ملف استخدام واشنطن لليورانيوم ضد العراق يعود إلى الواجهة.. هذه فصول الجريمة
انفوبلس/..
يعود ملف استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لليورانيوم المنضّب ضد العراق إلى الواجهة من جديد، بعد تقرير نشرته وزارة الدفاع الروسية أكد استخدام الأمريكان أكثر من 300 طن من اليورانيوم خلال فترة غزو البلاد عام 2003 - 2004.
الفريق إيغور كيريلوف قائد قوات الحماية الإشعاعية والكيماوية والبيولوجية بالجيش الروسي، يؤكد أن "الجيش الأمريكي استخدم 300 طن من اليورانيوم المنضّب خلال غزو العراق (2003-2004)، وقصف بهذه القذائف مدن العمارة وبغداد والبصرة والفلوجة وكربلاء. ونتيجة لذلك أصبح الوضع الإشعاعي في مدينة الفلوجة أسوأ مما كان عليه في هيروشيما وناغازاكي، حتى أن هذه المدينة تسمى حتى في وقتنا الحاضر، تشيرنوبيل الثانية".
*وثائق
تثبت وثائق عديدة استخدام الطائرات الأمريكية سلاح اليورانيوم المخصّب ضد أهداف سهلة خلال غزو العراق عام 2003
نقلت صحيفة "السفير" اللبنانية في 2016، عن "شبكة المعلومات الإقليمية المتكاملة" التي تتخذ من العاصمة الكينية نيروبي مقرا لها قولها، إن "تاريخ الوثائق يعود إلى العام 2003 وهي عبارة عن تقرير حول نتائج تحليل عينات أُعطيت لجامعة جورج واشنطن في عام الغزو الأمريكي للعراق إلا أنه لم يتم نشرها".
ورغم عدم وجود دراسات دقيقة لتبيان الآثار البعيدة لليورانيوم المخصب إلا أن الحقائق العلمية تشير إلى أنه يحوي تأثيراً إشعاعياً أقل من اليورانيوم العادي ولكنه يتضمن مواد كيميائية سامة تمس بصحة الإنسان عند الاحتكاك المباشر بجسده.
وبحسب الوثائق، فإن "طائرات أمريكية من طراز "أيه 10" شنّت ألفاً و116 غارة استهدفت من خلالها "أهدافا سهلة" كالسيارات والشاحنات ومواقع عسكرية بأسلحة تحوي اليورانيوم المخصب ما بين شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل من العام 2003"، موضحة أن" اليورانيوم المخصب استُخدم أكثر من 300 ألف مرة في العام 2003 في العراق".
وأشارت الوثائق إلى أن توصيف "أهداف سهلة" جاء بعد أن أوصت القوة الجوية الأمريكية في العام 1975 باستخدام أسلحة اليورانيوم المخصب فقط "ضد الدبابات وناقلات الجنود المدرعة أو الأهداف الصعبة الأخرى" وتم حظر استخدام اليورانيوم ضد الأشخاص إلا في حالة عدم توافر أسلحة أخرى، غير أن الوقائع تثبت أن أغلب أهداف طائرات "أيه 10" غير مدرعة ولا تحمل أسلحة، مبينة أن نسبة المباني المستهدفة بلغت 16.5 بالمئة من مجموع الأهداف والدبابات 33.2 بالمئة والأهداف السهلة كالسيارات 35.7 بالمئة والقوات 4.2 بالمئة وأسلحة المدفعية 10.4 بالمئة.
ويلف الغموض القانوني مسألة شرعية استخدام اليورانيوم المخصب في النزاعات حيث لا توجد معاهدة مخصصة لتنظيم إنتاج أو استخدام أسلحة تحويه.
وأعربت الحكومة العراقية في تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2014 عن "قلقها العميق إزاء الآثار الضارة لليورانيوم المخصب المنتشر على أراضيها" ودعت إلى توقيع معاهدة حظر استخدامه ونقله كما دعت البلدان التي استخدمت هذه الأسلحة في الحرب لتزويد السلطات المحلية "بمعلومات مفصلة عن مكان وجود مجالات استخدامها والكميات المستخدمة" من أجل تقييم واحتواء التلوث المحتمل وخصوصاً في ظل ما شهدته العديد من المناطق العراقية من تشوهات خلقية في الولادات رجّح مختصون سببها إلى اليورانيوم أو مواد ممنوعة أخرى.
