هذا ما حدث بين آلبوعمر وآل الرميّض في ذي قار.. تعرف على تفاصيل الصراع المستمر
انفوبلس..
حذّر أهالي ووجهاء قضاء الإصلاح شرق الناصرية من مخاطر تجدد النزاعات العشائرية في القضاء المذكور، وفيما أشارت مجريات الأحداث إلى أعمال حرق وقتل واغتيال، لجأت السلطات الحكومية والأمنية إلى الاستعانة بشيوخ العشائر للتهدئة وأخذ "العطوة".
يأتي ذلك إثر تجدد نزاع عشائري عنيف بين عشيرتي الرميّض والعمر في قضاء الإصلاح (45 كم شرق الناصرية) استُخدمت فيه الأطراف المتنازعة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ما أسفر عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 3 أشخاص من طرفي النزاع، فيما قام مجهولون بحرق أحد المنازل واغتيال عنصر شرطة على خلفية النزاع المذكور.
ودعا عدد من وجهاء قضاء الإصلاح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى التدخل لفض النزاع العشائري. وأوضحوا في بيان، أن "النزاع العشائري بين عشيرتي العمر والرميض اندلع منذ عدة أشهر وأسفر عن عشرات القتلى والجرحى". وأضاف البيان، "لقد تجدد النزاع وجرت معركة في القضاء قبل بضعة أيام استُخدمت فيها أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الثقيلة والمسيرات".
وأفاد البيان، أن "قضاء الإصلاح الذي يسكنه أكثر من خمسين ألف نسمة بينهم نساء وأطفال يعيش حالة رعب في كل ليلة". واسترسل، أن "العام الدراسي قد بدأ وأن القضاء يستعد حالياً لمعركة تتجمع فيها كل أنواع الأسلحة، وبدلا من أن يتواجد الشباب على مقاعد الدراسة والتعليم، فإنهم يتواجدون على السواتر للقتال والقتل".
وتحدث البيان عن عجز الحكومة المحلية والقوات الأمنية في مواجهة النزاعات العشائرية، مبينا أن "الحكومة وأجهزتها في القضاء وجودها شكلي ولا أثر له كون القائممقام جزءا من المشكلة، وقضاء الإصلاح دون حكومة محلية منذ أشهر".
وأوضح الوجهاء في بيانهم، أنه "تتواجد قوات أمنية في قضاء الإصلاح لكن لا حول لها ولا قوة وهي متفرجة على ما يجري ولا تستطيع فرض نفسها فضلاً عن فرض القانون".
وخلُص البيان إلى، أن "قضاء الإصلاح وسكانه أمام كارثة قادمة إذا لم تتحرك الحكومة بقوة وتفرض القانون على الجميع لعودة الحياة المفقودة منذ أشهر، وإلقاء القبض على المجرمين بلا مجاملات، ومنع السلاح المنتشر في الشوارع والقرى والبيوت".
وتحدث شهود عن انتشار مسلحين في محيط قضاء الإصلاح وقيام البعض منهم بنصب سيطرات على الطرق الخارجية لاستهداف خصومهم والنيل منهم بأعمال انتقامية وهو ما استدعى أخذ الحيطة والحذر من كلا الجانبين أثناء تنقلاتهم عبر الطرق المذكورة.
بدوره، أكد أحد أطراف النزاع من عشيرة العمر ذلك ووصف الوضع بالخطر، وأوضح عضو مجلس محافظة ذي قار السابق جميل يوسف شبيب العمر في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.
وذكر العمر في رسالته 6 نقاط، جاء فيها:
أولا: لا يخفى على سيادتكم الاعتداء الذي حصل بتاريخ 13/4/2023 من قبل عشيرة الرميض على عشيرة العمر وذلك بسبب منصب القائممقام والذي هو أحد أبنائهم حيث راح ضحية هذا الاعتداء أربعة أشخاص وجرح عشرة آخرین.
ثانيا: بعد تدخلكم المباشر وإرسالكم الوفد برئاسة الشيخ محمد عباس العريبي تم أخذ العطاوى الرسمية حسب العُرف العشائري السائد.
