بهدف السيطرة على تسريب المعلومات والوثائق.. استخبارات الدفاع تستهدف مصادر التسريب في خطوة قد تتطور إلى إنهاء إفلات المُبتزّين
انفوبلس..
مع الإرباك الذي تُعانيه المؤسسة الأمنية العراقية منذ هيكلتها وإعادة تشكيلها على يد بول بريمر عام 2003، رافقت المؤسسة في عقدَيها الأخرين بعض السلبيات والخروقات، ولعل ظاهرة تسريب الوثائق والمعلومات السرية أو غير المتاحة للجميع من أبرز تلك السلبيات، والتي يبدو أن الحكومة الحالية قد بدأت العمل عليها لإنهائها بشكل تام.
مصدر مطلع أفاد، بأن استخبارات وزارة الدفاع قد بدأت بالفعل في الآونة الأخيرة باستهداف مصادر تسريب الوثائق والمعلومات السرية في الوزارة وإيصالها لعدّة جهات، تارة مجهولة كشخصيات تُدير منصات إخبارية أو صفحات تواصل اجتماعي، ومعلومة تارة أخرى مثل ناشطة تُدعى قدس السامرائي.
المصدر أكد توصُّل استخبارات الدفاع لأحد المصادر الذي يُسرّب الوثائق لقدس السامرائي، وبين أنه يسكن في الإمارات.
وأضاف، أن البحث عن مصادر أخرى مستمر على قدم وساق لإنهاء هذه الظاهرة المُضرَّة بالمؤسسة الأمنية وأمن الشعب العراقي.
وقدس السامرائي هي ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، موقع X خصوصاً، مختصة بنشر السلبيات في وزارتي الدفاع والداخلية.
وعلى الرغم من وجود بعض منشوراتها التي تؤشر فيها لحالات فساد حقيقية، إلا أن أغلب محتويات الصفحة تقع ضمن خانة الابتزاز، وهو الأمر الذي تسعى استخبارات وزارة الدفاع للقضاء عليه.
وفي الوقت ذاته تشجع مؤسسات الدولة عموماً والأمنية خصوصاً على الإبلاغ عن أي حالة فساد أو مخالفة للقانون ولكن عبر القنوات الرسمية واللجوء إلى القضاء العراقي والابتعاد عن طرق الابتزاز الملتوية.
وفي عام 2021، قالت وزارة الدفاع العراقية في بيان نشرته على موقعها، إنها ستقوم برفع دعوى قضائية بحق الصحفية (قدس السامرائي) وذلك "لتشهيرها بسمعة ضابط من ضباطها من خلال نشرها معلومات كاذبة على صفحتها بالفيس بوك".
وجاء في بيان وزارة الدفاع العراقية المعنون "رد على الصحفية المدعوة (قدس السامرائي)"، إنه "تم تشكيل مجلس تحقيق في مكتب المفتش العام لغرض تدقيق المعلومات التي تم نشرها من قبل الصحفية المدعوة قدس السامرائي".
وبينت الوزارة، أن "ما نشرته الصحفية المدعوة (قدس السامرائي) على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، يوم الجمعة 19 شباط 2021، تحت عنوان (اللواء قاسم محمد حسين سداوي) مستشار قانوني في أمانة السر العام معاقب بالحبس الشديد (سنة) من قبل محكمة عسكرية (رشوة)، وذكرت أيضاً في منشورها، أن "هذا الادعاء مثبت بخط خدمة الجيش السابق"، واتهمت السيد اللواء بأنه فاشل بالدورة الحتمية للضباط وهذا ما مُثبت في خط خدمته، وأنه سبق وتم توقيفه في مديرية الاستخبارات العسكرية عام 2007 لمساومته، مُشيرة الى وجود مجلس تحقيقي مشكل بحقه عندما كان يشغل منصب ضابط أمن دائرة المستشار القانوني العام (الدائرة القانونية حالياً) يوصي بعدم عمله في وحدات المقر العام. وقد أرفقت في منشورها عدداً من كتب هيئة النزاهة الاتحادية لا علاقة لها بما ذكرته في منشورها والتي تتهم فيها اللواء الحقوقي، وكان الهدف من هذه الكتب تظليل الرأي العام ووصف نفسها بأنها صوت المظلومين.
