هل اتفق اردوغان وبارزاني على محاصرة "قسد"؟ وماذا عن اتفاقية القضاء على العمال الكردستاني؟
انفوبلس..
في الأعوام القليلة الأخيرة بدأت العلاقة بين رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً (قسد) بالتنامي من جهة، وازدادت الخلافات بين البارتي وقسد من جهة أخرى، ما غيّر العديد من المعادلات الإقليمية وخصوصاً في إقليم كردستان، ودفع الحزب المُهيمن (الديمقراطي الكردستاني) إلى إغلاق معبر فيشخابور-سيمالكا غير الشرعي الرابط بين مناطق نفوذ قسد ومناطق إقليم كردستان.
في مقابل ذلك أعلنت تركيا، قبل إغلاق المعبر بفترة وجيزة، تقييد المجال الجوي لمطار السليمانية، الأمر الذي دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن ما يجري هو حصار تفرضه أنقرة على قسد.
جاء ذلك بالتزامن مع إقدام الجيش العراقي على تطويق مخيم مخمور الذي يضم عوائل مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، بعد أنباء عن تحوله إلى "مركز تجنيد".
استخدام ورقة المعبر
قبل أسبوعين من الآن، أغلقت إدارة معبر فيشخابور/ سيمالكا غير الشرعي، الذي يربط مناطق إقليم كردستان العراق بمناطق سيطرة "قسد"، بشكلٍ كامل، وحتى إشعار آخر، من دون ذكر الأسباب.
ووفق الإعلان، فقد أبلغ الجانب العراقي في معبر فيشخابور الجانب السوري في معبر سيمالكا "بمنح حاملي الجنسيات الأجنبية والمرضى مهلة أسبوع فقط لتسوية أوضاعهم وتقرير مصيرهم في البقاء في الداخل السوري أو المغادرة إلى العراق".
يأتي القرار على وقع الخلافات السياسية المتصاعدة بين حكومة كردستان العراق وقسد، والعلاقة المتنامية للأخيرة مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، من دون أي تنسيق مع حكومة الإقليم.
ويُعد هذا المعبر الشريان الرئيسي الذي يستخدمه "التحالف" الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لإدخال الأسلحة والمعدات ونقل الجنود باتجاه مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة "قسد"، كما أنه يُستخدم في النشاط التجاري وتهريب النفط والقمح السوريَيْن إلى خارج سوريا.
مصادر كردية مقرّبة من إقليم كردستان كشفت، أن الإغلاق جاء رداً على منع سلطات الإدارة الذاتية عبور وفود كردية سورية، من بينها وفد للمجلس الوطني الكردي إلى الإقليم، في إطار حضور افتتاح متحف البارزاني، وأيضا التحضيرات المزمع عقدها في أربيل لانعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي الكردستاني، أكبر أحزاب المجلس الوطني الكردي.
وتلقت منظمات دولية غير حكومية إشعارات من إدارة المعبر، تبلّغهم بإغلاق المعبر حتى إشعار آخر. كما أمهلت سلطات الإقليم أصحاب الجنسيات والإقامات الأوروبية المتواجدين في مناطق الإدارة الذاتية مدة أسبوع للعودة أو البقاء.
وفي هذا الخصوص، قال عمر كوجري رئيس تحرير صحيفة كردستان، التي تصدر من أربيل، إن هذا المعبر افتُتح في عام 2012، لإدخال المساعدات الإنسانية، والبضائع، والأغذية إلى سوريا، وتحول إلى شريان حياة بين سوريا وإقليم كردستان.
وأضاف كوجري: "من خلال هذا المعبر هاجر عشرات الآلاف من السوريين إلى إقليم كردستان وكان طريقا للعبور إلى أوروبا أيضا".
يستدرك كوجري قائلا: "هذا المعبر تعرّض فيما بعد، تحديداً بعد استلام الإدارة الذاتية للسلطة في شمال شرق سوريا، للتسييس عبر جملة من الإجراءات غير القانونية، لا تمتّ إلى المسائل الإنسانية بأي صلة، ودائما كنا نشاهد في الفترات السابقة كيف كان حزب الاتحاد الديمقراطي (أكبر أحزاب الإدارة الذاتية) يجيّش عناصره ومؤيديه للهجوم حتى على المعبر، وموظفيه.
