الاعتداء الخامس خلال أسبوعين.. مسلحون صدريون يهاجمون منزل مواطن ويواجهون الشرطة الاتحادية بالسلاح ومطالبات شعبية بحزم أمني أكبر لردع المعتدين
انفوبلس..
من جديد، وفي مشهد تكرر كثيراً في العقدين الأخيرين، وتكثّف بشكل مفرط خلال الآونة الأخيرة، حاصر مسلحون تابعون للتيار الصدري منزلاً لمواطن في بغداد بسبب تعليق له على فيسبوك، وتبادلوا إطلاق النار معه ومع الشرطة الاتحادية في موقف حدث 5 مرات على الأقل خلال أسبوعين فقط حيث يستخدم الصدريون سلاحهم أو يشهرونه بوجه القوات الأمنية والمواطنين، الأمر الذي تطور في هذه المرة إلى قيام "وزير الصدر" بنشر توجيه لأتباعه بالانسحاب واستخدام القانون ضد صاحب التعليق.
بدأ الأمر بمنشور لصفحة على موقع فيسبوك نقلت خبراً مفاده بأن "الصدر يوجه بمنع زيارة سياسيين فاسدين ومتملقين لمرقد والده"، فعلّق حساب باسم (الفجر الجديد) على المنشور وقال: "والله صوج العالم التروح تزوره، هو انت وأبوك بعثية، أكو واحد ما يعرف هذا الحجي".
التعليق تم تداوله في مجموعات الصدريين وتمكنوا من معرفة صاحبه وعنوان منزله في حي الرئاسة بمنطقة العبيدي ببغداد وتوجهوا إليه بسلاحهم وبعشرات السيارات ليُرغموه على الاعتذار، فخرج لهم الشخص المعني بسلاحه وأطلق النار في الهواء لمنعهم من الوصول إلى منزله، فقاموا بالرد وإطلاق النار على منزله رغم وجود الشرطة الاتحادية في المكان.
الشرطة تدخلت لإيقاف إطلاق النار، فما كان من الصدريين إلا الاستمرار وإطلاق النار على منزل صاحب التعليق والشرطة الاتحادية، والتي تعاملت معهم بحزم كبير حتى لاذوا بالفرار في نهاية المطاف بعد ساعات من مواجهة مسلحة أدخلت المدنيين في المنطقة بحالة كبيرة من الرعب وتضررت ممتلكاتهم، مع انتشار أنباء بحدوث إصابات برصاص مسلحي التيار بين المدنيين فضلا عن مقتل طفل من المدنيين وشخصين من عناصر سرايا السلام بالاضافة لحدوث إصابات متفرقة بصفوف عناصر الشرطة الاتحادية والعناصر المهاجمة.
موقف الشرطة الاتحادية قوبل باستهجان شعبي كبير، فعلى الرغم من وجودهم وإطلاقهم النار لطرد المعتدين إلا أنهم لم يقوموا بكامل واجبهم، بحسب رأي مراقبين ومعلقين على الحادثة.
وطالبوا أن تتعامل القوات الأمنية مع كل مَن يرفع السلاح بوجهها أو بوجه المواطنين معاملة التنظيمات الإرهابية الصريحة، كما طالبوها بإعادة تعريف مصطلح الإرهاب ليشمل جميع الإرهابيين بغض النظر انتماءاتهم، مؤكدين أن الآونة الأخيرة شهدت القوات الأمنية اعتداءات من سرايا السلام أكثر من الاعتداءات التي شهدتها من عصابات داعش.
وبحسب المراقبين، فإن الموقف القانوني للحادثة يمكن تلخيصه بالنقاط الآتية:
1.صاحب التعليق مُسيء فعلاً ومخالف للقانون لأنه اتهم رمزا عراقيا استُشهد على يد المقبور صدام حسين بالانتماء لحزب البعث المجرم وهو ما يرفضه القانون ويحاسب عليه.
2.المجموعة المسلحة التي تعلن انتماءها للتيار الصدري وهاجمت منزل صاحب التعليق، قامت بفعل إرهابي (وفق القانون الذي يصنف حتى "الدكة العشائرية" بأنها جريمة إرهابية).
3.لا يمكن قانوناً اتهام التيار الصدري عموماً بالإرهاب، فهو تيار شعبي يضم نحو مليون إنسان ولا يصلح وصمهم بتلك الصفة بسبب تلك المجاميع المسلحة التي تدَّعي الانتماء له، خصوصاً وأن زعيم التيار بنفسه إن تم سؤاله عنهم فسيلعن البراءة منهم كما جرى في العديد من المناسبات السابقة.
الحدث لم ينتشر بشكل كبير، ولكن تفاجأ الناس بمنشور لـ"وزير الصدر" صالح محمد العراقي، يوجه فيها أتباعه بالانسحاب، وقال: "أوكلوا الأمر الى القوات الأمنية فإن القانون يدينه"، وبعد التساؤل عن سبب ذلك المنشور جرى تداول اعتداء العناصر المسلحة على منزل المواطن صاحب التعليق والشرطة الاتحادية في المنطقة، وبعد مثولهم لأوامر وزير الصدر تأكد لدى الجميع حقيقة انتمائهم.
