المخابرات تكتشف وجود إرهابيين وانتحاريين يستلم ذويهم رواتب من مؤسسة الشهداء
انفوبلس..
في تقرير صادم، كشف جهاز المخابرات العراقي حدوث خروقات في مؤسسة الشهداء جرى الحديث عنها كثيرا خلال الأعوام الماضية، تتمثل بتسجيل بعض الإرهابيين المقتولين على يد القوات الأمنية وحتى بعض الانتحاريين، بصفة "شهداء"، ويستلم ذووهم رواتب وامتيازات تمنحها مؤسسة الشهداء لضحايا الإرهاب من المدنيين والقوات الأمنية.
وبحسب وسائل إعلام محلية حصلت على نسخة من تقرير للجهاز ذكر فيه، أن "عوائل قتلى داعش تروّج معاملات للحصول على راتب شهري من مؤسسة الشهداء". مؤكداً على، "حصول عائلة الإرهابي (نجاح جاسم) المقتول في جرف النصر على راتب من مؤسسة الشهداء بالأنبار، وقيام والدة الإرهابي (مولود خالد) المقتول في الفلوجة بترويج معاملة لاستلام راتب شهيد، وقيام ذوي الإرهابي (كمال كامل) الذي فجّر نفسه بالفلوجة بترويج معاملة لاستلام راتب شهيد، وحصول عائلة الإرهابي (شكيب الخيلاني) الذي فجّر نفسه في الكاطون بديالى على راتب وامتيازات شهيد"، الأمر الذي يستدعي وبشكل عاجل الكشف عن المتورطين بهذا الخرق، فضلا عن إعادة تدقيق الأسماء الموجودة لدى المؤسسة ليقتصر منحها الرواتب على المستحقين فقط.
وخلال الأعوام الماضية، تأخذ هذه القضية الكثير من الاهتمام الشعبي والسياسي، فبعيداً عن كونها تُثقل كاهل الدولة برواتب لجهات غير مستحقة، لكنها تمثل في الوقت ذاته كارثة أخلاقية بحق الشهداء وذويهم، فكيف يمكن لذوي القاتل والمقتول أن يحصلوا على نفس المكافآت من قبل الدولة التي قاتلها الأول وسعى بتدميرها، وضحى من أجلها الثاني بحياته.
رئيس مؤسسة الشهداء آنذاك كاظم عويد، قال في الرابع من شهر شباط/ فبراير عام 2021: "اكتشفنا 19 ألفا و700 معاملة مزورة وغير مكتملة تتعلق بمؤسسة الشهداء"، مؤكدا "وجود 600 حالة تزوير بملفات الشهداء اكتُشفت في الديوانية".
وأكد عويد، "إيقاف رواتب المعاملات المزورة في بغداد والأنبار ونينوى وديالى والديوانية، مشيراً إلى أن مؤسسة الشهداء تتحقق من عمليات التزوير بشمول قتلى داعش بالمستحقات".
وأضاف، إن "هناك ضغوطا سياسية تمارَس على مؤسسة الشهداء وعمليات تشويه". مؤكدا إنه، "لن نسمح بمنح رواتب لمزورين وذوي قتلى الإرهابيين".
فيما أصدرت المؤسسة لاحقاً ومن العام ذاته، ضوابط جديدة لتجنّب التزوير، وقال مدير عام دائرة شهداء ضحايا الارهاب في المؤسسة طارق المندلاوي، إن "أبواب دوائر مؤسسة الشهداء في كل العراق مفتوحة لكل المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية وخصوصا بعد صدور ضوابط ترويج المعاملات من قبل المديريات".
وأضاف، إن "الدائرة تنتظر وصول الأوراق التحقيقية الخاصة بالمتضررين سواء كانوا شهداء أو مصابين، بحسب توجيه رئيس مؤسسة الشهداء عبد الإله النائلي إلى مديرية شهداء ذي قار وكذلك مديريات شهداء جانب الرصافة ومدينة الصدر لكون المتضررين من ذوي ضحايا الإرهاب في هذه المناطق".
وأشار إلى أن، "مؤسسة الشهداء أصدرت ضوابط جديدة لترويج المعاملات عن طريق مديريات المؤسسة، وليس عن طريق اللجان الفرعية، وستكون هنالك مواقف أمنية واضحة جدا".
وبيّن، إن "هنالك إرهابيين تم ترويج معاملاتهم تبيّنت بعد عملية الفلترة، حيث وقّفنا هذه المعاملات في هيئة التقاعد الوطنية، وكان هنالك عملية إخبار من قبل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وكذلك الجهات الأمنية الساندة بمساعدة مؤسسة الشهداء لتدقيق كل المعاملات السابقة التي كانت ليست من مسؤولية مؤسسة الشهداء".
