تعرّف على أبرز العمليات الإجرامية التي كانت جرف النصر مصدرها قبل تحريرها
انفوبلس/..
شكّل الانتصار الذي حققته القوات الأمنية العراقية، وفي طليعتها الحشد الشعبي، وتحرير جرف النصر، بعد انتصار آمرلي، ضربةً قصمت ظهر عصابات داعش الإرهابية وأذهلت من خلفها من أيادي مخابرات أجنبية تدعمها أمريكا والكيان الصهيوني، و بددت أكذوبة قوة داعش التي طالما أكدتها أميركا أو حاولت أن تجعل من القضاء على داعش في العراق معجزة تتطلب وقتا طويلا لتنفيذها.
انتصار جرف النصر، يحمل رسالة، موجّهة إلى الاستكبار العالمي أو ما يسمّى بالتحالف الدولي الذي عمل على ضرب المقاومة الإسلامية في جرف النصر ثم انتصرت المقاومة على داعش في المنطقة نفسها، هذا الانتصار يشكل صفعة على جبين أميركا ومن يريد أن يهزم المقاومة ومن يثبّط من معنويات المقاتلين، وسيكون امتداداً للانتصارات الأخرى في المنطقة.
وعقب تفجير إجرامي في محافظة بابل، في شباط 2005 أدى إلى سقوط 118 شهيدا، شنّت القوات الأمنية حملت مداهمات ضد أوكار إرهابية، وألقت القبض على مجاميع إرهابية متعددة ضمنها مجموعة أُلقي القبض عليها بضمنها عدد من قادة الإرهاب المعروفين والمطلوبين للعدالة وأمراء وسيّافين.
وأشارت مصادر مطلعة، أنه تم إلقاء القبض على مجموعة إرهابية كانت تحتفل في غرفة إرهابي معوّق يسير على عكّازين بمناسبة نجاح العملية الإجرامية الأخيرة في الحلة، وكانت جدران الغرفة التي احتفلوا بها مليئة بصور رأس النظام البعثي صدام حسين وميشيل عفلق، وكان المعتقلون من مناطق جرف النصر والحامية والحصوة وأطراف قضاء المسيب.
وفي العاشر من شباط 2004، فجّر مهاجم انتحاري شاحنة ملغومة خارج أحد مراكز الشرطة ببلدة الإسكندرية شمالي بابل، مما أوقع نحو 50 شهيدا من المتطوعين وغيرهم من المدنيين، ودمّر التفجير واجهة مركز الشرطة، وخلّفت حفرة واسعة في الأرض الخرسانية، وأدت إلى تناثر أشلاء الضحايا في مختلف أنحاء الشارع، ثم تبيّن فيما بعدأان مصدر العملية كان من منطقة جرف النصر.
تفخيخ مكثّف.. وتفكيك 200 عبوة يوميا
وفي جرف النصر، شمال المسيب والتي سُميت بعد ذلك بـ"جرف النصر"، كانت القوات الأمنية تفكك يوميا 200 عبوة، وعدد العبوات التي تم تفكيها في قاطع الفاضلية فقط، وصل إلى 3000 عبوة، حيث إن أغلب العبوات مدفونة تحت الأرض، واستمر داعش بزراعتها لأشهر.
نائب رئيس لجنة الأمن في مجلس محافظة بابل عام 2016، حسن فدعم، كشف أن أحد المعتقلين من عناصر داعش في جرف النصر، قال إن كل "عنصر مكلف يوميا بزراعة 70 عبوة". مؤكدا أن "كل الطرق المؤدية إلى الجرف، سواء المبلّطة أم الصحراوية كانت مزروعة بالأجسام المفخخة".
ويكشف فدعم، عن أن بعض "العبوات”، والتي تُعرف بـ”مصيدة المغفّلين” وهي لاستهداف المشاة، تربط بالخيط الخاص بصيد السمك “الشص” وحين تلمس قدم المار بذلك الخيط ينسحب “الصاعق” وتنفجر العبوة.
من جهته يقول النائب عن بابل صادق المحنا، بأنه “لا يمكن إعطاء رقم دقيق أو تقريبي لعدد العبوات المزروعة في جرف النصر”، مشيرا إلى أن أكثر العبوات غير ظاهرة، ومدفونة بالكامل تحت الأرض.
