عملية كبرى في البتاويين قد تعيدها إلى أحضان العاصمة.. شبكات الدعارة تتفكك والأجانب يتساقطون والمعتقلون بالمئات.. هل ستتكرر في مناطق أخرى؟
انفوبلس/ تقارير
عليك أن تتفحص جيبك جيدا قبل دخولها، ولا تستغرب من الريبة التي تعتريك وأنت تشاهد نساء يفترشن الأرض أو يقفن وهن يعملن على استمالة المارة لغرض الدعارة. كل شيء فيها يوحي بأنها منطقة مقتطعة من العاصمة وأن الخروج منها ليس كدخولها. فمَن يدخل "البتاويين" سيُصاب حتما بداء كون شوارعها موبوئة بالجريمة وما المحاولات السابقة لتطهيرها إلا هباءً منثورا، لكن ما حدث اليوم قد يُغيّر من هذه الأوصاف قليلا كون فجر الخميس في هذه المنطقة اختلف عن باقي أيامها عندما ملأ عناصر الأمن شوارعها ليعلنوا انطلاق أكبر حملة أمنية منذ سنوات، وما كُشف بعد ذلك كان هو "الكارثة" بعينها. فما الذي وجدته القوات الأمنية في هذه المنطقة؟ وما قصة "الاستراليين" القابعين هناك؟
*حملة أمنية هي الأكبر منذ سنوات
اليوم الخميس المصادف (25 نيسان 2024)، أعلنت وزارة الداخلية، إطلاق عملية أمنية واسعة هي الأكبر منذ سنوات في منطقة البتاوين وسط العاصمة بغداد.
وقال إعلام الوزارة في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنه "بإشراف وزير الداخلية عبد الأمير الشمري انطلقت عملية أمنية واسعة هي الأكبر منذ سنوات في منطقة البتاوين ضمن العاصمة بغداد فجر اليوم الخميس".
وأضاف بيان الداخلية، إن "العملية شارك فيها المئات من ضباطها ومنتسبيها، لإلقاء القبض على المطلوبين المخالفين، يرافقها جهد خدمي لتقديم الخدمات للمواطنين ورفع التجاوزات".
*شبكات دعارة وشركات وهمية
عقب ذلك بساعات، أوجز الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، تفاصيل عملية البتاوين، فيما أعلن عن ضبط شركات وهمية وشبكات للدعارة.
وقال ميري في مؤتمر صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "العملية التي بدأت فجر اليوم الخميس، أسفرت عن إلقاء القبض على عدة شبكات دعارة و مخدرات و تجارة بشر ومخالفين لشروط الإقامة إضافة الى ضبط شركات حوالة وهمية"، مبينا ان "العملية ستستمر لأيام حيث شاركت فيها شرطة الأحداث وقيادة شرطة الرصافة واستخبارات الرصافة وشرطة الكرادة".
*مئات المعتقلين بجنسيات داخلية وخارجية
وعن حصيلة الحملة الأولى، قال ميري إنه "تم إلقاء القبض على 207 مخالفين وضبط أسلحة مختلفة إضافة الى مخدرات"، مشددا على أن "العملية مستمرة".
وتابع، إن "العملية شاركت فيها أمانة بغداد بـ 500 عامل نظافة و 88 آلية تنظيف"، لافتا الى أن "أمين بغداد وجه بتنظيف المنطقة".
وأكد، خلال المؤتمر، إن "أبرز الجنسيات التي تم إلقاء القبض عليها من غير العراقيين هي البنغلادشية والنيجيرية والاسترالية".
بدوره، قال قائد شرطة الرصافة اللواء شعلان علي، إن العملية هي أمنية خدمية والواجب مستمر والحصيلة تتصاعد حيث وصلت إلى القبض على ٣٠٧ مخالفين و٢٠٧ متهمين وفنادق ومذاخز غير مجازة.
*عملية كبيرة ستتكرر في مناطق أخرى
ويؤكد الناطق باسم وزارة الداخلية، إن "المنطقة مؤمنة لكن الاستراتيجية الجديدة لوزارة الداخلية بعد الانتهاء من العمليات الإرهابية هي التوجه لمتابعة الجريمة الجنائية بكل أشكالها وضرب أي جيوب تمثل ملاذا جديدا للجماعات المنحرفة".
وأشار إلى، أن "واجب وزارة الداخلية هو الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين في كل مناطق العراق ولن نسمح بوقوع أي جريمة"، مستدركا بالقول إنه "بحال وقوعها سنذهب لاكتشافها وهذه استراتيجية وتخطيط جديد في ملاحقة الجريمة للحد منها".
*أهداف العملية
لقد أشرف وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بشكل ميداني على العملية الأمنية في منطقة البتاوين ببغداد ، فيما شدد على تنفيذ خطتها بشكل دقيق.
ونقل إعلام الوزارة عن الوزير إشادته بحسب بيان للداخلية، "بالجهود الكبيرة التي بذلتها الوكالات الأمنية وقيادة عمليات بغداد الرصافة وقيادة شرطة الرصافة والدوائر التخصصية الأخرى التي شاركت في عملية أمنية واسعة في منطقة البتاوين ببغداد التي تستمر عدة أيام".
وعن هدف الحملة، شدد الشمري على "ضرورة العمل وفق الخطط التي وُضِعت لإنجاح هذه العملية التي تهدف إلى إلقاء على القبض على المطلوبين والمخالفين، فضلاً عن تنفيذ عمليات دهم وتفتيش للأهداف المطلوبة وكذلك الأماكن المشبوهة بشكل دقيق".