بعدها بساعات قليلة جرى تداول كتاب صادر عن الإدارة المركزية لسرايا السلام تعلن فيه استشهاد شخصين من المنتمين لها أثناء الدفاع عن قدسية السيد الصدر.
وأصدرت خلية الإعلام الأمني، أمس الأحد، بيانًا حول حادثة إطلاق النار على منزل شخص هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتعليق عبر صفحة في فيسبوك.
وذكر بيان لخلية الإعلام الأمني، "في الساعة 1700 (الخامسة مساءً) من الأحد، حصل تجمع وحركة أشخاص بعضهم مسلحين وعجلات ضمن منطقة العبيدي شرقي العاصمة بغداد، الأمر الذي واجهته القوات الأمنية بحزم، وقد حصل إطلاق نار مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين وكذلك القوات الأمنية، الأمر الذي استدعى تعزيز محل الحادث بقطعات إضافية لغرض إلقاء القبض على كل من يعبث بالأمن ويتجاوز على القوانين والقطعات الأمنية".
وأضاف البيان، أنّ "الأجهزة الأمنية والاستخبارية شخصت وستلاحق المسؤولين عن هذه الأعمال التي تهدد السلم المجتمعي وتعرض المواطنين للخطر وتشغل القطعات الأمنية عن قيامها بواجباتها المهمة لمجابهة التحديات".
وتابع البيان، "إنّ القانون وقطعاتنا الأمنية بمختلف عناوينها مسؤولة عن التعامل بحزم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق العناصر التي تسيء وتتجاوز باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والوسائل الأخرى لخلق الفتن وتهديد السلم المجتمعي وتجاوز القوانين، وستتعامل قواتنا الأمنية بحزم وفق القوانين وما تمليه عليها المسؤوليات القانونية والوظيفية وشرف واجب حماية الدستور وحماية الشعب والممتلكات العامة والخاصة".
وتُعد هذه الحادثة هي الخامسة منذ ذكرى استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر الأخيرة حتى الآن، فقبل 4 أيام، هاجمت عناصر مسلحة تابعة لسرايا السلام (الجناح المسلح للتيار الصدري)، بالرصاص الحي مقر شعبة مكافحة إجرام شط العرب بمحافظة البصرة بعد اعتقال أحد عناصر السرايا بتهمة الاتجار بالسلاح.
وانتشرت قوة من الجيش العراقي، في محافظة البصرة بعد تعرض مديرية الجرائم شرقي المحافظة إلى اعتداء من قبل مسلحي "سرايا السلام"، الجمعة الماضية، وأظهر مقطع فيديو متداول انتشار قطعات الجيش، فضلا عن وصول عناصر الفوج التكتيكي الى المحافظة بعد الهجوم الذي شنّه المسلحون على مديرية الجرائم في قضاء شط العرب.
بعدها بساعات، كشفت قيادة شرطة البصرة، تفاصيل الاشتباكات التي وقعت في قضاء شط العرب، مؤكدة مصادرة أسلحة أحد المطلوبين واعتقال شقيقه.
وذكرت القيادة، في بيان: "بعد التحري من قبل شعبة مكافحة إجرام شط العرب بدار المتهم (محمد يوسف يعقوب) أحد المطلوبين الصادر بحقه أمر قبض وفق المادة (430) وجرى ضبط أسلحة (بي.كي.سي) وبندقية m4 وبندقية ساو وبندقية كلاشينكوف و300 إطلاقة ومخازن عتاد وجعبة واحدة".
وأضافت، أن "العملية شهدت القبض على شقيق المتهم المدعو (يحيى يوسف يعقوب) وضبطت الأسلحة داخل داره، وتبين أنه تابع لسرايا السلام، وبعدها تجمع أشخاص مسلحون وعند حضور قوة من الوحدة التكتيكية الخاصة واشتبكوا معهم، لاذوا بالفرار".
وأكدت قيادة شرطة البصرة، أن "القوات الأمنية تجري حالياً عملية تعقب داخل الشوارع للقبض على أي شخص مسلح، والوضع مسيطر عليه ومستقر".
وفي الآونة الأخيرة ازدادت بشكل ملحوظ الانتهاكات الأمنية بواسطة عناصر سرايا السلام في عدة محافظات عراقية ما قرنه مراقبون بعودة التيار الصدري المرتقبة إلى العملية السياسية.
المراقبون أكدوا أن عودة التيار للساحة السياسية مقرون بشكل حتمي بالفوضى التي ينتهجها عناصره المسلحة سبيلاً لتحقيق غاياتهم مهما كانت، فهم يلجأون للعنف حتى في المواقف التي يمكن أن تُحل بالهدوء.
