محملة بالسلبيات.. ترقيات الكاظمي "دمار للمؤسسة العسكرية" ودعوات لإعادة النظر
انفوبلس/..
في الوقت الضائع، منح رئيس الحكومة الضباط والمنتسبين في وزارتي الداخلية والدفاع قدما بالخدمة، وفيما هاجم خبير أمني هذه الخطوة وأكد أنها تؤدي إلى ترهل بالرتب وتزيد من الأحقاد داخل المؤسسة، لأنها تخلق فارقا بين خريجي نفس الدورة العسكرية، طالب بإعادة النظر بكافة الرتب والقدم الذي منح، وهذا إلى جانب تأكيد خبير اقتصادي على أن القدم الذي يؤدي إلى ترقية، سيثقل كاهل الدولة ماليا، لما يترتب عليه من امتيازات ورواتب، فيما عزا محلل سياسي منح القدم لوزارة الداخلية أولا وبعدها الدفاع من قبل الكاظمي، إلى محاولة لـ"كسب ود" بعض فئات المجتمع.
ويقول الخبير الأمني عدنان الكناني، إن "كتاب الشكر من القائد العام للقوات المسلحة، سواء كان لضباط الدفاع أو الداخلية، يعني قدما ستة أشهر فيما يخص الترقية، وبالنسبة للمراتب يعني كتاب الشكر رفعهم إلى رتبة أعلى، وكذلك الحال بالنسبة للموظفين المدنيين حيث يتم تسريع رفع درجاتهم الوظيفية".
ويضيف الكناني أن "أمر القدم يمنح للأفراد في الحالات الاستثنائية والتضحيات من أجل القانون، أما تعميمه فيكون في ظروف محددة"، معتبرا أن "توزيع الرتب والقدم بشكل عشوائي يمثل دمارا للمؤسسة العسكرية، لأن من غير المقبول مساواة المضحين مع من يجلسون في المقرات الخلفية ويتمتعون بكل وسائل الراحة".
ويبين الكناني أنه "أحيانا نرى ضابطين تخرجا من الدورة ذاتها ولكن أحدهما عميد والآخر فريق أول، أي يوجد فرق 18 سنة بينهما من ناحية القدم، وإذا تعامل الثاني بتعال على الأول فإن هذا سيولد الأحقاد والشعور بالغبن داخل المؤسسة العسكرية، وهذا خطأ فادح، ومن غير المقبول أبدا إخضاع النظام العسكري للمحسوبيات والوساطات وتحكمات الأحزاب بعيدا عن المهنية".
ويلفت إلى أن "التوزيع العشوائي للترقيات يعني وجود سوء إدارة، وهو ما يؤدي إلى وضع الضابط في غير مكانه، فمن غير المنطقي أن يكون ضابط مهندس قائد عمليات أو رئيسا لأركان الجيش، فهو لم يقد أي مجموعة لا في الحرب ولا في السلم، ولم يتواجد في ميادين القتال، وبالتالي فإنه غير مؤهل للقيادة الميدانية".
ويتابع الكناني أن "بالإمكان تكريم من يقدم تضحية أو عملا بطوليا بمبلغ مالي أو قطعة أرض أو سيارة، وليس منحه رتبة ومنصبا أعلى، واستنادا إلى ذلك يجب مساءلة جميع الضباط من ذوي الرتب الكبيرة عن رتبهم وكيف حصلوا عليها، وإحالتهم إلى المحاكم العسكرية إذا ثبت أنهم نالوها بطرق غير قانونية".
وكان وزير الداخلية عثمان الغانمي، منح قوى الأمن الداخلي والمنتسبين والمدنيين قدما 6 أشهر، بناء على توجيهات الكاظمي، فيما أثير بعد القرار لغط في وزارة الدفاع، لعدم شمولهم بالقدم، وسرعان ما أعلن السكرتير العسكري للكاظمي، عن منح ضباط ومنتسبي وزارة الدفاع كتاب شكر وتقدير، وهو ما يترتب عليه قدم أيضا.
وبحسب القانون، فإن ترقية ضباط وزارتي الداخلية والدفاع تجرى مرتين في العام، الأولى في 6 كانون الثاني يناير والأخرى في 14 تموز يوليو.
يشار إلى أنه خلال العامين الماضيين، منح الضباط قدم أكثر من مرة، وذلك في مناسبات مختلفة، منها استثناء خاص من رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، بالإضافة إلى قدم منح للضباط الذين شاركوا بعملية تأمين الانتخابات التي جرت في تشرين الأول أكتوبر الماضي.
وفي هذا الصدد، يفيد المحلل السياسي علي البيدر، بأن "موضوع الترقيات والقدم يتعلق بمحاولة مجاملة طرف أو جهة سياسية على حساب الأخرى، أو مجاملة قيادات معينة في وزارة الداخلية أو الدفاع، أو قد تكون هناك أسباب طائفية".
ويشير البيدر إلى أن "خطوات الكاظمي الأخيرة تتعلق بالحصول على كسب ود بعض الفئات المجتمعية، وهذه الخطوات يقدم عليها أيضا بعض الوزراء والعناوين الأخرى في محاولة للمصالحة والترضية مع بعض العناوين بالدولة العراقية".
وبحسب قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي في العراق، فإن ترقية الرتبة تتم وفق الضوابط التالية: ملازم إلى ملازم أول في ثلاث سنوات، ملازم أول إلى نقيب في ثلاث سنوات، نقيب إلى رائد في أربع سنوات، رائد إلى مقدم في أربع سنوات، مقدم إلى عقيد في أربع سنوات، عقيد إلى عميد في أربع سنوات، عميد إلى لواء في ست سنوات، لواء إلى فريق في ست سنوات.
ويستثنى من هذه الفترات الزمنية القدم في الخدمة، والذي يمنح من القائد العام للقوات المسلحة، بناء على شجاعة الضابط أو موقف له في إحدى المعارك.
من جهته، يوضح المحلل الاقتصادي جليل اللامي، أنه "على الرغم من أن العراق لا يشهد حالة حرب حقيقية في الوقت الراهن، نجد هناك كثيرا من المناصب والرتب العليا داخل المؤسسة العسكرية وخارجها بعناوين شتى، في مشهد لم تعشه البلاد قبل عام 2003، وهذا كله خارج الهياكل التنظيمية وخارج الضوابط".
ويضيف اللامي أنه "فوق هذا نلاحظ بشكل مستمر منح قدم للضباط والمراتب في القوات المسلحة العراقية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة مخصصاتهم المالية ورواتبهم، وبالتالي زيادة في الأعباء المالية وترهل الموازنات المالية العامة بسبب قوة الامتيازات التي تمنح لهذه المناصب المتأتية عن طريق الأحزاب السياسية من دون مؤهلات مستحقة أو حاجة حقيقية، وإنما عن طريق المحاصصة والمحسوبية، وبالتالي فإن هذه الخطوة ستثقل كاهل الاقتصاد العراقي الريعي والمتذبذب بسبب الفساد الإداري والسرقات التي يتعرض لها".
وكان رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، قرر في العام 2017 إيقاف الترفيع العسكري، وذلك لأول مرة في تاريخ العراق الحديث منذ العام 1958، لأسباب مالية بسبب سياسة التقشف التي اتبعتها حكومته، لمعالجة الترهل في السلك العسكري.