وأشار بيان وزارة الدفاع العراقية إلى، أن مجلس التحقيق في مكتب المفتش العام بالوزارة توصل إلى أن "مديرية الاستخبارات العسكرية لم تشكل أي مجلس تحقيقي بحق اللواء الحقوقي (قاسم محمد حسين)، وأنه لم يتم توقيفه في قضية رشوة طيلة مدة خدمته لديهم وحسب كتاب مديرية الاستخبارات العسكرية رقم 919 في 30 كانون الثاني 2011".
وأضاف البيان، أن نتيجة التحقيق أظهرت أنه "لا يوجد أي مجلس تحقيقي يوصي بعدم عمل اللواء الحقوقي قاسم محمد حسين، في مقرات الوزارة وأنه شغل مناصب كثيرة في المقرات منها المحكمة العسكرية الثانية ومشاور قانوني في قيادة القوات البرية، ورئيس محكمة عسكرية، ورئيس لجنة تحقيقية مشتركة، وأخيراً أمين سر الشؤون القانونية في أمانة السر العام".
وأضافت وزارة الدفاع العراقية: "نود أن نبين أن اللواء الحقوقي قاسم محمد حسين، غير مشمول بقانون المساءلة والعدالة الرقم (10) لسنة 2008 بموجب الكتاب الوارد إلى وزارتنا من الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة العدد 6372 في 19/7/2012، والمبلغ إلينا بموجب كتاب الدائرة القانونية العدد 429 في 14/1/2013".
وختمت الدفاع العراقية بيانها بالقول: "بناءً على ما تقدم نؤكد أن المعلومات التي قامت بنشرها الصحفية المدعوة (قدس السامرائي) هي معلومات غير دقيقة الهدف منها تظليل الرأي العام وتهدف من خلالها الإساءة إلى المؤسسة العسكرية العريقة، وأن الوزارة ستقوم برفع دعوى قضائية بحق المدعوة أعلاه وذلك لتشهيرها بسمعة ضابط من ضباطها من خلال نشرها معلومات كاذبة على صفحتها بالفيس بوك".
ومن أجل الحفاظ على معلومات المؤسسة الأمنية، أعلنت خلية الإعلام الأمني، في مطلع العام الجاري، نشرها مفارز مدنية في النوادي الليلية لمراقبة الضباط والعاملين بالسلك الأمني والعسكري، فيما لفتت إلى أن نشر اليوميات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الضباط والمنتسبين ممنوع وقد يعرّضهم إلى عقوبات عسكرية.
وذكر رئيس الخلية اللواء تحسين الخفاجي، أن "المشكلة الأخرى هو تسريب أسرار الأسلحة والمؤسسة العسكرية في اللقاءات الشخصية، من قبل بعض الضباط"، مشيرا إلى أنه "وفق القانون يمنع على الضابط ارتياد النوادي الليلية، وتمت محاسبة العديد منهم بعد إحالتهم إلى المحكمة العسكرية".
وأضاف الخفاجي: "توجد مفارز مدنية من جهاز المخابرات والأمن الوطني والاستخبارات مهمتها متابعة الضباط في هذه الأماكن"، مؤكداً أن "ثرثرة الضباط في الأماكن العامة قد تتسبب بمشاكل كبيرة وقد تُستغل من قبل الآخرين".
وتابع، أن "وزارة الدفاع أنشأت مؤخراً مديرية الأمن السيبراني، وهذه المديرية ستحد من تسريب المعلومات والوثائق التي تمس أمن الوطن"، لافتا إلى أن "تسريب الكتب انخفض العام الماضي بشكل كبير مقارنة بالعام الذي قبله".
ونوه إلى، أن "أي ضابط يُحال لمجلس تحقيقي تتوقف ترقيته على أقل تقدير عاماً كاملاً".
وأكد الخفاجي، أن "الضابط الذي يشارك يومياته عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى وإن كان بالزيّ المدني لكن المتابعين يعلمون أنه ضابط، تتم محاسبته". مبينا، "يمنع على أي ضابط أو منتسب وحتى الموظف في الوزارات الأمنية من مشاركة يومياته عبر مواقع التواصل الاجتماعي".