تسلّلوا بصفة تجار ومستثمرين ولديهم علاقة بـ"داعش".. أسرار تواجد "البي كا كا" في كركوك
انفوبلس/ تقرير
منذ سنوات ولا تزال قضية تواجد الـ "البي كا كا" في محافظة كركوك يسودها الكثير من الغموض والشكوك في وقت يكثر فيه الحديث عن المسبّبات والعوامل التي أدّت إلى تواجدهم فيها.
*نبذة تاريخية عن "البي كا كا"
حزب العمال الكردستاني واختصاراً (PKK) بالكردية، جماعة مسلحة كُرديّة يسارية نشأت في السبعينيات في منطقة كردستان تركيا كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية الاشتراكية، تسعى لإقامة دولة ماركسية لينينية في كردستان، في مطلع الثمانينيات دخلت في صراع مسلح مع الدولة التركية بُغية نيل حقوق ثقافية وسياسية وتقرير المصير لكرد تركيا، استمرت المواجهة حتى نهاية التسعينيات إلى أن اعتقلت تركيا زعيم الحزب عبد الله أوجلان، ودخل الحزب مرحلة جديدة من النزاع.
ويتبع الحزب كل من حزب الحياة الحرة الكردستاني في كردستان إيران وحزب الاتحاد الديمقراطي في كردستان السورية وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق، ويُصنّف حزب العمال كمنظمة إرهابية على لوائح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا، بينما رفضت الأمم المتحدة ودول أخرى كروسيا والصين وسويسرا ومصر والهند تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية.
أُسِّس حزب العمال الكردستاني في 27 نوفمبر 1978 بطريقة سرية على يد مجموعة من الطلاب الماركسيين غير المؤثّرين في الساحة السياسية الكردية، بينهم عبد الله أوجلان الذي اُختير رئيسا للحزب، وبلغ أوج قوته في تسعينيات القرن العشرين حيث تجاوز عدد عناصر الحزب العشرة آلاف مقاتل، وبدأ الحزب نشاطه العسكري عام 1984، واتخذ مقاتلوه من كردستان العراق منطقة لحماية قواعدهم الخلفية، كما أقاموا تحالفا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بزعامة مسعود برزاني.
وتذهب بعض الإحصاءات إلى أن مجموع من قتلهم المسلحون الأكراد يبلغ أربعين ألف شخص، ولم تقتصر عمليات مسلحي حزب العمال العسكرية على الجيش التركي بل شملت مدنيين أتراك وأكراد، خصوصا من المتعاونين مع الحكومة التركية، كما شملت بعض السائحين الأجانب، وقد وجّهوا ضرباتهم لبعض المصالح التركية في البلدان الغربية، في المقابل يتهم الحزب الجيش التركي بتدمير آلاف القرى الكردية وتهجير العديد من الأُسر إلى تركيا.
* دخول "بي كا كا" القرى في إقليم كردستان
بحسب البيانات الرسمية لحكومة إقليم شمالي العراق فإن "بي كا كا" كان عام 2015 يحتل 515 قرية في 3 محافظات، 304 منها تقع داخل حدود محافظة دهوك، و177 في أربيل و34 في السليمانية.
وخلال السنوات الـ 8 الأخيرة، احتل الحزب 285 قرية أخرى في الشمال العراقي.
وأجبرت العمليات العسكرية التي نفذتها تركيا خلال السنوات الأخيرة، خارج حدودها في شمالي العراق، الحزب على الانسحاب من الحدود بين البلدين باتجاه الداخل العراقي.
رئيس وزراء إقليم شمالي العراق، مسرور بارزاني، وفي تصريحات أدلى بها خلال فبراير/ شباط 2021، قال إن "بي كا كا" يحول دون إعادة إعمار 800 قرية بالإقليم، مؤكداً عدم تسامحهم إزاء تواجد التنظيم في المنطقة.
*قصة تواجد "بي كا كا" الى كركوك
في عام 2017، حذّر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي آنذاك، قادة إقليم كردستان من إقحام منظمة "بي كا كا"، الذراع المسلحة لحزب العمال الكردستاني، في النزاع الدائر بشأن مدينة كركوك، معتبراً أن هذا الأمر بمثابة "إعلان حرب" على بغداد.
وقال العبادي، في بيان أصدره عقب ترؤسه اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني في العاصمة العراقية آنذاك: إن "المجلس حذّر من تحشيد عناصر مسلحة من أحزاب متنفذة لا تنتمي إلى كركوك ولا تنتمي للمنظومة الأمنية النظامية وكذلك إقحام قوات غير نظامية، بعضها ينتمي إلى الـ بي كا كا"، مشددا على أن هذه الخطوة "تُعد إعلان حرب على باقي العراقيين والقوات الاتحادية النظامية".
