من اللعب بالدراجة الهوائية إلى جثة "متفسخة" داخل مدرسة.. ماذا حدث مع الطفل "جود"؟
انفوبلس/ تقرير
عُثر على جثة الطفل "جود" البالغ من العمر 6 سنوات، "متفسخة" داخل إحدى المدارس ضمن منطقة الشعب في العاصمة بغداد، بعد فقدانه لعدة أيام، الأمر الذي دفع القوات الأمنية لفتح تحقيق بالحادث لمعرفة ملابسات الجريمة المروعة. ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على ما رصدته كاميرات المراقبة من حركة الطفل وحديث ذوي الطفل.
يشهد العراق تصاعدا واضحا في معدل الجرائم بوتيرة متسارعة وبطرق وحشية تختلف التفاصيل من جريمة إلى أخرى، الأمر الذي يراه مراقبون أنه انعكاسا للوضع الاقتصادي المتراجع، فضلا عن التحولات التي يمر بها المجتمع التي باتت تهدد تماسكه ومبادئه.
*تفاصيل الجريمة
بحسب مصادر أمنية تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإنه تم العثور على جثة الطفل "جود" "متفسخة" داخل إحدى المدارس ضمن منطقة الشعب بالعاصمة بغداد يوم أمس الأحد 25 آب/ أغسطس 2024، مشيرة الى أن "الطفل من مواليد 2018(6 سنوات)، ويعاني من مرض التوحد".
وتقول المصادر الأمنية، إن "الطفل جود كان مفقودا منذ 4 أيام وتم العثور عليه في اليوم الخامس (25 آب)"، مشيرة إلى أنه "تم نقل الجثة إلى دائرة الطب العدلي لاستكمال الإجراءات القانونية، وفتح تحقيق بالحادث لمعرفة ملابسات اختفائه".
*ذوو الطفل جود يتحدثون
تقول عائلة الطفل، إن الطفل جود يعاني من التوحد والإفراط في الحركة، وقام بأخذ الدراجة الهوائية وخرج من المنزل ولم يعُد، مشيرة الى أنها بحثت عليه عبر كاميرات المراقبة إلا أنها لم تجده وظل مفقوداً لمدة 4 أيام متواصلة.
وتضيف، إنه خلال عملية البحث تلقَّت العائلة اتصال من شخص مجهول ادعى أنه وسيط من أجل إرجاع الطفل إليهم، لافتة الى أن الوسيط طلب مبلغا قدره 15 مليون دينار عراقي وقام بتهديد العائلة ببيع الطفل في حال تبليغ الشرطة بالحادثة.
وتبين العائلة، إنه بعد مرور يوم واحد، قام الوسيط بالاتصال على العائلة لتبليغهم بأن الطفل تم بيعه لشخص آخر. كاشفة، إنه تم العثور على الطفل "جود" في مدرسة يوجد فيها حارس – ادعى أنه لم يعلم بالحادثة – مقتولاً وجثته مغطاة بالدماء ومتفسخة.
وتوضح، إن كاميرات المراقبة رصدت أن الطفل "جود" دخل الى المدرسة وترك الدراجة الهوائية خارجها، ولا تعلم العائلة هل دخل بمفرده أم أن أحدا ناداهُ من داخل المدرسة التي وُجِد فيها مقتولاً. مردفة، إن الحادثة حصلت في أحد صفوف المدرسة حيث تم سحب الطفل من الصف إلى بابه كما تبين لهم من خلال الدماء الموجودة هناك.
كما طالبت العائلة، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني والجهات الأمنية المختصة بالتحقيق في حادثة قتل الطفل "جود" بعد العثور عليه جثة "متفسخة" داخل إحدى المدارس ضمن منطقة الشعب في العاصمة بغداد وكشف خيوط الجريمة الغامضة.
يشار إلى أن إحصائيات صادرة عن جهات أمنية عراقية، كشفت عن تسجيل نحو ربع مليون جريمة في العام 2023 في محافظات العراق عدا إقليم كردستان، مبينة أن الجرائم توزعت بواقع 41 ألفا و582 دعوى جزائية محالة لمحاكم الجنايات، وبمعدل 114 جريمة خطرة يوميا.
إضافة إلى 172 ألفا و785 دعوى جزائية محالة لمحاكم الجنح وبمعدل 474 جريمة جنحة متوسطة الخطورة يوميا، 9243 دعوى جزائية محالة لمحاكم الأحداث وبمعدل 25 جريمة يرتكبها أطفال وأحداث بأعمار أقل من 18 سنة يوميا.
ويقول العضو السابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، إن "ارتفاع مؤشر الجريمة في العراق له أسباب عديدة، أبرزها الفقر والبطالة التي دفعت بالكثير للقيام بأعمال غير قانونية، بالإضافة إلى تعاطي بعض الشباب للمخدرات وانتشار هذه الآفة في المجتمع".
ويضيف، إن "العوامل الاقتصادية السيئة للكثير من الشباب دفعتهم إلى سلوك طرق غير قانونية لغرض الكسب، وهذا الأمر يتطلب معالجة حكومية تحد من نسبة الفقر والبطالة، فهذا الأمر سيكون له أثر إيجابي كبير للحد من نسب الجرائم المختلفة".
