه التوقيف فيما شرع فريق عمل أمني مختص بعملية بحث واسعة لإلقاء القبض على باقي الجناة".
وتمت عملية اغتيال الدكتور خالد زهير نعمة، اختصاص طب الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى حماية الطفل (مدينة الطب)، وهو أول طبيب اختصاص دقيق عناية مركزة لحديثي الولادة في العراق، في وضح النهار بإطلاقات نارية في منطقة الوزيرية وسط العاصمة العراقية.
ووجّه وزير الصحة، صالح الحسناوي فريقاً وزارياً عالي المستوى يضم كلاً من الوكيل الإداري ومدير عام دائرة التفتيش "لمتابعة التحقيقات بحادثة اغتيال الدكتور الشهيد خالد زهير للوقوف على ملابساتها ومحاسبة الجناة".
والد الطبيب المستهدف أكد أن عملية الإغتيال تقف خلفها جهات تستهدف كفاءات العراق بشكل عام وليس استهدافاً شخصياً حيث إن الدكتور خالد ليس له عداوات مع أحد ولديه سيرة طيبة يشهد بها جميع من يعرفه، وطالب وزارة الداخلية بكشف ملابسات الحادث والقبض على المجرمين وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
أحد شهود العيان المتواجدين بقرب مكان الحادث كشف أن المجرمين أطلقوا 7 رصاصات على سيارة الدكتور خالد ورأى سيارتين في عملية ملاحقة قرب كلية تربية البنات في شارع المغرب، لافتا إلى أن القتلة كانوا يستقلون سيارة مظللة نوع "سوناتا" رصاصية اللون.
إلى ذلك أفادت مصادر صحفية بأن عملية الاغتيال كانت بسبب أن الدكتور خالد كان يمتلك حصة معينة في إحدى المستشفيات الأهلية، وعندما رفض طلب شركائه بالتنازل عن حصته قاموا بتدبير عملية اغتياله.
هذه الرواية في حال صحتها فإنها تؤكد القصد الجنائي من وراء عملية الاغتيال وتنفي احتمالية عودة مسلسل استهداف الأطباء والكفاءات التي عانى منها العراق فترة من الزمن.
مطالبات بالحماية
وفي العاشر من شهر آب/ أغسطس الماضي، دعت نقابة أطباء العراق، الحكومة والجهات الأمنية، إلى توفير حماية لكوادرها من الاغتيالات والاعتداءات التي يتعرّضون لها، واتّخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وسط تحذيرات من هجرة جديدة.
جاء ذلك إثر حادثة مقتل الطبيب حمزة كريم بمحافظة ميسان في جنوب العراق، الذي عُثر على جثته السبت الماضي وقد بدت عليها آثار ضربات في الرأس.
وفي مؤتمر صحافي عقده نقيب أطباء العراق عقيل شاكر محمود، مع مجموعة من رؤساء النقابات الصحية في العاصمة بغداد على خلفية مقتل الطبيب في ميسان، شدّد على وجوب توفير "بيئة عمل صالحة للأطباء، ومحاسبة المقصّرين من قبل الجهات المكلّفة بحمايتهم"، مضيفاً أنّه لابدّ من "العمل الفوري على منع التأجيج المستمر من قبل بعض وسائل الإعلام ضدّ الأطباء".
ودعا النقيب إلى "توزيع الأطباء المقيمين الدوريين والأقدمين لغرض التدريب في المراكز التعليمية الكبرى وليس لسدّ احتياج معيّن فقط، وأن يكون توزيعهم وفقاً للرقعة الجغرافية ومناطق سكناهم، مع توفير الحماية لهم"، مشيراً إلى "ضرورة تفاعل الجهات المعنية كافة مع الرسائل العديدة التي بعثتها النقابات المعنيّة في ما يتعلق بالجانب الصحي والتعليم الطبي".
وتابع محمود، أنّ "نقابة الأطباء تحذّر من تسويف هذه المطالب العادلة، إذ إنّ الخاسر الوحيد من قتل الأطباء أو هجرتهم إلى خارج العراق هم المرضى من هذا الشعب"، ملوّحاً بـ"التصعيد في حال تسويف مطالبنا". وطالب بـ"ضرورة إجراء إصلاح جذري شامل للنظام الصحي في العراق".
من جهته، قال الطبيب علي الشجيري، أحد الأطباء العاملين في العاصمة بغداد، إنّ "مسلسل الاعتداءات على الأطباء بدأ يتصاعد مجدداً، وقد سُجّل حادثا اعتداء الأسبوع الماضي في مستشفيَين ببغداد، إلى جانب مقتل الطبيب في ميسان"، مشدّداً على أنّ هذا "مؤشّر خطر". وأوضح الشجيري، إنّ "وزارة الصحة والأجهزة الأمنية لم تتّخذا أيّ إجراءات لحمايتنا من تلك الجماعات، كما أنّ الأجهزة الأمنية لم تكشف عن الجهات التي تقف وراء تلك الحوادث".
وحذّر الشجيري من أنّ "تكرار الحوادث مجدداً وإهمال الحكومة حمايتنا قد يتسبّبان في هجرة جديدة للأطباء، وهو ما لا نريده. نحن نريد بيئة آمنة نعمل بها، ومن غير الممكن أن تكون البيئة في البلاد آمنة من دون اتّخاذ إجراءات حكومية رادعة وتوفير الحماية ومقاضاة المتورطين بتلك الحوادث".
وكانت الاعتداءات على الأطباء قد تراجعت في خلال عام 2023 الجاري، مقارنة بالأعوام التي سبقته، علماً أنّ مستشفيات العراق شهدت في عام 2022 حوادث اعتداء مستمرّة طالت عشرات الأطباء في داخلها لأسباب عديدة، من بينها عدم نجاح عملية جراحية أو اتّهام بالتقصير بأداء واجباتهم. وقد تعرّض كثيرون لضرب مبرح من قبل ذوي المرضى أو العشيرة، الأمر الذي أدّى أحياناً إلى إصابتهم بجروح مختلفة. يأتي ذلك في حين يشكو الأطباء من عدم توفّر حماية أمنية في خلال ممارستهم العمل.
وبحسب إحصاءات رسمية، فإنّ 72 ألف طبيب عراقي ما زالوا في خارج البلاد، وقد دفعتهم الظروف الأمنية والتهديدات التي تعرّضوا لها إلى الهجرة. وفي بريطانيا على سبيل المثال، يُقدَّر عدد الأطباء الاستشاريين الذين يقيمون في العاصمة لندن وحدها بحدود أربعة آلاف طبيب، ما عدا الأطباء الجدد، علماً أنّ العدد في عموم البلاد يبلغ 60 ألف طبيب. أمّا في دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا ودول الخليج، فلا يقلّ عدد الأطباء العراقيين عن 12 ألف طبيب، في وقت يعاني فيه العراق من نقص بأعداد الاستشاريين.