واتهم كوجري الإدارة الذاتية بمنع وصول الوفود السياسية وخاصة المجلس الوطني الكردي من شمال شرق سوريا إلى إقليم كردستان.
وأضاف: "هذا المعبر أُوقِف حالياً بسبب منع إدارة المعبر بعض قيادات المجلس الوطني الكردي، ومن دون أي مبرر، من دخول الإقليم، قامت على إثرها إدارة المعبر بإغلاقه حتى إشعار آخر، وربما يتدخل الأميركان بغية إعادة فتحه من جديد".
قلق إنساني
قرار إغلاق المعبر أثار موجة من القلق بين سكان مناطق شمال شرقي سوريا الذين يعتبرونه المنفذ الوحيد لهم إلى العالم الخارجي، وجاء ذلك عقب إعلان إدارة المعبر عن تلقيها إشعاراً في إغلاقه بقسميه التجاري والإنساني، بالإضافة إلى معبر سويدية الحدودي، وهو معبر آخر بين الطرفين لتبادل مواد تجارية محددة، كما تستخدمه قوات التحالف الدولي لنقل الأسلحة والمعدات والمؤن برّياً بين الجانبين.
ونوّهت إدارة المعبر أن حركة العبور ستكون متاحة في أيام العمل المحددة في الأسبوع الجاري، ليتمكن المسافرون إلى إقليم كردستان العراق من السوريين العودة إلى مناطق شمال شرقي سوريا، وكذلك يتمكن الزائرون من حملة الإقامات الأجنبية من الذهاب إلى إقليم كردستان، كي لا يصبحوا عالقين في المنطقة؛ ليُعدَّل الإعلان الأخير إلى أن أصحاب الإقامات يمكنهم العودة إلى الإقليم لمدة غير محددة بما فيها الأسبوع الجاري، كما أكد التنويه الرسمي أن المعبر مفتوح من طرفهم، وأن إدارة معبر فيشخابور هي من اتخذت قرار الإغلاق.
خلافات كردية
هذه المواقف الآنفة تعكس وجود خلافات مستمرة يغلب عليها الطابع السياسي بين الطرفين الكرديين على طرفي نهر دجلة، وهو ما دفع بالجانب الأميركي بالدخول على خط صلاح الأمر، حيث نقلت وكالة "نورث برس" المحلية عن مصدر من الفريق الدبلوماسي الأميركي العامل في شمال شرقي سوريا عن جهود وساطة يقوم بها الفريق، لكن سرعان ما نُقِل عنه مرة أخرى عن فشل الجهود لتعود جولة أخرى من الوساطة لم يُعلن عن نتائجها بعد.
من جهته؛ قال المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، إنه من الصعب الغوص في التفاصيل الدقيقة للمحادثات الدبلوماسية، معرباً عن تطلعه إلى إعادة فتح معبر فيشخابور - سيمالكا في أقرب وقت ممكن، "وهو الأمر الذي تترتب عليه تأثيرات واسعة النطاق على الوضع الإنساني في المنطقة".
وأشار وربيرغ إلى، أن قلقهم يتصاعد بشكل متزايد بشأن الآثار السلبية لإغلاق الحدود، "والذي يُعيق إمكانية وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى الفئات الأكثر ضعفاً في الشعب السوري، ويهدد الاستقرار في المنطقة"، على حد قوله. لافتاً في الوقت نفسه إلى، أن محور اهتمامهم يظل دوماً مرتكزاً على التخفيف من معاناة الشعب السوري، والحفاظ على الاستقرار في المناطق التي تم تحريرها من قبضة "داعش". مضيفاً القول إن "إغلاق الحدود يشكل تهديداً حقيقياً لهذه الأهداف، ويمكن أن تكون له تأثيرات سلبية بالغة".
وساطة أمريكية فاشلة
المبعوث الأميركي إلى مناطق شمال شرقي سوريا نيكولاس جرانجر وصل إلى إقليم كردستان العراق، الأحد الماضي، لمناقشة وحل مشكلة المعابر المُغلقة بين الإقليم و(قسد).
وذكرت مصادر، أنّ "جرانجر وصل إلى أربيل عاصمة كردستان العراق، ومن المرتقب أن يجتمع مع الرئيس مسعود بارزاني ورئيس حكومة الإقليم مسرور برزاني، بهدف مناقشة سبل إعادة فتح المعابر مع قسد".
