يار الله يواصل رحلة الخلود في رئاسة أركان الجيش.. لماذا أقصى العلاق وأزاح المحمداوي وكبّل قاسم نزال؟
انفوبلس/ تقارير
يشهد الجيش العراقي تحولات جوهرية في هيكله وقيادته، مع تصاعد نجم الفريق الركن عبد الأمير يار الله في المشهد العسكري. يثير هذا الصعود تساؤلات حول طبيعة هيمنته على رئاسة أركان الجيش، ومدى تأثيرها على مستقبل المؤسسة العسكرية، حيث تمكن يار الله من إقصاء ضباط بارزين منهم الفريق الركن سعد العلاق الذي أخرجه بالقاضية، كذلك إقدامه على إزاحة الفريق الركنقيس المحمداوي وكذلك وضعه قيودا كبيرة على الفريق الركن قاسم نزال. فماذا يهدف يار الله من كل ذلك؟ وهل بات منصب معاون رئيس الأركان للإدارة بلا قيمة؟ إليك سر الهيمنة الكبيرة على رئاسة الأركان.
*هيمنة طويلة على رئاسة الأركان
عُيّن رئيساً لأركان الجيش العراقي يوم 7 حزيران سنة 2020وتعتبر هذه الفترة من ضمن أطول الفترات في تاريخ العراق حيث إنهم قلائل جدا مَن بقوا لأكثر من أربع سنوات في المنصب باستثناء عبد الجبار شنشل الذي ضرب رقماً قياسياً في شغل منصب رئيس أركان الجيش لـ(14) سنة متواصلة.
ويُعزا صعود يار الله وهيمنته على المؤسسة العسكرية إلى عدة عوامل منها الدعم السياسي الذي يحظى به من قبل جهات نافذة، لاسيما من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
كذلك، عُرف عن يار الله بأنه "صديق الجندي" لكنه ليس كذلك مع القيادات حيث إنه أقصى العديد من الرتب والأسماء التي لها تاريخ مشرّف في المؤسسة العسكرية.
*تأثيرات الهيمنة
تثير هيمنة يار الله على رئاسة أركان الجيش مخاوف عدة منها التأثير على التوازنات داخل الجيش، فقد يؤدي تركيز السلطة في يد يار الله إلى إقصاء شخصيات عسكرية أخرى، وإضعاف التوازنات داخل المؤسسة العسكرية.
كذلك قد تؤدي هيمنة يار الله على المؤسسة العسكرية إلى إضعاف المؤسسات الديمقراطية وقد تُهدد تلك الهيمنة على الجيش مبدأ سيطرة المدنيين على الجيش، وتُضعف المؤسسات الديمقراطية في العراق.
*إخراج العلاق بالقاضية
أثار إعفاء الفريق الركن سعد العلاق، من منصبه كمعاون لرئيس أركان الجيش ونقله إلى إمرة وزارة الدفاع، جدلا كبيرا، ومنطلق إحراج للحكومة ووزارة الدفاع، على اعتبار أن هذا النقل هو إجراء عقابي له لاسيما بعد منع مافيات الترقيات والضباط الفاسدين من أخذ الأموال لإجراء التنقلات والترقيات، سبقها إحراجه لقوات حلف الناتو في إحدى الاجتماعات لغلقها مواقع إلكترونية تعود لبعض وسائل الإعلام التابعة لاتحاد التلفزيونات والإذاعات الاسلامية العراقية.
وبهذا الصدد، يؤكد خبراء أمنيون، أن إخراج العلاق تم بتهمة كيدية طُبخت داخل رئاسة أركان الجيش بغية إسقاطه بالضربة القاضية كونه كان كثير الحركة وكشف العديد من ملفات الفساد فضلا عن رفضه كومشنات بملايين الدولارات داخل المؤسسة العسكرية وفضح عرّابيها.
وأضافوا، أن "رئيس أركان الجيش قد يكون متورطاً في الإطاحة بالعلاق كونه أطاح بمن سبق العلاق أمثال قيس المحمداوي الذي شغل ذات المنصب قبل أن ينقله إلى العمليات المشتركة، وكذلك الفريق قاسم نزال الذي فرض عليه قيودا كبيرا وكبّله يمينا ويسارا.
*ماذا قال العلاق بعد "الانقلاب" عليه؟
وبعد القرار الذي أشبه بالانقلاب عليه، علق الفريق الركن سعد مزهر العلاق، في (21 آذار 2024)، على حادثة نقله الى إمرة وزارة الدفاع ومزاعم تورطه بـ"شبكة وهمية" متورطة بابتزاز ضباط وجنود.
وقال العلاق في منشور على صفحته في الفيسبوك تابعته "انفوبلس"، "تتزاحم الأقاويل وتتعدد التهم وقد يصدّق البعض بما يُذكر ويُنسب لنا وبما يُقال عنا وسنترفَّع عنها وعنهم".
