واشنطن تمدد حالة الطوارئ في العراق.. خطة جديدة للبقاء العسكري عبر ورقة "داعش"
انفوبلس/ تقارير
في قرار جديد حاولت واشنطن من خلاله إلى بعث رسائل إلى الخارج بعدم استقرار البلاد، أقدم الرئيس الأميركي جو بايدن على تمديد حالة الطوارئ في العراق، وسط حالة من الاستغراب والجدل، كون القرار جاء في ظل وعود الحكومة بأن العلاقة مع الولايات المتحدة ستتحول إلى علاقة شراكة مستدامة، ليأتي بعدها هذا القرار ويثبت موطئ قدم للقوات الأميركية في البلاد وينهي مناقشات الخروج القريب. فما الذي تخطط له واشنطن لإطالة أمد قواتها العسكرية في العراق؟ وما هو قرار 13303 الذي اتخذته عام 2003 ومددته الآن؟ وكيف من شأنه الاستحواذ على أموال العراق؟ انفوبلس فصّلت القرار وتداعياته في سياق التقرير الآتي.
*رسالة بايدن
في تاريخ 20 أيار/مايو، نشر البيت الأبيض إعلان تمديد قرار 13303، إذ قال الرئيس الأميركي جو بايدن، في رسالة إلى مجلس الشيوخ، إنّ "العقبات التي تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في تطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق، ما تزال تشكل تهديدًا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة. لذلك قررت أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي رقم 13303 فيما يتعلق باستقرار العراق".
*ما هو قرار 13303؟
اتُخذ هذا القرار سنة 2003 من قبل الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، وهو يجدَد سنويًا برسالة يبعثها الرئيس إلى مجلس الشيوخ، بهدف وقف إجراءات حجز الأموال العراقية، وفق زعم أميركا أو الحصول على تعويضات من قبل الدول التي كسبت قرارات دولية ضد النظام السابق، ويحمل عنوان "حماية صندوق تنمية العراق، وبعض الممتلكات الأخرى التي للعراق مصلحة فيها"، وهو ينص على:
1ـ يُحظر أي حجز أو حكم أو مرسوم أو رهن أو تنفيذ أو حجز أو أي إجراء قضائي آخر ما لم يكن مرخصًا أو مخولًا به بموجب هذا الأمر، ويعتبر لاغيًا وباطلًا، فيما يتعلق بما يلي:
(أ) صندوق التنمية للعراق
(ب) جميع النفط والمنتجات النفطية العراقية والمصالح فيها والعائدات والالتزامات أو أية أدوات مالية مهما كانت طبيعتها ناشئة عن أو تتعلق ببيعها أو تسويقها والمصالح فيها التي يكون لأي بلد أجنبي أو أحد رعاياها مصلحة فيها موجودة في الولايات المتحدة وتدخل فيما بعد داخل الولايات المتحدة، أو التي تكون أو تصبح فيما بعد في حوزة أو سيطرة أشخاص من الولايات المتحدة.
فقرة 2.
(أ)- اعتبارًا من تاريخ سريان هذا الأمر، لا ينطبق الأمر التنفيذي 12722 المؤرخ 2 أغسطس 1990 (تجميد ممتلكات الحكومة العراقية وحظر المعاملات مع العراق)، والأمر التنفيذي 12724 المؤرخ 9 أغسطس 1990، والأمر التنفيذي 13290 المؤرخ 20 مارس 2003، على الممتلكات والمصالح في الممتلكات الموصوفة في القسم 1 من هذا الأمر.
(ب)- لا يوجد في هذا الأمر ما يقصد به التأثير على استمرار فعالية أي قواعد أو لوائح أو أوامر أو تراخيص أو أشكال أخرى من الإجراءات الإدارية الصادرة أو المتخذة أو المستمرة حتى الآن أو فيما بعد بموجب الأوامر التنفيذية 12722 أو 12724 أو 13290، أو تحت سلطة IEEPA (قانون السلطات الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية) أو UNPA (إدارة بريد الأمم المتحدة)، باستثناء ما تم إنهاؤه أو تعديله أو تعليقه فيما بعد من قبل الوكالة الفيدرالية المصدرة وباستثناء ما هو منصوص عليه في القسم 2 (أ) من هذا الأمر.
فقرة 3.