يأتي ذلك، بعد إغلاق سلطات إقليم كردستان معبري "فيشخابور/ سيمالكا" و"الوليد" مع "قسد" شمال شرقي سوريا، على خلفية منع "قسد" دخول وفد من أحزاب المجلس الوطني الكردي إلى الإقليم، رغم وساطة أميركية.
وبحسب المصادر، فإن إقليم كردستان العراق منع للمرة الأولى وفوداً أجنبية من الوصول إلى شمال شرقي سوريا عبر معبر "سيمالكا"، خلال الأسبوع الفائت.
وأوضحت المصادر، أنّ "وفداً بريطانياً ووفوداً أخرى أجنبية تُشرف على إدارة وتمويل منظمات دولية عاملة في مناطق شمال شرقي سوريا، مُنعت من دخول المعبر، رغم ضغوطات من وزارتي الخارجية الأميركية والبريطانية".
إغلاق المجال الجوي
أما تركيا فقد أعلنت إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القادمة من مطار السليمانية الدولي والمتجهة إليه من إقليم كردستان، اعتبارا من 3 أبريل/ نيسان الماضي.
وبالفعل منعت أنقرة رحلات جوية قادمة من ألمانيا، من استخدام أجوائها للوصول إلى مطار السليمانية الدولي.
وأعلن مطار السليمانية الدولي أن الخطوط الجوية التركية علقت رحلاتها الجوية باتجاه مطار السليمانية بصورة مفاجئة.
وقال دانا محمد مسؤول إعلام المطار، إن "الخطوط الجوية التركية أخبرتنا عن طريق بريد إلكتروني أنها علقت جميع الرحلات الجوية باتجاه مطار السليمانية الدولي اعتبارا من هذه الليلة".
وتقول تركيان إن السبب الكامن وراء القرار هو زيادة نشاط حزب العمال الكوردستاني وتسلّله نحو المطار، الأمر الذي يشكل خطرا على سلامة الرحلات الجوية، وفق تعبير المسؤولين الأتراك.
ولفت متحدث الخارجية التركية إلى أن القرار سيَسْري لغاية 3 يوليو/ تموز المقبل، ومن ثم إعادة النظر فيه عقب متابعة وتقييم التطورات عن كثب.
رسائل تركية لليكتي
مطلع نيسان/ أبريل الماضي، استهدف قصف تركي مطار السليمانية الدولي ما أثار الكثير من الجدل حول الاعتداء السافر للسيادة العراقية، والتساؤلات حول السبب الحقيقي لإقدام أنقرة على مثل هكذا خطوة متهورة.
وتضاربت الأنباء حول وجود محاولة اغتيال طالت قائد قوات "سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي في مطار السليمانية الدولي بإقليم كردستان العراق، عقب استهداف سور المطار بطائرة مسيّرة تركية.
مصدر رفيع في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" الحاكم في محافظة السليمانية التي تُعد معقل الحزب وثاني أكبر محافظات الإقليم، فقد كان قائد قوات "سوريا الديمقراطية" المعروفة اختصاراً بـ "قسد" والمدعومة من الولايات المتّحدة والتحالف الدولي، الذي تقوده ضد عصابات "داعش" في سوريا والعراق المجاور، داخل المطار عند استهدافه.
المصدر كشف، أن "عبدي لم يكن بمفرده عند استهداف المطار"، بل برفقة مسؤولين أميركيين من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
كما أضاف، أن "قائد قسد غادر السليمانية برفقة مسؤولين أميركيين بعد سلسلة اجتماعاتٍ مع جهاز مكافحة الإرهاب في المدينة، حيث وصل إلى مكان إقامته في شمال شرقي سوريا"، معتبراً أن "الهدف من استهداف المطار لم يكن التخلّص من مظلوم وإنما إرسال رسالة تركية للسلطات في السليمانية على خلفية دعمها المستمر لقسد".
بدوره، اتهم عبدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخلط الأوراق والبحث عن ذرائع تخدم مصالحه في مرحلة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأكّد وجود غرف عمليات مشتركة بإشراف التحالف الدولي مع قوات محاربة الإرهاب في العراق وكردستان العراق لمحاربة "داعش"، "وهو ما لا يقبل به أردوغان"، على حدّ تعبّيره.
