العراق يستعين بـ"عاصفة الرياح" لتعزيز قدرات جيشه.. ماذا تعرف عن "رافال"؟
انفوبلس/..
بعدما ظلت الولايات المتحدة ولفترة طويلة من الزمن، جاثمة على صدر العراق، منعته من التطوّر والتقدّم في شتى المجالات بينها وأبرزها العسكري، إذْ دائماً ما كانت تقف واشنطن حجرة عثرة أمام أيّ تحرّك عراقي لتنويع التسليح، لكن على ما يبدو هذه المرة هناك مساعٍ حثيثة وجدية للخروج من العباءة الأمريكية والتوجّه نحو دول أوروبية لاستيراد السلاح.
التحرّك العراقي هذه المرة نحو فرنسا، فهناك مساعٍ واضحة لشراء مقاتلات "رافال"، لكن ثمة تساؤلات يحتاج العراقيون معرفة إجابتها تتمثّل في ماهية هذه الطائرات ومواصفاتها وأسعارها وأبرز الدول التي حازت عليها، لذا هنا في شبكة انفوبلس سنسلط الضوء على هذه الموضوعات.
بعد عام 2003 اعتمد العراق بشكل شبه كامل على الولايات المتحدة في تسليح قواته العسكرية البرية والجوية على حد سواء. لكن صفقة رافال ستعيد البلاد من جديد إلى سوق السلاح الفرنسية للمرة الأولى منذ غزو الكويت في أغسطس (آب) 1990.
*مفاوضات للتزويد
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التقى مساء أمس الجمعة، ممثلي شركة تالس الفرنسية، وجرى البحث في تزويد العراق برادارات تخصّصية للارتفاعات العالية والواطئة، بما يؤمن مسارات الطيران المدني والعسكري، بمختلف الارتفاعات، وتأمين الأجواء العراقية من الطيران غير المصرح به.
كما التقى السوداني، بحسب بيان لمكتبه، وفد ممثلي شركة داسو الفرنسية، حيث جرى البحث في تزويد العراق بطائرات رافال المقاتلة لصالح القوة الجوية العراقية، وطائرات فالكون المدنية لصالح الطيران المدني العراقي.
والتقى رئيس مجلس الوزراء كذلك وفداً يمثل شركة ايرباص المتخصّصة بصناعات الطيران، وتناول اللقاء التباحث في تدعيم طيران الجيش العراقي بمروحيات مقاتلة وتخصّصية، بما يرفع كفاءة قواتنا الأمنية في ملاحقتها فلول داعش الإرهابية وحماية الحدود العراقية.
*مواصفات رافال
تتميز طائرات رافال ــ وتعني عاصفة الرياح ــ بقدرات قتالية عالية، تشمل القدرة على تنفيذ المهام بعيدة المدى، فضلاً عن امتلاكها منظومة تسليح متطورة، وقدرة عالية على المناورة، وتعدد أنظمة التسليح بها.
كما تتميز هذه الطائرات بمنظومة حرب إلكترونية متطورة، تمكنها من القدرة على تنفيذ كافة المهام التي توكل إليها بكفاءة واقتدار.
ويرجع تاريخ تصنيع المقاتلة الفرنسية (داسو رافال) إلى ثمانينيات القرن العشرين، عندما اتفقت كل من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا على تصنيع مقاتلة أوروبية، إلا أن كل الدول انسحبت باستثناء الأخيرة، فصنعت شركة "داسو أفياسيون" الفرنسية الطائرة لتنفذ أول طلعة جوية لها عام 1986، وتدخل بعدها الخدمة العسكرية الفرنسية عام 2000.
وشهدت المقاتلة رافال منذ انطلاقها 4 طرازات، هي رافال "إيه" التي ظهرت عام 1986، ثم الفئة "بي" وهي تابعة لسلاح الجو الفرنسي وظهرت في التسعينيات، والفئة "سي" وهي نسخة ذات مقعدين تابعة لسلاح الجو الفرنسي، وأخيرا ظهرت النسخة "إم"، وهي أكثرها تطورا وقادرة على الإقلاع من على متن حاملات الطائرات.
وتتميز الطائرة المقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5 بأنها مزودة بمدفع رشاش من عيار 30 ملم من نوع GIAT 30/719B مع 125 طلقة، وفيها أنموذجان لتعليق الذخائر، أحدهما جوي والآخر بحري، ويمكن تزويدهما بحمولة تصل حتى 9.5 طن.
