تغييرات في مواقع أمنية.. السوداني يقطف "رؤوساً كبيرة" ويعيّن البصري رئيساً لجهاز الأمن الوطني
انفوبلس/ تقرير
أجرى القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 5 يوليو/ تموز 2023، تغييرات "جوهرية" في مواقع أمنية "حساسة" في العراق بعد دراسة مستفيضة لتعزيز الأمن، وبهدف "رفع كفاءة الأداء للمؤسسات الأمنية"، من بينها تعيين أبو علي البصري رئيساً لجهاز الأمن الوطني وإنهاء تكليف ماجد الدليمي من جهاز المخابرات واستبداله بـ"وقاص محمد".
وفي بيان للناطق باسم القائد العام اللواء يحيى رسول ورد لـ"انفوبلس"، قال إنه "عملاً بالبرنامج الحكومي وأولوياته المتعلقة بالإصلاح الإداري للمؤسسات الأمنية، أصدر القائد العام للقوات المسلّحة محمد شياع السوداني، أوامر بتغييرات في بعض المواقع الأمنية"، مبيناً أن "ذلك جاء بهدف ضخ دماءٍ جديدة وإعطاء الفرصة لقيادات أخرى في إدارة الملف الأمني؛ من أجل رفع كفاءة الأداء للمؤسسات الأمنية".
وأضاف، أن "هذه الخطوة تأتي بعد دراسة مستفيضة لتعزيز الأمن والاستقرار في مختلف مناطق البلاد، ولمقتضيات المصلحة العامة، التي تتطلب العمل وفق رؤية مهنية بقيادات أمنية جديدة تتسم بالكفاءة، وتدرّجت في الخدمة داخل المؤسسات الأمنية، وسيخضع عملها أيضاً إلى التقييم المستمر".
وثمّن السوداني، وفقاً للبيان، "الجهود التي بذلتها القيادات التي شملها التغيير خلال مدّة تسنمها المنصب، وقدّمت ما تستطيع تقديمه في مواقع المسؤولية".
إنهاء تكليف حميد الشطري من وكالة جهاز الأمن الوطني وتعيين أبو علي البصري رئيساً للجهاز
الى ذلك، كشفت مصدر حكومي، تفاصيل وأسماء التغييرات الأمنية التي أصدرها القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، فيما بين ان التغييرات جاءت برؤية حكومية وليس فيها أي جنبة سياسية أو حزبية.
وقد شغل أبو علي البصري ـ أحد الشخصيات المعروفة في العراق ـ عددا من المناصب الهامة لدولة العراق، ويعتبر من أكثر الشخصيات المعروفة التي ساهمت في استمرار السلام والامن في العراق. وكان المدير العام لخلية الصقور وأحد مؤسسيها.
وقال المصدر لـ"انفوبلس"، إن "التغييرات شملت المخابرات والأمن الوطني، حيث تم إنهاء تكليف حميد الشطري من وكالة جهاز الأمن الوطني وتعيين أبو علي البصري رئيساً للجهاز"، مبيناً، أنه "تم إنهاء تكليف فالح العيساوي الوكيل الثاني لجهاز الأمن الوطني وتكليف مثنى العبيدي بديلاً عنه".
نقل الشطري والدليمي إلى مستشارية الأمن القومي يهدف للفائدة من الخبرة وتراكم العمل لسنوات في السلك الأمني
وأضاف، أنه "تمّ إنهاء تكليف ماجد الدليمي من جهاز المخابرات وتكليف وقاص محمد بديلاً عنه"، مشيراً إلى "نقل حميد الشطري وماجد الدليمي إلى مستشارية الأمن القومي".
وكان جهاز المخابرات الوطني (INIS) قد تأسس عام 2004، بعد أن حلّ جهاز المخابرات العامة السابق في نظام ما قبل عام 2003 بقرار من الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر.
ومنذ تأسيسه حتى اليوم، تولت 5 شخصيات رئاسة الجهاز، وهم محمد عبد الله الشهواني (2004 – 2009) وزهير الغرباوي (2009 – 2016) ومصطفى الكاظمي (2016 – 2020) وبات الأخير يدير الجهاز بالوكالة عندما أصبح رئيسا لمجلس الوزراء، ثم رائد جوحي عام 2022 الذي استمر بمنصبه بضعة أشهر إلى أن استقرّت عند السوداني بعد اختياره رئيسا لمجلس الوزراء، وقرر الإشراف عليه شخصيا.
وذكر المصدر ذاته أن "نقل الشطري والدليمي إلى مستشارية الأمن القومي يهدف للفائدة من الخبرة وتراكم العمل لسنوات في السلك الأمني، وهذا يحصل لأول مرة"، لافتا المصدر إلى، أن "التغييرات شملت إنهاء تكليف فالح يونس حسن من مهام الوكيل الإداري لجهاز الأمن الوطني وتكليف مثنى ارزوقي وهيب بديلاً عنه، إضافة إلى تكليف أحمد سلمان داود بمهام الوكيل الأمني للجهاز، وتكليف صباح نوري أمين النعيمي بمهام مدير عام الدائرة الفنية في الجهاز".