وسبق للرئيس المشارك لحزب "الاتحاد الوطني" بافل طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل والأسبق جلال طالباني أن قام بزيارة عبدي في مقرّ إقامته في شمال شرقي سوريا في أواخر عام 2022 الماضي، وهو ما أثار غضب تركيا التي تعارض تعاون "الاتحاد" المستمر منذ سنوات مع "قسد" و"الإدارة الذاتية".
يُشار إلى أن استهداف مطار السليمانية زاد من حدّة الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان وهما "الاتحاد الوطني" و"الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعّمه الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني.
وطالبت رئاسة إقليم كردستان السلطات الأمنية بإجراء تحقيقاتٍ في الحادث، كما دعت الأطراف المعنية إلى ضبط النفس والتعامل مع الحادثة وتداعياتها بطريقة سليمة.
ودانت "قسد" والرئاسة العراقية وحزب "الاتحاد الوطني" استهداف مطار السليمانية الدولي الذي أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الرحلات المغادرة منه والمتوجّهة إليه منذ الثالث من نيسان/ أبريل الجاري في قرارٍ سيستمر حتى الثالث من شهر تمّوز/ يوليو المقبل، وجاء في سياق "تكثيف أنشطة حزب العمال الكردستاني" في السليمانية، وفق ما أوردت وزارة الخارجية التركية.
مخيم مخمور
يوم أمس الأربعاء، بدأ الجيش العراقي عملية حفر خندق وإنشاء نقاط مراقبة أمنية حول مخيم مخمور، الذي يضم المئات من أُسر مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، والموجود على الحدود بين محافظتي نينوى وأربيل، وذلك بعد أيام من تحرك واسع لقوات الجيش تجاه المخيم، الذي تقول تركيا إنه تحوّل إلى مكان لتجنيد المسلحين من قبل حزب العمال.
ومنذ يوم السبت الماضي، بدأت قوات الجيش العراقي عملية انتشار واسعة في بلدة مخمور الواقعة على بعد 105 كم جنوب شرقي الموصل ونحو 70 كم غربي أربيل، ويضم المخيم أكثر من 1500 عائلة من أكراد تركيا، وهي من عائلات مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة.
ويهدف التحرك العراقي الجديد للحد من ممارسات حزب العمال داخل المخيم، مثل عمليات التجنيد واستقطاب المراهقين والشباب داخل المخيم، وكذلك إخفاء السلاح وإنشاء خلايا إعلام إلكتروني تخدم توجهات الحزب المصنّف على لائحة الإرهاب في تركيا.
مسؤول عراقي رفض الكشف عن اسمه، قال إن وحدات الجهد الهندسي في الجيش العراقي بدأت بإنشاء خندق أمني حول المخيم، مع نصب أبراج مراقبة ونقاط دخول وخروج معينة، لا يُسمح بالمرور منها إلا بموافقة الجيش العراقي.
وأضاف، إن هذا الإجراء "جاء بعد قيام حزب العمال بتحريض سكان المخيم على مهاجمة الجيش ومنع دخوله المخيم لإقامة ممثلية له". وأكد المسؤول ذاته تقديم قائد الجيش بالمنطقة توجيهات بالتعامل مع أي تحرك من حزب العمال يحاول إعاقة عمل الخندق الأمني أو نصب أبراج المراقبة.
ويُنتظر أن يُقابل التحرك العراقي بارتياح تركي، خاصة بعد سلسلة لقاءات أمنية بين البلدين أعربت فيها أنقرة عن قلقها من تحول المخيم إلى نقطة أنشطة ذات طابع عسكري، مطالبةً العراق بفرض سيطرته عليه.
من جانبه، قال قائممقام مدينة مخمور، رزكار محمد إن الجيش العراقي بدأ منذ الثلاثاء بعملية حفر خندق حول مخيم مخمور.
وأوضح محمد، إن القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية اتخذت قراراً بوضع المخيم تحت سيطرة العراق ورفع العلم العراقي عليه، وقيادة عمليات محافظة نينوى هي من تنفذ عملية حفر الخندق.