وتوضح وزارة الدفاع الفرنسية على موقعها الإلكتروني، أن الطائرة تستطيع حمل صواريخ "ماجي 2" و"ميكا2" و"أي أي أم -9 " و"سايد وايندر" وجميعها صواريخ جو- جو، كما تستطيع الطائرة التزود بصواريخ جو- أرض من نوع إكزوست AASM وأباتشي MBDA Apache وسكالب إي جي SCALP EG وجي بي يو-12 GBU-12 Paveway II.
وتحمل "رافال" على متنها راداراً من نوع RBE2 القادر على تعقب 40 طائرة في وقت واحد، ولديها القدرة على الاشتباك مع 8 طائرات دفعة واحدة. ويستطيع رادار الطائرة اكتشاف الطائرات التي تحلق تحتها أيضا.
كما تمتلك نظام حرب إلكترونية من نوع Spectra Thales . ونظاماً كهروبصرياً من نوع SAGEM / OSF، للبحث الحراري وتتبع الأهداف؛ ما يجعلها تنافس أكثر المقاتلات الحربية المعروفة بقدرات المناورة وغزارة النيران والقدرة على الاشتباك والدقة في إصابة أهدافها؛ ما يجعلها بمثابة جيش يحلق في السماء.
ويبلغ طول "رافال" 15.27 متراً، كما أن المسافة بين جناحيها هي 10.80 أمتار ومساحتهما 45.7 مترا مربعا، ويبلغ ارتفاعها 5.34 أمتار، ويبلغ وزنها بدون حمولة 10 أطنان، أما وزن الإقلاع الأقصى فيصل إلى 24 طناً.
وتبلغ حمولتها القصوى الخارجية تسعة أطنان ونصف الطن، وسرعتها القصوى في الارتفاعات العالية تتجاوز ألفي كيلومتر بالساعة بقليل (1.8 ماك).
وطائرة "رافال" مزودة بمحركين من نوع سنيكما إم 88-2 Snecma M88-2))، يعملان بالدفع الجاف بطاقة 50.04 كيلو نيوتن لكل محرك.
وهي قادرة على قطع أكثر من 3,700 كيلومتر. وتبلغ قدرتها القصوى على الارتفاع 16,800 متر بمعدل صعود قدره 350 متر/ثانية. وتتحمل أجنحتها وزن 326 كيلوجراماً لكل متر مربع.
* من يملك رافال؟
تمتلك ثلاث دول عربية هذه المقاتلة، وهما دولة قطر التي اشترت 24 مقاتلة في مايو/أيار 2015، وأعقبتها مصر التي امتلكتها في يوليو/تموز 2015 بعدد 24 طائرة وبقيمة 6 مليارات دولار ثم الإعلان في مايو/أيار الماضي عن توقيع عقد على 30 مقاتلة أخرى من خلال قرض تمويلي يصل مدته كحد أدنى 10 سنوات، لم تحدد قيمته.
وفي نهاية 2021 وقعت الإمارات مع فرنسا اتفاقية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال، و12 طائرة مروحية من طراز "كاراكال". وتعد هذه أكبر طلبية خارجية للطائرات الفرنسية المقاتلة منذ دخولها الخدمة في عام 2004.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016، وقعت الهند صفقة لشراء 36 مقاتلة من طراز "رافال" مقابل نحو 7.8 مليار يورو. أما في 25 يناير/كانون الثاني 2021، وقعت اليونان وفرنسا صفقة تحصل أثينا بموجبها على 18 طائرة مقاتلة فرنسية من طراز "رافال".
وفي تشرين الأول 2022، أعلنت إندونيسيا عن اتفاق لشراء 42 مقاتلة فرنسية من طراز رافال.
وسّبق كل هؤلاء دولة البرازيل التي وقعت هذه الصفقة في عام 2009 بعدد 36 طائرة؛ حيث بلغت القيمة 4.7 مليار دولار.
*سعرها
كشف وزير الدفاع العراقي السابق، جمعة عناد منتصف العام الماضي، عن نجاح العراق في الحصول على قرض محلي لشراء 14 طائرة "رافال" الفرنسية الصنع، مبيناً أن سعر الطائرة الواحدة هو 200 مليون دولار أمريكي.
لكن موقع "ديفينس نيوز" الأمريكي المتخصص بالأخبار العسكرية أشار في شباط/فبراير من العام الماضي، إلى أن قيمة الطائرة 240 مليون دولار، سيسدد العراق ثمنها بشحنات من النفط، بدلاً من النقد.
