جرائم "مروّعة" في العراق.. أُم تحرق زوجة ابنها الحامل وسائق يلقي بالتيزاب على سائق آخر
انفوبلس/ تقرير
شهد العراق خلال الأيام القليلة الماضية، جرائم "مروّعة" هزّت الرأي العام والمجتمع العراقي كما أثارت موجة واسعة من الجدل والغضب، حيث أقدمت امرأة على حرق زوجة ابنها الحامل في محافظة النجف، فيما تعرّض شاب إلى الحرق بمادة "التيزاب" في سيارته، شمالي العاصمة بغداد.
*تفاصيل الجرائم
في جريمة جديدة من جرائم العنف الأُسري التي هزّت المجتمع العراقي، أقدمت امرأة على حرق زوجة ابنها الحامل في محافظة النجف. وقالت مصادر محلية لـ "انفوبلس"، إن "الجانية سكبت البنزين على الشابة البالغة من العمر 21 عاماً وهي تطبخ وأشعلت بها النار، ثم تركتها وفرّت هاربة، حتى سمع الجيران صراخ جارتهم وهرعوا لإنقاذها".
وما زاد الأمر سوءاً أن عائلة الضحية أكدت أن الشرطة أخذت إفادة الجانية وتركت المجني عليها. كما أوضح شقيق الضحية أن أخته كانت تحضّر الطعام في المطبخ، حينما شعرت بسائل يُسكب عليها، وما إن لبثت أن تلفّتت حتى شعرت بنار تلتهم جسدها.
وكشف أن زوج الضحية ووالده وإخوته كانوا موجودين أثناء الجريمة.
*التقرير الطبي
بدوره، أفادت مصادر طبية من مركز الحروق التخصصي بمحافظة النجف، بأن "جروحا من الدرجة الثالثة أصابت أكثر من 65% من جسد السيدة البالغة من العمر 21 عاماً"، والتي أكد والدها (حسن نواف) أنه "أبلغ السلطات للتصرّف وأخذ حق ابنته".
وقد أشعلت هذه الجريمة غضباً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بإنزال أشد العقوبات بالفاعلين ليكونوا عبرة لغيرهم.
ويتصاعد العنف المنزلي في العراق، على نحو متسارع، إذ أصبحت جرائم القتل العائلية تتكرّر أسبوعياً، حتى باتت مثار قلق حقيقي في المجتمع العراقي. وبينما يؤكّد مختصّون أنّ دوافع اقتصادية ونفسية تقف وراء تلك الجرائم، فإنهم حمّلوا الحكومة والجهات المختصّة مسؤولية إيجاد الحلول لتلك الأزمات، والبرلمان لتشريع قانون العنف الأُسري المعلّق منذ سنوات.
وجاء العراق في المرتبة 20 عربيًا من أصل 22 دولة، أي قبل الأخير بمرتبتين وفي المرتبة 166 عالمياً في مؤشر "المرأة والسلام والأمن" العالمي.
العنف الأُسري في العراق
يُشار إلى أن حالات العنف الأسري في العراق تتزايد بصورة مقلقة، دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج في ظل عدم وجود قانون يحدّ منها ويحمي ضحايا هذا العنف، وهم في غالبيتهم من النساء والأطفال.
وسجّل العراق تزايدًا في العنف الأُسري منذ انتشار جائحة كورونا، إذ تم تسجيل 1300 حالة عنف أُسري ضد المرأة خلال العام 2022 وإعادة 169 فتاة هاربة إلى ذويها خلال العام الماضي. وفق ما قال مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية، العميد غالب العطية.
وبحسب اتحاد رجال كردستان، فقد تم تسجيل أكثر من 500 رجل للعنف "النفسي والجسدي والجنسي" في إقليم كردستان خلال 2022. وقال الاتحاد، إنه "خلال 2022 تم تسجيل 70 حالة قتل وانتحار بين الرجال، حيث أقدم 65 رجلا على الانتحار، فيما قُتِل 5 رجال بمساعدة الزوجة".
وأضاف، إنه تم تسجيل 213 حالة حرمان للرجال من رؤية أطفالهم، وتم تسجيل 37 حالة إخراج رجال كبار السن من منازلهم، و45 حالة خيانة زوجية، و9 حالات عنف جسدي ضد الرجال، و193 حالة تدخل ذوي الزوجات في الحياة اليومية للأُسرة، و12 حالة عنف جنسي ضد الرجال، و8 حالات قطع راتب، و17 حالة عنف إعلامي "ابتزاز" عبر صفحات التواصل الاجتماعي".
* حرق شاب بمادة التيزاب
تعرّض شاب في العاصمة بغداد مؤخراً، إلى الحرق بمادة "التيزاب" في سيارته، بمنطقة صليخ شمالي العاصمة. وقالت مصادر أمنية لـ"انفوبلس"، إن "شاباً تعرّض إلى الحرق بمادة "التيزاب" في سيارته، بمنطقة صليخ شمالي العاصمة بغداد على إثر خلاف حول خط لنقل إحدى الموظفات".