ثالثا: بتاريخ 26/9/2023 بحضور شيوخ عشائر آل جويبر وشيخ عشيرة آل بوشامه وشيخ عشيرة آل زيرج وشيخ عشيرة آل إبراهيم وشيخ عشيرة الخليوي وشيخ عشيرة النصر الله وبعض الوجهاء والسادة تمت مشاهدة الجرحى وتحديد أضرار كل منهم من قبل اللجنة وكذلك تم تحديد أضرار السيارات وتم الاتفاق إلى معالجة ذلك خلال هذه العطوة التي تنتهي يوم 5/10/2023.
رابعا: تم توجه الوفد من عشيرة العمر الى عشيرة الرميض الساعة الخامسة مساءً من اليوم نفسه وأعلموهم بالنتائج التي توصلت لها اللجنة ولكن مع الأسف أن عشيرة الرميض رفضوا قرارات اللجنة المخولة والقائمة بالصُّلح بأن العطوة التي تنتهي بتاريخ 5/10/2023 منفيّة وقد أُبلغنا من قبل الوفد بأن العطوة نُفيت من قبل عشيرة الرميض علما أن الوفد كان غير مرحّب بخطوة نفي العطوة.
خامسا: بتاريخ 26/9/2023 وفي تمام الساعة 10:15 مساء حصل اعتداء من قبل عشيرة الرميض على عشيرة العمر وبالأسلحة كافة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ولم يتوقف القتال .
سادسا: بتاريخ 27/9/2023 وفي تمام الساعة 11:00 صباحا وبجهود قائد شرطة ذي قار وسادة ومعظم شيوخ المحافظة تم إيقاف النزاع وتثبيت عطوة ( 5 ) أيام وقد أُزهقت أرواح عديدة ورُوِّعت العوائل بسبب الأسلحة الثقيلة المستخدمة من قبل المهاجمين.
وتابع، "الوضع الحالي ينذر بالخطر وهنالك سيطرات وهميه تنصب بالشوارع الرابطة مع مركز المحافظة وبعجلات غير مرقمة يستقلها مسلحون من قبل عشيرة الرميض وأخرى تجوب مركز المحافظة من أجل الاغتيالات، وكذلك عجلات حكومية تابعة لهيئة الحشد الشعبي وأخرى لدوائر رسمية افرادها من عشيرة الرميض تُستغل لهذه الأعمال".
وأضاف، "دولة الرئيس منذ اليوم الأول وعند اتصال سيادتكم شخصيا معنا مشكورا أوعدتكم بأن أكون مع القانون ولتطبيق القانون ولازلت على ذلك. الوضع متوتر جدا والطرق الرابطة بين مركز المحافظة والأقضية غير سالكة أمنيا رغم الجهود الأمنية من قبل قائد شرطة ذي قار.
يرجى من دولتكم الأمر بتعزيز القوات الامنية في محافظة ذي قار وقضاء الإصلاح بالخصوص بقوات من خارج المحافظة لفرض القانون واستتباب الأمن وسلامة أمن المواطنين.
من جانبها، أشارت قيادة شرطة ذي قار إلى إرسال تعزيزات أمنية وآليات عسكرية إلى قضاء الإصلاح. وأوضحت في بيان تلقت (انفوبلس) نسخة منه، أن "قيادة شرطة ذي قار تواصل تكثيف إجراءاتها الأمنية والاحترازية في قضاء الإصلاح للحد من الخلافات العشائرية وملاحقة المطلوبين للقضاء". مشيرا إلى، "مشاركة أفواج الطوارئ وقوة من الشرطة الاتحادية وقسم شرطة الإصلاح في الانتشار ومسك مداخل القضاء المذكور ونصب سيطرات في مفترقات الطرق للحد من المخالفات والبحث عن المطلوبين للقضاء".