يشار الى انه في عام 2021 تم تكليف حميد الشطري رئيسا لجهاز الأمن الوطني خلفاً لعبد الغني الاسدي الذي بدوره تسلم المنصب من فالح الفياض. كما تسلم الشطري مهامه في (25 كانون الثاني 2021)، مسؤولاً عن خلية الصقور الاستخبارية، بتوجيه من مصطفى الكاظمي.
وتابع أنه "تم تدوير محمد عطا عبود جودة من منصب مدير عام دائرة أمن المحافظات في جهاز الأمن الوطني وكالة إلى منصب مدير عام دائرة أمن بغداد وكالة، وتكليف علي شمران خزعل مدير دائرة أمن البصرة في جهاز الأمن الوطني، بمهام مدير عام دائرة أمن المحافظات في الجهاز"، موضحاً، أن "التغييرات جاءت برؤية حكومية وليس فيها أي جنبة سياسية أو حزبية".
التغييرات تهدف لضخ دماء جديدة داخل الأجهزة الأمنية الحساسة وإبعادها عن الاستثمار السياسي
وبين أن "التغييرات استهدفت أيضاً إبعاد المؤسسات الأمنية الحساسة عن الاستثمار السياسي"، لافتاً إلى أن "الأسماء الجديدة هي من داخل رحم المؤسسات الأمنية، وبعضها وصلت إلى هذه المواقع بعدما حققت نجاحات واضحة في الجانب الأمني والاستخباري".
وأكد المصدر، أن "الأسماء التي تم تكلفيها من الكفاءات ولم يسجل عليها أو ضدها أي ملاحظة"، مشيراً إلى أن "التغييرات تهدف لضخ دماء جديدة داخل الأجهزة الأمنية الحساسة".
وكلف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، العام الماضي، أبو علي البصري برئاسة الهيئة العليا لمكافحة الفساد. كما وجّه السوداني ايضا بتشكيل فريق ساند بصلاحيات واسعة، وذلك لتقديم الإسناد الكامل للهيئة العليا لمكافحة الفساد في فتح تلك الملفات"، برأسه المدير العام في وزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل.
يذكر ان جهاز الامن الوطني العراقي هو أحد اهم الاجهزة الامنية العراقية الذي تأسس في 2004، يرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة - رئيس الوزراء، بحسب المادة الاولى من قانون الامن الوطني العراقي لسنة 2021 الذي أقره مجلس النواب العراقي.
كما من مهامه الحفاظ على الامن العام ومنع النشاطات المادية وتبادل المعلومات مع الاجهزة الوطنية الاخرى، رصد اتجاهات الرأي العام في المجتمع والتحقق مع الموقوفين بقضايا الامن الوطني، ورصد محاولات التخريب في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومكافحتها، لذا يعتبر منصب رئيس لجهاز الأمن الوطني، الشخصية الأمنية "الأهم" في العراق ما بعد 2003.
بدوره، أكد القيادي في الإطار التنسيقي تركي العتبي، أن تغييرات السوداني الأمنية متوقعة منذ 3 أشهر، وهي تمثل الوجبة الأولى فقط.
وقال العتبي، إن "قرار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في اجراء تغييرات في مناصب أمنية حساسة منها الامن الوطني والمخابرات لم تكن مفاجئة بل كانت متوقعة منذ 3 أشهر بناء على خارطة الطريق المعتمدة في التغيرات وهي التقييم الشامل والذي كان حجر الزاوية في كل قرارات التغير حتى الان".
ولفت الى، أن "هناك قائمة ثانية لأسماء قيادات سيجري تغييرها قريبا"، مؤكدا أن "التغييرات يُراد منها 3 اهداف مهمة هي تغير الخطط واعطاء دور للكفاءات وابعاد المؤسسة الامنية عن اي تأثير او انتماءات سياسية". وتابع أن "حكومة السوداني جادة في اجراء تغييرات في منظومة امن البلاد وبكل عناوينها وهي ضمن خطة اصلاح جوهرية مستمرة وفق مسارات محددة".
واستمرار السوداني بنهج التغيير واصلاح المنظومة الحكومية، جهود يُشيد بها القريب والغريب، الا أن تعرض هذه الصلاحية لضغوط سياسية والتناغم مع مطالب بعض الكتل السياسية، قد يكون المطب الذي لن تخرجه منه الحكومة بسهولة؛ لاسيما أن الحكومات السابقة قدمت تجارب فعلية وجيدة عن هذا الأمر.