واستمع الشمري، الى "شرح موجز من القادة والضباط المتواجدين في هذه العملية وأهم الإنجازات المتحققة خلال الساعات الأولى من تنفيذها".
*الجهد البلدي يشترك بالعملية
لقد شهدت الحملة مشاركة أمانة بغداد، والجهد البلدي، إلى جانب القوات الأمنية في المنطقة، إذ قال رئيس الجهد البلدي إن ٨ بلديات ساندة الى بلدية الرصافة اشتركت بالعملية لخدمة هذه المنطقة باشتراك أكثر من ٥٠٠ عامل نظافة وأكثر من ٨٠ آلية لرفع النفايات.
وأضاف، "سنوجه بالقريب العاجل بتأهيل كامل لمحلة البتاوين وتطويرها".
*ردود فعل مؤيدة عن الحملة
حظيت الحملة في منطقة البتاويين ردو فعل مؤيدة، إذ قال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، إن "الحملة أسفرت عن القبض على أكثر من ٣١٠ مشتبهين بهم، وتفكيك شبكات دعارة وبؤر فساد ومتعاطين للمخدرات وفنادق غير مجازة وأفعال اخرى مشينة، البتاويين الخطوة الأولى نحو عملياتٍ ستمتد لمناطق أخرى قد تكون ساحة او ممر لنشاطاتٍ غير قانونية".
في حين قال أحد المدونين، "منطقة البتاويين، لم أسمع يوماً اسم هذه المنطقة إلا وكان مقترناً بكل ما هو قبيح حتى صارت مضرباً للمثل في كل قباحة ورذيلة في السنوات الاخيرة ولإسباب عديدة تضاعفت القبائح والرذائل في تلك المنطقة فتحولت الى تهديدا كبير ليس لبغداد فقط وانما لكل محافظات العراق، اجتمع فيها كل أصحاب الرذائل وفاقدي الاخلاق والإنسانية من تجار المخدرات والممنوعات وتجار الاعضاء البشرية والبشر انفسهم وتجار العملات المزيفة والاسلحة وانواع المجرمين وعصابات الجريمة المنظمة وغيرهم كثير".
وتابع، "حان الآن في زمن حكومة الشروكية الخدمية وبمتابعة ميدانية من وزير الداخلية تطهير هذه البؤرة وتنظيفها من كل القذارة التي استفحلت وتنامت فيها".
*في الختام .. ماذا تعرف عن منطقة البتاويين؟
البتاويين هي أحد مناطق العاصمة العراقية بغداد وتقع في الجانب الشرقي منها، وكانت من الأحياء التي تسكنها طوائف متعددة من اهمها الطائفة المسيحية وكذلك الطائفة اليهودية التي كانت تسكن قرب معبدهم المعروف بكنيس مئير طويق، إضافة إلى المسلمين.
وبعد عام 1950م، اضطرت حكومة نوري السعيد، إلى اصدار قانون إسقاط الجنسية عن يهود العراق والسماح لهم بالهجرة إلى إسرائيل بالطائرات عن طريق قبرص، وهاجر آلاف اليهود مضطرين، فاصبحت أغلب بيوتهم خالية.
وبعد عام 2003م، بدأت عمليات التهجير والعرقي فشمل المناطق التي يسكنها الغجر، فلذلك تتميز بكثرة العوائل الغجرية المهجرة فيها.
للبتاوين تاريخها، حيث تبدأ من الاورفلية حتى نهاية شارع الزعيم عبد الكريم يسكنها أغلب الناس من الطبقات الفقيرة من المسيحين بالدرجة الأولى وكذلك المسلمين يوجد في وسطها شارع يسمى شارع تونس و إلى جانبه محلات الالمنيوم والديكور وأغلب سكان منطقة الاورفلية من العوائل السودانية والمصرية التي استقرت منذ ثمانينيات القرن العشرين.
وفيها محلات البقالة ومخازن المشروبات الكحولية، وسوق الفاكهة وآخر للخضراوات، ومحلات بيع اللحوم والمطاعم كمطعم أبو يونان ومطعم تاجران وغيرها، وعيادات الأطباء وبمختلف الاختصاصات إضافة إلى الصيدليات.
وهناك في ازقتها عدد من المقاهي الشعبية، كما تتميز بكثرة الفنادق وبمختلف الدرجات، نشأت منطقة البتاوين من محلّة قديمة كان يقال لها بستان الخس، وكانت حيئنذٍ خارج حدود مدينة بغداد، جنوبَ بابها الشرقي. .
تعتبر البتاوين اليوم، من المناطق المثيرة للجدل، بسبب بعض السلوكيات غير المحببة، مثل انتشار تجارة الجنس، والمخدرات والجريمة المنظمة.
كما ان البتاوين ما زالت مصدرا للخطر والازعاج لاصحاب المحال التجارية المحيطة بها، لذا تشاهدة كثيرة دوريات وسيطرات الشرطة في شوارعها وخلصة المطلة على شارع السعدون الحيوي.
وبهذا الصدد، قال مصدر امني، ان "البتاوين مصدرا لكثير من الممارسات وخاصة تجارة المخدرات، حيث تمتلك القوات الامنية قاعدة بيانات مهمة، فضلا عن مصادر استخباراتية تزودها بكل حركة تخالف القانون وتخرقه".
واضاف، ان "هناك مافيات كبيرة جدا في البتاوين، حيث يملك التجار وكلاء لهم يتخذون من "حديقة الامة"، في الباب الشرقي مقرا لهم، يقوموا من خلالها جاب الزبائن الراغبين بتعاطي المخدرات او ممارسة الجنس مع قتيات وصبية بمختلف الاعمار حاى دون السن البلوغ".