وأضافوا، أن "صورة التيار المخيف لخصومه" هي الصورة التي يحاولون ترسيخها في كل موقف يمرون فيه، وهو النهج الذي يسيرون عليه منذ عقدين من الزمن على الرغم صدور وصايا خجولة لزعيم التيار الصدري بالكف عن العنف، مع تأكيدات بأن تلك الوصايا ليست حقيقية والهدف منها إخلاء المسؤولية ليس إلا.
وفي التاسع من أيار الجاري، وبالتزامن مع ذكرى استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر، قامت مجاميع مسلحة تابعة لسرايا السلام بقطع الطريق المؤدي إلى الحضرة العسكرية لمدة 3 أيام قبل موعد الذكرى، لتقوم في اليوم الرابع باقتحام الحضرة وإقامة معرض لصور الشهيد الصدر وولده مقتدى الصدر.
وأفاد مصدر أمني، بأن عناصر من سرايا السلام يصل عددهم الى 280 شخصًا اقتحموا سيطرة تفتيش ودخول العتبة وقاموا بالقوة بإدخال صور ولافتات تخصهم ونشرها داخل العتبة العسكرية.
وأشار الى، أن "عملية الاقتحام جرت بعد قيام السرايا بقطع الطريق المؤدي للعتبة العسكرية المقدسة لثلاثة أيام متتالية".
وقبلها بعدة أيام، وفي منطقة الزعفرانية جنوبي بغداد، وبعد قيام الشرطة الاتحادية بممارسة أمنية هدفها إلقاء القبض على مطلوبين في المدينة، اشتبكت عناصر مسلحة تابعة لسرايا السلام مع القوة الأمنية لمنعها من تنفيذ واجبها، الأمر الذي انتهى بإصابة عناصر من الشرطة الاتحادية والقبض على عدد من المطلوبين والمشتبكين.
وشهدت منطقة الزعفرانية فجر الاثنين قبل الماضي، اشتباكات مسلحة وإطلاق نار عنيف بين الشرطة الاتحادية وسرايا السلام وسط تضارب المعلومات عن أسباب الحادثة.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة حدوث اشتباكات قوية وإطلاق نار مستمر قالت مصادر محلية أنه بين الشرطة الاتحادية ومجاميع خارجة عن القانون تابعة للتيار الصدري.
وتضاربت المعلومات حول وقوع إصابات في صفوف القوات الأمنية، فيما لم تصدر الجهات الأمنية أي موقف رسمي بخصوص الحادثة حتى الآن.
واستمرت اشتباكات الزعفرانية أكثر من ساعتين، وأدت إلى إصابة عدد من عناصر الشرطة، كما استُخدمت فيها أسلحة رشاشة ومسدسات شخصية.
وأكد مصدر أمني أن "الاشتباكات اندلعت إثر تنفيذ قوة من الشرطة الاتحادية واجباً رسمياً بالمنطقة"، مبيناً أن "الأسباب المباشرة للاشتباكات لم تتضح بعد، إلا أنها اندلعت إثر قيام الشرطة بواجب البحث عن المطلوبين، وعلى ما يبدو، فإن المجموعة رفضت الانصياع لأوامر القوة، وهو ما تسبب بوقوع الاشتباك".
وبين المصدر، أن "الاشتباكات تسبب بإصابات في صفوف الشرطة، كما تسببت في أضرار طالت عدداً من السيارات المدنية والمحال التجارية في المنطقة"، مؤكداً أن "المنطقة ما زالت تشهد توتراً أمنياً، وأن قوات أمنية إضافية وصلت صباح اليوم وانتشرت فيها لمنع تجدد الاشتباكات".
وفي محافظة كربلاء المقدسة، وقبل ذكرى الاستشهاد، انتشر مقطع فيديو نشرته صفحات تابعة للتيار الصدري وهي تتباهى بذهاب العشرات من التابعين لمكتب الصدر في المحافظة إلى منزل رجل مسن وتهديده بسبب تعليق كتبه ولده على موقع فيسبوك يدَّعون بأنه يحتوي تجاوزاً على السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر.
ويظهر في مقطع الفيديو نحو 25 شخصاً يرتدون ملابس سوداء أمام منزل بسيط لمواطن كربلائي وهم يصرخون في وجهه ويطالبوه بجلب ولده (الشيخ عبد المهيمن الكربلائي) إلى مقر فوج سرايا السلام في كربلاء ليقدم اعتذارا مصوّراً عما بدر منه من إساءة تجاه السيد الصدر، وفي حال عدم الانصياع فإن هناك إجراءات سيتم اتخاذها بحقه وبحق ولده.
وفي اليوم التالي، ظهر الشاب الشيخ عبد المهيمن الكربلائي بمقطع مصور في مقر القيادة العامة لسرايا السلام في محافظة كربلاء، بأنف مضمَّد، وهو يقدم اعتذاره للتيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر عن الإساءة المزعومة ويتعهد بعدم تكرارها مرة أخرى.