حزب العمال يستشعر الخطر بعد طاولة "هاكان وحسين".. تذكير بمواقفه ضد "داعش" ورسائل عديدة لبغداد.. ماذا عن قرار حظره؟
انفوبلس/ تقارير
بعد أن قدَّم التضحيات خلال تحرير الأراضي العراقية من سيطرة داعش، وشارك بحماية الإيزديين، الذي تُركوا لمواجهة مصيرهم بعد انسحاب قوات البيشمركة في حينها عام 2014، سياسيون عراقيون يحذرون الحكومة بحظر العمال الكردستاني والخضوع لمطالب تركيا. بهذه الكلمات ذكّرت مواقع تابعة للحزب التركي المعارض، بغداد، بمواقف الحزب إبّان سقوط الموصل وذلك بعد التطورات الأخيرة عقب زيارة الوفد التركي إلى العراق والتوصل إلى شبه اتفاق بين بغداد وأنقرة على شن عملية واسعة ضد "البككا". فهل ستشارك القوات العراقية في هذه العملية؟ ولماذا وافقت بغداد على حظره؟ وما علاقة زيارة الوفد التركي الرفيع إلى بغداد بكل ذلك؟
*مواقع البككا تذكِّر بغداد بمواقف حزبها إبان سقوط الموصل
يوم أمس، ضجت العديد من المواقع التابعة لحزب العمال الكردستاني بعد أن وافقت بغداد على حظر الحزب لتذكر تلك المواقع الأخيرة بمواقف الحزب إبان سقوط الموصل عام 2014.
وذكر أحد المواقع التابعة للبككا، "حيث تتوارد معلومات عن تعرض الحكومة العراقية إلى ضغط تركي، من أجل حظر حزب العمال، وهو طلب كررته تركيا عشرات المرات سابقا لكن بغداد لم تستجب له، إلا أن المرحلة الراهنة تؤشر هكذا تحركات، لاسيما وأن البيان العراقي التركي الذي صدر مؤخرا، كشف عن هكذا نوايا".
وتابع، "مراقبون للشأن السياسي، أكدوا على ضرورة ابتعاد العراق عن حظر الحزب، نظرا لما قدمه من تضحيات كبيرة داخل العراق، فضلا عن دعوتهم الحكومة العراقية إلى عدم الزَّج بنفسها بهذا الملف، خاصة وأن طلب حزب العمال هو إقامة إقليم كردي في تركيا، وهو طلب مشروع وموجود في العراق، بالتالي لا يمكن أن تتعامل بغداد بإزدواجية في هذا الخصوص".
ونقل الموقع عن الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي قوله في تبني واضح له، إن “أزمة حزب العمال الكردستاني هي مع النظام التركي، ووجوده بالعراق لا يمثل خطرا على العراقيين أو البلاد، حتى يتم حظره أو محاربته، بل قدم الحزب تضحيات كبيرة خلال محاربة داعش".
ولفت الشريفي، إلى أنه “في حال حظر العراق الحزب نزولاً لرغبة تركيا، فإن ذلك سيؤدي إلى مشاكل كبيرة”، مؤكدا أن “ملف حزب العمال الكردستاني بالتأكيد سيكون حاضرا في لقاء الحكومة العراقية مع الرئيس التركي عند حضوره لبغداد، لكن على بغداد أن لا تنصاع لرغبات أردوغان”.
وعاد الموقع للتذكير، "يرتبط حزب العمال الكردستاني، بعلاقات وثيقة مع مختلف الجهات العراقية، وخاصة خلال عمليات التحرير من داعش، حيث ساهم بشكل فاعل، ما أدى لتوثيق صلاته مع الجهات الأمنية، وخاصة الحشد الشعبي".
*هل ينخرط العراق بحملة ضد البككا؟
أثمر التركيز التركي الشديد على الساحة العراقية وموجة الزيارات غير المسبوقة في كثافتها وتواترها من قبل المسؤولين الأتراك إلى العراق واستقبال المسؤولين العراقيين في أنقرة، عن نتائج إيجابية لتركيا تخدم هدفها الأول المتمثّل في سعيها لحسم الحرب الطويلة ضدّ حزب العمّال الكردستاني، بالإضافة إلى ضمان موطئ قدم اقتصادي واستثماري في العراق.
وانبنى التكتيك السياسي التركي لإقناع المسؤولين في الحكومة العراقية وكذلك بعض القيادات السياسية في إقليم كردستان العراق بالمشاركة في مواجهة حزب العمّال على ربط الملفات ببعضها بعضا.
ويرى محلّلون سياسيون وخبراء أمنيون أنّ أنقرة باتت تستند في حربها ضدّ الحزب المسلّح المعارض لنظامها على حالة من الوفاق بشأن وجوب إنهاء أنشطة الحزب على أراضي العراق مع أطراف داخلية عراقية، لتسهيل مسار التعاون الاقتصادي المتنامي بين بغداد وأنقرة، ولتمهيد الطريق أمام تجاوز الخلافات بشأن ملف المياه الشائك.
لكن السؤال الذي يظل مطروحا، بحسب هؤلاء، يتعلّق بالمدى الذي يمكن أن يصل إليه التعاون بين أنقرة وبغداد وأربيل في ملف حزب العمال الكردستاني، وإمكانية أن يصل حدّ تورّط القوات العراقية والكردية في مواجهة مباشرة مع مقاتلي الحزب.