*معارضة
حاولت مجلة "فوربس" الأمريكية الإجابة على التساؤل المتعلق برغبة العراق بشراء 14 مقاتلة "رافال" من فرنسا، وعن سبب اختيارها لهذه الطائرات العسكرية، والدور الأساسي الذي تتصوره بغداد حول هذه المقاتلات المتطورة، ملمحة إلى أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" وتركيا، قد تعترض على حيازة بغداد عليها.
ولفتت المجلة في تقرير صدر في تموز 2022، إلى الأنباء عن الصفقة وردت للمرة الأولى في موقع "ديفينس نيوز" الأمريكي المتخصص بالأخبار العسكرية في شباط/فبراير الماضي، وأن قيمتها 240 مليون دولار، سيسدد العراق ثمنها بشحنات من النفط.
ورجح التقرير أن يواصل سلاح الجو العراقي في المستقبل المنظور التركيز على استهداف فلول تنظيم داعش في جميع أنحاء البلد، ولهذا فإنه يحتاج إلى طائرات نفاثة لتعزيز قدراته المحدودة في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الجوي من خلال طائرات مسيرة رخيصة ولكنها فعالة بدلا من المقاتلات المتطورة الباهظة الثمن.
وبعدما لفت إلى أن فرنسا ستؤكد على استعدادها لبيع هذه الطائرات، ذكر أن باريس سبق لها أن باعت العراق أسطولاً كبيراً من مقاتلات "ميراج اف 1 اس" خلال السبعينيات والثمانينيات، ثم أعلنت في العام 2011، بعد مرور وقت طويل على تدمير طائرات "الميراج" وإسقاط نظام صدام، استعدادها لبيع بغداد 18 طائرة "ميراج اف 1" بعد تعديلها بصفقة قيمتها مليار دولار.
إلا أن التقرير أشار إلى احتمال أن تحتج دول أخرى على حصول العراق على "رافال" إذا جرى تسليحها بصواريخ جو-جو التي تعمل خارج مدى الرؤية البصرية.
وأوضح التقرير أن السبب الرئيسي وراء سعي العراق للحصول على طائرات "رافال" لاستخدامها لمهمات اعتراضية بدلا من الاستحواذ على طائرات "إف-16" إضافية هو أن طائرات سلاح الجو العراق من طراز "إف-16" كانت مسلحة فقط بصواريخ "ايه اي ام-7 سبارو" و"اي اي ام-9" قصيرة المدى، وليس بصواريخ "اي اي ام-120 آمرام" التي تتمتع بمدى مشابه لصواريخ "ميتيور" التي تعمل خارج مدى الرؤية البصرية؛ أي إنه مخصص للأهداف البعيدة المدى.
ولهذا، عدّ التقرير أن الولايات المتحدة و"إسرائيل"، قد تعارضان حصول العراق على طائرات مقاتلة مسلحة بصواريخ ميتيور"، الأوروبية الصنع.
وأشار التقرير إلى أن "إسرائيل" نفذت سلسلة من الضربات داخل العراق، موضحاً أنه بإمكان طائرات "رافال" التدخل في هذه العمليات وتؤثر على حرية "إسرائيل" في العمل.
كما عدّ التقرير أن تركيا أيضا قد تعارض مثل هذه الصفقة لأن الطائرات الفرنسية باستطاعاتها أن تمكن بغداد من اعتراض طائرات "إف-16" التركية والطائرات المسيرة التركية التي تستهدف شمالي العراق.
وتحدث التقرير عن سابقة جرت مع مصر، إذ عندما وافقت فرنسا على بيعها طائرات "رافال" في العام 2010، مارست الولايات المتحدة و"إسرائيل" ضغوطات من أجل خفض مستوى الصواريخ جو-جو التي ستسلحها بها وتبيعها للقاهرة، حيث شددتا على أن تقدم باريس صواريخ من طراز "ام اي سي ايه" الأقصر مدى فقط.
ولهذا، فإنه من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة و"إسرائيل"، بممارسة ضغوط مشابهة على باريس بشأن صفقة بيع "رافال" كهذه لبغداد.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن "رافال" تُعدُّ طائرة مقاتلة متعددة المهمات، وهي أكثر تطوراً من "ميراج" التي حصل عليها العراق منذ عقود، وهي أيضاً تتمتع بمجموعة من الأسلحة والأنظمة التي ستجعلها فعالة لأداء مختلف المهمات في ساحة المعركة، وربما يكون ذلك هو السبب العام والمباشر وحده في أن العراق يريد شراء طائرات "رافال" من أجل تعزيز سلاحه الجوي.