من جهتها، سارعت حكومة كردستان بنفي اتهامات بغداد بوجود مقاتلي حزب العمال في كركوك، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
لكن بيان العبادي قال: "لاحظت الحكومة المركزية في بغداد سعي الأطراف المتنفذة للاستفتاء غير الدستوري في الإقليم لخلق حالة تعبئة عسكرية بدعاوى مختلفة، إمعاناً منها في تضليل المواطنين الكرد وحرف نظرهم عن النتائج الخطيرة للاستفتاء".
كما حذّر البيان من "التصعيد الخطير والاستفزازات التي تقوم بها قوات تابعة للإقليم، خارج حدوده"، في إشارة إلى المناطق المتنازَع عليها كمحافظة كركوك النفطية، كما اتهم العبادي هذه القوات بـ"محاولة جرّ البلاد الى احتراب داخلي من أجل تحقيق هدفها في تفكيك العراق والمنطقة بغية إنشاء دولة على أساس عِرقي".
وأكد البيان أن "امتداد مسلحي الإقليم إلى مناطق خارج الحدود المعروفة في إطار الدستور بقوة السلاح والتهديد واضطهاد وتهجير أبناء المناطق التي تسكنها أغلبية غير كردية، ومنع عودة النازحين إليها في سعي لتغيير ديموغرافي– أمور تجرّ البلاد لصراع مدمِّر". فيما وجدد البيان تأكيد موقف بغداد على أن "المناطق المتنازع عليها ستُدار من قِبل القوات الاتحادية والقوات المحلية تحت قيادة السلطة الاتحادية".
ونفس العام، اتهم رئيس الجبهة التركمانية، عن كركوك أرشد الصالحي، محافظ كركوك الأسبق نجم الدين كريم، لمساعدته الـ(بي كا كا) على دخول كركوك.
إلى ذلك، أكد رئيس الجبهة التركمانية العراقية في عام 2021، أرشد الصالحي، وجود المنظمة في محيط كركوك وداخلها، فيما بين ان "سكان كركوك يشعرون بالتهديد بسبب وجود مقر لـ"بي كا كا" في المحافظة، فيما اوضح أن "وجود المنظمة الإرهابية في كركوك يشكل تهديدا لجميع العراقيين”.
وأفادت تقارير إعلامية مؤخرا أن بعض عناصر "بي كا كا" فرّت من معاقل المنظمة في شمال العراق وسوريا، وتسلّلوا إلى مدينة كركوك العراقية بصفة تجار ومستثمرين.
وبعد ذلك، بدأت قصة تواجد "بي كا كا" في كركوك، حيث في العام الماضي، كشف المتحدث باسم الجبهة التركمانية العراقية، محمد سمعان، ظهور مجموعة من عناصر "بي كا كا" في كركوك، مؤكداً أن العناصر بدأت بجمع معلومات عن منازل ومكاتب لمسؤولين وشخصيات تنتمي للمكون التركماني لاستهدافهم.
وقال سمعان في مقابلة صحافية إن "انتشارهم جاء إثر إطلاق القوات التركية عملية "نسر الشتاء" العسكرية، ضد معاقلهم في شمال سوريا والعراق".
ومطلع شباط من العام الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية بدء تنفيذ عملية جوية باسم "نسر الشتاء" ضد معاقل "بي كا كا" في شمالي العراق وسوريا.
ولفت سمعان إلى أن عناصر "بي كا كا استأجروا وقاموا بتشغيل بعض المنشآت التجارية في المدينة مثل صالات الأفراح والمقاهي، ووكالة المخابرات العراقية لديها معلومات عن تواجد عناصر تابعة للمنظمة في كركوك". مضيفا أن السلطات العراقية لم "تتمكن خلال هذه الفترة من التدخل في قضية تسلل عناصر بي كا كا إلى كركوك بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها العاصمة بغداد".
وأفاد سمعان بأن عناصر "بي كا كا الذين نشطوا في السابق في أعمال غير مشروعة مثل تهريب الأسلحة والمخدرات وتهريب البشر عبر الحدود العراقية السورية، يقومون الآن بأعمال تهريب النفط في كركوك"، مشيرا إلى أن "عناصر المنظمة يسرقون النفط من حقل خباز النفطي غربي مدينة كركوك وتهريبه إلى خارج العراق".
وذكر أنه "قبل سنوات استغلّت "بي كا كا وجود تنظيم داعش الإرهابي في العراق، واستولت على أجزاء من منطقة سنجار في الموصل"، كاشفا أن "حالة من التعاون بدأت تنشأ بين كلتا المنظمتين، حيث قدمت "بي كا كا لتنظيم داعش" من وقت لآخر، دعمًا لوجستياً لشن هجمات ضد قوات الأمن العراقية في قضاء آلتون كوبري التابع لمحافظة كركوك". كما دعا سمعان "حكومة الإدارة الكردية في شمال العراق بلعب دور أكثر جدية وإيجابية في محاربة وجود بي كا كا في العراق".