(أ) يعني مصطلح "شخص" فردًا أو كيانًا؛
(ب) يعني مصطلح "كيان" شراكة أو رابطة أو ائتمان أو مشروع مشترك أو شركة أو مجموعة أو مجموعة فرعية أو منظمة أخرى؛
(ج) يعني مصطلح "شخص أميركي" أي مواطن أميركي أو أجنبي مقيم دائم أو كيان منظم بموجب قوانين الولايات المتحدة للصفحة المطبوعة 31932 أو أي ولاية قضائية داخل الولايات المتحدة (بما في ذلك الفروع الأجنبية) أو أي شخص في الولايات المتحدة؛
(د) يقصد بعبارة "النفط والمشتقات النفطية العراقية" أي نفط أو منتجات نفطية أو غاز طبيعي منشأه العراق، بما في ذلك أي مخزونات نفطية عراقية المنشأ، أينما وجدت.
(ه) يعني مصطلح "صندوق تنمية العراق" الصندوق الذي أنشأه في 22 أيار/مايو 2003 أو حوالي ذلك على دفاتر البنك المركزي العراقي.. وجميع الحسابات المودعة للصندوق أو للبنك المركزي العراقي باسم الصندوق.
فقرة 4:
(أ) وزير الخزانة، بالتشاور مع وزير الخارجية ووزير الدفاع، مخول بموجب هذا باتخاذ مثل هذه الإجراءات، بما في ذلك إصدار القواعد واللوائح، واستخدام جميع الصلاحيات الممنوحة للرئيس من قبل IEEPA وUNPA حسب الضرورة لتنفيذ أغراض هذا الأمر. يجوز لوزير الخزانة إعادة تفويض أي من هذه الوظائف إلى مسؤولين ووكالات أخرى تابعة لحكومة الولايات المتحدة.
يتم توجيه جميع وكالات حكومة الولايات المتحدة بموجب هذا إلى اتخاذ جميع التدابير المناسبة في حدود سلطتها القانونية لتنفيذ أحكام هذا الأمر.
(ب) لا يوجد في هذا الأمر ما يعفي أي شخص من أيشرط للحصول على ترخيص أو تفويض آخر وفقًا للقوانينواللوائح المعمول بها.
فقرة 5. لا يهدف هذا الأمر إلى إنشاء أي حق أو منفعة أو امتياز، موضوعي أو إجرائي، قابل للتنفيذ بموجب القانون أو الإنصاف من قبل طرف ضد الولايات المتحدة أو إداراتها أو وكالاتها أو كياناتها أو مسؤوليها أو موظفيها أو وكلائها أو أي شخص آخر.
فقرة 6. يحال هذا الأمر إلى الكونغرس وينشر في السجل الاتحادي.
*رغبة أميركية للتحكم بأموال العراق
تسبب القرار بردود فعل غاضبة، وبهذا الصدد دعا المراقب السياسي كاظم الحاج، اليوم الخميس، السلطتين التشريعية والتنفيذية الى مواجهة قرار الرئيس الامريكي جو بايدن، بتمديد حالة الطوارئ لعام اضافي في العراق.
وقال الحاج، ان " هذا القرار يعبّر عن الرغبة الامريكية بإبقاء حالة التحكم بأموال العراق وموارده النفطية واستمرار التواجد العسكري"، على ضرورة "التحرك باتجاه المؤسسات الأممية، والتأكيد على ان العراق دولة مستقلة وانه لا يشكل خطرا على المجتمع الدولي".
*لا انسحاب قريباً من العراق بعد القرار
بالمقابل، رجح الخبير الامني ضياء الشريفي، عدم وجود انسحاب للقوات الأجنبية قبل عام من الان، فيما أكد ان سيادة العراق المنقوصة هي من مهدت لتجرُّؤ أمريكا.
وقال الشريفي في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، ان "اعلان بايدن حالة الطوارئ لمدة عام اخر يبين عدم وجود نية لسحب أمريكا قواتها داخل العراق"، مشيراً الى ان "الحكومة العراقية هي الأخرى غير جادة في ملف اخراج الامريكان".
وتابع ان "أمريكا تماطل في هذا الملف لكسب وقت أكثر حتى تتمكن من اجل المناورة وإيجاد أوراق لعب جديدة"، لافتاً الى ان "مساعي الحكومة من اجل تنفيذ مطالب الشعب ومجلس النواب تبدو خجولة في هذا الإخراج".
وأتم الشريفي حديثة: ان ملف اخراج الامريكان هو مطلب جماهيري سياسي وعلى الحكومة ان تبين للشعب حقيقة الامر"، مؤكداً على ان "أمريكا لن تغادر من العراق الا بالضغط السياسي".
