جملة تغييرات "مرتقبة" في وزارة الداخلية وأبرزها منصب الفريق عادل الخالدي.. انفوبلس تتقصى عن البدلاء
انفوبلس/ تقرير
تترقب وزارة الداخلية "عاصفة" من التغييرات في المناصب، وأبرزها منصب وكيل وزير الداخلية لشؤون الشرطة، الذي يشغله حاليا الفريق عادل الخالدي، وسط مؤشرات تفيد بأن التغييرات في القيادات الامنية لا تدخل ضمن معايير الكفاءة في القيادة والإدارة، بل سياسة المحسوبيات باتت واضحة ويُصرَّح بها بشكل علني في وسائل الإعلام. ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على أبرز المرشحين لخلافة الفريق الخالدي.
وبحسب خبراء أمنيين، فإن تغييرات المناصب الأمنية، لا تخضع للمعايير الحقيقية والتدرج الوظيفي، مشيرين إلى أن هذه القضية انعكست على أداء القيادات بظهور العديد من الثغرات المهنية والسلوكية مؤخرا.
الفريق عادل الخالدي يحاول تهيئة ثلاثة بدلاء باستخدام نفوذه السياسي، وقائد شرطة الكرخ مرشح "ساخن" لنيل المنصب
تقول مصادر أمنية، إن "عاصفة مرتقبة من التغييرات في المناصب ستشهدها وزارة الداخلية، وأبرزها منصب وكيل وزير الداخلية لشؤون الشرطة، الذي يشغله حاليا الفريق عادل الخالدي إذ سيُحال إلى التقاعد بعد بلوغه السن القانونية وانتهاء فترة التمديد".
وتضيف، إن "الفريق الخالدي له رؤيته في مَن يُخلفه في المنصب، إذ يحضر قائد شرطة الكرخ اللواء مشتاق الحميري بديلا له"، لافتة إلى أن "السيناريو الذي رسمه الخالدي لخليفته، بدأ عندما جاء باللواء الحميري على رأس قيادة شرطة الكرخ، كي يكمل فترة 3 أشهر كقائد شرطة تحضيرا لمنصب الوكيل، كما أن الخالدي يحضّر العميد سرمد عجمي الجنابي بديلاً للحميري قائدا لشرطة الكرخ، وهذا السيناريو ينوي وكيل الوزير تطبيقه باستخدام علاقاته السياسية".
وكانت وزارة الداخلية، كلّفت اللواء مشتاق الحميري بمنصب قائد شرطة بغداد الكرخ، في أواخر نيسان أبريل الماضي 2024، بدلا من القائد السابق اللواء بلاسم الجنابي.
وتبين المصادر - رفضت الكشف عن هويتها – أن "ثمة اسم ثان مرشح لمنصب الوكيل، هو الفريق هادي رزيج قائد شرطة الأنبار السابق الذي يشغل حاليا منصب مساعد مكتب الوزير لشؤون التدريب، إلا أن حظوظ الأخير قليلة في نيل المنصب لعدم وجود مقبولية وتوافق كبير على اسمه".
كما يعتبر الفريق هادي رزيج كسار أحد رجالات المعزول محمد الحلبوسي في محافظة الانبار وعليه ملفات فساد كثيرة ومنها تزوير معاملات لأفراد عائلته واحتسابهم من عوائل الشهداء، فضلا عن أن أخيه كان مع عصابات "داعش" الإرهابية وقُتِل معهم وقضايا مخدرات أيضاً.
وبحسب ما اطلعت عليه شبكة "انفوبلس"، فإن فساد قيادة شرطة محافظة الانبار عندما كان هادي رزيج هناك ظهرت للعلن وبطش ابن هادي الملازم الظــالم كذلك بدأ يظهر وتعليق الفريق الركن ناصر الغنام هو أكبر دليل.
غير أن المصادر تصف المرشح الثالث، بـ"الأخطر بين هذه الأسماء، وهو اللواء محمد خضر العبيدي، الذي يشغل حاليا معاون وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات، وهو من أهالي الأنبار، إذ تسلم هذا المنصب منذ سنة، وهو مرشح ساخن لهذه المنصب بسبب غموض التفاصيل حوله، ولكنه مرشح بعد قائد شرطة الكرخ مشتاق الحميري"، متوقعة أن "يُحسم منصب وكالة شؤون الشرطة خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
وكان اللواء عادل الخالدي، باشر بمهام عمله وكيلاً لوزارة الداخلية لشؤون الشرطة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
وتشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، في ما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، وأرجع متخصصون بالأمن ذلك إلى الفساد وهيمنة القوى السياسية على وزارتي الداخلية والدفاع.
*المحاصصة تتدخل في قضية إشغال المناصب
يؤكد الخبير الأمني، عماد علو، أن "إشغال المناصب الأمنية يفترض أن يخضع لمعايير، مع مراعاة التسلسل التراتبي الهرمي للمؤسسات العسكرية والأمنية، ويعتمد على التدرج والخبرة والكفاءة والنجاح في الدورات وغيرها، لكن المحاصصة السياسية تتدخل في قضية التعيين وإشغال المناصب، وهذا لم يعُد خافياً في المؤسسات الأمنية".
ويضيف علو، أن "سياسة المحسوبيات باتت واضحة ويصرح بها بشكل علني في وسائل الإعلام، وانعكست هذه القضية على أداء المؤسسة الأمنية، بعد الكثير من الثغرات التي ظهرت في بعض المناصب وتردي أداء بعض القيادات ونمو ظواهر سيئة تمت ملاحظتها مؤخرا لدى الضباط القادة كاستخدام السوشيال الميديا والابتزاز، وآخرها القضية طالت عددا من القيادات، وهذا يعود إلى عدم استخدام المعايير الصحيحة للمناصب".