ويقول المحنا، وهو كان أحد المتواجدين في عمليات تحرير “الجرف”، إن “بعض الشوارع مفخخة بنسبة كل مترين عبوة”، وبعضها مصنع من “جلكانات الوقود الحديدية” سعة 20 لترا، وأخرى من صفائح حديدية متنوعة.
جرف النصر ومخابرات البعث
تمتد جرف النصر من عامرية الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار شمالا وصولا إلى الحلة مركز محافظة بابل جنوبا وكربلاء، ومن الجهة الشرقية تتصل بمناطق اليوسفية واللطيفية والمحمودية (المعروفة سابقاً بمثلث الموت) التابعة لبغداد، أما من جهة الغرب فهي مفتوحة على صحراء الأنبار.
أغلب سكان جرف النصر من عشائر الجنابيين الذين كانوا محلّ ثقة صدام حسين في فرق الاغتيالات وفرق مهام المخابرات الخاصة والمكتب العسكري لحزب البعث الذي كان يرأسه علاء الدين الجنابي الذي كان يثق به صدام حسين ثقة عمياء.
تتبع ناحية جرف النصر لمحافظة بابل، وتشتهر بالزراعة وغابات النخيل الأجمل في العراق، وفي السنوات الأخيرة تحولت إلى أكبر مسطحات مائية اصطناعية للأسماك من جهة، واستغلالها من قبل الإرهابيين كحاجز طبيعي يعيق حركة الجيش العراقي وآلياته التي تحسم الحروب، الأمر الذي أخّر هذا الحسم.
جرف النصر وتنظيم القاعدة
بعد عام ألفين وثلاثة تحولت هذه المنطقة إلى أحد أهم معاقل تنظيم القاعدة في العراق، وكانت منطلقا لمهاجمة القوات الأميركية والحكومية في جنوب بغداد وبابل وكربلاء، والمسؤولة عن تنفيذ التفجيرات الكبيرة المنظّمة في بغداد.
في 2010 أصبحت تُعرف بعاصمة ولاية الجنوب لتنظيم داعش، ومن هناك استمرت المفخخات والانتحاريون وقذائف الهاون بضرب التجمعات المدنية في المسيّب والاسكندرية والحلة وكربلاء وبغداد.
جرف النصر في قبضة داعش
وبعد سقوط الموصل، كانت عصابات داعش تعتبر جرف النصر هي بوابة إكمال فتوحاتها في العراق لإسقاط بغداد وبابل وكربلاء والنجف وصولا إلى البصرة، حسب ما أعلنه العدناني بعد سقوط الموصل بأيام، لذلك قام التنظيم بالدفع بمئات المقاتلين إلى القرى والأرياف والقصبات التابعة لناحية جرف النصر تمهيدا للهجوم الكبير على بغداد والحلة وكربلاء، خصوصا أن الأنظار كانت تتجه إلى احتمال تعرض بغداد للهجوم من جهة مناطق التاجي وأبو غريب القريبة من المطار حيث تتواجد هناك أفضل الوحدات القتالية العراقية.
آلاف المقاتلين من الجيش والحشد الشعبي والشرطة والمتطوعين تم حشدهم على ستة محاور لمهاجمة جرف النصر واقتحامها ليتم اختيار اليوم الأول من محرّم لانطلاق الهجوم.
ومع وجود عدد كبير من الانتحاريين والسيارات المفخخة والصواريخ التي أعدّها تنظيم داعش خلال خمسة أشهر لمهاجمة الحلة وكربلاء وبغداد التي عادةً ما تغصّ الطرقات فيها بآلاف الزائرين في هذا الوقت من كل عام، كان لابد من الإسراع بتنفيذ الهجوم على جرف النصر، بحسب مصادر عسكرية رسمية، وذلك بقصف مدفعي مركّز وغطاء جوي أمّنته المروحيات العراقية.
وبالفعل انطلق آلاف الجنود من ستة محاور باتجاه ناحية جرف النصر التي قرر التنظيم فيها تفخيخ المنازل والطرقات وحتى تفخيخ أشجار النخيل، وهذا ما جعل القوات الحكومية المهاجمة تسلك الطرق غير المعبدة عبر استخدام الجرّافات المصفّحة لفتح طرق جديدة، وخلال ثمان وأربعين ساعة تمكنت القوات العراقية من السيطرة على ناحية جرف النصر والقرى والمناطق التابعة لها، وآخرها منطقة الفاضلية آخر نقطة على الحدود الإدارية بين بابل والأنبار.