*ورقة ضغط على العراق
إلى ذلك، أكد المحلل السياسي قاسم بلشان، ان الولايات المتحدة الامريكية مستمرة بممارسة الضغوطات على العراق في العديد من الملفات، مضيفا ان العلاقات والصفقات التي عقدت مع البلد لا تتماشى مع تمديد حالة الطوارئ.
وقال بلشان، في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "واشنطن تستخدم هذه القرارات من اجل ضمان تواجدها في القواعد العسكرية"، مشيرا الى ان "امريكا عملت على اثارة الازمات بعد توجه العراق نحو التقرب من محور الشرق".
وتابع، ان "هذا القرار بمثابة ارسال رسائل الى دول العالم بانها المتحكم بالوضع الامني العراقي"، مبينا ان "التلاعب بامن البلد يعود الى ضعف شخصية المفاوض العراقي والدبلوماسية الخارجية للعراق".
وأشار إلى ان "الحكومة يجب ان تهدد بالغاء جميع الاتفاقيات الامنية والاقتصادية والسياسية"، مردفا ان "الولايات المتحدة الامريكية مستمرة بممارسة الضغط على العراق في العديد من الملفات الحيوية".
*العكيلي: قرار التمديد يخالف ما طرحه السوداني
من جانبه، اكد المحلل السياسي صباح العكيلي، أن قرار الرئيس الامريكي جو بايدن بتمديد حالة الطوارىء لعام أضافي ، يحمل بُعدين اقتصادي وأمني ويخالف ما طرحه السوداني بتبديل العلاقة مع واشنطن الى علاقة شراكة مستدامة.
وقال العكيلي، ان " تجديد بايدين لحالة الطوارئ التي بدأها الرئيس دبليو بوش منذ عام 2003 لعام اخر استند الى اساس استمرار وجود عوائق امام الاعمار والامن ، الا انها في الحقيقية مجرد اكاذيب"، مبينا ان "قرار بايدن يخالف ما طرحه السوداني بتبديل العلاقات مع واشنطن الى علاقات شراكة مستدامة، كذلك يخالف اتفاقية الاطار التنسيقي ، كما ان العراق يمر بحالة استقرار امني وسياسي" .
واضاف ان " قرار تمديد حالة الطوارئ لعام أضافي له هدفين الاول أمني ويهدف الى استمرار ترسيخ التواجد الامريكي العسكري في العراق والثاني اقتصادي ويهدف الابقاء على هيمنة البنك الفيدرالي الامريكي على الاموال العراقية نتيجة بيعه للنفط والتحكم باقتصاده وتحييد الحكومة من تاسيس مشاريع كبيرة وعملاقة التي تحتاج اموال كبيرة " .
واستغرب العكيلي من "صمت الحكومة لحد الان وعدم الرد على القرار الذي اتخذه بايدن الثلاثاء الماضي".
*ذرائع واهية
بدوره، انتقد عضو تحالف الفتح علي الزبيدي، قرار الادارة الامريكية بتمديد حالة الطوارئ في العراق لعام اخر، فيما أكد انه لا يوجد اي مسوغ او سبب يدعو الى الاستمرار بتمديد القرار الذي يتحمل العراق تبعاته على الصعيد الخارجي.
وقال الزبيدي، إن "بالرغم من السياسة المتزنة التي يمضي بها العراق من ناحية السياسة الخارجية الا ان واشنطن تستمر بفرض القرارات الجائرة ضد البلد"، مشيرا الى ان "مثل هكذا قرارات لا تتخذ ضد دولة لديها علاقات دبلوماسية مع اغلب دول العالم، فضلا عن الاستقرار الذي يعيشه البلد الان".
وتابع، ان "مضمون القرار يعد خرقا للاعراف الدبلوماسية والدولية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية"، لافتا الى ان "الحكومة العراقية مطالبة بالتحرك السياسية والدبلوماسي لرفع هذا القرار الذي يخلف تداعيات كبيرة على البلد".
ولفت الزبيدي إلى انه "لا توجد اي اهمية او فائدة من تمديد حالة الطوارئ، بالنظر الى السيطرة الامنية والتطور الاقتصادي والاستثماري الحالي"، مردفا انه "لا يوجد اي مسوغ يدعو الى الاستمرار بتمديد القرار الذي يتحمل العراق تبعاته على الصعيد الخارجي".