ويتابع البياتي، إن "ارتفاع مؤشر الجرائم داخل العائلة، يُعد أمرا خطيرا لاسيما أنه انتشر بشكل كبير في المجتمع، وأغلب من يرتكب تلك الجرائم يكون من مدمني المخدرات، ولهذا يجب تكثيف الحملات الأمنية لضرب أوكار المخدرات وإنهاء مافياتها التي أصبحت خطرا حقيقيا على المجتمع العراقي".
وكان رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، قد كشف في بيان تلقت "انفوبلس" نسخة منه، عن أن العراق يحتل المرتبة 80 من أصل 148 دولة، والمرتبة الثامنة عربيا بمؤشر الجريمة للعام الحالي، بعد كل من سوريا بنسبة 69.1 بالمئة، واليمن ثانيا بـ68.6 بالمئة، وليبيا ثالثا 60.4 بالمئة، والجزائر رابعا 52.2 بالمئة، ومصر خامسا 47.3 بالمئة، والمغرب سادسا 46.5 بالمئة، ولبنان سابعا 46.4 بالمئة، والعراق ثامناً بنسبة 44.7 بالمئة.
من جانبه، يفيد عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية حسين علي مردان، بأنه لا يتفق مع البياتي فيما ذهب إليه، مؤكداً أن "الوضع الأمني بصورة عامة مستقر، والارتفاع في نسب الجرائم، هو ضمن النسب الطبيعية وفق المؤشرات العالمية، وهي جرائم أغلبها ذات طابع جنائي".
ويلفت إلى أن "هناك تطورا ملحوظا وكبيرا في أداء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في كشف الجناة والقبض عليهم خلال ساعات قليلة جدا، وهذا الأمر مهم ويحد كثيرا من نسب الجرائم، التي هي غالبا تكون لأسباب مالية أو خلافات عشائرية أو شخصية".
ويكمل "نتوقع في ظل الاستقرار الأمني سنشهد خلال المرحلة المقبلة تراجعا كبيرا في نسبة ارتكاب الجرائم المختلفة، وهذا الأمر أكيد يعود لأداء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الذي تطور بشكل كبير والنسب ستكون أقل بكثير من المعدلات الطبيعية في أغلب دول المنطقة والعالم".
وبالعودة إلى بيان الغراوي، فهو يؤكد أن هناك تقدماً محرزاً في مواجهة الجريمة من قبل السلطات التنفيذية والقضائية والأمنية وبنسبة مؤشر تحسن وسلامة بلغ 55.3 بالمئة، لافتا إلى أن أهم الجرائم المنتشرة في العراق هي جرائم المخدرات والجنسية والإرهابية والإتجار بالبشر والقتل والخطف والانتحار وغسل العار والسرقة والفساد المالي إضافة إلى المخالفات والجنح والتي تتوزع على عموم المحافظات.
فيما يرى الخبير القانوني علي التميمي، أن "العراق يشهد بشكل شبه يومي حالات قتل وخطف واغتصاب بالإضافة إلى الانتحار وأساليب وحشية في ارتكاب هذه الجرائم، الأمر الذي يشير إلى وجود نزعة عالية لارتكاب الجرائم لدى الجناة".
ويشير إلى أن "الجانب النفسي يطغى في هذه الجرائم وهذا يحتاج إلى دراسات لهذه الظواهر من المختصين ومن ثم نشر الوعي عن طريق الإعلام ورجال الدين والمدارس".
ويبين أن "أهداف العقوبة الجنائية هي الردع حيث يشدد قانون العقوبات العراقي في مثل هذه الجرائم، فمثلا جرائم القتل بالحرق عقوبتها الإعدام وفق المادة أ/1/406، وحتى اغتصاب الصغيرات عقوبتها الإعدام وفق المادة 393/2 من قانون العقوبات العراقي".
ويتابع التميمي، أن "أسباب هذه الجرائم كثيرة، منها تناول المخدرات والبطالة وانتشار السلاح المنفلت وضعف الوازع الديني، وهذه الجرائم طارئة على العراق وتحتاج إلى وقفة طويلة وحلول سريعة من قبل الجهات المعنية".
وأظهر مؤشر الجريمة المنظمة العالمي، ارتفاع تصنيف العراق في مؤشر الجريمة خلال العام 2023 مقارنة بالعام 2021، حيث جاء العراق في المرتبة الثامنة عالميا والمرتبة الثانية في قارة آسيا.
وبحسب المؤشر فإن درجة الإجرام في العراق خلال العام 2023 بلغت 7.13 درجة، مقارنة بالعام 2021 التي بلغت حينها 7.05 درجة.
ويظهر المؤشر أن العراق في المرتبة الثامنة من بين 193 دولة عالميا في مؤشر الجريمة، كما جاء في المرتبة الثانية من بين 46 دولة في قارة آسيا، وفي المرتبة الأولى من أصل 14 دولة بمنطقة غرب آسيا.