*تحذير
وفي سياق متصل، حذرت الشبكة من أن طائرات "أيه 10" الأمريكية نفسها نفذت ضربات ضد "أهداف لتنظيم داعش" في العراق وسوريا، بحسب ما تدّعي واشنطن بما يعني أنه لا توجد موانع من قبل البنتاغون تعيق استخدام اليورانيوم المخصب مجدداً.
ونقلت الشبكة عن متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية تأكيده أن "سياسات استخدام اليورانيوم المخصب ليست مقيّدة في العمليات ضد "داعش" في العراق وسوريا"، مضيفة أنه بينما ينفي سلاح الجو الأمريكي استخدام اليورانيوم المخصب من قبل عمليات طائرات "أيه 10" يدلي مسؤولون في سلاح الجو بتصريحات مختلفة في هذا الخصوص.
الآن وبعد مرور نحو 20 عاماً على العدوان على العراق تصدر وثائق (نيروبي) لتؤكد الاستخدام المتعمد للأسلحة المحرمة دولياً في الحروب التي شنتها أمريكا منذ حرب الخليج الأولى عام 1991 مروراً بالحرب عام 2003 ومعركة الفلوجة 2004 والحرب على تنظيم داعش، وسط تعتيم متعمد من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة على ذلك.
*استخدام محرم
وهذا الاستخدام محرم دولياً ومخالف لقواعد القانون الدولي الانساني، حيث استقر المجتمع الدولي على العُرف الدولي في عدم استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وجاءت الاتفاقيات الدولية الاخرى لتنظّم طرق الحرب ووسائلها لكي تمنع حدوث مأساة انسانية جراء استخدام هذه الأسلحة المحظورة والتي تشكل خطراً ليس على الانسانية فحسب وإنما على الكرة الارضية بجملتها، ومن هذه الاتفاقيات هي: (إعلان سان بطرسبورغ لعام 1868 لحظر القذائف المتفجرة، إعلان لاهاي لعام 1899 حول قذائف دم دم والغازات الخانقة واتفاقيات لاهاي الأخرى، اتفاقيات لاهاي لعام 1907، بروتوكول جنيف لعام 1925 حول الغازات السامة والأسلحة الجرثومية، بروتكول جنيف لعام 1977، اتفاقية الامم المتحدة لعام 1980 بشأن حظر او تقييد بعض الأسلحة التقليدية).
في عام 2003 استخدمت القوات الأمريكية اليورانيوم المنضب حسب الوثائق التي نُشرت من منظمتي ICVUW المدنية في هولندا، ومؤسسة التحالف من أجل حظر اليورانيوم PAX، التي بينت أن القوات الأمريكية استعملت اليورانيوم ضد أهداف ليست لها ضرورة عسكرية، وأهداف يمكن استعمال الأسلحة التقليدية لإنجاز النصر العسكري المنشود ولكنها استخدمت اليورانيوم وبهذا تصبح الضرورة العسكرية غير مبررة. ويؤكد (داي وليامز- خبير الأسلحة البريطاني) في مقابلة تلفزيونية يوم 2005/12/11 على شاشة قناة الجزيرة الفضائية بأن "هناك المزيد من الأسلحة التي تم تطويرها في السنوات الخمس عشرة الأخيرة التي لم يعلم الكثيرون عنها، بعض هذه الأسلحة تم تطويرها منذ الثمانينيات واستُخدمت في حرب الخليج الأولى وأيضاً معلوم أن الطلقات المصنوعة من اليورانيوم المستنفذ أو المنضّب استُخدمت في حرب الخليج الأولى واستُخدمت في العراق في عام 2003".
*استخدام أمريكا لليوارنيوم على العراق
استخدمت القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية خلال حرب الخليج عام 1991 ذخائر اليورانيوم المنضب أول مرة في تأريخ حروبها. وتم إطلاق حوالي مليون رصاصة ومقذوف وصاروخ على امتداد الطريق السريع من (الكويت) إلى (البصرة) ثم شمالاً إلى مدينة (الناصرية) ومدن عراقية أخرى. وكان نحو 60% من الذخائر قد أُطلقت داخل الأراضي العراقية، واعترف الكولونيل (اريك داكسون) في لقاء صحفي بأن "استخدام اليورانيوم المنضب كان أحد الأسباب التي ساعدتنا على الفوز بتلك الحرب بسرعة".
واستخدمت القوات الامريكية الأسلحة الكيميائية في معركة الفلوجة 2004 وتم توثيق وإثبات استخدام WP الفسفور الأبيض، وكذلك خليط من الفسفور الأبيض ومواد شديدة الانفجار ليكون ذخيرة فعالة وكسلاح نفسي قوي ضد المقاومة في جنوب وشمال جنوب المدينة.