الشاب، وهو طالب بالمرحلة الجامعية، حيث كان يقلّ إحدى الموظفات بصورة مستمرة، أما الشخص الذي قام بحرقه فكان هو من يقلّها بصورة "خط" قبله وأما السبب لإحراقه، فتمثل بالخلاف حول نقل إحدى الموظفات، بحسب المصادر.
*القبض على المتهم
أعلنت مديرية مكافحة إجرام بغداد، يوم أمس الثلاثاء 2 مايو/ أيار 2023، القبض على مجرم قام بحرق شاب بمادة التيزاب في العاصمة. وذكرت المديرية في بيان ورد لـ"انفوبلس"، أن "مفارزها تمكنت من القبض على المجرم الذي قام بحرق شاب بمادة التيزاب والذي نُشِر عبر مواقع التواصل".
واهتزّت منطقة الصليخ من "بشاعة" الحادثة لاسيما أنها حصلت نهاراً أمام منزل الموظفة المعنية.
وطالب ذوو الشاب، وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، إنزال أقصى العقوبات بحق المجرم الذي قام بحرق ابنهم، بصورة "بشعة".
من جهته يرى الخبير القانوني علي التميمي، أن مثل هذه الجرائم طارئة على العراق وتحتاج إلى وقفة طويلة وحلول سريعة. مبيّناً، أن جرائم الحرق واغتصاب صغار وتقطيع الجثث واستخدام أساليب وحشية في ارتكاب الجريمة ووجود نزعة الجريمة الكبيرة والعالية لدى الجُناة، وهنا يطغى الجانب النفسي في هذه الجرائم".
وأضاف التميمي، أن هذه الجرائم تتسم بالحقد على المجتمع وانفصام الشخصية والخوف من المجتمع وغيرها من الأسباب كما يقول علم النفس الجنائي. مشيرا إلى، أن هذا يحتاج لدراسات لهذه الظواهر من المختصين ومن ثم نشر الوعي عن طريق الإعلام ورجال الدِّين والمدارس.
الخبير القانوني بيّن، أن أهداف العقوبة الجنائية هي الردع، ولذلك تشدّدَ قانون العقوبات العراقي في مثل هذه الجرائم مثل القتل بالحرق التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وفق المادة 406/1/أ".
وقد حذّر مسؤولون ومختصون عراقيون من تزايد ارتكاب الجرائم الجنائية التي تُسجّل بشكل شبه يومي في عموم محافظات العراق، وسط تأكيد لأهمية البحث عن الأسباب والدوافع، وفرض سلطة الدولة والقانون.
وقال الباحث الاجتماعي محمد المجمعي، إن "تزايد الجرائم الجنائية في المجتمع يؤكد أن هناك أزمات مجتمعية عامة، وليست دوافع فردية فحسب". مبيناً، إن "الملف يحتاج إلى مراجعات من قبل مختصين، بالتوازي مع الخطط الأمنية والعمل القضائي، أي إن هناك ضرورة لتقصي الأسباب المجتمعية التي تدفع إلى اللجوء للعنف، حتى في المشاكل الشخصية، وعدم اللجوء إلى سلطة الدولة".
وشدد الباحث المجمعي على "ضرورة أن يكون هناك وعي مجتمعي يحول دون اللجوء للقوة والعشيرة بفضّ الخلافات، وهنا نحتاج أيضاً إلى دعم سلطة الدولة والقانون".
وفي سابقة تاريخية، سجّل العراق أعلى معدل ارتفاع لجرائم القتل خلال عام 2022، بنسبة سنوية تصل إلى أكثر من 11.5 لكل 100 ألف نسمة، وهي الأكبر على مستوى الوطن العربي وإيران وتركيا، كما يؤكّد مختصون.
الإحصائية تستند إلى بيانات جمعتها وزارة الداخلية، بتسجيل أكثر من 5300 جريمة قتل، وفق المفتش العام السابق للوزارة والخبير القانوني جمال الأسدي.
وتسجّل المحافظات العراقية، بشكل عام، جرائم شبه يومية، داخل العائلة الواحدة، إذ يمكن أن تتطوّر الخلافات البسيطة حول قضايا الإرث أو فسخ خطوبة أو انفصال بين زوج وزوجته مثلاً، إلى استعمال السلاح الناري أو غيره.
يُشار إلى أن العراق احتلّ المرتبة الـ 72 عالمياً والعاشرة عربياً على مؤشر الدول الآمنة لعام 2023 (معدل الجريمة) وفقا لقاعدة البيانات "نامبيو" (Numbeo).
وتهتم "نامبيو" بتقييم درجة الأمان في دول العالم، وتُصدِر تقاريرها سنويا منذ عام 2009، اعتمادا على رصد معدلات الجريمة وفقا لقوانين كل دولة.