ونقل البيان عن قائد شرطة ذي قار اللواء مكي شناع الخيكاني قوله، إنه "لعشائرنا الأصيلة تاريخ مشرّف وتضحيات كبيرة وندعوهم للتعاون مع القوات الأمنية في تنفيذ واجباتها الأمنية وملاحقة المطلوبين ومثيري الخلافات". مشيرا إلى أن "القوات الأمنية تواصل مهامها من أجل حماية الأرواح والممتلكات وفرص هيبة القانون".
في غضون ذلك، كشف مصدر حكومي في ذي قار عن وصول وفد أمني رفيع إلى المحافظة على خلفية النزاع العشائري في قضاء الإصلاح.
وقال المصدر، إن "الوفد المكوّن من ممثل رئيس الوزراء الفريق الأول جعفر البطاط التقى فور وصوله بقائد عمليات سومر وقيادة شرطة ذي قار وعقد اجتماعاً مشتركاً للخروج بتوصيات من شأنها الحد من تداعيات ومخاطر النزاع العشائري في القضاء المذكور".
وعلى إثر ذلك كشف النائب حسين نعمة البطاط عقب مشاركته في مساعٍ رسمية وعشائرية لفض النزاع، عن التوصل إلى هدنة بين الأطراف المتنازعة. وأوضح في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أن "جهود ممثل رئيس الوزراء الفريق جعفر البطاط، وقائد عمليات سومر وقائد شرطة ذي قار وجمع من السادة ومشايخ العشائر والوجهاء أسفرت عن التوصل إلى هدنة بين الطرفين أمدها 15 يوما وإنهاء المظاهر المسلحة".
وتحدث البطاط عن "تشكيل لجنة خاصة للمضي بالصُّلح وإنهاء كل الخلافات بين الجانبين".
وكان قضاء الإصلاح قد شهد في نيسان المنصرم تصاعدا بوتيرة النزاعات العشائرية إذ شهد اندلاع معارك وتبادل لإطلاق النار بين عشيرتي الرميض وآل عمر راح ضحيتها 14 شخصا بين قتيل وجريح ولم يتوقف القتال إلا بعد مساعٍ للتهدئة وأخذ عطوة عشائرية.
والعطوة هي هدنة عشائرية بين الأطراف المتنازعة تجري في غضونها تحركات ومساع لإرضاء الطرف المعتدى عليه مقابل دفع فدية (فصل عشائري) تحدده السنائن والأعراف العشائرية السارية بين الأطراف المتنازعة.
وكان قسم شؤون عشائر ذي قار قد أعلن مؤخرا عن حسم 122 نزاعا عشائريا بصورة نهائية منذ منتصف كانون الأول 2022 وحتى أيلول 2023، مبينا أن "النزاعات المحسومة تتعلق بحالات قتل وتجاوز على الأراضي الزراعية ونزاعات الملكية".
وأعربت أوساط شعبية ومجتمعية في ذي قار في (منتصف نيسان 2023) عن قلقها من زحف النزاعات العشائرية إلى مراكز المدن وتحويل الدور والأحياء السكنية إلى ميادين قتال يتبادل فيها مسلحو العشائر إطلاق النار ويهددون حياة وممتلكات المواطنين، وذلك إثر نزاعين عشائريين شهدتهما المحافظة مؤخرا أدّيا إلى مقتل وجرح عدد من المواطنين.
وتشهد مناطق متفرقة من محافظة ذي قار تجددا للنزاعات العشائرية بين آونة وأخرى يذهب ضحيتها العديد من المدنيين، إذ يعزو مراقبون أسباب اندلاع النزاعات العشائرية المسلحة في الغالب إلى خلافات على المياه، أو تقسيم الأراضي، أو تجاوز على المحاصيل الزراعية، أو نتيجة خلافات أُسرية وعشائرية، أو طلب للثأر أو مشاجرات تحصل بين أبناء العشائر وحتى بين أبناء العشيرة الواحدة، كما يمكن لحيوان ضال يتجاوز على حقل أو مزرعة تعود للآخرين أن يتسبب بنزاع مسلح بين البعض من أبناء العشائر.