وشكلت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة مصيدة للكثير من الضباط، بعدما وقع الكثير منهم في فخ "السلوك" المهني، إذ انتشرت فيها الكثير من فيديوهات لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع الضباط في وزارة الداخلية وغيرهم.
وكان وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أصدر نهاية العام الماضي، أمرا بإحالة ضابطين إلى التقاعد بعد ظهورهما في مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتُبرت مسيئة للرتبة والمهنة، وفقا للفقرة الأولى من قانون إحالة رجل الشرطة إلى التقاعد لسنة 2012.
وكانت "انفوبلس"، قد نشرت تقريرا مفصلا حول شبكة ابتزاز في الداخلية، كشفت فيه عن التحقيق مع ضابط في الوزارة، مشتبه بتورطهم في هذه الشبكة، فضلا عن تقارير أخرى "مماثلة".
وحول تأثير المحسوبيات في تقليد المناصب على الأمن الداخلي، يذكر علو، أنه "عندما يكون هناك غياب للمعايير السليمة في تسمية المناصب، بالتأكيد ستكون التشكيلات التي يقودها هؤلاء الضباط ليست بالمستوى، وبالتالي تكون قواطعهم عرضة للاختراق من قبل عناصر الإرهاب والجريمة المنظمة بسبب عدم كفاءة الأداء من قبلهم".
وتشهد المناصب العليا في الوزارات، بما فيها الأمنية، تقاسما على أساس المكونات الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى "التوازن"، وهو ما تضمنه الدستور العراقي، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل السياسية الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.
ويعاني العراق، تضخما ملحوظا في أعداد الضباط، حيث انتقد خبراء أمنيون ضخامة وكثرة الرتب العسكرية والأمنية الحالية، كونها لا تعكس خبرات حامليها ولا تناسب المؤسسات التي يعملون فيها، وفيما أكدوا أن للترقيات العسكرية الكثيرة تبعات خطيرة لأنها لم تراع القدم العسكري، فضلا عن الآثار المالية المترتبة عليها، أشاروا إلى أن هناك ضباطا "ارتموا بأحضان الأحزاب" لنيل الرتب والمناصب.
*التغييرات لا تخضع للمعايير الحقيقية
يعتقد الخبير الأمني علاء النشوع، أن "التغييرات في قيادات الداخلية لا تدخل ضمن معايير الكفاءة في القيادة والإدارة، بل هي تغييرات تخضع إلى المصالح الحزبية قبل كل شيء".
ويرى النشوع، أن "من الأخطاء المدمرة للعراق بعد 2003 هو الابتعاد عن كل مفاهيم الجودة والكفاءة والقدرة في تشكيل النظام السياسي الذي انعكس على كل مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة الأمنية"، مؤكدا أن "هذا العمل قد يكون مقصودا ومدبرا لجعل العراق شبه دولة".
ويشير إلى أن "هناك الكثير من الأدلة الدامغة التي تدين كل الحكومات التي توالت بعد الاحتلال من حيث الفساد المالي والإداري، كالشهادات المزورة التي حصل عليها الكثير من المنسوبين إلى الأحزاب ليتسلموا مناصب كبيرة ومهمة في الدولة".
كما يتحدث النشوع عن أن "هناك إثباتات على بيع الأحزاب للكثير من المناصب والتي وصلت إلى حد منصب الوزير، ولا ننسى دور المحاصصة الحزبية والطائفية التي نخرت هيكلية الدولة ومؤسساتها حتى أصبحت المناصب عبارة عن مزادات علنية بين الأحزاب للحصول على كل مقدرات الوزارة وتخصيصاتها".
ومنذ أولى الحكومات التي تأسست بعد الاحتلال الأميركي للبلاد، عام 2003، عمدت الكيانات السياسية والأحزاب لتقاسم السلطة الأمنية. فقد ظلت وزارة الدفاع للأحزاب السنية، فيما وزارة الداخلية للأحزاب السياسية الشيعية، في عُرف ظل سائداً بالبلاد منذ الغزو.
وغالبا ما تُثار ملفات فساد كثيرة في الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل وفي حالات "نادرة".
إلى ذلك، يبين الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، أن "بقاء القيادات الأمنية في المناصب لسنوات طويلة، هو جزء من عمليات الفساد والتجارة ببيع وشراء تلك المناصب، وهذا أحد أسباب فشل العمل العسكري والأمني داخل الأجهزة الأمنية".
ويرى الكناني أن "عملية الإبقاء على قائد عسكري أو أمني لسنوات طويلة ببعض المناصب المهمة، يأتي بسبب أن هذا القائد أو ذاك له دعم وحماية من قبل الكتل والأحزاب المتنفذة، ولهذا هي تعمل على بقائه بهذا المنصب من أجل تمرير وتمشية مصالحها السياسية والحزبية".
ويوضح أن "إجراء تغييرات دورية في المناصب الأمنية والعسكرية أمر ضروري جداً، فهو من شأنه أن يقلل من الفساد في تلك المؤسسات الأمنية والعسكرية، إذ إن هناك قيادات بنَت إمبراطوريات مالية بسبب الهيمنة على المؤسسات الحساسة لسنوات طويلة".