تقرير سياتل بوست إنتليجنسر في عام 2003 وتقرير الأمم المتحدة يفيدان بأن القوات الامريكية والبريطانية استخدمت 1,100 إلى 2,200 طن من قذائف خارقة للدروع مصنوعة من اليورانيوم المخصب أثناء الهجمات الحديثة في العراق أكثر بكثير من الـ(375) طنا التي استُخدمت في حرب الخليج عام 1991.
في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية، قال (بيكا هافيستو) الذي ترأس عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة في فترة ما بعد النزاع في العراق خلال عام 2003، إن إطلاق ذخائر اليورانيوم المنضب على المباني وغيرها من الأهداف غير المدرعة بشكل منتظم كان معروفاً للجميع في ذلك الوقت.
وتشير التقارير الدورية للجيش الأمريكي فضلاً عن اعترافهم باستخدام النابالم في حرب الخليج الأولى والثانية على العراق على أن إجابة وزير الدفاع كانت إقراراً بأنهم قد استخدموا مادة مثيلة للنابالم سواء خلال مرحلة القتال في الحرب أو منذ ذلك الحين.
وأشارت تقارير إلى استخدام مشاة البحرية الأمريكية لقنابل حارقة حول الجسور على نهر دجلة وقناة صدام في الطريق إلى بغداد.
صدر في السابع من اَذار 2013 تقرير دولي عن أضرار أسلحة اليورانيوم المنضب ومخلفاتها على المدنيين، بعنوان (حالة من الغموض: أثر استخدام اليورانيوم المنضب في العراق وما ترتب عليه)، أعدته مجموعة IKVPax Christi الهولندية بتمويل من وزارة الخارجية النرويجية.
التقرير وضح وبشكل علمي وتوثيقي بأن الولايات المتحدة الامريكية وقوات التحالف استخدمت في الحرب على العراق ما لا يقل عن (440) ألف كغم من اليورانيوم المنضب، التي انتشرت على نطاق واسع في البيئة العراقية، حيث تحول قسم منه إلى غبار تطاير في الجو واختلط بالتربة، والقسم الآخر ظل كشظايا كاملة تتعرض للتأكل، وما زال عدد غير معروف متروكاً في مواقع لا يعرف عددها، من ضمنها مبان ومركبات وتربة ملوثة.
وتعد مدينة البصرة من أكثر المحافظات تعرضاً للتلوث الاشعاعي حيث يؤكد خبراء دوليين ومحليين أن هناك 23 موقعاً ملوثاً باليورانيوم، واشارت عضو مجلس محافظة البصرة زهرة البجاري أن محافظة البصرة تعرضت منذ عام 1980 بداية الحرب الايرانية- العراقية إلى أنواع مختلفة ومتعددة من الأسلحة خلفت الكثير من التلوث والاشعاعات الخطيرة في المحافظة.
ومن عام 1991 وإلى اليوم تعاني البصرة من اشعاعات اليورانيوم المنضب فضلاً عن المخلفات العسكرية التي تركتها القوات الامريكية والبريطانية.
وعليه فإن المناطق الملوثة باليورانيوم المنضب في أغلب أنحاء البلد هي مصدر دائم للتلوث الإشعاعي؛ لأنها تنتشر مجدداً مع كل عاصفة غبارية وعاصفة رملية يمكن اعتبارها هجمات منهجية تشنها جيوش الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على مدنيين في صراع مسلح.
إن الزيادة الكبيرة في حوادث الإصابة بأمراض السرطان في العراق منذ العام 1995 حتى الآن والأمراض المرتبطة باليورانيوم المنضب، مثل التشوهات الخلقية وحالات الإجهاض، تُعزا كلها إلى استخدام الأسلحة المحظورة.
ولقد رفضت الولايات المتحدة كشف المعلومات المتعلقة باستخدام اليورانيوم المنضب خلال غزو العراق عام 2003، ولم تسمح لفريق برنامج الأمم المتحدة للبيئة بدراسة تلوث العراق باليورانيوم المنضب.
وعليه فإن مسؤولية سلطة الاحتلال تكون بالتعويض عن خرق الالتزامات التي تفرضها اتفاقيات جنيف، وإن المادة 29 من الاتفاقية الرابعة تؤكد على مسؤولية دولة الاحتلال ليس فقط عن أعمال أفراد قواتها المسلحة مثلما كانت تنص اتفاقية لهاي الرابعة لسنة 1907 بل أيضاً مسؤوليتها عن أعمال وكلائها أي جميع الأشخاص الذين يعملون لمصلحتها أياً كانت جنسيتهم أو وظيفتهم.