وكشف المسؤول ذاته عن، أن التحرك جاء بعد انتهاء مهلة قدّمها الجيش لإدارة المخيم، تقضي بدخول الجيش وإقامة مقر له داخل مخيم مخمور، وبدء قوة من الشرطة العراقية ممارسة صلاحياتها الأمنية، ومنع أي مظاهر مسلحة داخله، لكن قادة المخيم، وهم من حزب العمال، رفضوا التعاطي مع تلك المطالب، وهو ما دفع الجيش إلى فرض سلطته بهذه الطريقة.
ويعتبر المخيم المشيّد منذ منتصف التسعينيات، وتقطنه المئات من العائلات الكردية التركية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني واحداً من المواقع التي تعتبرها تركيا مراكز تجنيد وأنشطة مسلحة ضد أمنها القومي، وتطالب العراق بالعمل على منع تلك الأنشطة ذات البعد العسكري داخله.
وسبق للقوات التركية تنفيذ عدة ضربات جوية داخل المخيم المشيّد على مساحة تصل إلى 20 كيلومتراً، ومبني من الحجر والطوب، ويضم ما لا يقل عن 12 ألف شخص. وشيّدت الأمم المتحدة ومنظمات أوروبية مركزاً صحياً ومدرسة وبعض الخدمات للقاطنين فيه.
وهدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مطلع يونيو/ حزيران 2021، بأن بلاده ستقوم "بتطهير" مخيم مخمور. وقال إنه "تحوّل إلى ملاذ آمن لمسلحي حزب العمال الكردستاني"، مبيناً أنه يُعد "حاضنة لمسلحي حزب العمال ويتعين التعامل معه"، معتبراً أن عدم التعامل مع المخيم يعني استمرار "تصدير الإرهابيين منه".
وعقب هذا التعليق بأيام، أعلنت أنقرة عن تمكن الاستخبارات التركية من قتل القيادي في حزب "العمال الكردستاني" سلمان بوزقير، الملقب بـ"دكتور حسين"، والمسؤول العام عن مخيم مخمور شمالي العراق.
اتفاقية لإنهاء الحزب
عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان، النائب وفاء محمد كريم، قال إن هناك "اتفاقية بين الحكومتين العراقية والتركية تقضي بإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني، وما جرى في مخيم مخمور هو البداية"، وفقاً لقوله.
ولفت كريم إلى أن "أحد شروط اتفاقية المياه بين أنقرة وبغداد هو طرد عناصر حزب العمال الكردستاني، الذين باتوا يشكلون حرجاً للحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان". وتابع: "حزب العمال يقوم منذ مدة بتجنيد الأطفال والمراهقين داخل مخيم مخمور، ويرسلهم لمعسكرات خاصة في جبال قنديل وسنجار وقراجوغ ضد تركيا".
وأوضح، إن "حزب العمال قام في سنجار وحدها باختطاف 211 شاباً من أهالي مخيم مخمور وقضاء سنجار دون علم ذويهم، وهذه الأعمال بدأت تُحرج الحكومة العراقية، وعليه بدأت بغداد فعلياً بالتصدي لهم وإنهاء وجودهم، وقضية مخيم مخمور هي خطوة أولى لتطبيق اتفاق سنجار المبرم بين بغداد وأربيل".
ومنتصف عام 2021، أعلن منسق لجنة التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان العراق ديندار زيباري، أن مخيم مخمور "فقدَ صفته المدنية"، مضيفا في بيان له: أنه "تحول إلى مخيم شبه عسكري ويُستخدم لأغراض التدريب العسكري وتحركات وتنظيمات أحد الأحزاب (العمال الكردستاني)، وفقدَ سِمته المدنية".
وتابع: "على الرغم من محاولات حكومة الإقليم منذ 2005 الحفاظ على السِّمة المدنية للمخيم، خاصة عندما كان هناك وجود على الأرض لحكومة الإقليم في قضاء مخمور (انسحبت منه في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2017)، إلا أنه، ومع الأسف، قام أحد الأحزاب باستخدام المخيم لأغراض عسكرية واستخبارية، وضيّق على المدنيين فيه وما زال مستمراً". وأردف: "لقد حاولنا كثيراً حماية المخيم والعمل مع المنظمات الدولية لخدمة سكانه ومنع المظاهر العسكرية فيه، لكن من دون جدوى".