من جانبه، قال مراد قريلان عضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، إنّ تركيا حصلت على موافقة بغداد وأربيل “لشن هجماتها الاحتلالية” بعد بذلها مساعي متواصلة لإيجاد “شركاء لها في حربها ضد حركة التحرر الكردية”.
وذكر قريلان، أن الحكومة التركية طالبت منذ سنة 2012 الحكومة العراقية وحكومة كردستان العراق بمحاربة حزب العمال الكردستاني وهددت بأنّها ستتصرف بشكل أحادي في حال رفضهما التعاون معها في الحرب على الحزب.
*ماذا عن حظر الحزب في العراق؟
أما عن سبب حظر العراق لحزب العمال الكردستاني، وتداعياته على البلاد، فقد تناول تقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي قرار حكومة بغداد الذي يقضي بحظر حزب العمال الكردستاني، وتداعياته على العراق، وتركيا، وإيران.
وقال التقرير، إن استجابة بغداد لطلب تركيا، منذ فترة طويلة، بحظر حزب العمال الكردستاني، تعكس رغبة الحكومة العراقية بأن يكون لها كلمة في الوجود العسكري التركي شمال البلاد، فضلاً عن منح أنقرة غطاءً سياسيًا في استهداف المنظمة الكردية.
ورجح أنه يعكس قرار العراق حظر حزب العمال الكردستاني تحولاً في موقفه تجاه العمليات العسكرية التركية في كردستان العراق.
بينما انتقد العراق في السابق الضربات التركية والوجود العسكري التركي باعتباره انتهاكًا لسيادته، فإن قرار حظر حزب العمال الكردستاني يدل على رغبة بتحسين الوضع الأمني لكل من تركيا، وداخل حدود العراق، بحسب التقرير.
ومن خلال زيادة التعاون الأمني مع تركيا، تهدف بغداد إلى منع الأعمال العسكرية التركية الأحادية الجانب داخل الأراضي العراقية، وإعادة تأكيد سيادتها وسيطرتها على أراضيها.
*هل سيعود حظر البككا بالنفع على بغداد؟
ويقول محللون إن تحرك بغداد هذا يمكن أن يوسّع سلطتها ونفوذها في المناطق الشمالية من البلاد، خاصة أن الوجود العسكري التركي في مناطق كردستان العراق يُعقّد مساعي الحكومة العراقية لفرض سيطرتها هناك.
ومن خلال الحد من عمليات حزب العمال الكردستاني في العراق، تأمل بغداد في تقليل التدخلات التركية، وبالتالي احتمال انسحاب القوات التركية من المنطقة.
ويتزامن قرار الحظر مع زيادة أنقرة تهديداتها بشن عملية جديدة في كردستان العراق، وقبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد الشهر المقبل.
وتوقع بيلغاي دومان، وهو منسق الدراسات العراقية في مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأوسط (ORSAM) ومقره أنقرة، أن يؤدي الحظر الذي فرضه العراق على حزب العمال الكردستاني إلى تسهيل العمليات العسكرية التركية عبر الحدود ضد الجماعة، كما سيخفف العمليات التركية في المناطق التي تمثل مشكلة بالنسبة لتركيا في شمال العراق مثل زاب وغارا.
ورجح دومان أن تطلب أنقرة مساعدة من الجانب العراقي لتطهير المنطقتين من حزب العمال الكردستاني، مؤكدًا أن من بين العوامل الدافعة الأخرى للقرار العراقي هو الخطر الأكبر الذي يشكله حزب العمال الكردستاني على الحكومة المركزية في بغداد، لا سيما بعد أن دفعت العمليات العسكرية التركية الحزب جنوبًا، نحو المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة المركزية، ما جعله يمثل تهديدًا جديدًا لها.
*الزيارة التركية الرفيعة لبغداد
اقتربت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال أحدث زيارة قام بها كلّ من وزير الخارجية هكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن إلى بغداد من فرض منظورها على الجانب العراقي، والقائم على المزج بين الملف الأمني والملف الاقتصادي، وملف المياه.
أما عن علاقة تلك الزيارة بكل ما حدث، فقد جاءت زيارة الوفد التركي المكون من وزيري الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات إلى بغداد تمهيدا لزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق بعد شهر رمضان.
وأجرى المسؤولون الأتراك اجتماعا في بغداد ضم من الجانب العراقي وزيري الخارجية والدفاع ووكيل وزارة الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد الشعبي ونائب مدير وكالة المخابرات ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان.
وبدا من النتائج العملية لزيارة الوفد التركي إلى العراق أن التقدّم الحقيقي الوحيد يتعلّق بالموضوع الأمني. ولفتت مصادر عراقية مواكبة للزيارة أنّ الحديث المتعلّق بملفي المياه والتعاون الاقتصادي جاء عامّا ومفتقرا للآليات العملية، متوقّعة أن الهدف الأصلي لمجيء وزيري الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات الأتراك إلى بغداد قد يكون أمنيا محضا.
وذكّرت بما يتسرّب من أخبار بشأن اعتزام تركيا شنّ أوسع هجوم من نوعه في تاريخ حربها على حزب العمال الكردستاني في العراق خلال الربيع الحالي.