عملية أمنية "ساخنة" تنتهي بمقتل انتحاري واعتقال "داعشي" آخر في الفلوجة.. هل يعود الإرهاب مجدداً للمدينة الصعبة؟
انفوبلس/ تقرير
عاشت منطقة النعيمية في مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار، ليلة "ساخنة" على إثر عملية أمنية نوعية قامت بها القوات الأمنية على إثر ورود معلومات بوجود خرق أمني تزامناً مع الظروف المناخية الصعبة، والتي انتهت بمقتل انتحاري واعتقال "داعشي" آخر.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على ما جرى في الفلوجة وكذلك نتائج العملية الأمنية هناك
أفادت مصادر أمنية رفعية المستوى، اليوم الثلاثاء 20 شباط/ فبراير 2024، بمقتل عنصرين من تنظيم "داعش" الإرهابي في قضاء الفلوجة شرقي محافظة الأنبار غربي البلاد بعملية أمنية.
جاء ذلك بعد ورود معلومات عن خرق أمني في منطقة النعيمية تزامناً مع الظروف المناخية الصعبة.
المصادر (رفضت الكشف عن هويتها) قالت لـ"انفوبلس"، القوات الإمنية أجرت عملية تفتيش وبحث عن مطلوبين بعد ورود معلومات عن خرق أمني في منطقة النعيمية"، لافتة الى أن هذه القوات تمكنت من محاصرة عنصرين من تنظيم داعش الإرهابي أحدهما انتحاري يرتدي حزاما ناسفا، وتمكنت من قتلهما ضمن منطقة النعيمية في الفلوجة".
الحادث أسفر أيضاً عن إصابة عنصرين من قوات الجيش العراقي بجروح كحصيلة أولية، وفقا للمصادر الأمنية التي تحدثت لـ"انفوبلس"، وأكدت استمرار تمشيط المنطقة تحسباً من وجود عناصر إرهابية هناك.
وكعادتها سارعت قيادة العمليات المشتركة، لنفي ما تداولته صفحات التواصل عن قتل انتحاري في مدينة الفلوجة، مبينة أنها تنعم بالأمن والأمان ولا صحة للشائعة.
الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي قال في بيان اطلعت عليه "انفوبلس"، "ننفي ما تداولته بعض الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي عن قتل انتحاري في الفلوجة، وننفي تماماً وجود أي حادث أمني في الفلوجة التي تنعم بالأمن والأمان مع عموم مدن العراق بوجود قطعاتنا الأمنية التي دائماً هي على استعداد لمجابهة التحديات".
المصادر الأمنية ذاتها، بينت لـ"انفوبلس"، أن "نفي قيادة العمليات المشتركة جاء لتهدئة الأمور وعدم إشعار أهالي المنطقة بالقلق، مشيرة الى أن "تحركات التنظيم الإرهابي مثيرة ومقلقة وتستوجب ضرورة تظافر الجهود للحد منها".
وليلة أمس الاثنين 19 شباط/ فبراير 2024، شهدت أغلب المناطق والمدن في المحافظات العراقية الوسطى والجنوب، هطول أمطار "غزيرة".
وحذّر رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الشهر الماضي، من إمكانية تسلل عناصر تنظيم "داعش" وتنفيذ أعمال عنف، داعياً القوات الأمنية إلى اليقظة والحذر، فيما وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري الحواجز الأمنية على الطرق بتكثيف التدقيق الأمني.
يجري ذلك في وقت ينفذ الجيش العراقي، عملية عسكرية لملاحقة بقايا تنظيم "داعش" بمحافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، بدعم من طيران الجيش العراقي الذي كثف ضرباته مستهدفا تحركات ومضافات التنظيم.
وشهدت المحافظات العراقية عموماً، خلال الأشهر الماضية، هدوءًا أمنياً نسبياً مع تراجع هجمات تنظيم "داعش"، التي كانت تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، خصوصاً في المحافظات المحررة (ديالى، كركوك، صلاح الدين، نينوى، الأنبار) لاسيما بعدما نفذ الجيش، بما في ذلك عبر الطيران، ضربات نوعية ضد التنظيم.
إلا أن هذا الهدوء بدأ يتراجع نسبيا بعدد من مناطق البلاد، وقد اعتمدت القوات العراقية الضربات الجوية التي ينفذها الطيران العراقي، كاستراتيجية رئيسية بعمليات ملاحقة بقايا عناصر "داعش" في المحافظات العراقية المحررة، وقد حجّمت من تلك التحركات.
وتُعد المحافظات المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي (كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى)، من أكثر المحافظات التي تسجل تحركات لعناصر "داعش" وأعمال عنف في البلاد.
*ذكريات "داعش" في الفلوجة
في 4 كانون الثاني/ يناير 2014، استولت "داعش"، التي كانت تُعرف آنذاك باسم الدولة الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة في العراق، على مدينة الفلوجة بعد انسحاب القوات الحكومية العراقية من المدينة بعد معركة دامت خمسة أيام.
لم يبقَ من تنظيم "داعش" في الفلوجة سوى أشلاء متناثرة وحكايا جدران تروي وحشيته وفظاعة أعماله في حق العراقيين، منذ أن بسط يديه الغارقتيَن في الدماء، على المدينة في أوائل عام 2014.
فبعد نجاح القوات الأمنية العراقية في كسر التحصينات حول الفلوجة ودخولها وتحريرها بشكل كامل من قبضة التنظيم، نشرت صورا تظهر مخلفات "الخلافة المزعومة" في المدينة، من ضمنها سجون، ومحكمة شرعية، وأقفاص لحرق البشر، وقنابل، ومدارس مدمرة، تركها عناصر داعش قبل أن يلقوا حتفهم أو يلوذوا بالفرار من المدينة.
ويقول عنصر أمني عراقي أن داعش أنشأ سجناً يقع داخل منزل، مزوّد ببوابات معدنية ثقيلة تغلق غرف الداخل، وتظهر على جدرانها آثارا لإطلاق نار، مضيفا إن بعض أفراد الأمن العراقي الذين كانوا محتجزين في السجن، أُحرقوا أحياءً قبيل هروب إرهابيي داعش.
وتظهر الصور ما فعله الإرهابيون في حي نزال وحي المعلمين الذي يقع فيه ذلك السجن الذي كشفت عنه القوات العراقية، كما تظهر معامل تصنيع المتفجرات، إضافة إلى شتى أنواع الأسلحة والوثائق الصادرة عن "دولة الخلافة" في و"لاية الفلوجة".
بالإضافة إلى ذلك، عثرت القوات على قوارب صغيرة بدائية الصنع، ويبدو أنها صُنِعت بقصد عبور نهر الفرات وتجاوز رقابة رجال الأمن.
وفيما يتعلق بالخسائر التي تكبدها تنظيم "داعش"، فحسب مصادر عسكرية عراقية، فإن التنظيم فقد 2500 مسلح على الأقل أثناء المعارك، مشيرة إلى أن القوات العراقية اعتقلت 2186 آخرين حاولوا الهروب من المدينة مندّسين مع المدنيين.
وكان القائد العام للقوات المسلحة العراقية آنذاك، حيدر العبادي أعلن من الفلوجة، الأحد 26 يونيو/ حزيران 2016، عن تحرير المدينة من سيطرة "داعش" الإرهابي بشكل كامل.