وأضاف، "لكننا ما زلنا نقول إن التاريخ يكتبه من عشق الوطن والأرض وقاتل الإرهاب وقاد ثورة الحق ضد الباطل ولابد للحقيقة أن تتضح وتظهر ولو بعد حين، ثقتي بالله لا حدود لها وحسبي الله أصدق القائلين".
*الطخاخ بديلا للعلاق
ويوم الأربعاء الماضي، أفاد مصدر أمني بتكليف المفتش العسكري العام لوزارة الدفاع بمنصب معاون رئيس أركان الجيش للإدارة بدلا من الفريق الركن سعد مزهر العلاق.
وقال المصدر، إنه "تم تكليف الفريق الركن جواد كاظم طخاخ بمهام معاون رئيس أركان الجيش للإدارة، بدلا من العلاق".
وأوضح، إنه "تم تكليف الفريق الركن جاسم التميمي بمهام المفتش العسكري العام لوزارة الدفاع بدلا من الفريق جواد طخاخ".
*قاسم نزال وقيس المحمداوي
في عام 2021، أفاد مصدر أمني، بتكليف الفريق الركن قيس المحمداوي معاوناً لرئيس أركان الجيش.
بعدها بعام، أي في 2022، أصدر رئيس أركان الجيش الفريق الركن عبدالأمير رشيد يارالله، أمرا بتكليف الفريق الركن قاسم نزال بمهام معاون رئيس أركان الجيش للعمليات.
اللافت أن رئيس أركان الجيش عمل بعد ذلك على توسيع هيمنته عبر إزاحة هؤلاء من مناصبهم بعد إدراكه خطورتهم عليه كونهم لا يجيدون فنَّ التملق، ولهذا أزاح المحمداوي من منصبه ونقله إلى العمليات المشتركة كما فرض قيودا على نزال قلَّصت مهامه بدرجة كبيرة.
ويؤكد خبراء أمنيون، أن " مشاعر الرفض أو التأييد لشخصية عامة مثل قيس المحمداوي أمر طبيعيّ في أيّ مجتمع ديمقراطيّ لكن قرار إزاحته من منصبه هو قرار سياسيّ بحت.
*الآفاق المستقبلية:
يعتمد مستقبل هيمنة يار الله على عدة عوامل:
تطور الأوضاع السياسية: قد تُؤثّر التطورات السياسية في العراق على حظوظ يار الله في البقاء على رأس رئاسة أركان الجيش.
التفاعلات مع القوى الخارجية: قد تُؤثّر علاقات العراق مع القوى الخارجية، خاصةً الولايات المتحدة وإيران، على مستقبل يار الله.
أداء الجيش: قد يُؤثّر أداء الجيش في معالجة التحديات الأمنية على مدى قبول يار الله من قبل الرأي العام.
*الغانمي: التحالف الدولي زرع الفساد بالمؤسسة العسكرية
من جانبه، قال رئيس أركان الجيش العراقي السابق عثمان الغانمي، إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة "زرع الفساد" في المؤسسة العسكرية العراقية.
وفي رد له على سؤال مقدم برنامج تلفزيوني، عن الجهة التي أدخلت الفساد الى الجيش العراقي، قال عثمان الغانمي، إنها "التحالف الدولي"، موضحاً أن "الجيش في السابق لا يتعامل مع المقاولين والشركات في التغذيات والإطعام، حيث كان يطبخ عبر المذاخر والأرزاق الجافة والطرية."
وتابع، إن قوات الاحتلال جاءت بالمقاولين وعقدت معهم الاتفاقات، مشيراً إلى أن قوات التحالف بمختلف مسمياتها الشرقية والغربية هي من زرعت الفساد عبر الكومشنات والاتفاقات والصفقات.
*الفساد في المؤسسة العسكرية بظل وجود يار الله
يؤكد خبراء عسكريون، أن "وزارة الدفاع كباقي الوزارات والمؤسسات ينخرها الفساد، وأن المناصب فيها تُباع وتشترى، وأن الفضائيين فيها يشكلون فرقة فضائية كاملة، وأن 90% من صفقات العقود فيها فاسدة".
وأكدوا، أن "يار الله نجح في احتواء الجنود لكنه فشل في فعل نفس الشيء مع الفساد، بل إنه حارب المحاربين لهذا الفساد وأبعدهم عن مناصبهم".
وأشاروا إلى أن "العلاق والمحمداوي ونزال وغيرهم كانوا قادة لهم قيمتهم الكبيرة التي أفقدها منصب معاون رئيس أركان الجيش للإدارة والذي بات بلا قيمة بسبب سلوكيات وأخطاء الرئيس.
*ملخص
لا تزال هيمنة يار الله على رئاسة أركان الجيش مُحاطةً بالعديد من التساؤلات حول تأثيراتها على مستقبل المؤسسة العسكرية، ومدى انسجامها مع مبادئ الديمقراطية والسيطرة المدنية على الجيش.