حالات عنف غامضة ينفذها منتسبون بـ"السلاح الحكومي".. قتل أم انتحار؟ وهل للمخدرات دور؟
انفوبلس/ تقارير
تنامت حالات العنف التي ينفذها المنتسبون في القوات الأمنية لتثير موجة من الأسئلة حول أسبابها، وهل هي حوادث انتحار أم حالات قتل، وفيما عزا مختصون نفسيون وعسكريون الأمر إلى "ظروف خاصة" لا علاقة لها بالمؤسسة الأمنية، رأى آخرون أن الظروف الاقتصادية واستفحال المخدرات هي السبب.
*حالتان في آخر 24 ساعة
وفي أحدث حالات العنف بالسلاح الحكومي، أقدم عنصر أمني بمحافظة ذي قار أمس الاثنين، على الانتحار جنوبي مدينة الناصرية مركز المحافظة.
وقال مصدر أمني، إن "مشاكل عائلية دفعت عنصراً أمنياً في شرطة الأفواج يسكن إحدى ضواحي قضاء سوق الشيوخ جنوبي محافظة ذي قار إلى إصابة ابنه بسلاح الدولة نوع (مسدس)، ثم الانتحار رميا بالرصاص"، لافتا إلى أن "المجني عليه يبلغ من العمر 37 عاماً، فيما ابنه المصاب يبلغ من العمر 14 عاماً فقط".
وبين المصدر، إن "قوة أمنية طوقت مكان الحادث وقامت بنقل جثة العنصر الأمني للطب العدلي، وابنه المصاب لأقرب مركز صحي لتلقي العلاج اللازم".
أما في النجف، فقد أفاد مصدر أمني بمقتل منتسب أمني في ناحية الحيرة وسط ظروف غامضة.
وقال المصدر، إن منتسباً أمنيا ينتمي لقوات حفظ القانون في الأربعينيات من عمره قُتل بظروف غامضة داخل منزله في ناحية الحيرة بواسطة سلاح نوع كلاشنكوف".
وبين، إن "التحقيقات الأولية في الحادث تتراوح بين انتحار المجني عليه، أو مقتله على يد ولده المختفي عن الأنظار بعد وقوع الجريمة"، لافتا إلى أنه "تم نقل الجثة للطب العدلي لإكمال الإجراءات القانونية لها".
*هل المخدرات هي السبب؟
وبهذا الصدد، يقول الخبير الأمني حسين الكناني إن "موضوع انتحار المنتسبين أو حالات العنف المرتكبة، هو اجتماعي يتعلق بالكثير من الأسباب التي تقف خلفه، وعادة ما يكون الشخص المنتحر في عمر المراهقة، أما أن يكون هناك رجل كبير يعمل في وزارات مثل الدفاع أو الداخلية، فلا يوجد له أي مبرر علمي، سوى أنه قد يكون نتيجة تأثير المخدرات".
ويضيف الكناني، إن "هذه المسألة تحتاج الى مراجعة، فهناك الكثير من القيم هي دخيلة على المجتمع، ومنها ثقافة الانتحار"، مضيفا أن "بعض الأمور لاقت ترويجا من قبل وسائل الإعلام، ومنها الانتحار والمخدرات، وتجد من ينفذها على أرض الواقع، سواء كان من خلال المراهقين أو من خلال المُدمنين، ولذلك لا نجد لها أي تفسير علمي أو منطقي أو حتى اجتماعي، على اعتبار أن مجتمعنا محافظ وملتزم ولا يوج هناك ترويج لمثل هذه الثقافات جملة وتفصيلا".
*هل قسوة المؤسسة العسكرية هي السبب؟
ويلفت الكناني إلى أن "المؤسسة العسكرية مبنية على أساس القسوة والقرارات الصعبة والأيام الطويلة وعدم منح الإجازات لمدة شهر، ولكن هذا لا يعطي المبرر للانتحار، خاصة وأنه يتم تدريبهم على مثل هذا الحالات، ومنذ الأيام الأولى للتدريب ينتظر المنتسب لمدة لا تقل عن شهر حتى يبدأ بالنزول، وفي الحالات الطارئة قد تصل إلى عدة أشهر".
ويستطرد، "من غير المقبول المسامحة في أي تصرف مهمل أو ما شابه ذلك من قبل العسكري، وهذه الأمور يتم التدرب عليها منذ دخول هذا السلك، ويعتاد عليها الكثير من المقاتلين، وحتى في العهد السابق كانت هنالك معارك وحروب واشتباكات، وكان التعامل بهذه الطريقة لمدة شهرين أو ثلاثة طبيعيا جدا، فالمقاتل يبقى في جبهات القتال إلى أن ينتهي الإنذار أو حالة المواجهة وفي الحالات الطارئة من الطبيعي أن يبقى المقاتلون في وحداتهم العسكرية، وبالمجمل هذا ليس مبررا للانتحار".
*هل الظروف الاقتصادية هي السبب؟
الى ذلك، يبين الباحث الاجتماعي محمد المولى أنه "للحديث عن حالات الانتحار بين المنتسبين، وتنامي حالات العنف التي يرتكبونها بالسلاح الحكومي فيجب أولا أن نشدد على أن هناك حالات فردية، وهذه الحالات قد تصيب المنتسب أو المواطن الاعتيادي أو الشاب أو الصغير، لأن الشخص عندما يقدم على خطوة كبيرة كالانتحار، فهذا يعني أنه قد وصل إلى حالة فكرية من الانسداد وعدم إيجاد الحلول لأية معضلة، ولم يجد مخرجا للسعادة أو الحياة".
ويلفت المولى، إلى أن "الظروف بمجملها من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها البلد والظروف الاجتماعية المتراكمة، والأمور غير المستقرة، حيث يشعر المواطن أنه غير قادر على إيواء عائلته، إضافة إلى المشاكل والضغوطات التي يتعرض لها الفرد، كلها أسباب وأزمات لدى المواطن"، متابعا "إذا كنا نريد مجتمعا صحيا ينظر إلى الأمر بشكل دقيق وصحيح وغد أفضل، يجب أن يكون هناك ثمرة للإنتاجية، فعلينا أن نفصل هذه الحالات ونجد السجل التراكمي النفسي الصحي لها لنصل إلى ما قد أوصل الشخص لهذه الحالة، فقد تكون بتأثير عوامل ثانية مثل المخدرات أو العلاقات أو مشاكل أو انسداد".
*انتحار أم قتل؟
ونظرا للظروف الغامضة التي تحدث فيها غالبية حالات موت المنتسبين، أو تسببهم بقتل آخرين بطرق غامضة، طُرحت العديد من التساؤلات عن طبيعة هذا الموت وهذه الحوادث بعد أن باتت تحدث بشكل متكرر بـ"السلاح الحكومي" وهل يحتمل الانتحار منها أن يكون ناجما عن القتل.
وبهذا الشأن، رأى خبراء أن هنالك حالات قتل بين المنتسبين تُسجَّل على أنها انتحار وهنالك حالات انتحار حقيقية، لكن ليست جميع الحالات كذلك، بل إن "تصفية" الخصوم حاضرة في المؤسسات الأمنية بل تزايدت في الآونة الأخيرة