وأكمل، إن "مجالس المحافظات والمحافظين كانوا يقومون بعمليات الترويج واللجان الفرعية هي المسؤولة عن هذه العملية، لذلك قمنا بإصدار ضوابط جديدة"، موضحا، إن "عمليات الفلترة التي قامت بها مؤسسة الشهداء كشفت عن وجود إرهابيين تم منحهم هويات تقاعدية".
ولفت إلى أن "الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة بحق ذوي الإرهابيين الذين روّجوا تلك المعاملات هي إيقاف الراتب التقاعدي حتى التأكد من سلامة الموقف الأمني، ويتم الإبطال وسحب القرار وبعد ذلك يتم ملاحقة ذويه من أجل استرداد كل الأموال التي أخذوها، وملاحقتهم قضائيا، وإخبار الادعاء العام بهذا الموضوع".
وتابع في تصريحات لاحقة، إن "مؤسسة الشهداء والدوائر الأمنية المختصة كشفت عن عمليات تزوير واسعة في محافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وغيرها من المحافظات الأخرى".
وأضاف، إن "عملية التزوير شملت الآلاف من المعاملات المروَّجة، التي يقوم بترويجها معقِّبون وضعاف نفوس وعصابات، كلهم متخصصون".
وأوضح، إن "قائد عمليات الأنبار اللواء الركن ناصر الغنام، أشار إلى جزء مهم من عملية النصب والاحتيال، ولكن مؤسسة الشهداء بمجرد وصول المعلومات، عملت على إعداد برنامج علاجي دقيق وشامل، بدأ بإغلاق نافذة تسريب المزوّرين وايقاف إصدار أيَّة معاملة، إلَّا عن طريق الضوابط النافذة، وتم إعمامها على اللجان الفرعية للعمل بها".
وتابع، "إضافة إلى غلق نافذة الترويج عن طريق اللجان الفرعية، وتم إيقاف العمل في اللجان الفرعية في الأنبار لحين ترشيح موظفين على الملاك الدائم ممن لديهم سيرة حسنة بالعمل الإداري وخبرة ونزاهة".
وأشار إلى أن "التدقيق الأمني مستمر من قبل مؤسسة الشهداء والجهات الأمنية، ويبقى الحديث عن التلاعب وأهمية معالجته مُتاحة للجميع، لأننا لم نعتمد إجراءات مؤقتة بل إجراءات تعالج المشكلة من جذورها لمحاسبة المتسببين بهدر المال العام وقطع الطريق عليهم".
وأكد أنه "تم إيقاف صرف الرواتب لأكثر من 4593 معاملة في الأنبار في وقت سابق، إضافة إلى إبطال القرارات الصادرة عن آلاف المعاملات التي اكتشفتها مؤسسة الشهداء من الإرهابيين والمتلاعبين والمزوّرين في الأنبار".
ولفت إلى أن "الدائرة بصدد طيّ المراحل القانونية لمحاسبة المقصرين وتضمينهم مقدار المبالغ المالية التي تسببوا بإنفاقها بغير وجه حق".
وبين، أن "العملية التصحيحية مستمرة، والإصدار الجديد أصبح حصرياً بيد المؤسسة، ومركزياً وبإشراف مباشر من قبل رئيس مؤسسة الشهداء عبد الإله النائلي وضباط من الأجهزة الأمنية المختصة".
وذكر أن "المؤسسة أرسلت إشعاراً إلى هيئة النزاهة من أجل تشكيل لجان لتدقيق كل المعاملات السابقة".
وأشار إلى أن "مؤسسة الشهداء وعبر الدائرة القانونية ستقوم بمتابعة الملف الى حين استرداد الأموال ومحاسبة المقصرين وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".
واختتم، بالقول: "كما أغلقنا نهائياً طريق التلاعب ووضعنا مفتاحاً أمنياً لمنعه"، داعياً المواطنين، إلى "الإبلاغ عن كل ما يعتقدونه من إجراء أو امتياز خارج القانون عبر التواصل مع مؤسسة الشهداء".
ويتضح من خلال تصريحات مؤسسة الشهداء حرصها على عدم حدوث أي خروقات في عملها، ولكن في المقابل فإن هذه الخروقات مستمرة بالحدوث وبدليل تقرير جهاز المخابرات الأخير، الذي أشار إلى حالات معينة وليست كلها، وهذا ما يجعل المؤسسة وجميع الجهات الرقابية مسؤولة عن إيقاف هذه الخروقات ومنع تكرار حدوثها ومعاقبة المتسببين بها سواء كانوا موظفين فاسدين أو جهات سياسية عاملة في المحافظات المحرَّرة تسعى لكسب الجماهير من خلال توفير رواتب تعويضية عن أبنائهم الإرهابيين والانتحاريين لضمان أصواتهم الانتخابية ودعمهم في معاركهم السياسية الداخلية.